يُظهر بحث جديد أن تجار البشر يتظاهرون بأنهم متطوعون في مراكز إطعام ومنامة المشردين من أجل إجبارهم على العمل القسري والاستغلال الجنسي.
كشف تقرير صادر عن منظمة ’مُغيَّبون’ الخيرية أنه تم الإبلاغ عن مئات من الأشخاص الذين ينامون في الشوارع لاحتمال وقوعهم ضحايا العبودية المعاصرة، وبلغت نسبة الضحايا المشردين 7 في المئة من مجموع الحالات التي تم التبليغ عنها إلى خط المساعدة التابع للمؤسسة الخيرية بين أكتوبر/تشرين الأول عام 2016 وأبريل/ نيسان عام 2019 - حيث وصلت بمجملها إلى 276 حالة.
يستهدف المستغِلون المشردين في مواقع مختلفة مثل محطات القطارات والمنتزهات والشوارع والملاجئ أيضاً، وفقاً للنتائج.
وورد أن عمليات الاستقطاب تحدث أيضاً في أماكن العمل وعلى الإنترنت، بما في ذلك عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي، في حين تم التبليغ عن استهداف المتاجرين لدور الرعاية وأماكن العبادة.
وقالت الجمعيات الخيرية المعنية بشؤون المشريدن إنها شهدت حالات عديدة من دخول المعتدين إلى مطابخ الإطعام أو حتى تظاهرهم بأنهم ممن ينامون في الشوارع من أجل تجنيد الأشخاص المستضعَفين في أعمال استغلالية.
تحدث أندرو سميث، الرئيس التنفيذي لمؤسسة ’هال’ الخيرية للمشريدين ورئيس شراكة ’هامبر’ للعبودية المعاصرة، عن إغراء تجار يدّعون أنهم ينامون في الشوارع رجالاً بالقيام بأعمال مقابل أجور تُدفع نقداً، وهذا في نهاية المطاف هو أعمال عبودية، وعن حالات تعرضت فيها نساء شابات يعشن في دور الإيواء للخداع بطريقة مشابهة من أجل القيام بأعمال جنسية استغلالية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
قال السيد سميث: "لقد لاحظنا خلال السنوات القليلة الماضية شاحنات بيضاء تقف أمام مطابخ الإطعام ودور الإيواء. بشكل لا يصدق. يقومون بصف حافلاتهم والدردشة مع الناس. في بعض الأحيان يتظاهرون بأنهم أنفسهم بلا مأوى؛ في بعض الأحيان يأتون للتبرع بالطعام وأثناء وجودهم هناك، يعرضون بعد ذلك فرصة للعمل مقابل المال ... ثم تجد تلك الحالات الأكثر تطرفاً حيث يتطوع الناس ضمن مجموعة مجتمعية صغيرة للوصول إلى الأشخاص المستضعفين. نحن نعرف أشخاصاً قدمّوا أنفسهم بصفة مشردين لدرجة أنهم حصلوا على غرفة في ملجأ أو دار إيواء ... ثم يقولون في يوم من الأيام: "يتحدث أحدهم عن وجود بعض الأعمال الجارية، هل تريدون المجيء؟ ... سيأخذونهم إلى ذلك المكان ثم يختفون. إنهم عديمو الضمير حقاً. بالكاد لديهم خوف من القيام بهذا."
في إحدى الحالات، اختفى ’توميك’* ، وهو رجل مشرد من بولندا كان يرتاد أحد مطابخ الإطعام معظم أيام الأسبوع. لاحظت منظمة ’هال‘ للمشردين أن هناك شاحنة بيضاء صغيرة كانت تتردد على المطبخ، لكنهم لا يعرفون إلى أين ذهب الرجل.
بعد ثلاثة أشهر، تبين أن توميك نُقل إلى منطقة أخرى من البلاد وأُجبر على العيش في كرفان والقيام بأعمال يدوية في موقع لإعادة تكرير النفايات. مع عدم توفر كهرباء ولا مياه جارية، كان عليه أن يستحم في حوض للحيوانات في الخارج.
قال السيد سميث: "لقد كان هناك في ذلك الموقع في مكان ناءٍ ولم تكن لديه أدنى فكرة عن مكان وجوده. جردوه من جميع وثائقه وهددوه باستمرار. تمكّن من العودة إلى ’هال’ بعد ثلاثة أشهر. لقد كان غاضباً جداً لأنه وُضع في هذا الموقف."
في حالة أخرى، تم إرسال بيانات اتصال خاصة بكرنفال متنقل إلى ديفيد*، وهو رجل بريطاني مشرد في الأربعينيات من عمره، وكان يقيم في دار إيواء في ’هال’. لقد تواصل معهم عبر فيسبوك وتم أخذه من مكان إقامته.
قال السيد سميث: "لقد عاش ديفيد في موقع ذلك الكرنفال. لقد أُخذ كل شيء منه. في هذه الحالة قيل له سندفع لك 120 جنيهاً استرلينياً في الأسبوع، لكنه عندما وصل إلى هناك أخذوا 50 جنيهاً استرلينياً مقابل طعامه، و 60 جنيهاً استرلينياً مقابل إقامته وتركوا له 10 جنيهات استرلينية في الأسبوع - ثم أخذوها منه مقابل توصيله."
كان "تحديد" حالات الاستغلال الجنسي ’أصعب’، لكن المؤسسة الخيرية كانت على علم بالحالات التي تم فيها خداع النساء اللاتي يعشن في مساكن اللجوء أو دور الإيواء، وعادة ما يعانين من مشاكل متعلقة بإساءة استخدام المواد المخدرة، من أجل ممارسة أعمال جنسية من قبل نساء يتظاهرن بالتشرد ولكنهن متغلغلات في عصابات إجرامية.
وقالت منظمة "مُغيّبون" الخيرية إنه عندما يكون التشرد عاملاً سابقاً للاستغلال، فإن أعلى نقاط الضعف الإضافية تتمثل في الفقر وإدمان المخدرات وحالة الهجرة والحواجز اللغوية.
كان الاستغلال في العمل هو أكثر أشكال الاستغلال شيوعاً، وبحسب التقرير كان أكثر ضحايا الاستغلال شيوعاً من الجنسية الإنجليزية.
في الوقت نفسه، ارتفع النوم في الشوارع في إنجلترا بنسبة 165 في المئة في الأعوام الثمانية الماضية، مع تسجيل 4767 شخصاً ينامون في ظروف قاسية العام الماضي.
وقالت المؤسسة الخيرية إن نتائج التقرير شددت على ضرورة أن تكون السلطات المحلية والجمعيات الخيرية المعنية بالمشردين وغيرها من الخدمات التي على خط التماس على دراية بمخاطر ومؤشرات العبودية الحديثة.
وقالت ريتشيل هاربر، مديرة خط المساعدة في حالات العبودية المعاصرة التابع لمؤسسة ’مُغيَّبون’: "نحن نعلم أن أساليب الاستقطاب تشمل استهداف نقاط الضعف المختلفة مثل الفقر، والحاجة المادية والحواجز اللغوية. مضيفة: "يمكن استخدام البيانات عن حالات العبودية الحديثة والتشرد المبلغ عنها إلى خط المساعدة لتحسين جهود الوقاية والاستجابة للاستغلال. يوضح هذا التقرير أيضاً السبب الذي يجعل الوعي والتعاون مع الجمعيات الخيرية التي تعنى بالمشردين وأعضاء الهيئات العامة والإسكان أمراً في غاية الأهمية."
وقال متحدث باسم الحكومة: "العبودية الحديثة هي جريمة بغيضة لها تأثير مدمر على حياة ضحاياها. نحن ملتزمون بالقضاء على العبودية الحديثة بجميع أشكالها ودعم الضحايا بتقديم أماكن لإقامتهم عندما يتطلب الأمر، حيث يمكنهم إعادة بناء حياتهم.
"لقد أدى قانون العبودية الحديثة لدينا والرائد على مستوى العالم إلى حماية الآلاف من الضحايا وإلى مئات الإدانات الجنائية. نحن نتطلع باستمرار إلى تحسين الدعم المقدم لضحايا العبودية الحديثة".
* تم تغيير الأسماء في هذا النص
© The Independent