يعد الملك الجديد تشارلز الثالث رجلاً مدافعاً عن البيئة بقناعة ثابتة وينشط منذ فترة طويلة من أجل حماية الطبيعة ويدافع عن الزراعة الحيوية ومكافحة تغير المناخ، في التزام يمكن أن يجذب الشباب البريطاني.
وبعيداً من صور لقاءاته الرسمية يغص حسابه على تطبيق "إنستغرام" بصفته أمير ويلز بصور يظهر فيها بين أشجار الأيك الساحلية (المنغروف) المهددة بالانقراض في جزر سانت فنسنت وغرينادين، أو يزرع شجرة في يوم البيئة العالمي، أو يعرض فاكهة وخضاراً عضويين في منزله كلارنس هاوس، أو يبرز الزهور الملونة في حديقته العزيزة على قلبه في هايغروف بغرب البلاد.
وفي مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ في إدنبره باسكتلندا كان هو من ألقى الخطاب الافتتاحي الذي دعا فيه رؤساء الدول والحكومات الجالسين أمامه إلى مضاعفة الجهود لمكافحة الاحترار المناخي لأن "وقت المماطلة انتهى".
وأوضح بوب وارد من معهد غرانثام لأبحاث تغير المناخ والبيئة أن الملك الجديد البالغ من العمر 73 سنة ومنذ أول خطاب عام له في هذا الشأن في 1970 "يسهم في التوعية بجميع الجوانب المتعلقة بالبيئة منذ فترة طويلة جداً".
وأضاف لوكالة الصحافة الفرنسية أنه "في كثير من الجوانب كان متقدماً على الجمهور والسياسات" حول قضايا المناخ، مشيراً إلى أنه "لا يهتم بتحديد المشكلات فقط بل بكيفية إيجاد حلول لها".
في مزرعته هايغروف في غلوسترشير بغرب إنجلترا أقام تشارلز الثالث حديقة مفتوحة للجمهور ومزرعة مخصصة بأكملها للزراعات العضوية.
وهذا التغيير أثار شكوك بعض المزارعين المجاورين لكنه تحول على مر الوقت إلى عمل ناجح حتى إن منتجاته تباع تحت اسم "داتشي أوريجينالز" في سلسلة متاجر "ويتروز" الراقية.
أسلوب حياة "أكثر استدامة"
وفي إطار حرصه على أسلوب حياة "أكثر استدامة" بدأ حملة لجعل ممتلكاته الملكية خضراء عبر "خفض استخدام الوقود الأحفوري واستبدال الطاقات المتجددة به" بنسبة تسعين في المئة، بحسب الموقع الرسمي المخصص لنشاطه السابق.
ومنذ سنوات ينشر تشارلز الثالث حصيلة انبعاثات الكربون التي يسببها كل عام بما في ذلك رحلاته غير الرسمية، وقد بلغت 445 طناً بين مارس (آذار) 2021 ومارس 2022.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقد أدخل تعديلات على سيارته وهي من طراز "أستون مارتن" ويملكها منذ أكثر من خمسين عاماً لتعمل على فائض النبيذ الأبيض الإنجليزي ومصل الألبان الناتج من عملية صنع الأجبان. وهي تعمل بمزيج يتألف في 85 في المئة منه من الإيثانول الحيوي و15 في المئة من الوقود الخالي من الرصاص.
ويرأس تشارلز الثالث المنظمة البيئية غير الحكومية "الصندوق العالمي للحياة البرية" (وورلد وايلدلايف فاند) في المملكة المتحدة منذ 2011. ومثل والده الأمير فيليب قبله يرعى عدداً من المنظمات مثل "سرفرز أغينست سيويج" التي تعمل في مجال الصرف الصحي ويضاعف الخطب والمقالات للتحذير من زوال التنوع البيولوجي، كما فعل في مقال رأي نشر في مجلة نيوزويك الأميركية في أبريل (نيسان) الماضي.
انتقادات
واجهت مواقفه في بعض الأحيان انتقادات واعتبرت مخالفة للتحفظ السياسي المطلوب من أفراد العائلة الملكية.
وقال بوب وارد إن تشارلز "كان يدرك دائماً أهمية منصبه كولي للعهد. وسيكون بالتأكيد بالدرجة نفسها من الانتباه كرئيس دولة. وسيتعين عليه توخي الحذر حتى لا يعتبر أنه يعمل بهدف ممارسة ضغط على الحكومة". وأضاف "لكنني لا أعتقد أنه سيتوقف عن التحدث بالكامل" عن هذه المواضيع.
وقالت روبي رايت (42 سنة) وهي رسامة كانت أمام قصر باكنغهام غداة وفاة الملكة إليزابيث الثانية "يجب عليه أن يضغط فعلاً في مجال البيئة وجعل هذه القضية إرثه، هذا أهم من السياسة، هذا يتعلق بمستقبل البشرية".
أما المصممة لورا بيرن (30 سنة) فقد أكدت أن التزامه "أمر مهم لجيلي". وأضافت "وجدت أنه أمر جيد جداً أن يتحدث عن ذلك في يوبيل الملكة في يونيو (حزيران) الماضي، الذي نظم في الذكرى السبعين لاعتلائها العرش".
والآن بعد أن اعتلى العرش خلفاً لوالدته لن يكون تشارلز الثالث قادراً على تخصيص كثير من الوقت لشغفه بالبستنة والزراعة، وهو الذي اعترف في مقابلة عام 1986 أنه يتحدث إلى النباتات، مما أثار موجة سخرية.
ويشاركه نجله ويليام الذي أصبح الآن أمير ويلز التزامه هذا. وقد أنشأ العام الماضي جائزة "إيرث-شوت" التي تكافئ مشاريع تقدم حلولاً لأزمة المناخ.