Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تقف السياسة وراء تأجيل العراق تعداد سكانه للعام المقبل؟

"تأخير إقرار الموازنة كان سبباً في تغيير الموعد"

أجرى العراق آخر تعداد سكاني باشتراك جميع المحافظات عام 1987 (رويترز)

ملخص

أجرى العراق آخر تعداد سكاني باشتراك جميع المحافظات عام 1987

غيبت الظروف التي عاشها العراق خلال العقود الأخيرة إجراء التعداد السكاني، وسط قفزة سكانية تشهدها البلاد سنة بعد أخرى تسببت بأزمات كبيرة أبرزها ملف السكن، إلا أن غياب التعداد السكاني والتأجيل المتكرر يثيران علامات استفهام غريبة.

أسباب التأجيل

وكشف وكيل وزارة التخطيط العراقية ماهر حماد جوهان عن إرجاء وزارة التخطيط إجراء التعداد العام للسكان إلى العام المقبل عازياً أسباب التأجيل  إلى ضيق الوقت، وقال وكيل الوزارة في تصريح صحافي إن "الوزارة لا تستطيع إجراء التعداد العام في الوقت المحدد نهاية العام الحالي 2023"، مشيراً إلى أن "تأخير إقرار الموازنة كان سبباً في تغيير الموعد"، وأضاف أن "الوزارة وضعت موعداً جديداً من المؤمل أن تطلق فيه عمليات التعداد، وهو أكتوبر (تشرين الأول) من العام المقبل 2024 بعد إتمام الاستعدادات الفنية له"، لافتاً إلى أن "أعداد السكان بحسب إحصاءات أولية للوزارة وصلت إلى 43 مليون نسمة"، وأوضح أن "الإجراءات التي تسبق التعداد تستغرق أشهراً عدة وبمشاركة الملاكات التربوية والتعليمية"، مبيناً أن "انتهاء الاستعدادات سيكون مع بدء العام الدراسي وبذلك يستحيل تفريغهم للمشاركة في عملية التعداد".

وأجرى العراق آخر تعداد سكاني عام 1987 باشتراك جميع المحافظات، فضلاً عن الإحصاء عام 1997 الذي تم باستثناء محافظات إقليم كردستان.

إلى ذلك، قال المتحدث باسم وزارة التخطيط العراقية عبد الزهرة الهنداوي "تقرر تأجيل التعداد العام للسكان بسبب تأخر إقرار الموازنة وانتهاء نصف السنة الحالية من دون إقرارها، لا سيما أننا نحتاج إلى تخصيصات مالية لتغطية عملية التعداد السكاني"، وأضاف في تصريح صحافي "هناك بنى تحتية ومتطلبات تحتاج إلى مدى زمني، لذا في ضوء عدم إقرار الموازنة، صار من غير الممكن استكمال كل هذه المتطلبات في غضون الأشهر الستة المتبقية من العام الحالي"، وتابع "عملية التعداد العام للسكان تحتاج إلى توفير أجهزة لوحية وتصنيعها واستيرادها من الخارج، وكذلك تدريب العدادين لمدة شهرين، فضلاً عن إجراء عمليات الحصر والترقيم التي تحتاج إلى أكثر من شهرين، وأيضاً إجراء التعداد التجريبي وغيرها من التفاصيل الكثيرة التي تحتاج إلى مدة زمنية"، مؤكداً أنه "لم يعد هناك متسع من الوقت يكفي لإنجاز كل هذه المتطلبات، لذلك تم تأجيل هذه العملية إلى العام المقبل بشكل اضطراري"، وتوقع أن يصل التعداد إلى 43 مليون نسمة بنهاية العام الحالي 2023، موزعين بواقع 50.5 في المئة للذكور و49.5 في المئة للنساء.

أسباب سياسية

وفي السياق، قال الباحث السياسي علي البيدر إن تأجيل التعداد السكاني في البلاد أكثر من مرة يعود لأسباب سياسية "وإلا كيف لبلد لديه موازنة سنوية تفوق 100 مليار دولار يتعذر عليه إجراء خطوة دستورية ديمقراطية كهذه"، وبيّن أن آخر تعداد قام به العراق كان قبل 26 عاماً ومنذ ذلك الحين تعتمد مؤسسات الدولة على أرقام تخمينية وإحصاءات قد لا تكون واقعية ومرتبطة مثلاً بعدد الموظفين أو الذين يحصلون على حصة من مفردات البطاقة التموينية أو الطلاب في المدرسة، ولفت إلى أن هذه النقطة تمثل باباً من أبواب الفساد الذي من خلاله تتربع بعض الأطراف السياسية عبر استثمار موارد الدولة استناداً إلى أرقام ليس لها وجود في الواقع، مشدداً على أنه لا يمكن المضي بأي قانون في العراق من دون وجود توافق بين الكتل والأحزاب الرئيسة وممثلي المكونات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

توافق سياسي؟

من جهته، اعتبر الباحث الاقتصادي والسياسي صالح لفتة أن هذا التأجيل تقف وراءه أسباب سياسية "وجاء إما بتوافق على التأجيل أو أن هناك صعوبة في إجراء التعداد العام في الوقت الحالي ويحتاج إلى وقت للتباحث والتشاور حول إجرائه"، وتابع أن الحكومة تضطر إلى التأجيل ومن المحتمل أن تكون هناك أسباب فنية "فليست الخطوة سهلة كما يعتقد بعضهم، خصوصاً في المناطق المتنازع عليها وربما تسبب تشنجاً وأزمة بين سكان تلك المناطق"، وأضاف "على رغم الفائدة العظيمة للتعداد والوقوف على معلومات مهمة تخص السكان، لكن أي أمر ضرره أكثر من نفعه لا فائدة منه"، وزاد أن "الانتظار والتأجيل يأتيان بحلول وتوافقات تحفظ حقوق الجميع وتقرب وجهات النظر وتبعد الشك من النفوس بما فيه مصلحة للعراق ككل".

التعداد والخطط التنموية

وقال الباحث الاقتصادي بسام رعد، من جهته، إن التعداد السكاني يمثل الركيزة الأساسية لرسم الخطط التنموية بمحاورها الثلاثة التي تشمل الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والمكانية، ونوّه إلى أنه في ظل عدم وجود تعداد سكاني لا نستطيع أن نخطط للتنمية ونحن لا نعلم بشكل دقيق عدد السكان وتوزيعهم الجغرافي وتركيباتهم العمرية، وبحسب رعد، فإن التعداد السكاني يمثل قاعدة بيانات سكانية توضح الصورة الديموغرافية للبلد من خلال معرفة خصائص السكان الاقتصادية والاجتماعية والتربوية والصحية، إضافة إلى أنه يؤشر إلى الفجوات في قطاعات السكن والنقل والصحة والتربية، وتابع "بعد عام 2003 جرت محاولات لتنفيذ التعداد السكاني في 2009، لكنها اكتفت بعملية الحصر والترقيم من دون عملية العد، وكان من المؤمل إجراء التعداد السكاني هذا العام، إلا أن وزارة التخطيط أرجأت إجراءه للعام المقبل بسبب تأخر إقرار الموازنة"، وأضاف أن إكمال متطلبات ومستلزمات تنفيذ التعداد مرهونة بالتخصيصات المالية اللازمة ضمن موازنة عام 2023، مشيراً إلى أن فترة التهيئة واستكمال البنية التحتية للتعداد تتطلب ثمانية أشهر، مما يمنع إجراءه هذا العام، وختم أن تأخر إجراء التعداد السكاني سيترك آثاراً سلبية على تنفيذ خطة التنمية الثالثة لعامي 2023-2028.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير