ملخص
بدأت المساعدات الدولية تصل إلى ليبيا لدعم الناجين من الفيضانات في مدينة درنة، فيما يتضاءل الأمل في العثور على أحياء بين آلاف المفقودين بعد ستة أيام على الكارثة
بعد أسبوع على الفيضانات، التي اجتاحت مدينة درنة على سواحل شرق ليبيا، تواصل أجهزة الإسعاف الليبية بمساندة فرق أجنبية البحث عن آلاف القتلى والمفقودين جراء الكارثة.
وسط جهود فرق الإنقاذ في ظروف فوضوية، تتفاوت تقديرات الخسائر البشرية بقوة بحسب المصادر وتتراوح بين ثلاثة آلاف وأكثر من 11 ألف قتيل. وأعلن وزير الصحة في حكومة شرق ليبيا عثمان عبدالجليل في آخر حصيلة أوردها، أمس السبت، عن 3252 قتيلاً، لكن الأمم المتحدة نبهت إلى أن الحصيلة قد تصل إلى أكثر من 11 ألفاً.
ونفى متحدث باسم الهلال الأحمر الليبي الأحد أن تكون حصيلة الفيضانات التي ضربت مدينة درنة بشرق البلاد قد بلغت 11,300 قتيل، وفق ما أعلنت الأمم المتحدة أمس السبت نقلا عن الجمعية.
وقال المتحدث توفيق شكري لوكالة فرانس برس "نحن للأمانة نستغرب الزج باسمنا في مثل هذه الاحصاءات ونحن لم نصرّح بهذه الأرقام"، معتبرا أنها "تربك الوضع وخاصة ذوي الناس المفقودين".
وكان مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية قد أورد أن حصيلة الفيضانات ارتفعت الى 11,300 قتيل و10,100 مفقود، ونسب هذه الأعداد الى الهلال الأحمر الليبي.
وضربت العاصفة دانيال، ليل الأحد الإثنين، شرق ليبيا مصحوبة بأمطار غزيرة فتسببت بانهيار سدين في أعلى درنة، مما أدى إلى فيضان النهر الذي يعبر المدينة بصورة خاطفة فتدفقت مياه بحجم تسونامي جارفة معها كل ما في طريقها من أبنية وجسور وطرق وموقعة آلاف القتلى.
وذكر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن "الوضع الإنساني يبقى قاتماً بشكل خاص في درنة"، مشيراً إلى أن المدينة تعاني نقصاً في المياه العذبة وقد تسمم 55 طفلاً في الأقل بسبب المياه الملوثة.
ووسط الخراب الذي عم المدينة، يتم انتشال جثث كل يوم من تحت أنقاض الأحياء المدمرة أو من البحر ودفنها. بحسب السكان، طمر معظم الضحايا تحت الوحول أو جرفتهم المياه إلى المتوسط.
مئات الجثث
شاهد مسعفون مالطيون يساعدون الليبيين في عمليات البحث في البحر، مئات الجثث في خليج، بحسب ما أفادت صحيفة "تايم أوف مالطا"، من دون أن تحدد الموقع بدقة.
وصرح رئيس الفريق المالطي ناتالينو بيزينا للصحيفة "كان هناك على الأرجح 400، لكن من الصعب القول بصورة دقيقة". وأوضح أنه كان من الصعب الوصول إلى الخليج بسبب رياح قوية، لكنه أكد أن فريقه تمكن من المساعدة في انتشال عشرات الجثث.
من جهته أفاد فريق إغاثة ليبي أن عناصره شاهدوا "ربما 600 جثة" في البحر قبالة منطقة أم البريقة على مسافة نحو 20 كيلومتراً من درنة، وفق مقطع فيديو نشر على مواقع التواصل الاجتماعي، من دون أن يحدد إن كانت هذه الجثث ذاتها التي عثر عليها المسعفون المالطيون.
وتعلن فرق الإغاثة الليبية والأجنبية يومياً العثور على جثث، لكن أطنان الوحول التي طمرت قسماً من المدينة تجعل عمليات البحث شاقة.
ويرغم المسعفون في غالب الأحيان على إزالة الوحل بواسطة مجارف بحثاً عن الجثث في المباني المدمرة.
الفوضى السياسية
أرسلت موسكو 35 طبيب طوارئ ومساعدة إنسانية إلى المنطقة المنكوبة. وما يزيد من صعوبة أعمال الإغاثة الفوضى السياسية وحالة الانقسام المخيمة في ليبيا منذ سقوط نظام معمر القذافي في 2011.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتتنافس على السلطة في البلد حكومتان، الأولى تتخذ من طرابلس في الغرب مقراً ويرأسها عبدالحميد الدبيبة وتعترف بها الأمم المتحدة، وأخرى في شرق البلاد الذي ضربته العاصفة، يرأسها أسامة حماد وهي مكلفة من مجلس النواب ومدعومة من الرجل القوي في الشرق المشير خليفة حفتر.
وإزاء جسامة الكارثة، تبقى التعبئة الدولية قوية. وتتواصل حركة طائرات المساعدات التي تحط في مطار بنينا في بنغازي، كبرى مدن الشرق الليبي، فيما تتوافد فرق إغاثة ومساعدة من منظمات دولية ودول أجنبية.
وأفادت السلطات من جهة أخرى أنها باشرت عملية تعداد الجثث التي دفن المئات منها على عجل في الأيام الأولى بعد الكارثة، والتعرف على هويات القتلى.
في مواجهة العدد الكبير للمفقودين، تتفاوت حصيلة القتلى ويبقى من الصعب تأكيدها.
إحصائية أممية
وذكر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية خلال إحاطة، مساء السبت، أن حصيلة الضحايا في درنة ارتفعت إلى 11300 قتيل و10100 مفقود في المدينة المنكوبة، موضحاً أن هذه الأرقام تستند إلى جمعية الهلال الأحمر الليبي.
غير أن جمعية الهلال الأحمر نفت في وقت سابق عبر منصة "إكس" حصيلة سابقة نسبت إليها "بوجود 10 آلاف ضحية من ضحايا السيول في مدينة درنة"، مؤكدة أن المتحدث توفيق الشكري هو الناطق الوحيد باسمها وداعية "وسائل الإعلام إلى ضرورة توخي الحذر والدقة في نقل الأخبار والمستجدات قبل نشرها".
من جهتها، أعلنت منظمة الصحة العالمية في بيان، السبت، العثور على جثث 3958 شخصاً والتعرف على هوياتهم. وقالت إن "أكثر من تسعة آلاف شخص في عداد المفقودين"، من دون أن تحدد مصدر هذه الأرقام.
على بعد نحو 100 كيلومتر غرب درنة، في البيضاء، وجد السكان منازلهم شبه مدمرة وطبقة من الوحل تغطي أرضيتها.
وقال أيمن جبريل صالح الذي احتمى مع عائلته في إحدى غرف منزلهم إلى حين انتهاء العاصفة، إنه يشعر بالارتياح لعدم تعرض أي فرد من عائلته لإصابة. وقال لوكالة الصحافة الفرنسية "كل خسائرنا كانت مادية". وأضاف "حين رأينا الوضع في درنة، شعرنا بأننا في نعمة".
تدمير 891 بناية
قالت وكالة الأنباء الليبية الرسمية، إن الفريق المكلف من حكومة الوحدة الوطنية بحصر الأضرار في مدينة درنة قدر العدد الإجمالي للمباني المتضررة من السيول والفيضانات بنحو 1500 من إجمالي 6142 مبنى في المدينة.
وأوضح الفريق في إحصائية أولية أن عدد المباني المدمرة بشكل كامل بلغ 891 مبنى وبشكل جزئي 211 ونحو 398 مبنى غمرها الوحل، كما تقدر المساحة الإجمالية للمنطقة التي غمرتها السيول والفيضانات في درنة بستة كيلومترات مربعة.
دعم دولي
وحطت بمطار بنينا في بنغازي، كبرى مدن شرق ليبيا، أمس السبت، طائرتان الأولى إماراتية والأخرى إيرانية، أفرغتا أطناناً من المساعدات تم تحميلها في شاحنات لنقلها إلى المنطقة المنكوبة الواقعة على مسافة 300 كلم إلى الشرق، كما وصلت أطنان من المساعدات بينها معدات طبية من السعودية والكويت إلى شرق ليبيا.
وأعلنت سفارة إيطاليا وصول سفينة قبالة سواحل درنة تنقل بصورة خاصة خيماً وأغطية ومروحيتين للبحث والإنقاذ وجرافات.
كذلك حطت في شرق ليبيا طائرتان فرنسيتان "لنشر مستشفى ميداني" في درنة، وفق ما أفاد سفير فرنسا لدى ليبيا مصطفى مهراج.
وأعلنت منظمة الصحة العالمية وصول طائرة إلى بنغازي تحمل "29 طناً من الإمدادات الطبية" من مركزها اللوجيستي العالمي في دبي، "تكفي لمساعدة نحو 250 ألف شخص".
وتحدثت مانويل كارتون المنسقة الطبية لفريق من منظمة "أطباء بلا حدود" وصل قبل يومين إلى درنة، عن وضع "فوضوي" يحول دون حسن سير عملية إحصاء الضحايا والتعرف على هوياتهم، لكن الوضع السياسي وحالة الانقسام بين المؤسسات يعوقان عمليات الإغاثة.
وبعد فتح تحقيق في ظروف الكارثة، أكد النائب العام الليبي الصديق الصور أن السدين اللذين انهارا كانا يظهران تشققات منذ 1998.
غير أن الأشغال التي باشرتها شركة تركية في 2010 بعد سنوات من التأخير علقت بعد بضعة أشهر إثر ثورة 2011 ولم تستأنف منذ ذلك الحين. وندد النائب العام بوقف الأشغال متوعداً بالتعامل بشدة مع المسؤولين عن الكارثة.