هوى سعر سهم شركة السيارات الكهربائية الكبرى "تيسلا" في نهاية تعاملات الأسبوع الجمعة بنحو تسعة في المئة، بعد أنباء عن تخطيط رئيس الشركة الملياردير إيلون ماسك تسريح نحو 10 في المئة من العاملين فيها. وبرر ماسك قراره بأن لديه "شعور سيئاً جداً" في شأن آفاق الاقتصاد الأميركي.
لكن إيلون ماسك الرئيس التنفيذي لشركة "تيسلا" تراجع عمّا أعلنه، وقال، السبت، 4 يونيو (حزيران)، إن العدد الإجمالي للعاملين سيزيد خلال الاثني عشر شهراً المقبلة.
ويواصل سهم شركة "تيسلا" الهبوط ولم يتعاف منذ نهاية العام الماضي، لكن معدل الهبوط زاد خلال الفترة الأخيرة، بخاصة منذ شهر أبريل (نيسان)، مع إعلان ماسك صفقة شرائه لموقع التواصل "تويتر" بنحو 44 مليار دولار. ومنذ لك الحين فقدت شركة "تيسلا" نحو 30 في المئة من قيمتها السوقية، بمعدل هبوط لسهم الشركة يصل إلى ضعف متوسط هبوط مؤشر "ناسداك" لشركات التكنولوجيا في تلك الفترة.
جاءت موجة الهبوط الأخيرة عقب رسالتين بالبريد الإلكتروني من رئيس الشركة إيلون ماسك، واحدة للمديرين يوم الخميس والأخرى لكل الموظفين يوم الجمعة.
وكان عنوان الرسالة الأولى للمديرين "تجميد كل التوظيف في أنحاء العالم"، وفي اليوم التالي كانت الرسالة لكل العاملين في شركة "تيسلا" تبدأ بالإشارة إلى أن الشركة أصبحت بها "عمالة زائدة في بعض قطاعاتها"، وبالتالي هناك حاجة لخفض عدد العاملين الدائمين بنسبة 10 في المئة مع زيادة عدد العمال الموقتين الذين يعملون بالساعة.
وكان ماسك طالب العاملين في "تيسلا" في وقت سابق بالعودة لأماكن عملهم وإلا فليبحثوا لأنفسهم عن وظيفة أخرى. وفي رسالتين بالبريد الإلكتروني للعاملين في اليوم الأول من هذا الشهر، أبلغهم ماسك أن من لن يعمل 40 ساعة في المكتب عليه البحث عن عمل في مكان آخر، وقال في رسالته "لم يعد العمل عن بعد مقبولاً بعد الآن"، مضيفاً أن الإنتاج "لن يحدث بالاتصالات التليفونية".
تسريح ومنافسة
وتعني نسبة الخفض تلك تسريح حوالى 10 آلاف من العاملين في الشركة بكل أعمالها حول العالم، ويقارب عدد العاملين في شركة "تيسلا" في أنحاء العام الـ 100 ألف موظف، إذ بلغ العدد بنهاية العام الماضي 92290 شخصاً. وكانت شركة "تيسلا" أضافت أكثر من 51 ألف وظيفة خلال العامين الأخيرين مع افتتاحها مصنعين جديدين في شنغهاي بالصين وبرلين بألمانيا ووضعها خطاً لإنتاج موديلات جديدة.
وتختلف آراء المحللين في السوق والمعلقين الاقتصاديين في شأن السبب وراء سعي رئيس شركة "تيسلا" إلى خفض العمالة كوسيلة لتقليل كلفة الإنتاج، في محاولة لدفع سهمها للتوقف عن التراجع.
ومع أن عدداً كبيراً من رجال الأعمال الأميركيين بدأ يقلق من توقعات أداء الاقتصاد الأميركي في ظل ارتفاع معدلات التضخم ورفع سعر الفائدة، إلا أن تبرير ماسك للخفوضات بما لديه من "شعور سيئ" بدا مبالغة للتغطية على مشكلات أخرى، فما زال الاقتصاد الأميركي يضيف وظائف بمعدلات قوية كما أظهر تقرير الوظائف الشهري يوم الجمعة.
وحين سئل الرئيس الأميركي جو بايدن عن تعليقات إيلون ماسك حول مستقبل الاقتصاد والتوظيف قال إن شركة "فورد" وشركة "ستيلانتيس" لديها خطط لتوظيف مزيد من العاملين في قطاعات إنتاج السيارات الكهربائية لديها، وأضاف أن شركة "إنتل" تستعد لتوظيف آلاف من العاملين أيضاً.
وعلق متفكهاً على شعور إيلون ماسك السلبي حول الاقتصاد "نتمنى له حظاً سعيداً في رحلته إلى القمر".
تصريحات ماسك
وقال إيلون ماسك في مؤتمر لـ "فايننشال تايمز" الشهر الماضي، إن الاقتصاد الأميركي ربما أصبح في حال ركود بالفعل، وأن "الأوضاع ستزداد سوءاً". وأضاف، "ربما تستمر الأوضاع في حال صعبة لمدة عام أو ما بين عام ونصف العام، لا أدري".
لكن عدداً من الاقتصاديين رأوا في تقرير لوكالة "رويترز" أن من أسباب تراجع شركة "تيسلا" في السوق تصريحات ماسك المثيرة للجدل، والتي تتسم أحياناً بالشطط.
ومع الاعتراف بأن طريقته تلك هي التي صنعت من الشركة عملاقاً في سوق السيارات الكهربائية حول العالم، إلا أن زيادة تلك التصريحات، بخاصة عبر "تويتر"، ليس جيداً للشركة.
ونقلت الوكالة أيضاً آراء عدد من العاملين في الشركة، عبروا فيها عن استيائهم واشتكى بعضهم من أنهم كانوا مضطرين إلى العمل في المكاتب في عز أزمة وباء كورونا، وبعضهم أصيب بالعدوى أكثر من مرة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وليس ذلك بالأمر المستغرب، فساعات العمل الطويلة هي التي حققت نجاح شركة "تيسلا" في بداياتها وجعلتها تتقدم على شركات كبرى، ورفعت من قيمتها السوقية من قبل، لكن العامل الأهم في ربط العاملين بالشركة آخذ في التدهور مع هبوط سعر سهمها، فالعاملون يتقاضون أجوراً أقل من نظرائهم في شركات تكنولوجيا أخرى، لكنهم يحصلون على مكافآت الإنتاج والأداء في شكل أسهم بالشركة، وهذا ما يجعلهم يترددون في ترك العمل على أمل ارتفاع سعر السهم، وبالتالي قيمة مكافآتهم، لكن مع استمرار هبوط سعر السهم لا يوجد أي حافز للاستمرار، وبالفعل ترك بعضهم الشركة وانتقلوا إلى شركة "ألفابيت" المالكة لمحرك البحث "غوغل" أو إلى شركة "أبل".
كما أن الشركات الأخرى التي تنتج سيارات كهربائية حول العالم بدأت في الاستثمار أكثر وزيادة إنتاجها بما يأكل من حصة "تيسلا" من السوق، وبالفعل زادت الشركات الصينية من إنتاج السيارات الكهربائية مع توسع السوق داخل الصين وربما للتصدير.