Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.
اقرأ الآن

هل من مكان للنقد الفني في زمن "اللايك والشير"؟

نقاد يؤكدون أن غالبية النجوم لا يتقبلونه إلا إذا كان إيجابياً ويعتمدون آراء الجمهور ولو تجاوزت كل الأعراف

تعرض الناقد طارق الشناوي لهجوم شرس من المطرب مصطفى قمر بعد انتقاد الأول فيلمه الجديد (مواقع التواصل)

ملخص

لماذا يشحذ بعض الفنانين أسنانهم إذا سمعوا كلمة نقد؟

النقد الفني هو العملية التي يتم من خلالها تحليل وتقييم الأعمال الفنية، فحين ينظر الناقد الفني إلى أي عمل سواء كان لوحة أو أغنية أو فيلم سينمائي فهو لا يتعامل معه من منطلق الحب أو الكراهية، بل ينظر إليه بحياد وعقلانية من دون أن تتدخل مشاعره في التقييم.

مما لا شك فيه أنه يجب على الناقد الفني شرح الجوانب التي اعتمد عليها للحكم على العمل الفني، فمثلاً يجب أن يقول إنه حكم على القطعة الفنية بناء على مدى جودتها من الناحية التقنية، أو نجاحها في تصوير تلك الحال المزاجية وغير ذلك، ثم عليه أن يلخص سبب اعتقاده بأن هذا العمل ناجح أو فاشل بجمل محددة بعيداً من التطويل والاستطراد.

اقرأ المزيد

لكن هل ما زال الفنان يحتاج إلى آراء النقاد في هذا العصر الذي طغى عليه الانفتاح على العالم مع انتشار مواقع التواصل الاجتماعي؟ أم أن متابعيه على هذه المواقع يقومون بدور الناقد أو "المداح" مما جعل أي نجم يستقوي على الناقد والصحافي بهؤلاء المتابعين الذين يكيلون له المديح والغزل والتصفيق ليلاً ونهاراً؟

حين يأفل الوهج

قبل فترة قصيرة تعرض الناقد المصري طارق الشناوي لهجوم شرس من المطرب مصطفى قمر بعدما تحدث الأول في إحدى المقابلات التلفزيونية عن تقييمه لبعض الأفلام السينمائية المصرية، ووصف فيلم "أولاد حريم كريم" الذي يلعب بطولته قمر إلى جانب مجموعة من النجوم بأنه "رديء"، مما استفز مصطفى قمر فردّ للشناوي الصاع صاعين ووصفه بكلام مسيء.

انطلاقاً من ذلك قال الشناوي لـ"اندبندنت عربية"، "لا أستطيع أن أدعي أن كل الفنانين لا يأبهون لآراء النقاد ويتعالون عليهم، فأنا شخصياً لدي تجارب عدة توثق كلامي، وانتقدت في السابق كثيراً من الأعمال الفنية ولم يوجه لي أي كلام مسف أو شخصي".

 

 

ومن وجهة نظر الشناوي "يتقبل النجم الناجح النقد، أما ذاك الذي يمر بمرحلة أفول نجوميته وانطفاء وهجه فيصبح شديد الحساسية تجاه أي تقييم، وهناك بعض الفنانين الذين لا يملكون القدرة على التفرقة بين النقد الفني والهجوم، وعندما أقول عن فيلم ما إنه رديء فإن الرداءة تصف الفيلم وليس صاحبه، بالتالي من حقي كناقد أن أتحدث عن أي فيلم سواء كان سيئاً أو جيداً".

ويتابع أن "غالبية النجوم لا يتقبلون النقد إلا إذا كان إيجابياً، وبعضهم يتحملونه سواء اقتنعوا به أو لا، ولكنهم يبقون حريصين على عدم التطاول، وهناك من يعتقد بأن الشتائم ستخيف الناقد وتردعه عن الإدلاء بآرائه وهذا أمر مرفوض بتاتاً، وفي كل الأحوال لا توجد قاعدة مطلقة لكن على الإنسان أن يبقى محافظاً على حياده ولا ينجرف نحو معارك جانبية."

أما الناقدة والإعلامية اللبنانية نسرين ظواهرة، صاحبة المشوار الطويل في النقد الفني، فكان لها رأي في مسألة النقد البناء وتقول إن "مهنة الصحافة إجمالاً لا تخلو من النقاد الحقيقيين، لكن عددهم بات قليلاً وهم من جيلي، أما الجيل الجديد فهو يفتقد هذا الأمر، ومعايير الصحافة القديمة لم تعد موجودة كما كانت لأن معظم صحافيي هذا العصر لا يفقهون ألف باء النقد أو حتى الصحافة لأنهم يشبهون هذا العصر وسرعته ويفتقدون أخلاقيات ومعايير المهنة".

 

 

وتضيف أن "مهنة الصحافة تتجه نحو الانقراض فما بالكم بالنقد. والناس لم تعد تقرأ من أية مقالة إلا العنوان لأن مواقع التواصل باتت هي مصدر المعلومات، وأي معجب بفنان يستطيع أن يدون مديحه عبر منبر الفنان الخاص، لذا لم تعد لكلمة النقاد الذين يعدون على أصابع اليد الواحدة أية قيمة أو وزن، وهناك عدد من الصحافيين والنقاد باتوا معروفين بأنهم يكتبون مقالاتهم في إطار العلاقات الشخصية والمحسوبيات وبأسلوب جارح هدفه تلميع صفحة فنان على حساب آخر، هذا عدا عن أن غالبية الفنانين والمشاهير لا يتقبلون النقد."

وتشرح ظواهرة "منذ أن بدأت عملي في صحيفة لبنانية عريقة وأنا أعلم أن النجوم يغضبون عندما يكتب عنهم نقد ما لأنهم يحبون التطبيل والمديح وما شابه، وباتوا الآن يعتبرون أن الصحافيين مثل معجبيهم على الـ’سوشيال ميديا‘ يجب أن يبقوا منبهرين بفنهم وبأعمالهم سواء كانت جيدة أو سيئة، ومن أسهم في تدني دور الناقد والصحافي هم من قبلوا بالقيام بدور المداحين على حساب كرامتهم المهنية إرضاء للفنانين".

وتستدرك "أما أنا، فأعتبر نفسي من مدرسة النقد البناء الذي يساعد النجوم عبر إضاءة النقاط السلبية والإيجابية في أعمالهم بأسلوب راقٍ بعيد من التجريح والمديح."

"ألتراس" الفنانين

للناقد المصري محمد قناوي رأي أيضاً في الموضوع، ويقول "لا بد من أن نعترف بأن الحركة النقدية بصفة عامة خلال الأعوام العشرة الأخيرة أصابها نوع من التراجع سببه افتقادنا كنقاد إلى المساحات الممنوحة لنا للكتابة عن الأعمال الفنية الدرامية والغنائية وغيرها، وهناك سبب آخر لضعف النقد هو انتشار مواقع التواصل ووجود نوع جديد من النقد هو نقد الجمهور الذي تجاوز كل الأعراف، إذ أصبح لكل فنان ’ألتراس‘ خاص به يتألف من محبين و’فانز‘ هدفهم الترويج لأعماله والإشادة به، مما جعل كثيراً من الفنانين يتجاهلون فكرة الانتباه إلى آراء النقاد لأن الآراء الجماهيرية تصب في مصلحة الفنان وغروره وأنانيته، إضافة إلى أن كثيراً من النقاد خلال الأعوام الأخيرة لم يعودوا مؤهلين للعملية النقدية، فهم غير متخصصين ونقدهم مبني على انطباعات شخصية لا تعتمد القواعد الأساسية للنقد، وفكرة المديح المستمر لأعمال الفنانين أفقدت الناقد دوره".

 

 

تلك حال نقاد الفن، أما الفنانون أنفسهم فقد يبدو رأيهم مختلفاً حول النظر إلى النقد وتأثيره في مسيرتهم، إذ يقول المطرب اللبناني نادر الأتات "كنت ولا أزال أتقبل النقد، خصوصاً إذا كان هدفه التحسين من موهبتي بنوايا صافية بعيداً من المحسوبيات. فبعض الأعمال يكون نجاحها مشرقاً مثل الشمس، وبالنسبة لي إذا وجدت نسبة قليلة ممن ينتقدون هذا العمل الناجح، فإنني أتقبل نقدهم برحابة صدر، خصوصاً أن ليس هناك عمل يرضي الجميع."

أما المطربة التونسية لطيفة، فتوضح أن "النقد إذا جاء من نقاد محترفين ويملكون شهادات أكاديمية ويستطيعون تشريح العمل وإبراز جماليته وضعفه فإنني أتقبله بكل مودة، أما ما يسمى ’الانتقاد‘ فلا أحبذه كما لا أحبذ المديح في الوقت عينه. والنقد المحترف يساعد الفنان على تطوير نفسه، وأنا شخصياً درست النقد الفني في أكاديمية الفنون بمصر".

وتتابع "في عصر مواقع التواصل الاجتماعي معظم ما نقرأه لا هو نقد ولا انتقاد، بل يأتي لغاية في نفس يعقوب، بخاصة أن هناك أشخاصاً مندسين من قبل فنانين منافسين هدفهم تحطيم الفنان والهجوم عليه."

كذلك يؤكد المطرب وائل جسار أنه يتقبل النقد الفني إذا كان بناء ويساعده على تطوير أدواته كفنان.

المزيد من فنون