Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

دروس الغزو الأميركي للعراق: أبعد من الأخطاء الاستراتيجية

جدل بين مدرستين: واحدة تضع الحرب في إطار "الضرورة" وأخرى تراها "خياراً"

أحدث كتاب عن الحرب هو "مجابهة صدام حسين" للمؤرخ والدبلوماسي ميلفين لفلر الذي يقلل من دور المحافظين الجدد ويركز على أدوار جورج بوش الابن وديك تشيني ودونالد رامسفيلد (رويترز)

ملخص

#أميركا أرادت تفتيت #الشرق_الأوسط وتشجيع #الحروب_الأهلية والصراعات والسياسات الطائفية والمذهبية

"التاريخ للحروب، وليس للسلام تاريخ" يقول هيغل، لكن أحلام الفيلسوف الألماني التي عززتها انتصارات نابليون بونابرت هزتها هزائم الإمبراطور الفرنسي، والتاريخ ليس مجرد وقائع على مسرح الواقع وروايات في كواليس السياسة، هو "الحكم الأخير" بحسب هيغل، والغزو الأميركي للعراق لا يزال محل جدل في أميركا والعالم بعد مرور 20 عاماً على الحرب، جدل بين مدرستين: واحدة تضع الحرب في إطار "حرب ضرورة"، وأخرى تراها "حرب خيار"، وفي الحالتين تسجيل أخطاء من دون تجاهل دروس، وقراءات تتجاوز الأسباب التي قادت إلى الحرب والنتائج التي انتهت إليها، وسط التسليم بأن النتائج لا تزال متحركة إلى ما لا نهاية، والأسئلة لا تزال أجوبتها ناقصة، هل كان محرك الذهاب إلى الحرب كره الرئيس جورج بوش الابن للرئيس صدام حسين وثقته بأن في العراق أسلحة دمار شامل تشكل خطراً على الأمن القومي الأميركي ولا بد من نزعها؟ هل كان الدور المهم في قرار الحرب للمحافظين الجدد وأحلامهم حول "ديمقراطية" العراق و"إعادة تشكيل الشرق الأوسط"؟ وهل كان الدافع هو مصلحة اللوبي الصهيوني في خدمة إسرائيل أو الطمع الأميركي بالنفط العراقي أو التأثر بالنظريات التآمرية؟

أصحاب المدرسة الأولى يقولون، إن الحرب صارت ضرورة بعد تفجيرات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 في نيويورك وواشنطن وغزو أفغانستان لتدمير "القاعدة". فالفرصة مفتوحة لتغيير الشرق الأوسط والبحث عن أهداف لاستعمال القوة الأميركية الهائلة، لكنهم يعترفون بأن إدارة الحرب وما بعدها شهدت سلسلة من القرارات الخاطئة: الجهل بالتركيبة العراقية، حل الجيش، العجز عن ضمان الاستقرار بسبب النشر لعدد قليل من الجنود الأميركيين، وفتح الطريق أمام إيران لزيادة نفوذها، وأصحاب المدرسة الثانية يرون أن الحسابات الاستراتيجية كانت مبنية على خطأ في التقدير منذ البدء، صدام حسين لم يكن يملك أسلحة دمار شامل لأنه دمرها من قبل، وإن عثر الجنود على بقايا هي خمسة آلاف من الرؤوس والقنابل الكيماوية، صدام رفض دعم "القاعدة" التي أعطاها الغزو فرصة للنمو ومحاربة الجنود الأميركيين ثم لولادة "داعش" من صلبها، وضع الديمقراطية بالقوة في الشرق الأوسط هو أحلام سوريالية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أحدث كتاب عن الحرب هو "مجابهة صدام حسين" للمؤرخ والدبلوماسي ميلفين لفلر، المؤلف يقلل من دور المحافظين الجدد ويركز على أدوار الرئيس جورج بوش الابن ونائبه ديك تشيني ووزير دفاعه دونالد رامسفيلد، وهم "محافظون وطنيون" لا جدد، ويروي أن بوش رفض طلب بول وولفويتز، في بدايات عام 2001، نشر قوات أميركية وضرب صدام. والحرب، في رأيه، كانت "تراجيديا" بدأت بخطأ هو قرار الحرب الذي اتخذه بوش، وتعمقت بخطأ آخر هو قرار الرئيس باراك أوباما بالانسحاب الشامل والسريع من العراق بحجة الخلاف مع رئيس الوزراء نوري المالكي على الاتفاق الاستراتيجي، لا بل إنه سجل لأوباما خطأين: أولهما الانسحاب من العراق، وثانيهما التراجع عن التدخل في سوريا بعد أن استخدم رئيس النظام بشار الأسد السلاح الكيماوي في ريف دمشق.

البروفسور هال براندز أستاذ القضايا الكونية في مدرسة الدراسات الدولية المتقدمة في جامعة "جونز هوبكينز" راجع الكتاب ورأى عدداً من "الدروس الصحيحة والخاطئة" التي تعلمتها واشنطن من غزو العراق. الدروس الخاطئة صارت مكتوبة على الجدار، ومن الدروس الصحيحة "أن الاستراتيجية الأميركية هي عمل توازن بين ما لا يمكن الوصول إليه وما يمكن الوصول إلى أبعد منه"، ومنها أيضاً "تعلم أهمية تصحيح الأخطاء، وكون أخطاء القوى العظمى مهما تكن كبيرة، فإنها ليست قاتلة"، والدرس الأبعد مدى هو أنه "لا ضمان حتى في التاريخ الجيد لأن تأخذ واشنطن قرارات الأمن الاستراتيجي بشكل صحيح، لكن المؤكد في التاريخ السيئ ازدياد التوجه لأخذ قرارات خاطئة".

ومع أن القراءات في الشرق الأوسط موحدة حول أخطاء أميركا في الغزو وبعده، فإن هناك قراءة خلاصتها أن واشنطن كانت ناجحة. لماذا؟ لأن رؤية الأخطاء تنطلق من تصديق خطاب أميركا عن "ضرب الاستبداد ونشر الديمقراطية" وراء الغزو، أما رؤية النجاح، فإنها تنطلق من العكس: أميركا أرادت تفتيت الشرق الأوسط وتشجيع الحروب الأهلية والصراعات والسياسات الطائفية والمذهبية، وهذا هو الواقع اليوم في أماكن عدة من المنطقة المضروبة بالصراع على النفوذ على المسرح العربي بين ثلاث قوى إقليمية.

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل