كشفت رسالة لم تنشر مسبقاً، نصّها في عام 1850 الكاتب الإنجليزي تشارلز ديكنز، عن انتقاده لتجارة الرقيق السائدة في ذاك الوقت، واصفاً أنها عمل "وحشي" و"لا إنساني".
ونشرت "ذي تليغراف" الإنجليزية موضوعاً عن الرسالة بقلم داليا ألبيرج، أشارت فيه أن الروائي الإنجليزي الشهير وبعبارات لا لبس فيها إلى الكابتن جوزف دينمان (الذي خدم في فرقة البحرية الملكية المسؤولة عن مكافحة تجارة الرقيق التي جابت دورياتها سواحل أفريقيا الغربية) توجه قائلاً، "لا يمكنك أن تتصور مدى الرعب الذي تثيره في ذهني تلك الوحشية - تجارة الرقيق". كما عبر الكاتب الإنجليزي عن شكوكه في جدوى هذه الدوريات أو "الحصار الأفريقي" كما عُرف به يومها، لكنه مدح المشاركين في الدوريات قائلاً، "لم يكن لدي شك أبداً في صدق وتفاني أولئك المنخرطين فيها"، مضيفاً "أنا واثق من أننا سنتفق على إدانة هذه المتاجرة غير الإنسانية بأقصى ما لدينا من قوة".
وتم التثبت من صحة الرسالة من قبل الخبير الرائد، الدكتور ليون ليتفاك، المحرر الرئيس لمشروع "تشارلز ديكنز ليترز"، وهو موقع إلكتروني يجمع مراسلات الكاتب.
وفي تعليق لـ"تليغراف"، قال دكتور ليتفاك، إن مضمون الرسالة يضيف ما كنا نعرفه عن موقف ديكنز من العبودية، لافتاً "هناك شغف كبير في هذه الرسالة. اللغة التي يستخدمها ملفتة للنظر في قوتها".
وعثر على الرسالة بين أوراق عائلة دينمان من قبل الدكتور بيتر فان دير ميروي، المسؤول في المتحف البحري الوطني، أثناء إجرائه بحثاً غير ذي صلة. كانت الرسالة ضمن مجلد من أشياء متنوعة من شخصيات بارزة في ذلك الوقت.
وبصفته متخصصاً في كلاركسون ستانفيلد، صديق الفنان البحري لديكنز، أدرك الدكتور فان دير ميروي أهميته، ويقول "توقعت أن [الرسالة] لم تكن معروفة. إنها مجرد صدفة، فن العثور على الأشياء التي لا تبحث عنها".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
إنه تذكير موضعي للجهد الكبير الذي بذلته بريطانيا في الكفاح من أجل وقف تجارة الرقيق. ففي ذروته، شمل "الحصار الأفريقي" ما يصل إلى 36 سفينة وأكثر من 4000 رجل، وقدرت تكلفته بنصف إجمالي الإنفاق البحري. كان هدفه منع السفن التي تحمل العبيد إلى البرازيل وكوبا في المقام الأول، وكان الإسبان والبرتغاليون من بين الجناة الرئيسين.
ويشير دكتور ليتفاك في ورقته البحثية بأن الوقت والجهد اللذين بذلهما ديكنز في الاقتراب من دينمان يكشفان عن احترامه لهؤلاء البحارة "الذين التزموا... القمع النهائي للعبودية". وربما احتفظ دينمان بالخطاب لأنه يتطابق مع رأيه بالموضوع. لقد كان شاهداً رئيساً في اللجان البرلمانية، ووصف تجربته في كتيبات مختلفة، ومنها قوله "كل سفينة عبيد تحمل كتلة من البشر، جُمعت بالسرقة والقتل".
كتب ديكنز أيضاً إلى والد دينمان، اللورد دينمان، كبير القضاة وأحد أبرز المؤيدين لإلغاء تجارة الرقيق، الذي سأله لماذا لم يعرب المؤلف عن رأي أكثر حزماً بشأن تجارة الرقيق. وهو ما رد عليه ديكنز بالكتابة له "لأنني لست مقتنعاً بأن الحصار الأفريقي يحقق الهدف النهائي الذي يروج له".
وقال الدكتور ليتفاك "كان هناك بعض الخلاف حول الإحصاءات التي تم استخدامها في التقارير البرلمانية، وقدم جوزيف دينمان أدلة مضادة. بعد قراءة هذه المنشورات، غير ديكنز رأيه حول دوريات غرب أفريقيا".
وأضاف "على هذا الأساس، أنا أدعي أنه بينما كان ديكنز ينتقد الدوريات، فإنه بعد قراءة تقارير دينمان، أصبح أكثر تعاطفاً. تظهر هذه الرسالة الجديدة أنه غير مواقفه بشأن الوسائل التي كانت تُستخدم لمحاولة وقف تجارة الرقيق".
وعلى الرغم من أن روائع ديكنز مثل "أوليفر تويست" تعكس نضاله ضد جميع أشكال الظلم الاجتماعي، إلا أنه تحول إلى أحد أهداف الحركة الحالية المناهضة للعنصرية. فهو انتقد، على سبيل المثال، محاولات منح الأميركيين الأفارقة الحق في التصويت. لكن الدكتور ليتفاك ينفي الأمر موضحاً "لا أعتقد أنه يمكن اعتباره عنصرياً، لأن هذه كانت المواقف السائدة في ذلك الوقت".
وتختتم "تليغراف"، بالتأكيد أن الرسالة الجديدة تقدم دليلاً ساطعاً أنه كان معارضاً قوياً للعبودية.