Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سد النهضة... ماذا في جعبة القاهرة بعد التدويل والتهديد؟

أديس أبابا تقرأ بيان الجامعة العربية كـ"محاولة لتسييس الملف" ومراقبون: تصريحات الخارجية المصرية للاستهلاك المحلي 

قال وزير الخارجية المصري إن بلاده ستدافع عن مصالح شعبها وستتخذ الإجراءات التي تحفظ حقوقها المائية (مواقع التواصل)

ملخص

اتهمت إثيوبيا القاهرة بالتسبب في تأخير المفاوضات الثلاثية حول #سد_النهضة نتيجة التمسك بالحصص المائية فضلاً عما سمته بمحاولات #تدويل_الملف 

أعربت وزارة الخارجية الإثيوبية عن أسفها لقرارات جامعة الدول العربية، وبياناتها الصادرة في ختام مجلس الجامعة على مستوى وزراء الخارجية في القاهرة، في شأن ملف سد النهضة الإثيوبي.

وقالت الوزارة في بيان لها "لا ينبغي علينا تذكير جامعة الدول العربية أن نهر النيل وجميع البلدان المشاطئة توجد في أفريقيا، وتعمل الجامعة مرة أخرى كمتحدث باسم دولة واحدة، متجاهلة المبادئ الأساسية للقانون الدولي. مثل هذه المحاولات لتسييس قضية سد النهضة لا تعزز العلاقات الودية، ولا تدعم الجهود للتوصل إلى حلول ودية، لأنها لا تستند إلى حقائق أو يدعمها القانون".

واعتبرت أديس أبابا أن "توصيف الجامعة العربية للمفاوضات بين دولتي المصب وإثيوبيا غير دقيق تماماً"، مضيفة "أن الاتحاد الأفريقي يقوم بتسهيل المفاوضات الثلاثية لحل القضايا العالقة المتبقية"، ومؤكدة أنها متمسكة "بحل القضايا الأفريقية في الإطار الأفريقي". 

كما اتهم البيان الإثيوبي، القاهرة "بالتسبب في تأخير المفاوضات الثلاثية نتيجة التمسك بالحصص المائية"، فضلاً عما سمته "بمحاولات تدويل الملف". 

من جهتها ردت القاهرة عبر وزيرها للخارجية سامح شكري، الذي أبدى أسفه "لعدم اضطلاع إثيوبيا بمسؤوليتها للتوصل إلى اتفاق فني ملزم حول السد"، مؤكداً أن أديس أبابا "تتخذ إجراءات أحادية لا تراعي حقوق دول المصب"، وأن بلاده ستدافع عن مصالح شعبها، وستتخذ الإجراءات التي تحفظ حقوقها المائية.

يأتي ذلك في الوقت الذي تستعد أديس أبابا للملء الرابع لخزان السد في يونيو (حزيران) المقبل، فيما تتمسك القاهرة والخرطوم بالتوصل أولاً إلى اتفاق ثلاثي حول الملء والتشغيل لضمان استمرار تدفق حصتيهما السنوية من مياه نهر النيل، بينما ترفض أديس أبابا هذا الشرط.

موقف الجامعة العربية 

كان الجدل تجدد بين العواصم الثلاث على إثر اجتماع الدورة 159 لمجلس جامعة الدول العربية، على مستوى وزراء الخارجية العرب (الجمعة 10 مارس) بالقاهرة، واعتماده قراراً في شأن سد النهضة، حيث تم الاتفاق على وضع ملف السد كبند دائم على جميع جدول أعمال مجلس جامعة الدول العربية، سواء على مستوى المندوبين أو وزراء الخارجية أو القمم العربية المقبلة، باعتبار أن الأزمة تعني "حياة شعبي مصر والسودان".

وطالب البيان الختامي للاجتماع إثيوبيا بضرورة "التوصل إلى اتفاق ملزم مع دولتي المصب بخصوص الترتيبات الفنية لتشغيل وإدارة السد". 

وقال وزير الخارجية المصري، خلال مؤتمر صحافي جمعه مع الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، بعد اجتماع وزراء الخارجية العرب بالقاهرة، إن "هناك توافقاً وتأكيداً عربياً حول ملف سد النهضة، ومصر حريصة دائماً على طرح القضية على جميع الدول العربية. وكان من الأهمية إظهار موقف داعم من الجامعة تجاه دولتي المصب للوصول إلى اتفاق قانوني ملزم يحكم ملء وتشغيل سد النهضة". وهو الأمر الذي أثار أديس أبابا ودفعها إلى مطالبة الجامعة بـ"الكف عن التدخل في القضايا التي تحتاج إلى حلول أفريقية" في إشارة إلى الجهود التي يقودها الاتحاد الأفريقي. 

عودة القاهرة 

الكاتب الصحافي المصري أيمن السيسي يقرأ موقف الجامعة العربية الأخير بإدراج ملف السد كبند ثابت في اجتماعات الجامعة على أنه يعد بمثابة "تأكيد حق لدولتين عضوتين في الجامعة العربية"، ويرى أن بيان الخارجية الإثيوبية وانتقاده لموقف الجامعة أمر يثير الغرابة، مؤكداً أن "من مسؤولية الجامعة كمنظمة دولية الدفاع عن حقوق أعضائها عندما يتعرضون لمخاطر تهدد مصير شعوبهم".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يفند السيسي تحجج أديس أبابا بمبادئ القانون الدولي، مشيراً إلى أن إثيوبيا، باتخاذها قرارات أحادية في شأن نهر عابر للدول من دون الاتفاق مع دولتي المصب، قد تجاوزت فعلياً مبادئ القانون الدولي والقوانين المنظمة للأنهار، بالتالي فإن البيان الإثيوبي يعد بمثابة "هرب من الالتزامات التي يفرضها القانون الدولي نفسه". 

ويلاحظ السيسي أن "أديس أبابا التي تعاني أزمات داخلية ونزاعات مسلحة تحاول اختلاق أزمات خارجية من خلال رفض التفاوض مع كل من الخرطوم والقاهرة حول إدارة وتشغيل السد"، مثمناً رد الخارجية المصرية على البيان الإثيوبي، الذي تضمن "عودة القاهرة إلى المواقف المبدئية في شأن السد، والمتعلقة بحقها في الدفاع عن مصالح شعبها، بعد فشل كل المحاولات الدبلوماسية الخاصة بالتفاوض حول الإجراءات الفنية". ومؤكداً "رسالة القاهرة وصلت إلى المعنيين في أديس أبابا بأن المضي قدماً في الإجراءات الأحادية سيكبد إثيوبيا أثماناً باهظة".

مواقف العرب غير متجانسة 

من جهته يرى المحلل السياسي الإثيوبي عبدالشكور عبدالصمد أن قرارات مجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية الأخير، تعبر عن مواقف الدولة المصرية وليس سياسات الدول العربية عموماً، مؤكداً "كثير من الدول الأعضاء بالجامعة يرتبط بعلاقات تاريخية وسياسية واقتصادية مع إثيوبيا، وبعض الدول العربية مساهمة ومستثمرة في تشييد السد، بالتالي لا يمكن بأية حال اعتبار بيان الجامعة الأخير تعبيراً دقيقاً عن مواقف كل الدول الأعضاء، بل هو جزء من حملة العلاقات العامة التي تقوم بها القاهرة لتدويل الملف". 

ويضيف عبدالصمد لـ"اندبندنت عربية"، "هناك محاولات متكررة قادتها القاهرة، سواء في الجامعة العربية، أو مجلس الأمن الدولي، أو الولايات المتحدة الأميركية، بغرض التأثير في الموقف الإثيوبي، لكنها لم تنجح في ثنيها عن المضي قدماً في مشروعها القومي ذلك، لأن الموقف المبدئي لإثيوبيا قائم على مبدأ حل القضايا الأفريقية في الإطار الأفريقي". 

وأوضح "أن موقف الجامعة العربية لا يسهم أبداً في إيجاد حلول لتعقيدات ملف السد، ولا في بناء الثقة المطلوبة بين الدول الثلاث". 

يميز عبدالصمد بين الموقفين المصري والسوداني إزاء المسألة، مشيراً إلى "أن الخرطوم لم تصدر بيانات أو تعلن مواقف في هذا الاتجاه، وأن أديس أبابا أطلعت الخرطوم على جميع المعطيات والمعلومات في شأن ترتيبات الملء الرابع". 

ويضيف "هناك إذاً تفاهم سوداني واضح في هذا الاتجاه، لا سيما بعد اللقاء الذي جمع رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد برئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني عبدالفتاح البرهان، في نيروبي على هامش قمة دول (الإيغاد)، ثم زيارة أحمد للخرطوم حيث تم التوصل إلى توافقات مهمة أعلنت في بيانات مشتركة، وأهمها ضرورة حل القضايا العالقة عبر التفاوض، على أن تكون مبادرة الاتحاد الأفريقي هي المرجع الوحيدة لذلك، بالتالي فإن أديس أبابا تعول كثيراً على التفاهم السوداني".

احتكار الحلول

بدوره يرى جوزيف رامز أمين أستاذ الدراسات الأفريقية بمعهد الدراسات القبطية في مصر أن "المحاججة الإثيوبية بضرورة حل القضية أفريقياً تتناقض مع حقيقة أن نصف الدول العربية تقع في قارة أفريقيا (11 دولة) وأعضاء في الاتحاد الأفريقي من دون أن ينفي ذلك عروبتها أو عضويتها في الجامعة العربية". 

يؤكد رامز أن "الجامعة العربية معنية بحقوق أعضائها، والمواقف الإثيوبية ليست ناتجة من الحرص على أفريقية الحلول، بقدر ما هي محاولة للاستفادة من وجود مقر الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا، مما يسمح لها بممارسة مزيد من الضغوط من أجل تكريس رؤيتها ومصالحها، وهو ما يتناقض مع مبادئ استضافة مقار المنظمات الدولية". 

يذكر رامز مواقف بلاده تجاه استضافة إثيوبيا لمقر الاتحاد الأفريقي، إذ يشير إلى دعم مصر، أثناء عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، لمقترح استضافة أديس أبابا لمقر منظمة الوحدة الأفريقية، كما دعمت القاهرة بقاء المقر في إثيوبيا بعد التحول الذي طرأ على المنظمة عام 2002 عندما تمت إعادة هيكلتها تحت مسمى الاتحاد الأفريقي، باقتراح من ليبيا التي كانت تطالب باستضافة المقر.

ويؤكد رامز أن "المحاولات الإثيوبية تهدف إلى احتكار الإجراءات الخاصة بملء السد، وكذلك احتكار جهة الحلول". 

بيانات للاستهلاك المحلي 

من جهة أخرى يقرأ المحلل السياسي الإثيوبي عبدالشكور عبدالصمد رد الخارجية المصرية الأخير على البيان الإثيوبي، على أنه "يحمل في ظاهره التهديد، لكنه معد للاستهلاك المحلي، وليس موقفاً جدياً يهدف إلى اتخاذ إجراءات عسكرية كما يمكن أن يفهم من الوهلة الأولى"، متسائلاً "ما الإجراءات التي تهدد القاهرة باتخاذها الآن بعد أن استنفذت كل محاولات التدويل والضغط؟". 

ويضيف "لقد عهدنا هذا الأمر، سواء من قبل الرسميين أو وسائل الإعلام وبعض الأكاديميين، الذين يشيرون دوماً إلى إمكانية اتخاذ إجراءات تستهدف السد، لكن هذا في تصوري غير عملي، ولا أعتقد أن القاهرة قد تتحمل نتائجه الكارثية"، مؤكداً "هي بيانات تسعى إلى تحقيق هدفين، الأول ممارسة مزيد من الضغط على أديس أبابا، والثاني طمأنة الرأي العام المحلي". 

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير