على رغم موجة الخسائر التي ضربت #الاقتصاد_الصيني خلال الفترة الماضية، فإن البيانات تشير إلى أن المدخرين تمكنوا من زيادة أرصدتهم في #البنوك إلى نحو 2.6 تريليون دولار. وكان من المتوقع أن يتم إنفاق جزء كبير من هذه الأرصدة خلال العام الماضي، لكن سياسة "صفر كوفيد" حالت دون ذلك.
في الوقت الحالي وبعد عودة الحياة إلى طبيعتها، فإن الآمال كبيرة في أن يقضي المستهلكون ثأراً، ما يوفر دفعة تشتد الحاجة إليها لثاني أكبر اقتصاد في العالم، التي سيكون تأثيرها محسوساً في مختلف أنحاء العالم.
وتشير البيانات إلى أن مدخرات الأسر في البنوك قفزت إلى مستوى قياسي بلغ 17.84 تريليون يوان (2.6 تريليون دولار) في عام 2022، بزيادة بلغت نسبتها 80 في المئة عن عام 2021، وفقاً لبنك الشعب الصيني. وهذا يمثل أكثر من ثلث إجمالي دخل الأسر في الصين، وقبل ظهور الوباء، وفرت الأسر الصينية حوالى خمس دخلها.
أرقام ضخمة للإنفاق خلال أسبوع
ومع رفع ضوابط الوباء، بدا أن المتسوقين الصينيين يتمتعون بحرية الإنفاق، وازدهرت حجوزات الفنادق وتذاكر السينما ومبيعات المطاعم خلال موسم العطلات الأخير. وقال جيان شي كروستي مدير الاستثمار في "جام إنفستمنتس"، وهي شركة عالمية لإدارة الأصول مقرها زيورخ، إن إيقاظ المستهلك الصيني من جديد سيكون "قصة مثيرة" للمستثمرين العالميين في عام 2023. وأضاف أن "المستهلكين الصينيين يعيدون فتح أبوابهم الآن بميزانيات أسرية قوية"، وأن الشركات الصينية المعرضة للإنفاق التقديري والعلامات التجارية الفاخرة العالمية ستستفيد بشكل كبير من هذا الاتجاه.
ووفق بيانات حديثة لوزارة الثقافة والسياحة في الصين، فقد أنفق أكثر من 300 مليون مسافر إجمالي 56 مليار دولار خلال عطلة رأس السنة القمرية الجديدة التي استمرت سبعة أيام حتى 27 يناير (كانون الثاني) الماضي، بزيادة نسبتها 30 في المئة عن أرقام العام الماضي. ووفقاً لإدارة الضرائب الحكومية، كانت المبيعات من الشركات التي تواجه المستهلك أعلى بنسبة 12 في المئة من مستويات ما قبل الوباء عام 2019.
كما ارتفعت حجوزات الفنادق بأكثر من 10 أضعاف في بعض أكثر مناطق الجذب السياحي شهرة مثل مدينتي "تشيان" و"لو يانغ"، وفقاً لوكالة السفر عبر الإنترنت "تونغ شينغ". أيضاً، كان متحف "تشيان تيراكوتا أرمي" مزدحماً للغاية لدرجة أن الزوار اشتكوا على وسائل التواصل الاجتماعي من أنهم لا يرون سوى رؤوس أشخاص آخرين بدلاً من التماثيل.
وسجلت المطاعم مبيعات أعلى مما كانت عليه قبل الوباء ولم تكن مستعدة للطلب المتزايد، وفقاً لمسح وطني نشرته جمعية المطبخ الصيني، الأسبوع الماضي. وقال أكثر من ثلث المشاركين في الاستطلاع إنهم يعانون من نقص "شديد" في الموظفين خلال العطلة.
وقد ارتفعت إيرادات شباك التذاكر في الصين إلى أكثر من 1.5 مليار دولار خلال الشهر الماضي، وهو أفضل شهر يناير على الإطلاق، وفقاً لإدارة الصين للأفلام. ويرجع الفضل في ذلك أساساً إلى أسبوع الإجازة غير العادي حيث قام رواد السينما بـ129 مليون زيارة إلى دور السينما.
نمو كبير بمؤشر مديري المشتريات في يناير
وأدى الانتعاش في الاستهلاك إلى رفع الاقتصاد الصيني بالفعل، وخلال الأسبوع الماضي، توسع مؤشر مديري مشتريات الخدمات العالمية الذي يتتبع النشاط في قطاع الخدمات، في يناير للمرة الأولى منذ خمسة أشهر. ويرجع ذلك أساساً إلى عودة الإنفاق على السفر والإنفاق الاستهلاكي.
ويعكس المؤشر، الذي يغطي بشكل أساس الشركات الصغيرة الخاصة، نتائج مسح حكومي سابق لمؤشر مديري المشتريات. وقال محللون، إن البيانات أضافت دليلاً على انتعاش سريع في النشاط الاقتصادي، وقد غذى الازدهار ثقة الأعمال. وقالت الشركة المسؤولة عن إصدار المؤشر، إنه بعد رؤية مبيعات قياسية في عديد من المتاجر، افتتحت "يابوكسيابو" وهي واحدة من أكبر سلاسل الأواني الساخنة في الصين، نحو 34 متجراً جديداً، الشهر الماضي، في البلاد.
ويأمل عمالقة الرفاهية العالمية في عودة المتسوقين الصينيين، وقالت "أل في أم أتش"، في يناير، إنها "واثقة" و "متفائلة" بأن سوق السلع الفاخرة في الصين سوف تنتعش هذا العام، وقال برنارد أرنو الرئيس التنفيذي للشركة، إن متاجرها في فرنسا مستعدة للترحيب بالمتسوقين الصينيين إذ تم تخفيف مزيد من قيود السفر، في وقت قالت شركة "بربري"، الشهر الماضي، إنها ترى علامات "واعدة للغاية" في الصين.
العقارات تتصدر القطاعات الأشد ركوداً
ومع ذلك، هناك تخلف واحد واضح في الاستهلاك، فقد انخفضت مبيعات العقارات من قبل أكبر 100 مطور في الصين بنسبة 32 في المئة خلال شهر يناير الماضي، وفقاً للبيانات التي جمعتها شركة "تشاينا ريل ستيت إنفورميشين"، وهي شركة أبحاث عقارية. وفي أكبر 30 مدينة في البلاد، كانت مبيعات العقارات 60 في المئة فقط من مستوى عام 2022.
وكانت الأسر الصينية مترددة في شراء المنازل لأكثر من عام حيث أدت القيود المفروضة بسبب سياسة "صفر كوفيد"، وانخفاض أسعار المساكن وارتفاع معدلات البطالة، إلى تثبيط المشترين المحتملين، وزادت الاحتجاجات على الرهن العقاري التي اندلعت في عشرات المدن، العام الماضي، من ثقة المشترين.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعلى رغم سلسلة إجراءات التحفيز التي أعلنتها الحكومة الصينية، لم يظهر التراجع أي علامة على التحسن، وبحلول ديسمبر (كانون الأول) الماضي، انخفضت أسعار المساكن الجديدة 16 شهراً على التوالي، وفقاً لأحدث الإحصاءات الحكومية. وقال محللون إن العقارات تمثل 70 في المئة من ثروة الأسرة في الصين وإن "الإنفاق على الانتقام" سيكون محدوداً.
وقال ريموند يونغ كبير الاقتصاديين في "إي أن زد ريسيش" "تظل صناعة العقارات أكبر عائق على الاقتصاد الصيني"، مضيفاً أن ارتفاع معدل البطالة بين الشباب وانكماش أسعار الأصول سيحد من انتعاش الاستهلاك في الصين.
إزالة قيود كورونا تفرج عن الطلب المكبوت
وفي مذكرة بحثية حديثة، قال بنك "بي أن بي باريبا" إن "الإنفاق الانتقامي" في الصين سيحدث على رغم أنه سيكون على نطاق أصغر مما هو عليه في الاقتصادات الغربية مثل الولايات المتحدة. وأوضح المحللون أن "إزالة قيود "كوفيد" يجب أن تطلق العنان للطلب المكبوت، نتوقع أن يكون الاستهلاك هو المحرك الأكبر للانتعاش في عام 2023". كما يتوقعون أن ينتعش نمو الاستهلاك المنزلي إلى 9.5 في المئة خلال عام 2023 من حوالى ثلاثة في المئة خلال عام 2022 ما يغذي نمو الناتج المحلي الإجمالي السنوي بأكثر من خمسة في المئة.
ويتوقع محللو "مورغان ستانلي" رؤية بعض "الإنفاق الانتقامي" في الغالب من الأسر ذات الدخل المستقر. وتشمل هذه الأسر موظفين من قطاع التصدير، وهي نقطة مضيئة نادرة في الاقتصاد الصيني خلال سنوات الوباء، وأصحاب الأعمال الذين لديهم أرباح ثابتة أو أولئك الذين يعيشون على مدفوعات من ممتلكات الأصول. وقال المحللون "نشهد انتعاشاً صغيراً في وقت مبكر في الربع الأول من عام 2023"، مضيفين أن الانتعاش في الاستهلاك يمكن أن ينتعش في النصف الثاني من هذا العام، لكنه سيظل أقل من مستوى ما قبل "كوفيد"، كما أنهم يتوقعون أن يرتفع نمو استهلاك الأسر إلى 8.5 في المئة خلال عام 2023 ما يسهم في النمو الاقتصادي للعام بأكمله بنسبة 5.7 في المئة.