Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المغرب يروض أطفاله "الجانحين" بعقوبات تأهيلية

وزارة العدل تراهن على تبسيط عدالة الأحداث وتحويل الجزاءات إلى تدابير علاجية ومقترح لرفع السن الموجب للإيداع في سجن الأحداث

اهتمام مغربي بمصلحة الأحداث في السجون (وكالة الأنباء المغربية)

ملخص

تعول وزارة العدل المغربية على إدخال تعديلات على القانون الجنائي المتعلق بالأحداث لتوخي المصلحة الفضلى للطفل.

دفعت إحصاءات رسمية جديدة في شأن عدد قضايا الأطفال الأحداث في المحاكم المغربية وعدد المعتقلين منهم وزير العدل عبداللطيف وهبي إلى المطالبة بإعادة تقييم وضعية "الأطفال في تماس مع القانون"، وبلورة خطة عمل يسهم فيها كل الشركاء والفاعلين لتحقيق الغايات المنشودة.

ووفق أرقام وزارة العدل فإن عام 2022 شهد 24 ألفاً و592 قضية أحداث، وبلغ عدد المتابعين 29 ألفاً و412، وعدد المعتقلين منهم احتياطياً 355 طفلاً عند نهاية شهر مايو (أيار) الماضي، بينما بلغ عدد الأطفال ممن هم في "وضعية صعبة" 1076 طفلاً العام الماضي.

رهانات حكومية

وأكد وزير العدل المغربي خلال المؤتمر الدولي حول "حماية الأطفال في تماس مع القانون"، المنظم بين الـ19 والـ21 من يونيو (حزيران) الجاري، أن مسار معالجة قضايا الأحداث يحتاج إلى مساهمة أجهزة إنفاذ القانون والساهرين على العمل الاجتماعي والتأهيلي والتربوي والتعليمي والثقافي، وغيرهم من المتدخلين للوصول إلى تكفل ناجع ومندمج بالأطفال في تماس مع القانون، سواء كانوا في حال نزاع أو في وضعية صعبة أو ضحايا جرائم".

وذكر المسؤول الحكومي ذاته مجموعة إصلاحات تشريعية في هذا الصدد، من خلال وضع آليات قانونية ملائمة سواء عند مراجعة القانون الجنائي أو عند تعديل مقتضيات القانون الجنائي المتعلقة بالطفل، وتكفل هذه الآليات حماية الطفل من أي انتهاك بمنظوره العام مادياً أو معنوياً، سواء أكان الطفل في وضعية مخالفة للقانون أو ضحية جريمة أو طفلاً في وضعية صعبة.

وشدد وهبي على ضرورة "مراعاة المصلحة الفضلى للطفل أولاً ودائماً في جميع الإجراءات والتدابير، وإشراك الأسرة أولاً والأوصياء والكفلاء وكل شخص جدير بالثقة، إضافة إلى المؤسسات والمصالح العمومية والجمعيات والمؤسسات الخصوصية المهتمة بالطفولة أو المكلفة التربية والتكوين المهني أو المعدة للعلاج أو التربية الصحية، في عملية العناية بالطفل وحمايته وإدماجه".

وتراهن وزارة العدل المغربية على تبسيط عدالة الأحداث بما يراعي خصوصية الأطفال بخاصة ما يرتبط بإجراء الاستماع، ونظام فعال لتحويل الجزاءات والعقوبات إلى تدابير تأهيلية وعلاجية على أكبر قدر ممكن، وإيجاد آليات لتحويل المسار القضائي للأطفال في تماس مع القانون إلى مسار تأديبي وتأهيلي.

وتقترح وزارة العدل رفع السن الموجب للإيداع في سجن الأحداث عند الضرورة أكثر مما هو معتمد حالياً، أي 16 سنة في الجنح و14 سنة في الجنايات، وأيضاً التنصيص على تدبير التسليم للأسر البديلة، واختزال المسار القضائي في الحالات المعاقب عليها بالتوبيخ مراعاة لخصوصية الطفل، علاوة على الاستفادة من العقوبات البديلة التي تتناسب مع وضعية الأحداث كتلك المرتبطة بالعلاج والتأهيل والتكوين".

هدف مشروط

تقول فوزية غزرني، وهي ناشطة في الوساطة الأسرية وقضايا الأطفال، إن الدعوة إلى تحويل العقوبات السجنية ضد الأحداث والقاصرين إلى إجراءات تأهيلية وعلاجية تعد فكرة إيجابية ومطلباً ملحاً، غير أن هذا الهدف النبيل يحتاج إلى شروط عدة لإنجاحه على أرض الواقع".

وتشرح غزرني بأن العقوبات البديلة التي تروج لها الحكومة المغربية لحماية الطفل الذي يقع في خلاف مع القانون، من قبيل التأهيل بالنسبة إلى الجانحين، أو الإجراءات العلاجية بالنسبة إلى المدمنين منهم، شيء مطلوب ومحبذ، ولا يمكن إلا الحث عليه والدعوة إليه بشروط واضحة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وترى المتحدثة عينها أنه "في مقابل إيجاد هذه العقوبات البديلة لصالح الأحداث، والحرص على مراعاة المصلحة الفضلى للأطفال في المسارات القضائية المختلفة، يتعين تكثيف جهود مؤسسات التنشئة الاجتماعية، وعلى رأسها الأسرة من أجل استيعاب هذه المتغيرات والمستجدات".

وشددت الناشطة في مجال الأسرة وقضايا الطفولة على أن الترسانة القانونية متوفرة ومتضخمة أحياناً، وتحاول الانحياز إلى الطفل باعتباره كائناً لا يعي بعد تداعيات اقترافه جنحة أو غيرها، لكن الظروف والمؤسسات المحيطة به من أسرة ومدرسة ومسجد أيضاً توجه هذا الطفل تربوياً وأخلاقيا ونفسياً حتى يندمج في المجتمع بشكل أسرع وأنجع، حتى لا يعيد أخطاءه التي أودت به إلى ردهات المحاكم وسجون الأحداث.

"عدالة الأحداث" الجديدة

وتعول وزارة العدل المغربية على إدخال عديد من التعديلات على القانون الجنائي، وعلى مقتضيات القانون الجنائي المتعلقة بالطفل، من أجل تنزيل خطة "عدالة الأحداث" الجديدة، التي تتوخى في جميع ملابساتها وظروفها المصلحة الفضلى للطفل.

ويورد قانون "المسطرة الجنائية" الحالي بالمغرب في عدد من مواده وفصوله أنه "يمكن للقاضي في القضايا الجنحية أن يصدر أمراً يخضع بمقتضاه الحدث لتدابير نظام الحراسة الموقتة وذلك بتسليمه إلى أبويه أو الوصي عليه أو إلى شخص جدير بالثقة، أو قسم الإيواء بمؤسسة عمومية أو خصوصية، أو إلى جمعية ذات منفعة عامة مؤهلة لهذه الغاية".

ويقول ذات القانون الجنائي الخاص بالأحداث إنه "إذا رأى قاضي أن حال الحدث الصحية أو النفسية أو سلوكه العام تستوجب فحصاً عميقاً، فيمكنه أن يأمر بإيداعه موقتاً لمدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر في مركز مقبول مؤهل لذلك"، وفي فصل قانوني آخر "لا يمكن أن يودع في مؤسسة سجنية الحدث الذي لم يبلغ 12 سنة كاملة ولو بصفة موقتة، ومهما كان نوع الجريمة".

وفي مادة قانونية أخرى "لا يمكن أن يودع في مؤسسة سجنية ولو بصفة موقتة، الحدث الذي يتراوح عمره بين 12 و18 سنة إلا إذا ظهر أن هذا التدبير ضروري، أو استحال اتخاذ أي تدبير آخر، وفي هذه الحالة يحتفظ بالحدث في جناح خاص، أو عند عدم وجوده، في مكان خاص معزول عن أماكن وضع الرشداء، كما أن الحدث يبقى على انفراد أثناء الليل بحسب الإمكان".

وفي السياق يرى عبدالغني برقوق أستاذ قانون الأسرة أن "كل تلك القوانين القائمة أو تلك التي ستطرأ عليها تعديلات تدخل في إطار الإصلاحات التشريعية التي تروم تطوير ما يسمى عدالة الأحداث في المغرب، بالنظر إلى التزاماته محلياً ودولياً بحقوق الأطفال والقصر".

واستطرد المتحدث نفسه بأن محاكمة الطفل الحدث الذي دخل في تماس أو مخالفة مع القانون، باتت ملفاً يتجاوز ما هو قانوني صرف ليبلغ مستويات حقوقية واجتماعية ونفسية، من خلال التركيز أكثر على الاندماج والإصلاح والتهذيب بدل العقوبة والزجر والحبس.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير