ملخص
تجري تونس الانتخابات الرئاسية خلال السادس من أكتوبر الجاري وسط مخاوف من عزوف عن المشاركة في ظل الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، التي تشغل بال التونسيين بعيداً من المشهد السياسي المأزوم.
مع بدء فترة الصمت الانتخابي تجد المعارضة في تونس نفسها عالقة بين خيارات أحلاها مر تجاه الانتخابات الرئاسية التي يتنافس فيها ثلاثة مرشحين، هم الرئيس الذي توشك ولايته على الانتهاء قيس سعيد، والأمين العام لحركة "الشعب" زهير المغزاوي، والأمين العام لحركة "عازمون" عياشي زمال.
وبعد فشلها في الدفع بمرشح مشترك وهو حلم راود عديداً من قياداتها وأطيافها، باتت المعارضة في تونس منقسمة أكثر من أي وقت مضى في ما يخص المشاركة بالانتخابات الرئاسية من عدمها، إذ إن هناك أحزاباً وشخصيات سياسية اختارت الدعوة إلى مقاطعة هذا الاستحقاق، فيما تطالب قوى أخرى بمشاركة بكثافة من أجل إيصال أحد المرشحين المنافسين للرئيس سعيد إلى جولة إعادة.
وتجري تونس الانتخابات الرئاسية خلال السادس من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري وسط مخاوف من عزوف عن المشاركة في ظل الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، التي تشغل بال التونسيين بعيداً من المشهد السياسي المأزوم.
انقسام في وجهات النظر
وإلى حدود كتابة هذه الأسطر، تدور سجالات عنيفة في شأن الانتخابات الرئاسية خصوصاً بعد تجريد المحكمة الإدارية من صلاحية مراقبة هذا الاستحقاق وهي التي كانت تملك صلاحيات حاسمة مثل البت في النزاعات الانتخابية.
وأدى رفض هيئة الانتخابات إعادة ثلاثة مرشحين للسباق الرئاسي، على رغم صدور قرار قضائي من المحكمة الإدارية التي ينظر إليها على أنها آخر حصون القضاء المستقلة والتي هي بمنأى عن التجاذبات السياسية، إلى تفاقم الأزمة السياسية في تونس.
وأعلنت عديد من القوى المعارضة رفضها المشاركة في الانتخابات الرئاسية على غرار "جبهة الخلاص" و"حركة النهضة الإسلامية"، فيما تدعو أحزاب أخرى مثل "التيار الديمقراطي" إلى المشاركة في هذا الاستحقاق.
وقال القيادي في حزب "التيار الديمقراطي" المعارض هشام العجبوني إن "هناك أسباباً مشروعة تجعل هناك انقساماً في وجهات النظر بين الداعين إلى مقاطعة الانتخابات سيئة الإخراج، والداعين إلى المشاركة على رغم كل المعوقات والعراقيل التي وضعتها السلطة وأجهزتها، وذلك بهدف إحداث تغيير ديمقراطي سلمي مدني حضاري".
وتابع العجبوني في حديث خاص مع "اندبندنت عربية" أنه "في المقابل ستكون هناك مقاطعة في اعتقادي ستخدم قيس سعيد للفوز بولاية جديدة، لذلك نعد هذا الاستحقاق فاقداً لكل صدقية، وبناء عليه لن يعترف بنتائجها".
وشدد على أن "المناخ الانتخابي لم يكن ملائماً لإجراء انتخابات حرة ونزيهة وتنافسية وتعبر عن إرادة الشعب، وذلك بعد الإقصاء الممنهج والتضييق على المنافسين الجديين وحرمانهم من حق الترشح".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويأتي هذا فيما يكتنف الغموض فرص المرشحين الثلاثة للفوز بولاية رئاسية مدتها خمسة أعوام في ظل غياب استطلاعات الرأي والحملة الانتخابية الباهتة التي شهدتها البلاد.
3 خيارات
وليل أمس الأربعاء ظهر موقف جديد من الانتخابات الرئاسية بعيداً من خياري المقاطعة أو المشاركة، إذ دعا حزب "آفاق تونس" المعارض إلى ترك الباب مفتوحاً أمام التونسيين للاختيار بين المشاركة أو المقاطعة.
وشجب الحزب ما تعرض له المرشح عياشي زمال الذي صدرت بحقه أحكام سجن قد تبدد فرص فوزه في الاستحقاق الرئاسي كان آخرها الحكم بحبسه 12 عاماً، إذ تتم مقاضاته بسبب عديد من التهم من بينها افتعال توقيعات للتزكيات الانتخابية.
واعتبر الباحث السياسي التونسي الجمعي القاسمي أن "هذا الاستحقاق الرئاسي بحملته الانتخابية الباهتة بدا وكأنه محسوم أو غير موجود أصلاً، أما المعارضة خرجت من السياق العام للانتخابات نتيجة الخلافات الكبيرة التي تعصف بها منذ فترة".
وأردف القاسمي أن "هذه الخلافات تعمقت أكثر فأكثر فأصبحنا نرى ثلاثة مواقف متباينة ومتضاربة في التعاطي مع الانتخابات، وهناك وجهة نظر تتبناها بعض أحزاب المعارضة تدعو إلى ضرورة المشاركة بكثافة لتبيان حجم الرئيس قيس سعيد وشعبيته، بالتالي دعم هذا المرشح أو ذاك".
وشدد على أن "هناك وجهة نظر أخرى تقول إنه من الضروري مقاطعة الانتخابات حتى تكون نسب المشاركة متدنية وضعيفة، حتى يتسنى للمعارضة أن تطعن في شرعية هذا الاستحقاق الرئاسي، بينما هناك أحزاب لجأت إلى تحرير المبادرة لعناصرها وقواعدها ودعتها إلى الاختيار وحدها بين التصويت لهذا المرشح أو ذاك أو عدم المشاركة".
موقف اتحاد الشغل
ويرى القاسمي أن اللافت هو غياب موقف واضح من الاتحاد العام التونسي للشغل، المركزية النقابية في البلاد، إزاء الانتخابات الرئاسية التي قد تشكل محطة حاسمة في سياق صراع مرير بين الرئيس قيس سعيد وخصومه.
ومنذ أيام أعلن اتحاد الشغل الإضراب العام في الوظيفة العمومية والقطاع العام في تصعيد لافت مع السلطة، وعبر عن رفضه تعديل القانون الانتخابي لكن من دون أن يدعو إلى التصويت من عدمه في هذا الاستحقاق الرئاسي.
وقال القاسمي إن "الاتحاد لا يزال أكبر منظمة في البلاد مهيكلة تنظيمياً وقادرة على إحداث الفارق إذا ما اتخذ موقفاً واضحاً ومحدداً من الانتخابات الرئاسية، وفي انتظار الإعلان عن هذا الموقف وهو أمر أستبعده في اعتقادي، ولجملة من الاعتبارات فإن الغموض سيبقى سائداً في البلاد".
وأبرز المتحدث ذاته أن "اتحاد الشغل ضعف نوعاً ما وأصبحت كل همومه محاولة ترميم صفوفه الداخلية أكبر من الاهتمام بالشأن العام على رغم البيانات التي تصدر من حين إلى آخر، لكن طبيعة الخلافات الداخلية التي أقر بها اتحاد الشغل تجعله ينكفئ بصورة واضحة خلال هذه الانتخابات الرئاسية".