ملخص
يفضلن استخدام الطريقة الباردة لصناعة الصابون لأنها أكثر أماناً عكس الطريقة التقليدية التي تعتمد على درجات حرارة مرتفعة
"مهنتي الأساسية هي التمريض، لكنني أحاول دوماً استغلال وقت فراغي بشكل مفيد، فقررت تعلم صناعة الصابون باستخدام المواد الطبيعية في المنزل وتسويقها عبر الإنترنت"، تقول وديان صوالحة صاحبة مشروع صابون صغير بدأته في محافظة نابلس في فلسطين بعد أن خضعت لتدريب متخصص في هذا المجال.
باستخدام أدوات بسيطة تعمل صوالحة على استغلال النباتات التي تزرعها في المنزل كالنعنع والألوفيرا وإكليل الجبل، وتعالجها وتطحنها يدوياً قبل استخدامها للصابون دون أي صبغات صناعية، وتضيف مادة الغليسرين والزيوت الطبيعية إلى الخليط، معتبرة صابون النعناع أفضل منتجاتها لأنها تعطي شعوراً بالانتعاش والحيوية، بخاصة عند إضافة أوراق النعناع الطبيعية بعد قطفها مباشرة، كما تستخدم العسل في إنتاج بعض قطع الصابون لأن للعسل فوائد جمة للبشرة ولا أضرار جانبية له.
ولأن مشروع صوالحة ما زال ناشئاً، والإنتاج فيه بحسب الطلب كالتوزيعات الخاصة خلال الحفلات والأعراس وغيرها، فهي تستغل منزلها مكاناً لتنفيذه، فعلى طاولة صغيرة في غرفة جلوس بيتها يستطيع الناظر رؤية أشكال مختلفة من الصابون كالورود بألوان متعددة، بحسب المناسبة التي جهز الصابون من أجلها.
أما إخلاص صوالحة فبدأت فكرة مشروع صناعة الصابون بتقنيات حديثة قبل سنوات أثناء البحث عن حل لتسويق الزيت في فلسطين، وكان تحويله لصابون أفضل الحلول آنذاك، بخاصة أن الصابون من المنتجات التي تدوم لفترة أطول.
وتفضل إخلاص استخدام الطريقة الباردة لصناعة الصابون لأنها آمنة أكثر خلال التصنيع على عكس الطريقة التقليدية المعتمدة على درجات حرارة عالية، موضحة أن المواد التي تستخدمها في صناعة الصابون غير ضارة للبشرة، ولا تسبب أي مشكلات، بل على العكس قد تكون حلاً لكثير من المشكلات الجلدية.
فرصة عمل لكثيرات
إضافة إلى وجود عديد من السيدات اللواتي يعملن بشكل فردي في المنازل ويستخدمن مواقع التواصل الاجتماعي في عملية التسويق مثل صوالحة، هناك كثير من الجمعيات النسوية التي تتخذ من صناعة الصابون مصدر رزق للعاملات بها، وأسلوباً لتوفير فرص عمل لمن لا يستطعن التنقل بسهولة بين الوظيفة والمنزل. إذ تقول فرحة ضحى، مديرة مشروع الصابون في إحدى الجمعيات التعاونية، إن المشروع يوفر فرص عمل لـ15 سيدة يعملن بالتناوب في الجمعية، وهن يصنعن الصابون من زيت الزيتون، والأعشاب، والعسل وحبة البركة، والكركم، من أجل الاستخدام اليومي والعناية بالبشرة، إضافة إلى عمل قطع صابون توزع في المناسبات المختلفة من أعراس وحفلات ميلاد وغيرها.
مهنة يومية منذ 20 عاماً
صناعة الصابون في فلسطين ليست بالمهنة الجديدة للنساء، فالحاجة أمينة الجمل وزوجها نوفل كامل يعملان في صناعة الصابون التقليدية منذ أكثر من 20 عاماً، وتوضح الجمل أنها تطبخ الزيت (زيت الزيتون غير القابل للأكل) ومادة كيماوية على نار هادئة لمدة ثلاث ساعات مع تحريك مستمر، ومن ثم تتركها تبرد لليوم التالي، بعدها تقطعها على شكل مكعبات صغيرة لاستخدامها لأغراض مختلفة كالاستحمام وغسل اليدين وغيرها، وبالنسبة إلى الجمل وكامل، هذه المهنة مصدر رزقهما اليومي منذ سنوات، على رغم ارتفاع أسعار المواد الخام المستخدمة، وانخفاض استخدام الناس لهذا النوع من الصابون.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
العسل مادة خام
إلى جانب الزيتون، هناك بعض الجمعيات التي تحاول تأسيس خط إنتاج متكامل لصابون العسل، إذ يوضح أمين سر جمعية مربي النحل التعاونية في محافظة جنين إسلام دغلس، أن الجمعية تعمل على استحداث خط لإنتاج الصابون من عسل النحل كونه له فوائد جمة لترطيب البشرة وتغذيتها، كجزء من برنامج متكامل لصنع المنتجات التجميلية والعناية بالبشرة. ويضيف دغلس أن تدريب النساء على هذه الصناعة المنزلية هو جزء أساسي من الخطة المقبلة، حتى يتمكنّ من العمل من المنزل والتسويق عبر الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي، بخاصة أن التنقل من مكان إلى آخر قد يكون صعباً على بعضهن من ناحية الجهد والتكاليف، ويشير إلى أن صناعة الصابون ستكون مصدر دخل إضافي للنساء، كونهن يمتلكن النحل ولديهن منتجات مختلفة من العسل وشمعه.
"حاجة لموارد مالية"
هناك عدد من الصعوبات المرتبطة بصناعة الصابون، بخاصة مع تواجد المصانع التي تنتج الصابون بكميات أكبر وأسعار أرخص وروائح واستخدامات مختلفة. من ناحيتها تقول فرحة ضحى، إن ارتفاع أسعار المواد الخام وصعوبة الحصول عليها بشكل مستمر يشكلان عقبة أساسية أمام تطوير السيدات لهذه الصناعة، كما أن صعوبة عرض المنتجات والوصول لجمهور أوسع وارتفاع تكلفة الاستئجار خارج مناطق سكن النساء لعرض المنتجات، كلها عوامل تعيق عملية التسويق وزيادة المبيعات، أما الأمر الآخر فيتعلق بقلة التدريبات اللازمة والموارد المالية المطلوبة لتوفير تدريبات مختلفة بشكل مستمر للنساء العاملات في هذا المجال.
أما بالنسبة إلى إخلاص، فعلى رغم أن مشروعها كان طفلها المدلل الذي كرست له كل طاقتها ووقتها، وعملت على فحص جميع المنتجات قبل استخدامها، إلا أنها واجهت عدداً من الصعوبات المرتبطة بالاستقرار في السوق وتقدير احتياجات المستهلكين، إضافة إلى أن الحصول على أوراق الترخيص لهذه المهنة قد يأخذ وقتاً أطول من المتوقع، وتضيف إخلاص، أن إقبال الناس على الصابون المنزلي الذي يتم تصنيعه من مواد طبيعية يكون قليلاً، لأن البعض منهم يقارن سعره مع الصابون التجاري الموجود في الأسواق، من دون النظر إلى فوائده للجلد والبشرة.