حضرت القهوة السعودية في فعاليات مهرجان "كان" السينمائي في نسخته الحالية، بعد أن استقبل الجناح السعودي زواره من مختلف الجنسيات على الطريقة التقليدية، وفق أسس الترحيب وكرم الضيافة التي يستقبل بها السعوديون ضيوفهم في منازلهم، وسط ربوع بلادهم مترامية الأطراف.
وتشارك مجموعة من المؤسسات والجهات الحكومية والخاصة في التظاهرة، مثل وزارة الاستثمار، ومهرجان البحر الأحمر السينمائي، وفيلم العلا، ومركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي "إثراء"، وشركة نيوم، ومجموعة MBC، إلى جانب جهات تمثل قطاعات الإعلام والترفيه، بما في ذلك شركات الإنتاج والتوزيع وصناعة المحتوى، ونخبة من المواهب السعودية الواعدة في صناعة الأفلام.
عام القهوة
وكان الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، وزير الثقافة السعودية، أطلق في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسمية 2022 بـ"عام القهوة السعودية"، بوصفها منتجاً ثقافياً يجسد هوية البلاد في أنماط اجتماعية وإنسانية عدية، إضافة إلى تسليط الضوء على مكوناتها الأساسية مثل "البن الخولاني"، وإبراز مظاهر الكرم والضيافة السعودية وعاداتها الخاصة المتصلة بتقديم القهوة.
وعن تسمية عام 2022 بعام القهوة، يقول وزير الثقافة "تأتي القهوة السعودية باعتبارها عنصراً مهماً من عناصر ثقافتنا الغنية، ليس لمجرد كونها مشروباً طيباً يشاركنا في جميع لحظات حياتنا، بل لأنها تمتلك دلالات عميقة على الكرم والضيافة، والتنوع الثقافي، والخصوصية الفريدة للثقافة السعودية".
وأضاف "فمن عملية زراعتها في جنوب السعودية، إلى حصادها، وتوزيعها، ثم إلى طريقة إعدادها وتحضيرها التي تختلف من منطقة لأخرى، وصولاً إلى طرق تقديمها المتنوعة، تكتسب القهوة السعودية قيمتها الثقافية باعتبارها نشاطاً اجتماعياً بامتياز، يعكس القيم السعودية الأصيلة، وتتجلى من خلاله خصوصية العلاقة التي تربط السعوديين بقهوتهم المميزة".
تطوير القطاع
ويأتي إعلان صندوق الاستثمارات العامة السعودي عن إطلاق مشروع "الشركة السعودية للقهوة" حدثاً آخر، جاء تزامناً مع الجهود الثقافية لإحياء قيمة المنتج في جوانبه الثقافية والاقتصادية معاً.
وأعلن الصندوق السيادي الذي يحتل مراتب متقدمة من بين الصناديق السيادية عالمياً، أن هدف الشركة يتركز في القيام بدور رئيس في تعزيز جهود تطوير الزراعة المستدامة في منطقة جازان جنوب البلاد، باعتبارها موطناً أصيلاً لبن الأرابيكا، حيث توجد أكثر من 400 ألف شجرة، يأمل عشاق ثمارها أن تزيد وتتكاثر.
ولفت الصندوق إلى أن بين أهدافه وراء إطلاق الشركة "تمكين نمو قطاع الأغذية والزراعة في السعودية"، مشيراً في بيان على موقعه الرسمي إلى أن الكيان الجديد سيضخ في القطاع استثماراً بنحو 1.2 مليار ريال (320 مليون دولار) على مدى عشر سنوات، يراها كفيلة برفع القدرة الإنتاجية للبن السعودي من 300 طن حالياً إلى 2500 طن سنوياً.
أكاديمية لتطوير المجال
وأضاف البيان أن الشركة ستؤسس "أكاديمية متخصصة في صناعة القهوة وإطلاق برامج تدريب لأصحاب الكفاءات ورواد الأعمال والمزارعين السعوديين تعزيزاً لجهود الصندوق في استحداث الفرص للشركات الصغيرة والناشئة". وتأتي الخطوة تماشياً مع استراتيجية صندوق الاستثمارات العامة، التي تركز على تطوير 13 قطاعاً استراتيجياً وتمكين القطاعات الواعدة في البلاد، ومنها قطاع الأغذية والزراعة، إلى جانب تعزيز جهود الرياض في تنويع مصادر الدخل.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وستعمل الشركة الجديدة على دعم كامل سلسلة القيمة الخاصة بمنتج القهوة المحلي بالشراكة مع القطاع الخاص، وذلك بدءاً من مرحلة الزراعة حتى وصول المنتج إلى المستهلك، مع مراعاة عنصر الاستدامة في جميع مراحل الإنتاج والتوزيع والتسويق، الأمر الذي سيسهم في رفع المعايير وتطبيق أفضل الممارسات في هذا المجال، واستحداث عديد من فرص العمل في القطاع، والمساهمة في تعزيز قدرات البلد الخليجي على تصدير أجود حبوب البن للأسواق العالمية.
تحولات المشروب الساخن
وشهد قطاع القهوة نمواً ملحوظاً في السنوات الأخيرة في المدن السعودية، حيث تظهر الدراسات ارتفاعه بنحو أربعة في المئة خلال فترة ما بين 2021- 2016، كما تشير الدراسات إلى أن من المتوقع أن ينمو بنسبة خمسة في المئة في السنوات المقبلة، ليصل إلى 28700 طن بحلول نهاية عام 2026، مما يتيح فرصاً استثمارية جاذبة يوفرها القطاع.
وتشير أحدث الإحصائيات إلى أن الناتج المحلي من محصول البن الخولاني السعودي يتوزع في المحافظات الجبلية بمناطق جازان والباحة وعسير، حيث بلغ عدد مزارع البن بها أكثر من 2500 مزرعة، تضم ما يقارب 400 ألف شجرة.
وتفعيلاً لالتزامها برفع مستوى الوعي والمعرفة في قطاع الأغذية والزراعة، ستركز جهود الشركة كذلك على توطين المعرفة وأحدث التقنيات في المجال وتقديم عديد من البرامج لرواد الأعمال والمزارعين السعوديين بهدف تزويدهم بجميع المعارف والمهارات لمساعدتهم على تأسيس مشاريعهم ومزارعهم الخاصة، وتعزيز مشاركة وإسهام أهالي المنطقة في الاستفادة من الفرص التي يوفرها هذا القطاع.