ملخص
قالت منظمة الصحة العالمية إن مجموع إصابات السرطان بالمغرب بلغ 52783 حالة عام 2018
تركت الحرب الكيماوية الإسبانية والفرنسية على ريف المغرب في الشمال آثاراً لا يمكن تجاوزها، مثل ارتفاع الإصابات بمرض السرطان وتلوث التربة والآبار، ويمثل عدد المصابين في الريف بين 60 و80 في المئة من مجموع مصابي السرطان بالبلاد.
في الفترة من 1923 حتى 1927 شنت القوات الاستعمارية الفرنسية والإسبانية حرباً ضد سكان الريف شمال المغرب، وقصفت الأهالي بغاز الخردل السام، وتشير المصادر التاريخية إلى أن آلاف الأشخاص قتلوا في الهجمات، فيما يعاني الناجون وأحفادهم تداعيات المواد السامة منها تلوث التربة والآبار وارتفاع معدلات الإصابة بمرض السرطان.
تاريخ عائلي
تبلغ نادية من العمر 30 سنة، وتدرس حالياً لتصبح مساعدة اجتماعية، وتنحدر من مدينة الناظور في الريف شمال المغرب، وعلى رغم أنها تقيم في مدينة فرانكفورت بألمانيا فإنها تتواصل بشكل مستمر مع تاريخها وأصولها في الريف المغربي، لا سيما أنها فقدت عديداً من أفراد عائلتها بسبب مرض السرطان المنتشر بشكل كبير هناك، وهو ما يجعلها تأخذ حذرها منه، فتقول "بسبب الخوف من الإصابة بمرض السرطان ينبغي أن أجري فحوصات الكشف المبكر باستمرار".
وأضافت نادية "فقدت والدي بسبب مرض السرطان، وأيضاً شقيقي مصاب به، وأغلب من أعرفهم فقدوا أفراد عائلاتهم بسببه، والغريب أن فرنسا وإسبانيا لم تعترفا بجرائمهما أو تعتذرا عن استعمالهما المواد السامة".
فقد الأهل
زهرة البالغة من العمر 40 سنة التي تعيش في مدينة الناظور شمال المغرب، فقدت هي الأخرى شقيقتها أخيراً للسبب ذاته، وعلقت قائلة "من المحزن أن تفقد أعز الناس على قلبك، ولقد فقدت والدتي من قبل ثم شقيقتي، بل أنا أيضاً معرضة للإصابة به في وقت لا أستطيع تحمل كلف العلاج".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبحسب أطروحة المؤرخ البريطاني سيباستيان بلفور "هل أدى الغاز إلى الإصابة بالسرطان؟"، وهو من المؤرخين القلائل الذين أجروا أبحاثاً في منطقة الريف بالمغرب لسنوات عدة، قال إن "نصف مرضى السرطان في المعهد الوطني المغربي من سكان الريف وهو أمر مخيف للغاية".
تم الكشف عن استخدام الأسلحة الكيماوية من طرف طيارين في إسبانيا في فترة الستينيات، وظهر مزيد من المعلومات في التسعينيات عندما كشف الصحافيون والباحثون أسراراً عسكرية سرية، أبرزهم سيباستيان بلفور الذي كشف عن استعمال الإسبان والفرنسيين المواد الكيماوية السامة في حربهما على الريف المغربي.
مطالب بتعويضات
ويشار إلى أن الجمعية الأمازيغية العالمية طالبت إسبانيا وفرنسا بإجراء تحقيقات رسمية وتعويضات وأيضاً إدانة الهجمات، وفي عام 2005 قدم النائب الإسباني جوان تاردا مشروع قانون يعترف بالهجمات، ويطالب بالتحقيقات وتعويض الضحايا لكن تم رفض القانون في ذلك الوقت.
وقالت منظمة الصحة العالمية إن مجموع إصابات السرطان بالمغرب بلغ 52783 حالة عام 2018، وتحظى نسبة الإصابة بسرطان الثدي بالحصة الكبرى وتمثل 19.2 في المئة، فيما بلغت الوفيات به 10.7 في المئة، ثم سرطان الرئة بنسبة 12.3 في المئة والوفيات به 19.4 في المئة، يليه سرطان القولون الذي يمثل 7.8 في المئة وتمثل وفياته 7.5 في المئة، ثم سرطان البروستاتا بالنسب نفسها تقريباً.
40 ألف إصابة
وأشارت عريضة أطلقها الناشط المدني، محمد اليخلوفي، على موقع "آفاز" العالمي "إلى أن دراسات وأبحاثاً كشفت عن أن عدد المصابين بالسرطان في الريف يمثل ما بين 60 و80 في المئة من مجموع الإصابات السرطانية على مستوى المغرب، وأن المنطقة تسجل أعلى معدل للإصابة بذلك الداء في العالم".
ويشار إلى أن المغرب يسجل سنوياً نحو 40 ألف حالة إصابة جديدة بالسرطان، بحسب معطيات قدمتها وزارة الصحة المغربية.
وحذرت منظمة الصحة العالمية من أن معدلات الإصابة بالسرطان في العالم قد ترتفع بنسبة 60 في المئة على مدى الـ20 عاماً المقبلة، ما لم يتم تعزيز العناية بالسرطان في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.