استؤنفت المعارك، الأربعاء الـ 24 من أغسطس (آب)، في شمال إثيوبيا على المناطق الحدودية لإقليم تيغراي، حيث يتبادل متمردو تيغراي والحكومة الاتهامات بخرق الهدنة التي أعلنت قبل خمسة أشهر.
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الأربعاء، إلى وقف إطلاق النار "فوراً" في إثيوبيا وعبر عن الصدمة إزاء استئناف أعمال العنف، وقال للصحافيين "أشعر بصدمة وحزن عميقين للأنباء عن استئناف القتال في إثيوبيا"، مضيفاً "أناشد بقوة من أجل وقف فوري للقتال والعودة إلى محادثات السلام بين الحكومة وجبهة تحرير شعب تيغراي".
اتهامات متبادلة
وصباح الأربعاء، اتهم متمردو تيغراي الجيش الإثيوبي أولاً بشن "هجوم واسع" على مواقعهم قبل أن تتهمهم الحكومة الإثيوبية بدورها بـ"خرق" الهدنة، وقال الناطق باسم الجبهة غيتاشو رضا لوكالة الصحافة الفرنسية في نيروبي برسالة مقتضبة: "شنوا الهجوم في ساعة مبكرة هذا الصباح قرابة الساعة الخامسة (02,00 ت غ) ونقوم بالدفاع عن مواقعنا"، وكتب في تغريدة على "تويتر"، "الجيش الإثيوبي وقوات خاصة وميليشيات من منطقة أمهرة المجاورة، شنوا هجوماً واسع النطاق على مواقعنا في الجبهة الجنوبية".
وردت الحكومة الإثيوبية في بيان بأن متمردي تيغراي "تجاهلوا عروض السلام الكثيرة التي قدمتها أديس أبابا"، وشنوا "هجوماً الأربعاء عند الساعة 05,00" (02,00 ت غ) في منطقة تقع جنوب تيغراي و"انتهكوا الهدنة"، ودعت المجتمع الدولي إلى ممارسة "ضغوط شديدة" على سلطات المتمردين في تيغراي.
والمنطقة معزولة عن بقية البلاد ويتعذر التحقق بشكل مستقل من اتهامات كل منهما أو من الوضع على الأرض، وهذه المعارك هي الأولى منذ إعلان هدنة إنسانية نهاية مارس (آذار)، أتاحت الاستئناف التدريجي للمساعدات الإنسانية إلى المنطقة التي تعيش ظروفاً قريبة من المجاعة.
القتال يدور في منطقتي مهاغو وجميدو
وتحدث الجانبان، الأربعاء، عن معارك حول الطرف الجنوبي الشرقي من تيغراي، المتاخم لمنطقتي أمهرة من الغرب وعفر من الشرق.
ويقول مسلحو "فانو" الذين ساندوا الجيش الفيدرالي في تيغراي إن القتال يدور في منطقتي مهاغو وجميدو بمنطقة أمهرة على مقربة من منطقة كوبو، الواقعة أيضاً بأمهرة، ويحتلها متمردو تيغراي منذ هجوم مضاد عام 2021، وتؤكد "فانو" أنه لا يوجد قتال حالياً في تيغراي نفسها، ويتعذر التحقق من ذلك من مصدر مستقل.
من جهتها، أفادت منظمة غير حكومية محايدة تسمى "ابدا" تنشط في منطقة عفر بوجود قتال في منطقة حدودية بين هذه المنطقة وجنوب شرقي تيغراي، وقالت إن "الجيش موجود بأعداد كبيرة (في منطقة) يالو وهو يطرد" متمردي تيغراي "من عفر".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
من جانب آخر، أعلن سلاح الجو الإثيوبي، الأربعاء، إسقاط طائرة قال إنها كانت تحمل أسلحة لتسليمها إلى "جبهة تحرير شعب تيغراي"، وخرقت المجال الجوي للبلاد عبر السودان، وهي تأكيدات وصفها غيتاتشو رضا بأنها "أكاذيب واضحة".
وقال مصدر إنساني طلب عدم ذكر اسمه لوكالة الصحافة الفرنسية إن السلطات المتمردة في تيغراي صادرت "12 صهريجاً" تابعاً لبرنامج الأغذية العالمي في المنطقة، أي "500 ألف ليتر من الوقود" ضرورية لتوزيع المساعدات الغذائية.
وتسبب النزاع بأزمة إنسانية كبيرة في تيغراي، حيث دمرت البنية الاقتصادية وحرم الإقليم من الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والاتصالات والخدمات المصرفية.
مفاوضات لم تبدأ بعد
وتصاعد التوتر في الأيام الأخيرة بين الحكومة ومتمردي تيغراي وتبادلا الاتهامات بالاستعداد لاستئناف المعارك على الرغم من تعهدات الجانبين المتكررة خلال الشهرين الماضيين الدخول في مفاوضات لم تبدأ بعد.
وفي بيان بتاريخ 23 أغسطس، قال زعيم "جبهة تحرير شعب تيغراي" ديبريتسيون جبريميكايل إنه عقدت "جولتان من الاجتماعات السرية" مع مسؤولين مدنيين وعسكريين في أول اعتراف من أحد الجانبين بمحادثات مباشرة، ولم يحدد موعد أو مكان هذه المحادثات التي لم تؤكدها الحكومة.
وقال وليام دافيسون، المحلل في مجموعة الأزمات الدولية إن القتال الحالي يجب أن ينتهي قبل أن "يتصاعد ويستحيل حرباً"، وأضاف "هذا الانتهاك الخطير للهدنة التي تم التوصل إليها مطلع العام، يظهر ضرورة قيام الطرفين بتنظيم مفاوضات مباشرة من دون شروط بمجرد توقف هذا القتال".
من جانبه، أعرب رئيس الاتحاد الأفريقي موسى فقي محمد عن "قلقه العميق"، الأربعاء، من تجدد القتال في شمال إثيوبيا بين الحكومة ومتمردي "جبهة تحرير شعب تيغراي" ودعا في بيان للاتحاد "إلى وقف فوري للأعمال العدائية وحض الطرفين على استئناف المحادثات سعياً إلى حل سلمي" للصراع المستمر منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2020، وأكد "التزام الاتحاد الأفريقي المستمر العمل مع طرفي النزاع لدعم عملية سياسية توافقية لصالح البلاد"، داعياً الجانبين إلى التواصل مع أوباسانجو.
هجوم مضاد
بدأ النزاع في تيغراي في نوفمبر 2020 عندما أرسل رئيس الوزراء آبي أحمد الجيش الفيدرالي إلى المنطقة لإطاحة السلطات المحلية التي تحدت سلطته لأشهر واتهمها بمهاجمة قواعد عسكرية في الإقليم.
يتلقى الجيش الإثيوبي دعماً من القوات الإقليمية وميليشيا "الأمهرة"، إضافة إلى قوة من إريتريا المجاورة التي لا تزال قواتها موجودة في غرب تيغراي.
بعد انسحابهم، استعاد متمردو تيغراي السيطرة على معظم المنطقة من خلال هجوم مضاد في منتصف 2021 مكنهم من دخول أمهرة وعفر المتجاورتين.