حذر ناشطون ضد الفقر في المملكة المتحدة من أن البريطانيين الذين يواجهون صعوبات في تأمين معيشتهم، ستنحدر بهم الحال إلى الأسوأ خلال عام 2023، مقارنة بالعام الماضي، لأن مدفوعات تكاليف المعيشة التي تخطط الحكومة لتقديمها ليست سخية بما يكفي.
يأتي هذا التحذير بعدما كانت وزارة العمل والرواتب التقاعدية البريطانية قد أعلنت يوم الثلاثاء جدول المدفوعات التي ستقدمها، التي ستحصل بموجبها ثمانية ملايين أسرة من ذوي الدخل المنخفض على دعم مالي لمواجهة ارتفاع تكاليف المعيشة اعتباراً من الربيع المقبل.
وأوضحت الوزارة أن الدعم النقدي البالغ 900 جنيه استرليني (1089 دولاراً أميركياً) والمخصص للمطالبين بالمساعدات الذين تم اختبار أهليتهم لتلقي هذه المزايا - بمن فيهم الأفراد الذين يحصلون على المساعدات المعروفة بـ "الدعم الشامل" Universal Credit [معونة تمنح شهرياً لأصحاب الدخل المنخفض أو للعاطلين عن العمل لمساعدتهم في تحمل تكاليف معيشتهم] و"ائتمان المعاشات التقاعدية" Pension Credit [إعانة للأشخاص الذين تجاوزوا سن التقاعد من ذوي الدخل المنخفض] و"الائتمانات الضريبية" Tax Credits [مدفوعات حكومية للأهالي والأشخاص ذوي الدخل المنخفض والأشخاص ذوي الإعاقة] - ستبدأ في الربيع المقبل، وستدخل مباشرة في الحسابات المصرفية للأشخاص على ثلاث دفعات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وسيتم سداد الدفعة الأولى ومقدارها 301 جنيه استرليني (364 دولاراً) في ربيع السنة 2023، والدفعة الثانية بقيمة 300 جنيه استرليني (363 دولاراً) في خريف السنة 2023. أما الثالثة البالغة 299 جنيهاً استرلينياً (362 دولاراً) فلن تدفع حتى ربيع السنة 2024.
كما سيتم صرف مبلغ منفصل بقيمة 150 جنيهاً استرلينياً (181.50 دولاراً) في فصل الصيف لأكثر من ستة ملايين شخص من ذوي الإعاقة، و300 جنيه استرليني (363 دولاراً) في الشتاء المقبل، لأكثر من ثمانية ملايين متقاعد، إضافة إلى مدفوعات الوقود في فصل الشتاء.
إلا أن سايمون فرانسيس منسق "تحالف القضاء على فقر الوقود" End Fuel Poverty Coalition [ائتلاف ناشطين وجمعيات يسعى إلى أن يكون لكل فرد الحق في منزل دافئ ويمكنه تحمل تكاليف التدفئة والطاقة]، رأى أن الأسر التي تواجه صعوبات معيشية ستكون "في وضع أسوأ" مما كانت عليه في العام الماضي، معتبراً أن مبلغ 1350 جنيهاً استرلينياً (1634 دولاراً) الذي سيتم دفعه هذه السنة، هو أقل من الدعم الذي كان متاحاً العام الماضي حتى شهر أبريل (نيسان)، وكانت قيمته 1500 جنيه استرليني (1815 دولاراً).
وأشار إلى أنه "على رغم زيادة فواتير الطاقة بنسبة 20 في المئة اعتباراً من شهر أبريل (نيسان) 2023، فإن الدعم الذي أعلنته الحكومة للفئات الأكثر ضعفاً لم يزد عن العام الماضي".
وأضاف الناشط، "ستكون الأسر في الواقع - مع قرب انتهاء العمل بمخطط دعم فواتير الطاقة - في وضع أسوأ مما كانت عليه هذا الشتاء". وتوقع أيضاً أن يرتفع متوسط فواتير الأسرة من 2500 جنيه استرليني (3025 دولاراً) إلى ثلاثة آلاف جنيه استرليني (3360 دولاراً) اعتباراً من مطلع شهر أبريل (نيسان)، عندما ينتهي العمل بمخطط دعم فواتير الطاقة الذي تحصل بموجبه جميع الأسر في المملكة المتحدة على 400 جنيه استرليني (484 دولاراً).
يشار إلى أن بحثاً استقصائياً أجرته مؤسسة "يوغوف" YouGov للأبحاث واستطلاعات الرأي - بطلب من حملة "تأمين الدفء هذا الشتاء" Warm This Winter [تقوم بها منظمات مكافحة الفقر والمنظمات البيئية لحض الحكومة على مساعدة الأفراد الذين يعانون من ارتفاع تكاليف الوقود هذا الشتاء] - أظهر أن 18 في المئة من السكان (قرابة تسعة ملايين شخص بالغ) كانوا يعيشون في منازل باردة ورطبة في شهر ديسمبر (كانون الأول).
وقال منسق "تحالف القضاء على فقر الوقود"، "رأينا هذا الشتاء أكثر من تسعة ملايين بالغ يعيشون في ظروف ’ديكنزية‘ [أوضاع يطغى الفقر والجوع والبؤس كتلك التي تحدث عنها المؤلف الإنجليزي تشارلز ديكنز في كتبه] في منازل رطبة باردة. من هنا، يتعين على الحكومة أن تذهب إلى ما هو أبعد من ذلك لمساعدة ملايين المنازل على مواجهة فقر الوقود طوال عام 2023".
وكانت الحكومة البريطانية قد كشفت سابقاً عن الجولة التالية من الدعم للأسر في بيان الخريف الذي كان قد أصدره وزير الخزانة جيريمي هانت، بناء على المدفوعات التي تم تقديمها لأكثر من ثمانية ملايين شخص في عام 2022.
وزير العمل والرواتب التقاعدية ميل سترايد قال، "نؤكد التزامنا وعد الحكومة حماية الفئات الأكثر ضعفاً، وستؤمن هذه المدفوعات التي تبلغ قيمتها مئات الجنيهات، دعماً حيوياً في السنة الجديدة لذوي الدخل المنخفض".
واعترف الوزير هانت بأن الأوقات لا تزال "صعبة" بالنسبة إلى الأسر، التي تجد مصاعب في التعامل مع التضخم، لكنه ألقى مرة أخرى باللائمة على ما سماها "ارتدادات" جائحة "كوفيد"، وحرب [الرئيس الروسي فلاديمير] بوتين في أوكرانيا.
وقال، "تضاف هذه المدفوعات إلى الزيادات التي أقرتها الحكومة لتجاوز معدلات التضخم في ما يتعلق بالمخصصات الهادفة لدعم الأفراد في سن العمل، وضمان استقرار أسعار الطاقة، التي حمت ملايين الأفراد من ارتفاعات إضافية في الأسعار العالمية للغاز".
وأوضحت الحكومة البريطانية أن مدفوعات السنة الجديدة لمستحقيها ستكون تلقائية بشكل عام، لذلك لن تكون هناك حاجة إلى التقدم بطلبها. ونبهت الناس إلى وجوب توخي الحذر، من الرسائل المزيفة التي يبعث بها مخادعون في ما يتعلق بتكاليف المعيشة، في محاولة لحملهم على الإفصاح عن معلوماتهم الشخصية.
وكانت حزمة الدعم في بريطانيا لعام 2022 قد تضمنت مبلغاً مقداره 650 جنيهاً استرلينياً (783 دولاراً) لمواجهة ارتفاع كلفة المعيشة للأفراد الذين تم اختبار أهليتهم في المطالبة بتلقي المزايا، وجرى تقسيمها على دفعتين، إضافة إلى المدفوعات للأشخاص ذوي الإعاقة والمتقاعدين. وسيستمر العمل بخفض فاتورة الطاقة بنحو 400 جنيه استرليني (484 دولاراً) لجميع الأسر حتى شهر مارس (آذار) المقبل.
إلا أنه في غضون ذلك، حذر ناشطون من أن إلزامية استخدام عدادات الدفع المسبق للطاقة، تلحق الضرر بعدد من عملاء العدادات الذكية، مشيرين إلى البيانات الجديدة الصادرة في هذا الإطار، بموجب قواعد "حرية الحصول على المعلومات" Freedom of Information.
وتبين الأرقام الأخيرة أن شركات الطاقة استحصلت على نحو 500 ألف أمر قضائي بتركيب عدادات الدفع المسبق، في منازل عملاء متعثرين في ديونهم لها، منذ نهاية إغلاق "كوفيد".
وتكشف أرقام حديثة تمكن "مكتب الصحافة الاستقصائية"Bureau of Investigative Journalism (TBIJ) من الحصول عليها، وتمت مشاركتها مع "تحالف القضاء على فقر الوقود"، عن أنه في 64.4 في المئة من الحالات، تم تغيير العدادات الذكية إلى وضعية الدفع المسبق الإلزامي، لأن العملاء كانوا مدينين للشركة التي تزود مساكنهم بالطاقة.
واعتبر أخيراً سايمون فرانسيس أن هذه الأرقام "تكشف إلى أي مدى يجبر المزودون عديمو الضمير الناس على دفع تعرفات أكثر كلفة، من خلال التحكم بعداداتهم الذكية من بعد، وتحويلها إلى وضعية الدفع المسبق".
© The Independent