يصل المرء إلى مرحلة معينة يبدأ عندها بالتساؤل عما إذا كانت جيه كيه رولينغ تعتقد أن كلمة "متحول جنسياً" تعني كائناً مختلفاً تماماً، شيئاً مثل "إنسان عنكبوت".
على سبيل المثال، خلطت ذات مرة بين مقال إخباري وأحد مخطوطات كتاباتها وقلبت الآية تماماً، والآن ها هي تتساءل لماذا هناك أعمدة صحافية عديدة تدافع عن حقوق المتحولين جنسياً، في حين أن كل ما يريده هؤلاء برأيها هو اصطياد أطفالنا بشباكهم ووضع البيوض في أفواهنا.
تبدو جميع شكاواها حيال مجتمع المتحولين جنسياً منطقية تماماً عندما تُصور على أنها نضال ضد البلاء المقبل للكائنات العنكبوتية. من سيكترث لو أن سمعتها تدمرت أثناء هذه العملية؟ اللعنة، على الأقل لا ترهبها العناكب كفاية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أحاول أن أكون لطيفاً، لكن وحتى السنة الماضية تقريباً، كنت آمل أنه أسيء فهم رولينغ بطريقة أو بأخرى أو أنني "اجتزأت كلامها خارج سياقه"، كما يصر المدافعون عنها. لكنني حافظت على موقف حيادي تجاهها واطلعت على السياق الذي زاد الأمور سوءاً مع مرور الوقت على الأغلب. هذا مؤسف، لأن كتاباتها كونت لدي كثيراً من الذكريات الرائعة في طفولتي، لكن بالنسبة لي على الأقل، وصلت إلى نقطة لم أعد قادراً على رؤيتها كما كانت من قبل بسبب موقفها من الأشخاص المتحولين جنسياً.
أرى أن مشروع رولينغ الأخير يعزز موقفها بشكل أو بآخر: خدمة "بيراز بليس" Beira’s Place في إدنبرة الموجهة لضحايا الاعتداء الجنسي من النساء فقط. توصف الخدمة بأنها "أنشئت من قبل النساء ومن أجل النساء". يرد في موقعها الإلكتروني: "هناك عدد من الخدمات في منطقة لوثيان وفي جميع أنحاء اسكتلندا في الواقع التي تقدم الدعم للذكور الناجين من العنف الأسري والجنسي. على كل حال، قلة منها، إن وجدت، مخصص للنساء حصراً".
أشارت المعلومات الأولية إلى أن الخدمة قد ترحب بالأشخاص المتحولين جنسياً بغض النظر عن الإشارات إلى عكس ذلك، لكن يبدو أن الوضع ليس كذلك بعد الآن.
قال متحدث باسم "بيراز بليس" لصحيفة "إدنبرة إيفنينغ نيوز": "نؤمن بأن النساء يستأهلن التأكد من أنهن لن يقابلن أي شخص من الذكور عند استخدام خدماتنا. إذا اقتضت الحاجة، سنحيل الرجال أو الأفراد الذين يعرّفون أنفسهم على أنهم نساء متحولات جنسياً إلى خدمات أخرى مناسبة".
التزاماً بوضع الأمور في سياقها، فإن مركز إدنبرة لأزمات الاغتصاب يدار من قبل امرأة متحولة هي مريدول وادوا منذ مايو (أيار) 2021. كما أن مراكز أزمات الاغتصاب الأخرى في جميع أنحاء اسكتلندا ترحب بالنساء المتحولات. وفي حين أن "بيراز بليس" يمكن أن يكون بسهولة السلاح الذي تواجه به رولينغ الاتهامات بأنها تمييزية ضد مجتمع المتحولين جنسياً، لكنه يبدو بالنسبة لي أنه محاولة ضحلة لحماية نفسها من المزيد من الانتقادات من خلال القيام بشيء جيد شكلياً، إلا أنه في الواقع يزيد من عزل الأشخاص الضعفاء وحرمانهم من حقوقهم.
قالت إيزابيل كير، التي ستساعد في إدارة "بيراز بليس" إن المركز "يعترف بوجوب استقلالية خدمات العنف الجنسي الفعالة، وأنها تدار وفقاً للاحتياجات، وتوفر خدمات استجابة تركز على المرأة بحيث لا تخضع لضغط الأجندات السياسية الحالية". هناك شيء يدعو للسخرية في هذا البيان، إذ من الواضح أن الخدمة مسيسة في بنائها وأهدافها كما يبدو صراحة.
أعلن عن المركز قبل أيام قليلة من دخول مشروع قانون إصلاح الاعتراف بنوع الجنس في اسكتلندا إلى المرحلة النهائية من العملية التشريعية، وفي حال إقراره، سيجعل التعريف عن النفس أسهل بالنسبة للأشخاص المتحولين جنسياً. وبحسب ما ستفضي إليه الأمور، قد تجد خدمة رولينغ نفسها على طرفي نقيض مع هذا التشريع الجديد، حيث لا يزال قانون المساواة يسمح برفض تقديم الخدمات للأشخاص المتحولين جنسياً إذا اعتبر الرفض نسبياً ومنطقياً.
لو كان "بيراز بليس" يعمل بشكل مشابه لمراكز الأزمات الإسكتلندية الأخرى، حيث يسمح للنساء المتحولات بالمشاركة، لكان الأمر رائعاً. تتراكم الحالات في مركز أزمات الاغتصاب في إدنبرة منذ عام ونصف، ويمكن لخدمة جديدة المساعدة حقاً في تخفيف الضغط.
لكن عندما يغلق المركز أبوابه أمام مجتمع المتحولين جنسياً، فإنه يصبح، من وجهة نظري، خطوة رجعية كبيرة في طريق المساواة ونصباً تذكارياً للكراهية بدلاً من الخدمة القيِمة التي كان بإمكانه تقديمها. أنا واثق من أنني سأواجه بعض المعارضة لقولي هذا عن خدمة مصممة لمساعدة النساء (وليس لدي شك في أن الخدمة كانت ستثير النقد في كلتا الحالتين). لكن الأمر يشبه افتتاح دار للأيتام بيض البشرة فقط: ماذا سيكون موقفك؟ هل تفضل عدم وجود دار للأيتام إطلاقاً؟ ما الذي فعله الأيتام لك حتى تقول هذا؟
انطلاقاً مما رأيت سابقاً، فإنه ليس مفاجئاً جداً. هل اعتقدنا حقاً أن المرأة التي أسقطت المتحولين جنسياً بكل أريحية من مجتمع الميم، سترحب بالمتقدمين من المتحولين جنسياً وتحتضنهم بين ذراعيها؟
© The Independent