حقق الاقتصاد التونسي نمواً إيجابياً خلال الأشهر الثلاثة الأولى من 2022 بنسبة 2.4 في المئة، مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي، بحساب الانزلاق السنوي.
كما حقق الاقتصاد التونسي 0.7 في المئة بحساب التغيرات الثلاثية، أي الثلاثي الرابع من 2021، وفق ما أفصح عنه اليوم، الاثنين 16 مايو (أيار) 2022، المعهد الوطني للإحصاء حكومي.
أما بحساب التغيرات ربع السنوية، (أي مقارنة مع الثلاثي الرابع من السنة السابقة)، فقد ارتفع حجم الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.7 في المئة.
انتعاشة القطاع الفلاحي
وأبرزت نتائج الحسابات القومية الثلاثية تبايناً في أداء الأنشطة الاقتصادية، إذ سجلت القيمة المضافة لقطاع الفلاحة والصيد البحري ارتفاعاً بنسبة 3.3 في المئة بحساب الانزلاق السنوي.
كما تميز النشاط الاقتصادي في قطاع الصناعات المعملية بارتفاع الإنتاج في أنشطة قطاع النسيج والملابس والأحذية بنسبة 10.8 في المئة، وقطاع الصناعات الفلاحية والغذائية 9.6 في المئة، وقطاع الصناعات الميكانيكية والكهربائية بـ4.1 في المئة، وقطاع الصناعات الكيماوية بـ2.1 في المئة.
وبالمقابل تراجعت القيمة المضافة في قطاع صناعة مواد البناء والخزف بنسبة تقدر بــ6.7. في المئة. وفي مجال الخدمات، ارتفع الإنتاج في قطاع النزل والمطاعم والمقاهي بنسبة 11.2 في المئة. كما ارتفعت القيمة المضافة لقطاع خدمات اﻟﻨﻘل بنسبة 8.6 في المئة.
في حين تراجع النشاط الاقتصادي في قطاع الصناعات غير المعملية، وذلك لتراجع الإنتاج في استخراج النفط والغاز الطبيعي بنسبة 9.5 في المئة، والبناء بنسبة 12.2 في المئة.
وكان الاقتصاد التونسي قد سجل خلال سنة 2021 نمواً يقدر بـ3.1 في المئة، مقابل تسجيل نمو سلبي بـ8.7 سنة 2020.
وتتوقع ميزانية الدولة لسنة 2022 أن يبلغ معدل النمو خلال سنة 2022، 3.2 في المئة، فيما توقع صندوق النقد الدولي، في أحدث تقرير له، أن يتراجع النمو التونسي خلال سنة 2022 إلى 2.2 في المئة.
وعلى الرغم من انتعاشة الاقتصاديات العالمية، ومنها تونس، بعد جائحة "كوفيد-19"، واستئناف معظم الأنشطة الاقتصادية، إلا أن اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية عدل من التوقعات المتفائلة بانتعاشة اقتصادية، خصوصاً أن معظم اقتصاديات العالم ستتأثر من نتائج هذه الحرب، وتحديداً الدول الموردة للنفط والقمح، وهو ما ينطبق على تونس، التي تشهد صعوبات مالية في التزود بالمواد البترولية والمواد الأساسية.
بالإمكان أفضل مما كان
أستاذ الاقتصاد، معز الجودي، اعتبر أن تسجيل تونس لنسبة نمو بـ2.4 في المئة خلال الربع الأول من هذا العام يعد أمراً إيجابياً نسبياً، لاستعادة نسق نشاط عديد من الأنشطة في البلاد.
وقال الجودي، في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، إن هذه النسبة كانت منتظرة بحكم أن جل دول العالم ستحقق نسب نمو إيجابية في الربع الأول من العام الحالي، مفسراً ذلك بخروج الدول من تداعيات الأزمة الصحية العالمية، التي أثرت جلياً في الاقتصاد العالمي وأنهكته.
وشدد الجودي على أن هذه النسبة تظل هشة ولا يمكنها خلق مواطن شغل جديدة، خصوصاً خلق الثروة والنمو وتوفير الموارد المالية الضرورية لتمويل احتياجات البلاد.
وأضاف أنه "كان من الأفضل أن يتم تحقيق نسبة نمو ما بين 4 و5 في المئة، مثلما سجل في مصر والمغرب، لأجل تحقيق الثروة والترفيع في قيمة الناتج الداخلي الخام للبلاد في فترة تمر فيها تونس بأزمة سياسية أثرت بصفة كبيرة في الأداء الاقتصادي.
ولفت الجودي إلى أن تحقيق تونس لنسب نمو بين 4 و5 في المئة أمر ليس بالمستحيل، شريطة الانكباب أكثر على التركيز على القطاعات ذات القيمة المضافة العالية على غرار دفع إنتاج الفوسفات والطاقة.
الجودي أنهى تصريحه بالدعوة إلى مزيد العمل على تطوير الإصلاحات الاقتصادية الضرورية والعاجلة، وتقليص الإجراءات البيروقراطية المعطلة، من أجل تشجيع الاستثمار الخاص.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
نسبة نمو هشة
رضا الشكدندالي، أستاذ الاقتصاد في الجامعة التونسية، يرى أن تحقيق نسبة نمو بـ 2.4 في المئة خلال الربع الأول من 2022 ليس بالإنجاز الكبير واللافت.
وقال الشكدندالي إنه مقارنة مع الثلاثي الأول من سنة 2020 كانت نسبة النمو سلبية 3.1 في المئة، وفي الثلاثي الأول من عام 2021 سجلت تونس نمواً سلبياً أيضاً بـ1.8 في المئة، ما يعني من وجهة نظره أن النمو الحالي لا يزال هشاً.
كما اعتبر أن نسبة النمو المسجلة تعد أمراً طبيعياً لبلد خرج من أزمة "كوفيد 19" التي أجهزت على آلة الإنتاج في تونس وأعاقت عديداً من محركات النمو على غرار جهازي التصدير والاستثمار.
إنجاح الموسم السياحي وتعزيز الفلاحة
أما أستاذ الاقتصاد، المحلل المالي، أرام بلحاج، فقد استحسن نسبة النمو المسجلة، إذ إنه باحتساب التغيرات الثلاثية انتقل النمو من 0.3 إلى 0.7 في المئة بين الثلاثيين الأولين من 2021 و2022.
كما تطور النمو الاقتصادي بحساب الانزلاق السنوي من نمو سلبي بـ1.8 إلى نمو إيجابي بـ2.4 في المئة، وفق تصريحه لـ"اندبندنت عربية".
وفي تحليله للنمو المسجل مع نهاية الربع الأول من العام الحالي، قال بلجاج، إن الأمر الإيجابي أن قطاع الصناعات المعملية حقق نتائج مشجعة مع علامة امتياز للقطاع الفلاحي، الذي أظهر أنه أحد أهم أعمدة الاقتصاد التونسي في الأزمة الاقتصادية التي يمر بها".
وعن مكامن نقاط القوة، التي ينبغي الاشتغال عليها في الفترة المقبلة لمزيد الارتقاء بنسبة النمو الاقتصادي، أوصى بلحاج بضرورة العمل على إنجاح الموسم السياحي لهذه السنة، بخاصة المراهنة أكثر على قطاع الصناعات غير المعملية، مثل إنتاج الفوسفات والطاقة.
وشدد على أهمية تقليص التوترات الاجتماعية (الإضرابات) في مناطق إنتاج الفوسفات وآبار النفط، مقترحاً تحويل هذه المناطق إلى مناطق عسكرية لتأمين الإنتاج مع مزيد مساندة القطاع الفلاحي.