حذر تقرير رسمي في المغرب من السباحة في عدد من الشواطئ خلال الصيف الحالي، بسبب مياهها الملوثة بمواد بلاستيكية ومخلفات بشرية، أو رمالها غير الصالحة جراء التلوث البيئي.
وتنتسب هذه الشواطئ إلى مدن سياحية كبرى، من قبيل طنجة وأغادير والحسيمة والداخلة وأصيلة، وهو ما جعل مراقبين يخشون تأثير هذه الشواطئ "الملوثة" سلباً في دينامية السياحة، خصوصاً بعد أكثر من عامين من الإغلاق وتراجع الحركة السياحية في البلاد.
وتلعب السياحة الشاطئية دوراً بارزاً في تنشيط القطاع السياحي ككل، فيما تشير دراسات إلى أن 51 في المئة من السياح المغاربة يفضلون السياحة الشاطئية، بينما سبق للناطق الرسمي للحكومة المغربية مصطفى بايتاس أن كشف قبل أيام عن توقعات بأن تصل نسبة ملء الوجهات الشاطئية المغربية خلال فصل الصيف الحالي إلى 80 في المئة على الأقل.
شواطئ غير صالحة
حدد التقرير المتعلق بجودة مياه ورمال الشواطئ المغربية، الذي كشفت عنه ليلى بنعلي، وزيرة التنمية المستدامة والانتقال الطاقي، 23 شاطئاً في 5 جهات من المملكة (يضم المغرب 12 جهة جغرافية، كل جهة تشتمل على حواضر وبوادي).
وفي التفاصيل، أعلن التقرير الرسمي عن الأسماء والمواقع الجغرافية لهذه الشواطئ "غير الصالحة" للاستحمام، أو التي لا تطابق معايير جودة السباحة المعترف بها عالمياً، وهي أربعة شواطئ في الحسيمة، وستة في محافظة طنجة وأصيلة، فضلاً عن خمسة أخرى هي الرباط العاصمة وسلا وتمارة وعين عتيق وسيد العابد.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أما في جهة الدار البيضاء الكبرى، فتم الإعلان عن ستة شواطئ غير صالحة للسباحة خلال صيف 2022، وفي جهة سوس ماسة (جنوب البلاد)، يوجد شاطئ واحد لا يصلح للمصطافين، وفي الداخلة (أقصى الجنوب)، شاطئ واحد أيضاً.
في المقابل، توشّح 28 شاطئاً باللواء الأزرق في صيف 2022، وفق قرار مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة، بزيادة شاطئين اثنين مقارنة بالسنة الماضية. وحصل 28 شاطئاً في جميع جهات المغرب على "اللواء الأزرق"، وهو عبارة عن علم يرفرف في الشاطئ الذي تعتبره السلطات الوصية على البيئة "نظيفاً"، ما يجعل المغرب يتصدر الدول العربية ويحتل المرتبة الثانية أفريقياً في قائمة الشواطئ المتوّجة باللواء الأزرق الذي يجذب المصطافين.
التقرير الرسمي المذكور أورد أن 51 محطة مبرمجة لرصد جودة مياه الاستحمام غير مطابقة للمعايير، نتيجة التلوث الناتج أساساً من ارتفاع كثافة المصطافين وضعف التجهيزات الصحية، وأيضاً التغييرات المناخية، بخاصة تدفق مياه الأمطار الملوثة إلى الشواطئ عن طريق مجاري المياه".
وتطرق المصدر ذاته إلى موضوع رمال الشواطئ ومدى جودتها، إذ شملت المراقبة التحاليل الكيماوية والفطرية والنفايات البحرية، بخاصة البلاستيكية في 60 شاطئاً خلال 2022، 37 شاطئ منها توجد على ساحل الأطلسي، و23 على ساحل البحر الأبيض المتوسط.
البلاستيك يغزو الرمال الشاطئية
تبعاً للأرقام الرسمية للوزارة المعنية، فإن 80 في المئة من النفايات الموجودة في البحار والسواحل من مصادر برية، بينما تشكل النفايات البلاستيكية ما يناهز 88 في المئة. وهذه النفايات تتوزع بين أعقاب السجائر وأغطية الأواني البلاستيكية ومغلفات رقائق البطاطس وعيدان الحلوى وأقلام وقنينات الشرب بنسبة 55 في المئة من مجموع الأصناف.
ووفق المصدر الرسمي نفسه، تم رصد عدد من الفطريات في بعض رمال الشواطئ المغربية، غير أن التقرير عاد ليطمئن المصطافين بأن هذه الفطريات لا تشكل خطراً على صحة المصطافين.
ويعلق الباحث في البيئة ومكافحة التلوث عبد المولى بن جدية على موضوع عدم صلاحية شواطئ للاستحمام، بالقول لـ"اندبندنت عربية" إن أول ملاحظة أساسية في هذا السياق أن عدد الشواطئ التي لا تصلح للسباحة انخفض من 48 عام 2021 إلى 23 شاطئاً في 2022.
وأردف أن هذا المعطى يدل على أن هناك عملاً جاداً تم القيام به من طرف السلطات الوصية على البيئة وعلى محاربة التلوث في الشواطئ بين العامين الماضي والحالي، إذ انخفض عدد الشواطئ بـ25 شاطئاً صارت إما صالحة للاستحمام، أو باتت بجودة مقبولة على الأقل.
ويكمل أنه على الرغم من هذا التحسن المسجل بخصوص انخفاض عدد الشواطئ الملوثة غير الصالحة، فإن الأمر يؤثر سلباً في الحركة السياحية للمملكة، كون الشواطئ غير الصالحة تنتمي جغرافياً إلى جهات ومدن سياحية مهمة.
وتوقف بن جدية عند أهمية السياحة الشاطئية، أكثر من السياحة الجبلية، في جذب السياح المغاربة والأجانب على السواء، بالتالي عندما يلمس أو يسمع السائح أن شاطئاً في مدينة سياحية غير صالح للاستحمام، فإنه قد يضرب صفحاً عن زيارة المدينة كلياً أو حتى البلد.
أما بخصوص تلوث رمال الشواطئ، فيقول إنه "مثل الأعوام الفائتة، تظل المواد البلاستيكية أكثر المواد تلويثاً لهذه الرمال الساحلية في عدد من شواطئ المملكة"، مبرزاً أن نسبة الـ88 في المئة التي يشكلها البلاستيك من النفايات في الرمال تُعدّ كبيرة ومثيرة للتساؤلات في شأن سلوكيات المصطافين أنفسهم.
ولحل إشكاليات تلوث الشواطئ والرمال الساحلية، شدد التقرير الحكومي على ضرورة "تغيير أنماط الاستهلاك والإنتاج لتطوير الاقتصاد الدائري والتصميم الإيكولوجي، وتعزيز وتعميم الإجراءات التوعوية والورشات التربوية التي تهدف إلى إشراك المواطنين ومستعملي الشواطئ في مجال حماية البيئة البحرية والساحلية".