Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"قانون الطوارئ" في منطقة أمهرة الإثيوبية يثير حفيظة منظمات حقوقية

أنباء عن عمليات قتل واعتقالات بالجملة في أنحاء متفرقة من البلاد

تمنح حالة الطوارئ التي وافق عليها مجلس النواب الإثيوبي الحكومة سلطات واسعة للقبض على المشتبه فيهم من دون أمر قضائي (أ ف ب)

ملخص

قالت "العفو الدولية" إنها تلقت تقارير جدية عن وقوع عمليات قتل وإصابات جماعية في عدد من المدن الإثيوبية

أثار الاستخدام الحكومي الموسع لقانون الطوارئ المفروض على إقليم أمهرة الإثيوبي حفيظة المنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان، إذ انتقدت منظمة العفو الدولية والمنظمة الوطنية الإثيوبية لحقوق الإنسان هذه الممارسات التي وصفتها بأنها تمثل "انتهاكاً لحقوق الإنسان" مطالبة بضرورة منح المحققين المستقلين ووسائل الإعلام حق الوصول إلى منطقة أمهرة على أثر تقارير عن انتهاكات جسيمة ترتكب بعد اتخاذ مجلس الوزراء الإثيوبي قراراً بفرض حالة الطوارئ.

 

يأتي ذلك في الوقت الذي اعتقلت فيه الأجهزة الأمنية النائب كريستيان تاديلي عضو البرلمان المعارض ورئيس اللجنة الدائمة بالبرلمان للنفقات العامة والرقابة الإدارية في العاصمة أديس أبابا، فضلاً عن توقيف عدد من أعضاء المجالس المحلية من دون أن يتمكن ذووهم من التواصل معهم.

مزاعم بانتهاكات وعمليات قتل

وقالت "العفو الدولية" إنها تلقت تقارير جدية عن وقوع عمليات قتل وإصابات جماعية في عدد من المدن الإثيوبية، ولا سيما فينوتي سلام وبحر دار وشيوا روبت، ويعتقد أنها حصلت على أثر المواجهات المسلحة المستمرة بين قوات الدفاع الوطني الإثيوبية وميليشيات "فانو" المسلحة المحلية لكنها تستحق مزيداً من التحقيق.

وتحدثت وسائل إعلام عن استهداف غارات جوية مواقع عدة، هذا الأسبوع، في إقليم أمهرة أدت إلى مقتل عدد من المدنيين، كما تلقت منظمة العفو الدولية أنباء عن غارات مسيرات استهدفت فندقاً يقيم به مدنيون قتل منهم العشرات، وقالت المنظمة إنه يتعين على الحكومة الإثيوبية إتاحة الوصول من دون عوائق إلى اللجنة المستقلة لخبراء حقوق الإنسان في إثيوبيا وغيرها من هيئات التحقيق المستقلة، إلى جانب وسائل الإعلام المستقلة لتبيان حقيقة هذه المعلومات. وقال تيغير تشاغوتا المدير الإقليمي لمنظمة العفو الدولية لشرق وجنوب أفريقيا "يجب على الحكومة وقوات الأمن التابعة لها احترام وحماية حقوق الإنسان".

وتمنح حالة الطوارئ التي وافق عليها مجلس النواب الإثيوبي في 14 أغسطس (آب) 2023، الحكومة سلطات واسعة للقبض على المشتبه فيهم من دون أمر قضائي وفرض حظر التجوال ومنع حرية التنقل وحظر التجمعات أو الجمعيات العامة، كما تم وضع الإقليم تحت إدارة استثنائية، تعرف بـ"سنترال كوماندو"، بقيادة رئيس الاستخبارات في البلاد، والتي ترفع تقاريرها مباشرة إلى رئيس الوزراء، وتتمتع هذه الإدارة بصلاحيات واسعة.

وتقر أديس أبابا بأنها احتجزت أفراداً في مراكز احتجاز غير رسمية، بما في ذلك المدارس، في حين قال محامون وأقارب لأفراد محتجزين في العاصمة الإثيوبية لمنظمة العفو الدولية إن المعتقلين يحرمون من حقهم في الاتصال بأهاليهم وكذلك بمحاميهم. وأكدت "العفو الدولية" أن الحكومة فرضت قيوداً من بينها منع خدمة الوصول إلى الإنترنت في أمهرة منذ الثالث من أغسطس 2023، في انتهاك لحق الجمهور في حرية التعبير والوصول إلى المعلومات.

بين الأمن والسياسة

ورأى المتخصص في الشأن الإثيوبي زاهد زيدان أنه "لا يمكن فصل الاعتبارات الحقوقية عن السياسية حول ما يحدث في إقليم أمهرة"، مؤكداً "أن فرض حالة الطوارئ والتوسع في استخداماتها نتيجة طبيعية للظروف الميدانية، لا سيما في ظل مواجهة الجيش النظامي مجموعات مسلحة، ترفض الانصياع لإرادة الدولة وتريد تكريس سيطرتها". وتابع "على رغم بعض التحفظات القائمة حول وقوع بعض التجاوزات في مناطق بعينها بإقليم أمهرة، فإن ذلك يعد أمراً طبيعياً في الحروب"، مشيراً إلى أن بعض السياسيين والمؤثرين يغالون في وصف ما يحدث، وذكر المتخصص في الشأن الإثيوبي أن معظم الناشطين كانوا يدعمون خطة الدولة في حملتها العسكرية بإقليم "تيغراي" التي لا تختلف كثيراً من حيث الأهداف والأسباب عن الحملة القائمة الآن في أمهرة. وأكد "أن المحرك الأساس لهؤلاء في حملة إنفاذ القانون في تيغراي كان الثأر التاريخي"، مما دفعهم لتبرير بعض التجاوزات ومزاعم ارتكاب الدولة انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولفت زيدان إلى أن الناشطين من إقليم "تيغراي"، في المقابل، يسهمون بشكل كبير في تبرير الحملة العسكرية في أمهرة، ويحملون ميليشيات "فانو" الأمهرية مسؤولية هذه الحرب وتداعياتها. وتابع أن ثمة أهدافاً وتقاطعات سياسية واضحة في ما ينقله الإعلام الإثيوبي الخاص، فضلاً عن بعض المنظمات المعنية بحقوق الإنسان، موضحاً أن "الإشكالية الجوهرية في إثيوبيا تتمثل في الصراعات ذات الطابع القومي والثأري بين القوميات الثلاث الكبرى، الأمهرة والأورومو وتيغراي". وأشار إلى أن الدولة تسعى لإعادة ضبط محركات هذا الصراع بين القوميات من خلال تدابير عدة من بينها التأسيس لأحزاب ذات طابع وطني.

إرث الدولة

من جهته اعتبر المتخصص في الشأن الإثيوبي محاري سلمون أن "إرث الدولة الحبشية تاريخياً، قائم على محاولات إخضاع الشعوب لسلطة الدولة بطرق قسرية"، مضيفاً أن "ثمة خللاً واضحاً في تاريخ البلاد، حيث درج الحكام على تصور سلطة الدولة بمعزل عن حقوق المواطنين الذين يفترض أنهم يفوضون الحكام لإدارتها، فقد شهد التاريخ الإثيوبي تفسيرات متطرفة للمصلحة الوطنية، التي غالباً ما كانت الحجة التي يتم من خلالها إعلان الحروب، ليس ضد عدو خارجي فحسب، بل تجاه الشعوب المكونة لهذه الجغرافية الوطنية". وأوضح أن "حقوق المواطن الفرد أو الجماعات العرقية والدينية تعتبر في عرف الدولة الإثيوبية، تاريخياً، أمراً فائضاً عن الحاجة"، وانطلاقاً من هذه الرؤية، كشف المتخصص في الشأن الإثيوبي عن أن "الممارسات والانتهاكات كافة التي ترتكب بين حين وآخر تبرر دوماً بذريعة الدفاع عن المصالح الوطنية وإنفاذ القانون".

وضرب سلمون شواهد عدة على هذا الإرث آخرها حرب "تيغراي"، حيث تم استخدام مفردات وتهم سواء في الخطابات الرسمية أو الأغاني والمسرحيات، ولم تجد النخبة الحاكمة لاحقاً أي حرج في إبرام اتفاق للسلام مع المجموعة التي لطالما وصفتها بالمارقة والخائنة للوطن.

انتهاكات

وأقر سلمون بأن الغلو في الاتهامات لا يخص الدولة فحسب، بل أيضاً الأطراف الأخرى التي تمارس العبارات نفسها في قراءتها أسباب وطبيعة الصراع القائم بينها وبين السلطة، وما شهدته حرب "تيغراي" من اتهامات واتهامات متبادلة خير شاهد على هذا الأمر.

ازدواجية المعايير

بدوره، قال الناشط الحقوقي الإثيوبي ماماو بقلي "أكثر ما بات يطارد رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد الحائز جائزة نوبل للسلام، هو صورة الحاكم الذي يحارب شعبه". أضاف "إذا أراد آبي أحمد التخلص من هذه الصورة، ما عليه سوى فتح أبواب الإقليم لمنظمات حقوق الإنسان لإجراء تحقيقات موسعة"، وأقر بقلي، في المقابل، "بوجود نوع من المبالغة في بعض تقارير المنظمات الدولية"، مبرراً ذلك بأنه "ناتج من إغلاق المنطقة ومنع إجراء تحقيق مستقل حول هذه المزاعم".

وأبدى الناشط الحقوقي امتعاضه "من المعايير المزدوجة التي تمارسها بعض القوى الغربية" مشيراً بشكل واضح للولايات المتحدة التي ظلت وزارة خارجيتها، أثناء حرب "تيغراي"، "تكرر الاتهامات والمزاعم الصادرة عن الجبهة بوقوع انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان"، في حين صمتت الآن تجاه ما يحدث في إقليم أمهرة "لأسباب سياسية تتعلق بدعم التحالف القائم بين الجبهة والحكومة المركزية والسعي لتطبيق اتفاق بريتوريا". وختم قائلاً إن "الفرص لا تزال مواتية أمام الحكومة المركزية لفتح صفحة جديدة مع الناشطين ومنظمات حقوق الإنسان، من خلال السماح بإجراء تحقيقات موسعة حول هذه الانتهاكات والقبول بنتائج التحقيقات المستقلة وضمان عدم إفلات المتهمين من العقاب".

المزيد من دوليات