بالرفض المطلق تواجه القيادة الفلسطينية المحاولات الإسرائيلية المتواصلة، لتحويل أموال المقاصة الفلسطينية إلى خزينة دولة فلسطين، من دون التراجع عن قرار خصم مستحقات الأسرى وذوي الشهداء من تلك الأموال.
ومنذ بدء تل أبيب تنفيذ قانون إسرائيلي بخصم المستحقات التي تدفعها السلطة الفلسطينية إلى الأسرى وذوي الشهداء من أموال المقاصة قبل أربعة أشهر، دخلت السلطة في أزمة مالية أجبرتها على إعلان موازنة طوارئ وعدم القدرة على دفع إلا نصف رواتب موظفيها.
وفي مؤشر إلى استمرار الأزمة، رفضت القيادة الفلسطينية مقترحاً لقبول أموال المقاصة، مقابل أن تقوم دولة عربية بتقديم منحة أو قرض لها، بدلاً من الأموال التي تخصمها إسرائيل وتبلغ 11 مليون دولار شهرياً، وذلك بحسب مصادر إسرائيلية.
مبدأ الخصم
وكانت المحاولة الإسرائيلية الأخيرة لإقناع الفلسطينيين بقبول استلام أموال المقاصة، اجتماع رئيس الشاباك الإسرائيلي نداف أرغامان مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي أكد "مواصلة دعم أسر الشهداء والأسرى، مجدداً رفض استقبال أموال المقاصة منقوصة".
ويرى المسؤولون الفلسطينيون أن "قبول السلطة الفلسطينية بمبدأ الخصم، يعني ضمنياً الاعتراف بتمويل الإرهاب، الأمر الذي سيؤدي إلى مثول السلطة والبنوك أمام المحاكم".
ويشدد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أحمد مجدلاني، في تصريح إلى "اندبندنت عربية" على أن "القيادة الفلسطينية ترفض بشكل حاسم القبول بمبدأ خصم إسرائيل مستحقات الأسرى والشهداء من أموال المقاصة، حتى لا يتم وصم نضال الشعب الفلسطيني بالإرهابي وملاحقة دولة فلسطين قانونياً نتيجة ذلك".
ويضيف مجدلاني أن "إسرائيل تحاول منذ فترة إيجاد حلول تتيح لها تحويل أموال المقاصة من خلال تخفيض النسبة التي تأخذها، مقابل جبايتها الأموال أو عبر قيام طرف ثالث بتعويض مبلغ 11 مليون دولار، لكن من دون أن تتراجع عن قرارها بالخصم"، مشدداً على أن "الفلسطينيين يرفضون ذلك ويطالبون بتحويل أموال المقاصة كاملة من دون خصم".
ويشير مجدلاني إلى أن "القيادة الفلسطينية ترفض تغيير الاتفاقيات الثنائية مع إسرائيل من خلال سن قوانين إسرائيلية مناقضة لها"، مشدداً على "رفض الإملاءات الإسرائيلية واستبدال هذه الاتفاقيات أو تغييرها من جانب واحد".
وفي مؤشر إلى استمرار الأزمة المالية للسلطة الفلسطينية إلى حين تشكيل حكومة إسرائيلية جديدة أواخر العام 2019، قال مجدلاني إن "أي حل أو مقاربة لا تضمن تراجع إسرائيل عن قانون الخصم غير مقبول".
معركة انتخابية إسرائيلية
"إسرائيل لن تسمح بانهيار السلطة الوطنية الفلسطينية وستتدخل في الوقت المناسبة لإنقاذ الأمور"، يقول الخبير في الشأن الإسرائيلي أنطوان شلحت، لكنه يستعبد "تراجعها عن قرار الخصم من أموال المقاصة في ظل المعركة الانتخابية التي تؤثر أجواؤها في كل القرارات والمواقف الإسرائيلية".
ويشير شلحت إلى أن "تراجع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في ظل المعركة الانتخابية الحالية، التي يعتبرها مصيرية، سيكون له أثمان سياسية لا يستطيع تحملها"، مضيفاً أن "نتنياهو يعمل على إيجاد طريقة تمنع انهيار السلطة الفلسطينية".
ومع انسداد مخارج الأزمة المالية وسط تمسّك الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي بمواقفهما، لا يبقى أمام الفلسطينيين إلا الدعم المالي العربي لهم.
ولا يترك الرئيس الفلسطيني محمود عباس فرصة إلا ويطالب فيها بتفعيل قرارات القمم العربية السابقة، خصوصاً توفير شبكة الأمان المالي بقيمة شهرية 100 مليون دولار، والوفاء بالالتزامات المالية العربية لدعم موازنة دولة فلسطين.
من أجل ذلك يعقد وزراء المالية العرب اجتماعاً الأسبوع المقبل، لبحث تفعيل شبكة الأمان المالية للسلطة الفلسطينية، بناء على قرار جامعة الدول العربية.
اضطرابات في الضفة
ويخشى المسؤولون الأمنيون الإسرائيليون من أن يؤدي الرفض الفلسطيني، استلام أموال المقاصة، إلى انهيار السلطة الفلسطينية، وإلى اضطرابات في الضفة الغربية.
وفي 17 فبراير (شباط) 2019، قررت إسرائيل خصم 11.3 مليون دولار من عائدات المقاصة، كإجراء عقابي على تخصيص السلطة الفلسطينية مستحقات للمعتقلين وعائلات الشهداء.
وإيرادات المقاصة، هي ضرائب تجبيها إسرائيل نيابة عن وزارة المالية الفلسطينية، على السلع الواردة إلى الأخيرة من الخارج، )تبلغ قيمتها نحو 188 مليون دولار) تقتطع تل أبيب منها ثلاثة في المئة بدل جباية.