Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الحرب تعمق ظاهرة زواج القاصرات في السودان

اعتداءات جنسية لا سيما في الخرطوم وإقليم دارفور

منذ اندلاع الاشتباكات المسلحة بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" سقط أكثر من 2800 قتيل ونزح نحو ثلاثة ملايين آخرين (رويترز)

ملخص

قالت منظمة "إنقاذ الأطفال" إن مقاتلين مسلحين يعتدون جنسياً على فتيات في سن المراهقة ويغتصبونهن بأعداد مقلقة

على رغم أن زواج القاصرات ظاهرة منتشرة في بعض المجتمعات الريفية السودانية، فإن الحرب ضاعفت تفشيها، جراء الأوضاع الكارثية التي خلفتها على نحو قد يدفع إلى إحداث تغيير في تركيبة أسر ذات طابع اجتماعي محافظ. ودفعت الحاجة إلى حماية الفتيات من العنف الجنسي المتصل بالنزاع المسلح بعض العائلات إلى تزويج بناتهن ليصبحن ضحايا صاغرات لظروف عيش لم يخترنها.

ومنذ اندلاع الاشتباكات المسلحة بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع"، في 15 أبريل (نيسان) الماضي، سقط أكثر من 2800 قتيل، ونزح نحو ثلاثة ملايين آخرين، ووردت تقارير عدة عن اعتداءات جنسية، لا سيما في العاصمة الخرطوم وإقليم دارفور، المنطقتين اللتين تشهدان أعنف المعارك.

تجربة جديدة

وبات الزواج المبكر آخذ في التزايد بسبب الحرب، بدوافع اجتماعية متعددة أو للجوء الأب لتزويج ابنته حفاظاً عليها من الخطف في مناطق تشهد توترات.

صفية إحدى ضحايا الزواج المبكر بسبب الحرب الدائرة حالياً، تحدثت عن تجربتها بأسى "شجعني والدي على الزواج من شخص قريب من الأسرة وأنا في الـ13 من عمري، اكتملت المراسم، في مطلع يونيو (حزيران) الماضي، وانتقلت إلى ولاية بعيدة عن الخرطوم وأخشى من عواقب وخيمة في المستقبل". وكشفت عن أن "أسرتها أقنعتها بأن الظروف صعبة في الوقت الحالي والحل لكل الأطراف أن تتزوج من رجل يحميها في ظل تنامي ظاهرة العنف المتصل بالنزاع المسلح، فضلاً عن عدم قدرة والدها على مساعدتها في إكمال دراستها بعد أن فقد عمله اليومي في العاصمة بسبب المعارك". وتأمل صفية "أن تعيش سعيدة ومحاطة بالحب من زوجها وألا تحرمها الالتزامات الأسرية من إكمال دراستها".

استهداف واعتداء

إلى ذلك، قالت منظمة "إنقاذ الأطفال"، في بيان، إن مقاتلين مسلحين يعتدون جنسياً على فتيات في سن المراهقة ويغتصبونهن "بأعداد مقلقة"، بينما أفادت الأمم المتحدة بوجود "زيادة ملحوظة" في العنف على أساس النوع. وقال مدير منظمة "إنقاذ الأطفال" في السودان عارف نور "نعلم أن الأعداد الرسمية هي مجرد غيض من فيض، يجري استهداف فتيات بعمر 12 سنة بسبب جنسهن أو عرقهن أو ضعفهن". وأضاف نور أن "بعض الآباء يزوجون بناتهم في سن صغيرة في محاولة لحمايتهن من الاعتداءات".

ووردت تقارير عن احتجاز فتيات أياماً مع الاعتداء عليهن جنسياً، وعن وجود حالات اغتصاب جماعي للنساء والفتيات. وقالت منظمات تابعة للأمم المتحدة، في بيان مشترك، هذا الأسبوع، "حذر مقدمو الرعاية الصحية وأخصائيون اجتماعيون ومستشارون وشبكات مجتمعية للحماية من زيادة ملحوظة في تقارير العنف على أساس النوع في ظل استمرار الأعمال العدائية في أنحاء البلاد".

جريمة إنسانية

تغادر مئات الفتيات في السودان مقاعد الدراسة نتيجة الزواج المبكر، ويتم تحميلهن أعباء كبيرة تفوق طاقاتهن، فضلاً عن الأضرار الصحية التي تصيبهن وتعرض بعضهن للعنف بصوره المختلفة.

ووصفت الباحثة الاجتماعية سارة سليمان هذه الظاهرة بقولها "زواج القاصرات جريمة بكل المقاييس، إنسانية وحقوقية واجتماعية، وأسهمت آثار الحروب في تزايد نسبة زواج اليافعات، بخاصة في المدن التي تشهد نزاعات وانتقال الأسر من المناطق الحضرية إلى مخيمات النزوح من دون النظر إلى العواقب، بل إن مجتمعات ريفية يندرج ضمن عاداتها وتقاليدها الاجتماعية تزويج القاصرات". ونبهت سليمان من أن "آلاف الفتيات حرمن من حقهن في التعليم والاختيار في ما يخص شريك حياتهن، وأن معظم هذه الزيجات يتم خارج المحاكم وبعقد زواج معتمد فقط من مأذون شرعي، بالتالي يتحول معظمها إلى حالات طلاق".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

واعتبرت الباحثة الاجتماعية أن "الزواج في سن الطفولة يضاعف مشكلات المجتمع السوداني لعدم استطاعة اليافعات تحمل أعباء الحياة الزوجية والتكيف مع الأسرة والصراعات التي تنتج بين الفينة والأخرى". وأوضحت سليمان أن "معظم المتزوجات من العائلات الفقيرة وهن غير متعلمات أو يتيمات الأبوين، ومن النادر أن نجد من تتزوج بهذا العمر وهي تعيش وسط أسرة ميسورة".

حماية مشوهة

وقدرت وحدة مكافحة العنف ضد المرأة التابعة للحكومة السودانية أن الأرقام تمثل اثنين في المئة فقط من العدد الإجمالي. وقالت رئيسة الوحدة سليمة إسحاق إن هناك "51 حالة موثقة للعنف الجنسي المتصل بالنساء في العاصمة الخرطوم، بينما سجل إقليم دارفور 46 حالة". واعتبرت أن "آليات الحماية مشوهة ولا تشكل حماية للطفلات ضد العنف المتصل بالنزاع لأن الأسر تلجأ إلى الزواج المبكر خوفاً من الانتهاكات أو تأمين حياة جديدة في ظل مستقبل مجهول للبلاد، خصوصاً خلال فترة النزوح". وأبدت إسحاق قلقها من تزايد حالات اختطاف الفتيات في مناطق النزاعات، لا سيما القاصرات، ولفتت إلى أن "جميع النساء في السودان معرضات للعنف الجنسي لأن دائرة الحرب امتدت إلى عدد من أقاليم البلاد".

مشكلات صحية

ولاستيضاح الآثار الصحية المترتبة على ضحايا زواج القاصرات، قالت أخصائية النساء والتوليد تغريد عمر إن "هناك من ينتحرن من بين المتزوجات نتيجة عدم تحمل المشكلات الأسرية بسبب عمرهن الصغير، فضلاً عن ارتفاع نسبة الإصابة بمرض سرطان عنق الرحم، إضافة إلى تهتك الجهاز التناسلي عند بدء العلاقة الزوجية، وقد يحدث نزيف يتطلب تدخلاً جراحياً".

وأشارت عمر إلى أنه "عند حدوث الحمل تتعرض الفتاة القاصر لعدد من المشكلات الصحية تتمثل في زيادة نسبة حدوث الإجهاض والولادة المبكرة قبل الأسبوع الـ36 لوجود خلل في الهرمونات الأنثوية، ولعدم تأقلم الرحم غير المكتمل النمو، علاوة على زيادة نسبة الولادة بعملية قيصرية"، منوهة بأن "الطفلات اليافعات أكثر تعرضاً للوفاة أثناء الإنجاب بسبب مضاعفات الحمل".

أما بالنسبة إلى الآثار النفسية لزواج القاصرات، فيمكن أن تتمثل في "الحالات الهستيرية والخوف والقلق والاكتئاب، وتتطور بمرور الوقت إلى وسواس قهري وفصام، هذا في حال لم تنهِ فتيات عدة حياتهن بالانتحار أو جنوح بعضهن إلى الإدمان".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير