Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تغير المناخ يعصف بغلال تونس بعد ماض من الريادة

تراجع الإنتاج الوطني بنسبة 24 في المئة بسبب النقص الحاد في الأمطار وارتفاع درجات الحرارة

تستهدف تونس تصدير 70 ألف طن من الغلال العام الحالي (أ ف ب)

ملخص

تقلص الصادرات بنسبة تقارب 30 في المئة خلال النصف الأول من 2023

في ماض غير بعيد كانت تونس تعتد بغلالها المطلوبة بشدة في أسواق عالمية عدة، وبخاصة منها دول الاتحاد الأوروبي بسبب طعمها ومذاقها اللذيذين بفعل التربة المميزة التي تجعل من الغلال التونسية تحتل مراتب عالمية متقدمة.

ولطالما شكلت صادرات الغلال التونسية سنداً مهماً في تحقيق عائدات مالية قوية للصادرات الفلاحية، مسجلة أرقاماً لافتة بخاصة لعديد من أصناف الغلال المطلوبة بقوة في عدد من الأسواق على غرار البطيخ والغلال.

لكن في العامين الأخيرين بدأ ضوء الغلال التونسية ينطفئ نسبياً وتسجل المبيعات الخارجية تقلصاً ملحوظاً بسبب التغيرات المناخية التي أثرت سلباً في القطاع جراء ارتفاع درجات الحرارة ونقص الأمطار التي تسببت في بروز بعض الأمراض الفطرية التي جعلت عديداً من المزارعين التونسيين يقتلعون الأشجار.

شدة الحرارة

وأقر المدير العام للمجمع المهني للغلال حلمي القلعي بأن العوامل المناخية من قبيل النقص الكبير للأمطار أثرت في سير موسم الغلال الصيفية في تونس، التي سجلت تراجعاً في الإنتاج الوطني بنسبة تجاوزت 24 في المئة.

ويقدر إنتاج تونس من الغلال بـ223 ألف طن لموسم 2022/2023 في مقابل إنتاج بـ294.5 ألف طن في الموسم الماضي بتراجع بنسبة 24.3 في المئة.

وأفاد القلعي بأن هذا النقص شمل، كل الغلال تقريباً بنسب متفاوتة وبخاصة منها اللوز الجاف، إذ قدر إنتاجه بنحو 46.2 ألف طن مسجلاً بذلك تراجعاً بنسبة 33.5 في المئة مقارنة بالموسم الماضي، إلى جانب الخوخ بنسبة 24 في المئة متراجعاً من 153.5 ألف طن إلى 116 ألف طن.

كما تدحرج إنتاج ثمرة "حب الملوك" المطلوبة بقوة في السوق التونسية، وكذلك الخارجية بنسبة 17 في المئة لتبلغ هذا الموسم 7400 طن في مقابل 8900 طن في الموسم الماضي.

ويعود هذا النقص إلى عوامل مختلفة منها المناخية التي أثرت في أشجار الغلال بمختلف مراحلها، وبخاصة انخفاض ساعات البرد لعديد من الأصناف وتواصل ارتفاع درجات الحرارة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، وخلال مراحل عدة من النمو إلى جانب ظهور بعض الأمراض ونقص المياه، مما أدى إلى تقلص كميات مياه الري واضطراب التزود بها، يضيف المسؤول.

نقاط القوة تتضاءل

وتمثل صادرات البطيخ إحدى أهم نقاط قوة صادرات تونس من حيث الكميات وبخاصة من حيث عائدات التصدير، ولكن بحكم العوامل المناخية والإجراءات التقشفية التي أقرتها وزارة الفلاحة التونسية في التعاطي مع ندرة المياه سجل إنتاج هذه الثمار تراجعاً لافتاً جعل أسعارها ترتفع في السوق المحلية وبخاصة نقص المبيعات الخارجية.

وفي هذا الإطار، أكد المتخصص حمادي البوبكري أنه سيكون هناك نقص بنحو 25 و30 في المئة في صنف البطيخ، وأرجع هذا النقص الحاد إلى كون معظم المناطق الفلاحية العمومية (تسقى من قنوات الري) مغلقة، وربما هي إجراءات ردعية لمنع الفلاحين من الإقبال على هذه الزراعات، وفق قوله.

في غضون ذلك، قال المتحدث إن كل منظومات الإنتاج الفلاحي تشكو نقصاً في الموارد المائية، مبرزاً أن استهلاك المياه يتضاعف في فصل الصيف أكثر بكثير من بقية الفصول، وكل المنظومات الفلاحية تعاني ذلك.

ومضى يقول "ونحن أمام تحد كبير في ما يخص التغيرات المناخية والشح المائي، فالوضعية المائية حالياً حرجة وتتطلب ترشيد المياه في كل القطاعات".

الصادرات تتأثر

وتستهدف تونس خلال العام الحالي تصدير نحو 70 ألف طن من الغلال مع رفع قيمة المبيعات في ظل الأسعار المرتفعة حالياً على مستوى التصدير، في مقابل 68 ألف طن بقيمة 177 مليون دينار (59 مليون دولار) في الموسم الماضي.

وتراجعت صادرات تونس من الغلال بداية من أول يناير (كانون الثاني) الماضي إلى الثالث من يوليو (تموز) الجاري بنسبة تقارب 30 في المئة، في ظل تقلص قيمة الإيرادات بنسبة 11.5 بالمئة لتقارب 65.9 مليون دينار.

وكشف مدير تنمية التصدير بالمجمع المهني المشترك للغلال طارق تيرة عن أن تونس صدرت زهاء 16 ألف طن خلال موسم 2022-2023، في مقابل قرابة 23 ألف طن خلال الفترة نفسها من الموسم الماضي.

وأفاد بأن قيمة العائدات من العملة الأجنبية ناهزت حالياً 60.5 مليون دينار (30 مليون دولار) في مقابل 68.1 مليون دينار (22.6 مليون دولار) خلال العام الماضي، واستقطبت السوق الليبية النصيب الأوفر من الغلال تلتها السوق الإيطالية، ثم أسواق الخليج وبقية الأسواق الأوروبية.

أما على مستوى الأصناف فتتكون صادرات الغلال الصيفية أساساً من البطيخ والخوخ اللذين يمثلان نحو 62 في المئة من إجمالي الكميات الموجهة للأسواق الخارجية، ثم بقية الأصناف بنسب متفاوتة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

واستحوذت السوق الليبية على 60.5 في المئة من صادرات الغلال التونسية حتى الثالث من يوليو الجاري، في وقت تراجعت فيه الكميات المصدرة إلى هذه السوق بنسبة 34.4 في المئة وإيراداتها بنسبة ستة في المئة.

وتظهر بيانات المجمع المهني للغلال أن السوق الليبية استقطبت زهاء 9.9 ألف طن، في مقابل 15 ألف طن خلال الفترة نفسها من الموسم الماضي.

وتصدر الخوخ قائمات المنتجات المصدرة إلى السوق الليبية، بكميات تناهز 2494 طناً لتشكل قرابة 43.4 في المئة من الكمية الموردة من طرف هذه السوق.

وحازت إيطاليا على المرتبة الثانية، ضمن قائمة وجهات صادرات الغلال التونسية، من خلال استقطاب حصة تقارب 4632 طناً بقيمة تناهز 9.2 مليون دينار (ثلاثة ملايين دولار) 2023 في مقابل إيرادات بنحو 13 مليون دينار (4.3 مليون دولار) خلال الفترة نفسها من 2022.

وتشكل هذه الأرقام تقلصاً بنسبة 15.5 بالمئة على مستوى الكميات و30 في المئة على مستوى الإيرادات، علماً أن الدلاع يعتلي قائمة الصادرات بنحو 4214 طن تمثل 90.9 في المئة من إجمالي الصادرات.

وأرجع المسؤول تدني أرقام التصدير أساساً إلى العوامل المناخية التي أثرت في الإنتاج الوطني وتأخر دخول بعض الأصناف من الغلال.

كما أردف أن "الصعوبات اللوجستية وبخاصة ارتفاع تكاليف النقل الجوي صارت تعوق مساعي رفع نسق تسويق الغلال التونسية إلى عدد من دول الخليج على رغم الطاقات الكبيرة لهذه الأسواق في استيعاب كميات مهمة من المنتج التونسي إلى جانب الشروط المجحفة لشركات النقل الجوي وعدم توفر خط نقل منتظم على الخطوط الجوية التونسية".

خطة تصديرية للمتوقع

من جانب آخر، وحرصاً على تنظيم موسم تصدير الغلال وحسن سيره، أفاد طارق تيرة بأنه أنشئت خدمات جديدة من طرف الجمارك التونسية قصد تسهيل العمليات التصديرية.

 كما يسهر المجمع على تنظيم جلسات عمل ولقاءات متواصلة مع المهنيين ومختلف الهياكل المتدخلة يدعو من خلالها إلى الاهتمام بالجودة المميزة للغلال التونسية وقدرتها على مجابهة المنافسة القوية بالأسواق الخارجية، مما يمكنها من تحقيق أفضل النتائج على مستوى التصدير، أضاف المتحدث.

ولمواصلة العمل على تعزيز تموقع الغلال التونسية بالأسواق الخارجية ودعم المجهود الترويجي والحفاظ على مكانة تونس في السوق الليبية، التي تستوعب لوحدها نحو 90 في المئة من صادرات الغلال، قال طارق تيرة إن المجمع وضع بالتعاون مع الجهات المعنية برنامجاً خاصاً يشتمل على ترويج إقليمي ودولي يتم خلاله تنظيم لقاءات عمل بين مصدرين من تونس وموردين من ليبيا حول المنتجات الفلاحية، ومن ذلك المشاركة في الصالون الدولي "فروت أتركشن" بإسبانيا خلال الفترة من الثالث إلى الخامس من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل والصالون الدولي للأغذية بموسكو من الـ19 إلى الـ22 من سبتمبر (أيلول) المقبل.

اقرأ المزيد