Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"العريس الغائب"... كيف أثرت الحرب على أفراح السوريين؟

تغيرت شروط الزواج وبات الشاب المهاجر فارس أحلام الفتيات

غاب العريس وحل محله الورد الأحمر (اندبندنت عربية)

ملخص

ترغب السوريات اليوم في العريس المهاجر الهارب من التجنيد الإلزامي أملاً في الحصول على الجنسية.

بدموع سخية ودعت السيدة أم جواد ابنتها الصغرى يوم زفافها في حفل حضره جميع الأهل والأصحاب وغاب عنه العريس، مما طبع الفرح الصاخب بلمسة من الحزن والوجع، فالعروس اكتفت بوضع باقة من الورد الأحمر إلى جانبها، فـ"عريس الهنا" حضر بالاسم في صالة الاحتفال، بينما هو في ألمانيا، حيث يقيم، كما هو المعتاد في زيجات مشابهة تحدث من بعد، كثرت في الآونة الأخيرة بعد اندلاع الحرب في سوريا.

زفاف من بعد

قضت "شهد" ليلتها تلك في وداع أهلها، قبل أن ترحل عنهم إلى زوج لم تلتقه قط خلال فترة الخطوبة سوى من طريق الاتصال عبر محادثات الفيديو بتطبيق "واتساب". في تلك الليلة، حزمت حقائبها متأهبة للرحيل فجراً على رحلة إلى برلين، العاصمة الألمانية، عقب انتهائها من إنجاز معاملات تأشيرة السفر لتلتحق بزوجها بعد رحلة شاقة بدأت بمقابلة في السفارة الألمانية لدى العاصمة اللبنانية بيروت، ولطالما دارت أسئلة عن حياتها الجديدة في مخيلتها ومخيلة عائلتها التي تركت لها حرية اتخاذ قرارها على رغم رفضهم بداية فكرة السفر.

تروي والدة العروس عن محاولات متكررة لم تثمر مجيء خطيبها لإتمام مراسم الزواج، لكن الأمر ليس سهلاً لكونه مطلوباً للالتحاق بالخدمة العسكرية. وأردفت "تجربة لا تخلو من المجازفة، لكن ابنتي وطيلة فترة الخطوبة كانت تتحدث مع خطيبها. ورأت تطابقاً في الأفكار بينهما، وعلى هذا الأساس اتخذت قرارها، بعد أن علمنا أنه شاب ذو سمعة حسنة".

مواصفات ومقاسات

في غضون ذلك، يستشعر السوريون كم تبدلت حياتهم وعاداتهم في أعقاب اندلاع الحرب عام 2011، فالصراع الأهلي زاد الشرخ بين العائلات، وقسمها، ودفع الشباب إلى الهجرة، ورمى بهم في شتى أصقاع الأرض.

الباحثة الاجتماعية سوزان سمرا في حديثها لـ"اندبندنت عربية" توضح كيف ولدت الحرب شروطاً ومواصفات جديدة تضاف إلى مواصفات العريس المتعارف عليها منذ 12 عاماً. وتعتقد أن المجتمع السوري وما يواجهه من تداعيات النزاع إلى اليوم يستنزف الفئة الشابة، ولا سيما الذكور الذين فروا هرباً من الالتحاق بالخدمة الإلزامية والاحتياطية بالجيش، وهذا ما سيجعل الواقع أكثر تعقيداً مع الارتباط بفتاة أحلامهم، حيث زادت سنوات الخدمة في الحرب لسبع أو ثماني سنوات، تلاحقهم خلالها المخاطر.

وتضيف "هذا الأمر جعل الفتيات يصرفن النظر عن الشبان المجندين، والبحث عن شبان أتموا الخدمة، أو حتى قد أعفوا من الجيش، ولا سيما الابن الوحيد، وهو مُعفى بحكم القانون من الالتحاق بالقوات المسلحة، وذلك ما خلق خللاً اجتماعياً يبدو ظاهراً بعدد الطالبات الأكثر عدداً من الشبان في الجامعات".

العريس اللقطة

وترى الباحثة الاجتماعية سمرا أنه ولأجل الفرار من الحرب هرب ستة ملايين لاجئ إلى أوروبا معظمهم من الشبان منذ عام 2015، ولعل مجازفتهم بركوب الخطر بدافع تحسين واقعهم الاقتصادي كان أيضاً من أولوياتهم. وقالت "ترغب الفتيات اليوم، ولا سيما بعد فترة التعافي من آثار الحرب، بالعريس المهاجر، والحصول على الجنسية الأجنبية، بالتالي السفر إلى شخص يمتلك فرصة (لم الشمل) القانوني، مع توفير مقومات الحياة الكريمة، في ظل ظروف البلاد المتردية معيشياً".

وتلفت النظر في الوقت ذاته إلى انعكاسات اجتماعية للزواج من بعد، وبحسب رأيها فإنه ليست كل الزيجات من هذا النوع ناجحة، فالحياة الجديدة عبر "لم الشمل" للشاب أو الفتاة على حد سواء قد تنتهي بعدم الرضا بعد اللقاء الحي، إضافة إلى كون هذا الزواج قد حدث لمصلحة السفر والهجرة بطرق شرعية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وثمة كثير من حوادث شهدتها المحاكم الأجنبية عن انفصال بين الطرفين، إضافة إلى انتهاكات ناتجة من لجوء كثير من الأسر الفقيرة إلى تزويج فتياتهم القاصرات، وهذا ما وثقه كثير من المؤسسات الحقوقية في مخيمات النزوح.

يأتي ذلك وسط ارتفاع في المهور وتبدل الأرقام التي ارتفعت لتصل إلى عشرات الملايين من الليرات، حيث انعكس التضخم حتى على المهر، ليس ذلك فحسب، بل تبدل المهر المقبوض أو المؤخر من الليرة عملة البلاد في سوريا إلى الدولار أو اليورو، ولهذا ارتفع المهر ليصل ما يفوق 10 آلاف يورو في حال اقترنت الفتاة بشاب في بلاد المهجر، أو تسجيل المهر وفق الليرة الذهبية.

مع الحب تسقط كل الشروط

في غضون ذلك، تعايش الفتيات السوريات ظاهرة عنوسة تقترب نسبتها من 70 في المئة، بحسب إحصائية لوزارة الشؤون الاجتماعية، ولعل أبرز أسبابها الهجرة والحرب وعزوف الشبان عن الزواج بسبب غلاء المهر وكلفة الزواج وتكوين عائلة والمسكن والعمل.

وهنا ثمة مفارقة تحدث، ففي وقت لا يتوفر فيه لدى الفتاة كثير من الخيارات، يضعن شروطاً للقبول بالزواج، من بينها أن يكون الشاب غنياً أو مغترباً، حيث يتركز الشبان السوريون حديثاً في دول أوروبية، وبنسبة كبيرة بألمانيا والسويد وغيرهما من الدول الاسكندنافية.

الشباب السوريون شقوا طريقهم للعمل في السنوات الماضية، ونسبة عظمى منهم حافظت على الارتباط من "بنات البلد"، بحسب وصف المهاجر السوري وسيم شحادة الذي يعيش في السويد ويبحث عن عروس. يقول "أحاول البحث عبر الإنترنت على بنت الحلال، صحيح أن التفتيش بالغ التعقيد، لكنني متأكد أن الأمر سينجح في النهاية".

في المقابل، تسجل المحاكم الشرعية، وفق معلومات واردة، زيادة حالات الزواج خارج سوريا إلى نسبة تصل للنصف من عدد دعاوى تثبيت الزواج عبر وكالات قانونية، بحيث تستكمل طريقة الزواج بوجود شاهدين ووالدة العروس، وبحضور طيف اجتماعي عبر تطبيق "سكايب".

المزيد من العالم العربي