كشفت مناقشات "يوم التمويل" التي جاءت في إطار فعاليات قمة المناخ "كوب 27" المنعقدة في مدينة شرم الشيخ المصرية، عن أن الأرقام تشير إلى حاجة دول العالم إلى نحو 300 تريليون دولار لمواجهة أزمات التغير المناخي حتى عام 2030. وأوضحت وزيرة البيئة في الحكومة المصرية الدكتورة ياسمين فؤاد، أن التمويل هو أحد المواضيع الحيوية ليس فقط للدول النامية لكن لمؤتمر المناخ "COP27" بشكل عام، بخاصة أن ما يشهده العالم في عام 2022 من أزمات يمس ضرورة تمويل التكيف.
وأوضحت فؤاد أن الأرقام تشير إلى حاجة دول العالم إلى نحو 300 تريليون دولار للتكيف مع أزمات المناخ حتى 2030، ودائماً ما يصطدم الجميع بأن التكيف غير جاذب للتمويل البنكي.
وأشارت خلال مشاركتها في جلسة بعنوان "تمويل التكيف - التحديات والفرص" التي عقدت على هامش فعاليات مؤتمر الأطراف الـ27 لاتفاق الأمم المتحدة الإطاري للتغيرات المناخية، إلى إمكان ربط التكيف بالاستثمار، وترجمة إجراءاته إلى أرقام وقيمة نقدية لتقييم النتائج بشكل واضح، إذ أشارت المفوضية العالمية للتكيف إلى أن استثمار نحو 1.8 تريليون دولار عالمياً في أنظمة الإنذار المبكر أو البنية التحتية المقاومة للمناخ يمكن أن ينتج نحو 7.1 تريليون دولار، وهذه معادلة يمكن الاستناد إليها في النقاشات الخاصة بتمويل التكيف والاستثمار فيه.
23 دولة في أفريقيا معرضة لأزمات ديون
فيما كشف وزير المالية المصرية محمد معيط، عن أن متوسط الإنفاق على خدمة القروض الخارجية للدول الأفريقية بلغ خمسة في المئة من الإيرادات في عام 2010، وارتفع إلى 16.5 في المئة خلال عام 2021، مقارنة بنحو 12.5 في المئة للدول الناشئة الأخرى.
وأوضح خلال جلسة الديون السيادية لأغراض الاستثمار في الطبيعة أن الجميع يتطلع إلى حلول ملموسة تسهم في تعزيز التعافي الاقتصادي الأخضر للدول النامية والأفريقية وتخفيف عبء الديون السيادية عن كاهلها، بخاصة في ظل أزمة المناخ التي تفاقمت مع التحديات الاقتصادية العالمية الراهنة الناتجة من الحرب في أوروبا وجائحة كورونا على نحو جعل وصول الاقتصادات الناشئة إلى الأسواق الدولية صعباً للغاية ومكلفاً جداً.
وأشار إلى أن 23 دولة بأفريقيا في الوقت الحالي تتعرض لخطر كبير نتيجة أزمة الديون. وقال إن هناك جهوداً كبيرة شهدتها الأعوام الماضية في بحث آليات إنهاء أزمة الديون السيادية للدول النامية والناشئة آن الأوان أن تتم بلورتها والبناء عليها، لتخفيف أعباء المديونية والنظر في استحداث تحالف الديون المستدامة لدعم النمو الأخضر بالاقتصادات الناشئة من خلال تشجيع تحويل الديون إلى الاستثمارات الجديدة والإضافية الخضراء للتصدي للتحديات البيئية التي تضاعفت مع ظاهرة التغيرات المناخية بالبلدان النامية.
وأضاف "أننا عندما نتحدث عن هذا التحالف لا نستهدف أن يكون منبراً لجهود إعادة هيكلة الديون، بل نهدف إلى تسليط الضوء على الوضع المالي الصعب للاقتصادات الناشئة والبلدان النامية وآثاره في العمل المناخي والتنمية، بحيث يتم إطلاق مسار جديد للمشاورات عند تقاطع الديون والمناخ والتنمية معاً، إذ يجمع هذا التحالف بين الدول الدائنة والمدينة ويخدم مصالح الجميع".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وذكر أن مبادلة الديون تسهم في توفير سيولة إضافية لمشاريع التكيف مع التغيرات المناخية وتحتاج إلى دعم مؤسسات التمويل الدولية وبنوك التنمية متعددة الأطراف من خلال نشر التمويل المختلط، وندعو وكالات التصنيف الائتماني ألا تعتبر مبادلات الديون وسيلة لتجنب سداد أعباء الديون بالنسبة إلى الدول التي تواجه مشكلات استدامة المديونية.
وقال إن اقتراح مبادلات الديون لأغراض الاستثمار في الطبيعة يعد خياراً عملياً لزيادة الحيز المالي للدول متوسطة ومنخفضة الدخل من خلال تحفيز القطاع الخاص للاستثمار في الموارد المناخية المستدامة. وأشار إلى أن عملية ربط الديون بالمرونة المناخية سيؤثر بشكل كبير في مقدار الموارد المخصصة لتحقيق الالتزامات والأهداف البيئية للدول، وأن مبادلات الديون لا تستهدف الدول ذات الحيز المالي المحدود فحسب بل يمكنها مساعدة أية دولة مستعدة لمواءمة استثماراتها مع المرونة المناخية في مقابل تحسين ظروف الديون.
3 مسارات للتمويل
وزيرة البيئة المصرية أشارت إلى أن "مسار المناقشات الحالية حول تمويل التكيف يتشابه مع المناقشات السابقة منذ سنوات عن الطاقة المتجددة، التي لم تكن جاذبة للتمويل البنكي ومرتفعة الكلفة، بينما نحن الآن في مؤتمر المناخ مؤتمر التنفيذ نجتمع لنناقش كيفية الانتقال العادل للطاقة منخفضة الكلفة لتسريع العمل المناخي".
وأضافت "لذلك نحن نطمح لتكرار النهج نفسه مع التكيف لتحويله إلى هدف قابل للتنفيذ والاستثمار فيه، من خلال التركيز على ثلاث نقاط، أولها تسريع الوصول إلى تعريف واضح للهدف العالمي للتكيف حتى نستطيع قياسه ليكون مدخل للوصول إلى تمويل التكيف، وتغيير الحوار من قصر التكيف على الدول النامية إلى كيفية إشراك القطاع الخاص بأفضل الطرق".
وأعطت الوزيرة المصرية مثالاً بالربط بين مسار اتفاقات المناخ والتنوع البيولوجي والتصحر الذي بدأ منذ سنوات، وأصبح الوقت مناسباً في قمة المناخ COP27 لتنفيذ حقيقي لهذا الربط، من خلال التركيز على خدمات النظام البيئي والحلول القائمة على الطبيعة، وإشراك القطاع الخاص في مجال السياحة الذي يمكن أن يمثل مصدر دخل مهم للدول النامية وبخاصة أفريقيا التي يمكن أن يعتمد اقتصادها على السياحة البيئية.
وأشارت إلى دور شركاء التنمية كنقطة مهمة لتمويل التكيف، من خلال تعاملهم مع أخطار هذا التمويل لتشجيع الدول على وضع خططها الوطنية للتكيف، داعية شركاء التنمية خلال مؤتمر التنفيذ "COP27" إلى تقديم نموذج لتخطي مخاطر السياسات والتمويل، وأن يشترك الجميع من قطاع حكومي وخاص وشركاء التنمية للعمل لتخطي تلك الأخطار.
24 مليار دولار من البنك الإسلامي للتنمية
فيما كشفت وزيرة التعاون الدولي في الحكومة المصرية رانيا المشاط، خلال مشاركتها في إعلان الحزمة المالية لتمويل التحول الأخضر من قبل مجموعة التنسيق العربية، عن أن مؤتمر المناخ COP27، وهو مؤتمر الانتقال من التعهدات إلى التنفيذ، وأن معظم التعهدات التي تم إعلانها في مؤتمر غلاسكو يجب أن تأخذ طريقها نحو التنفيذ على أرض الواقع من خلال مشاريع واقعية وجاذبة للاستثمارات تحفز مشاركة القطاع الخاص في جهود التنمية.
وأشارت إلى أن الحكومة المصرية تعمل عن قرب مع جميع الصناديق ومؤسسات التمويل الدولية والإقليمية من أجل تحفيز جهود المناخ، موجهة الشكر لفريق عمل صندوق أوبك للتنمية الدولية والبنك الإسلامي للتنمية ومجموعة التنسيق العربية على ما يبذل من جهد في العمل عن قرب مع مصر لدعم جهود التنمية.
وتحدثت وزيرة التعاون الدولي عن المنصة الوطنية للمشاريع الخضراء "نوفي"، التي تم إطلاقها خلال شهر يوليو (تموز) الماضي، وقالت إنه "طوال هذه الفترة كان هناك كثير من الجهد والعمل بالتنسيق مع الجهات الوطنية وشركاء التنمية، وهو ما نتج منه إعلان بالأمس لمليارات الدولارات من التمويلات من المؤسسات الدولية وشركاء التنمية متعددي الأطراف والثنائيين، يتضمن المنح التنموية والدعم الفني والتقني والتمويلات المختلطة ومبادلة الديون، بما يحفز مشاركة القطاع الخاص في التنمية".
وأوضحت أن التمويل المبتكر إحدى الآليات المهمة التي يمكن من خلالها تحفيز التمويل المناخي ودعم جهود التحول الأخضر، وهو ما تعمل عليه مصر من خلال برنامج " نوفي"، كما سيتم اليوم إطلاق دليل شرم الشيخ للتمويل العادل الذي يضع إطاراً عملياً لتحفيز التمويل المناخي والمبتكر في الدول النامية والاقتصادات الناشئة.
وأشارت إلى أن الدول المتقدمة تعهدت بتقديم 100 مليار دولار تمويلات للدول النامية من أجل العمل المناخي لكن الحاجة أكبر من ذلك بكثير، لذا فإنه من الضروري أن يكون مؤتمر المناخ بمدينة شرم الشيخ هو مؤتمر التنفيذ الفعلي لما أطلقه العالم من تعهدات.
وتضم مجموعة التنسيق العربية 10 مؤسسات وطنية وإقليمية ودولية مثل صندوق أبو ظبي للتنمية والمصرف العربي للتنمية الاقتصادية في أفريقيا والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي وبرنامج الخليج العربي للتنمية وصندوق النقد العربي والبنك الإسلامي للتنمية والصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية وصندوق الأوبك للتنمية الدولية وصندوق قطر للتنمية والصندوق السعودي للتنمية، وخلال الجلسة أعلن رئيس مجموعة البنك الإسلامي للتنمية الدكتور محمد الجاسر عزم مجموعة التنسيق العربية إتاحة تمويلات للمناخ بقيمة 24 مليار دولار حتى 2030 لدعم أجندة تمويل كلفة أزمات تغير المناخ.