تعرض رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون مجدداً لانتقادات، اليوم الإثنين الـ15 من أغسطس (آب)، على خلفية إدارته لأزمات عدة تواجهها البلاد، وذلك بعد أن بدأ عطلة صيفية ثانية قبل أسابيع قليلة من موعد خروجه من رئاسة الحكومة.
اتهم حزب العمال، أكبر فصائل المعارضة، جونسون الذي من المقرر أن يسلم السلطة في السادس من سبتمبر (أيلول)، بإقامة "حفلة كبرى" في حين يواجه بريطانيون كثر صعوبات من جراء أزمة غلاء المعيشة.
ومع ارتفاع التضخم إلى أعلى مستوى منذ عقود وسط توقعات بدخول اقتصاد المملكة المتحدة في ركود، يواجه سكان في مختلف أنحاء إنجلترا صعوبات من جراء تداعيات جفاف أعلنت الحكومة رسمياً الجمعة أنه يضرب أجزاء من البلاد.
لكن جونسون العائد الأسبوع الماضي إلى مقر رئاسة الحكومة في "داونينغ ستريت" من إجازة "شهر عسل" مؤجل مع زوجته كاري استمرت خمسة أيام أمضياها في سلوفينيا، قرر تمضية عطلة ثانية هذا الأسبوع في اليونان.
الأمر مجرد حفلة
ونشر موقع إلكتروني يوناني مشاهد تظهر رئيس الوزراء وهو يتبضع في أحد المتاجر ببلدة ساحلية قرب أثينا، وقد ملأ عربة التسوق بالمأكولات والنبيذ.
وقال المتحدث باسم حزب العمال "الأمر مجرد حفلة واحدة كبرى بالنسبة لبوريس جونسون، في حين يواجه سكان البلاد صعوبات في تسديد فواتيرهم".
وفي معرض تأكيده أن جونسون يمضي هذا الأسبوع إجازة، قال المتحدث باسمه في مؤتمر صحافي، إنه سيتم إطلاع رئيس الوزراء على الدوام على "أي طارئ"، وعلى كل ما يستدعي "اتخاذ قرارات، خصوصاً في ما يتعلق بالأمن القومي على سبيل المثال".
وأشار المتحدث إلى أن نائب رئيس الوزراء دومينيك راب يمكنه أن ينوب عن جونسون في أي اجتماع، لكنه قال "على حد علمي ليس هناك حالياً أي اجتماعات مدرجة على الجدول".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وسيكون لدى جونسون متسع من أوقات الفراغ بعد تسليمه السلطة إلى الفائز بين وزيرة الخارجية ليز تراس ووزير المالية السابق ريشي سوناك في السباق على زعامة حزب المحافظين، الذي تصدر نتائجه بعد ثلاثة أسابيع.
واضطر جونسون لإعلان تنحيه في الثامن من يوليو (تموز) على إثر عشرات الاستقالات في فريقه الحكومي على خلفية فضائح طالته.
وتراس هي حالياً الأوفر حظاً للفوز بزعامة الحزب في سباق سيحدد نتيجته تصويت أعضاء الحزب البالغ عددهم 200 ألف.
وستعلن النتائج في الخامس من سبتمبر، وسيخلف الفائز جونسون في رئاسة الحكومة وزعامة الحزب.
انهيار مالي
يأتي ذلك في وقت حذر أكثر من مركز أبحاث بريطاني من أن البلاد مقبلة على انهيار مالي يمكن أن يكون أسوأ من ذلك الذي حدث في الأزمة المالية العالمية عام 2008، وتتباين الآراء فقط فيما كان الاقتصاد البريطاني دخل بالفعل أو على وشك الدخول في ركود اقتصادي عميق.
وتوقع "المعهد الوطني للأبحاث الاقتصادية والاجتماعية" أن الاقتصاد أصبح في حالة ركود بالفعل، مقدراً أن عدد الأسر البريطانية التي ستكافح لتحمل تكاليف المعيشة سيتضاعف ليصل إلى سبعة ملايين أسرة بحلول عام 2024.
أما "مجموعة باو"، وهي من أقدم مراكز الأبحاث المحافظة في العالم، فتحذر من أن انهياراً أسوأ من ذلك الذي شهدناه في 2008 أصبح وشيكاً جداً.
وقال رئيس المركز بن هاريس-كويني إن الحكومة لا يمكنها التهرب من المسؤولية من هذا الوضع بل إنها الملام الرئيس، بحسب ما نقلت عنه صحيفة "الديلي اكسبريس"، وأضاف "لطالما حذرت مجموعة باو من أن الحكومة تتجاهل حقيقة اقتصادية بسيطة، وهي أنه لا يمكنك أن تقترض وتنفق بكثافة ولا تتحمل تبعات ذلك".
ورداً على حجج مسؤولية أزمة وباء كورونا أو حرب أوكرانيا عن هذا الوضع، قال هاريس-كويني "هذا ليس نتيجة الوباء فقط، فمنذ أن جاء المحافظون إلى السلطة في 2010، تضاعف الدين القومي ثلاث مرات، وكانت سياساتهم عكس كل التقاليد المحافظة من حيث الترشيد المالي والإدارة الاقتصادية السليمة".
تضاعف خدمة الدين
و يواجه مَن سيتم انتخابه زعيماً لحزب المحافظين ورئيساً للحكومة خلفاً لرئيس الوزراء الحالي بوريس جونسون مهمة في غاية الصعوبة، وهي كيف سيدبر للخزانة مستحقات خدمة الديون ومدفوعات الضمان الاجتماعي في الفترة المقبلة، وبحسب تحليل لصحيفة "فايننشال تايمز" نشرته في عددها الأسبوعي، فإن خدمة الدين ستتضاعف في العام المالي المقبل نتيجة ارتفاع معدلات التضخم وزيادة سعر الفائدة.
استند التحليل إلى أرقام بنك إنجلترا "المركزي البريطاني" في بيانه الأخير وإلى توقعات معدلات التضخم وأسعار الفائدة، وبالنتيجة ستضاف أكثر من 60 مليار دولار (50 مليار جنيه إسترليني) للمستحقات التي على الحكومة البريطانية تسديدها.
ومن المتوقع أن ترتفع كلفة خدمة الدين الحكومي البريطاني من نحو 60 مليار دولار (50 مليار جنيه إسترليني) حالياً إلى أكثر من 115 مليار دولار (95 مليار جنيه إسترليني) العام المقبل، ذلك لأن هناك نحو 607 مليارات دولار (500 مليار جنيه إسترليني) من الدين العام البريطاني مرتبطة بمؤشر أسعار المستهلكين "مقياس التضخم".
تتزايد الشكوك حول قدرة أي من سوناك أو تراس على مواجهة الأزمة الحالية أو وقف اتجاه بريطانيا نحو انهيار اقتصادي، وبحسب ما نقلت "ديلي إكسبريس" عن رجل الأعمال النائب البرلماني السابق عن حزب بريكست بن حبيب، فإن عمق الأزمة وليس حلها "سيعتمد بشكل كبير على نتيجة المنافسة الحالية على زعامة المحافظين".