ملخص
ولدت بمدينة أربيل في عام 1973، وفرت عائلتها إلى إيران حين كانت في الثانية من العمر، هرباً من نظام صدام حسين
بعد نحو عامين على اقتصار رئاسة الدبلوماسية الأميركية في القاهرة على مستوى القائم بالأعمال، أعلنت واشنطن عن تعيين الدبلوماسية هيرو مصطفى جارج، ذات الأصول العراقية، لتكون سفيرة للولايات المتحدة في مصر.
ومنذ انتهاء ولاية السفير الأميركي الأسبق روبرت بيكروفت في يوليو (تموز) 2017 ظل التمثيل الدبلوماسي الأميركي بالقاهرة على مستوى القائم بالأعمال، باستثناء فترة عمل السفير السابق جوناثان كوهين الذي قدم أوراق اعتماده في نوفمبر (تشرين الثاني) 2019، واستمر في منصبه حتى مارس (آذار) 2022.
وشغلت هيرو مصطفى جارج منصب سفيرة الولايات المتحدة في بلغاريا منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2019 وحتى مارس الماضي. وكانت نائبة رئيس البعثة في سفارة الولايات المتحدة في لشبونة بالبرتغال، ومستشارة في السفارة الأميركية في نيودلهي بالهند، وكانت أول أميركية من أصل كردي تشغل منصب سفير.
وعملت هيرو مصطفى جارج في مكتب نائب الرئيس الأميركي في القضايا المتعلقة بالشرق الأوسط وجنوب ووسط آسيا، وشملت مهامها الأخرى في واشنطن منصب نائب مدير مكتب أفغانستان، ومستشار الشرق الأوسط في مكتب وكيل الوزارة للشؤون السياسية، ومدير شؤون إيران، والشؤون الإسرائيلية الفلسطينية، بحسب ما نشر في الموقع الرسمي للبيت الأبيض، كما تولت مهام دبلوماسية في مناطق متفرقة من العالم تشمل العراق والهند ولبنان والبرتغال واليونان والبوسنة.
وعند ترشيحها للمنصب في مارس الماضي، قال البيت الأبيض في بيان إن الدبلوماسية الأميركية حصلت على شهادة بكالوريوس من كلية الخدمة الخارجية بجامعة "جورج تاون" وماجستير من جامعة "برينستون"، وتتحدث الكردية والعربية والفارسية واليونانية والهندية والبلغارية والبرتغالية.
وكانت قصة عائلة هيرو مصطفى المهاجرة موضوع الفيلم الوثائقي "البطلة الأميركية "American Herro، بحسب البيت الأبيض، وكرمتها مؤسسة "كارنيغي" في عام 2021، كواحدة من أهم المهاجرين في الولايات المتحدة.
فقدان الثقة
وبحسب مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، فإن "التحدي الأكبر الذي يواجه أي دبلوماسي أميركي في المنطقة حالياً سيكون فقدان الثقة بواشنطن في المنطقة العربية، بعد اشتراكها في خلق المشكلات مثل تدمير العراق وليبيا وعدم المساهمة في أي مشكلة ظهرت في الدول العربية، بل إن الرئيس بايدن ووزيري خارجيته ودفاعه شاركوا في اجتماع مجلس الوزراء الحربي الإسرائيلي لبحث خطط الحرب على غزة"، مضيفاً لـ"اندبندنت عربية" أن "الإعلان عن تعيين السفيرة حالياً لا يمكن ربطه بالحرب، بخاصة أن تقاليد الدبلوماسية الأميركية تقضي بترشيح السفير وخضوعه لجلسات استماع في الكونغرس وهو ما تم في الأشهر الماضية". وأضاف أن "وجود دبلوماسي بدرجة سفير في الدولة يختلف في درجة التواصل بين البلدين، فلا يمكن لنائب قائم بالأعمال على سبيل المثال أن يطلب لقاء وزير الخارجية"، مشيراً إلى أن "السفراء الأميركيين كانوا في السابق هم الأنشط على الساحة المصرية، لكن ذلك اختلف في السنوات الأخيرة وأصبحت السفارة تخلو من السفير لمدد طويلة".
وأشار حسن إلى أن "وجود سفير يتقن لغة الدولة التي يخدم بها يساعده كثيراً على فهم الأجواء والمناخ العام الذي يعمل فيه، إضافة إلى قدرته على التواصل مع الشعب والأوساط غير الدبلوماسية"، مضيفاً أنها "ليست المرة الأولى التي تعين فيها الولايات المتحدة سفيراً يتحدث العربية".
من جهة أخرى، يرى المتخصص في العلاقات الدولية أشرف سنجر أن "أهم الملفات التي ستضعها الدبلوماسية الأميركية هيرو مصطفى على أجندة عملها هو تطوير العلاقات بين البلدين". وأضاف أن "القضية الفلسطينية - الإسرائيلية تأتي ضمن أولويات الولايات المتحدة، ومصر تعد محوراً استراتيجياً في المنطقة لاعتبارات عدة"، موضحاً أن "القاهرة وسيط أساس بين الحكومة الإسرائيلية والأطراف الفلسطينية، ورأينا دورها القوي في التدخل لوقف إطلاق النيران خلال الأعوام الماضية في قطاع غزة".
وأكد سنجر أن "تجدد الأزمة في السودان إلى جانب الموقف بليبيا وهما دولتا جوار لمصر، يمنح القاهرة أهمية إضافية بالنسبة إلى واشنطن للتنسيق بجميع قضايا المنطقة"، موضحاً أن "مصر تملك ثقلاً كبيراً في ليبيا وتعمل على منع تجدد الصراع بين أطراف النزاع هناك، ومنع تطور الأمر لحرب أهلية واعتبار ذلك جزءاً من الأمن القومي المصري".
حاجات مصر
كما أشار إلى أن "حرية الملاحة في البحر الأحمر تشغل جزءاً كبيراً من اهتمام أميركا بقضايا المنطقة، كونه طريقاً للقاعدة الأميركية في جيبوتي"، لافتاً إلى أن "استقرار أوضاع الملاحة البحرية ودور مصر في الحفاظ على ذلك سيأتي ضمن أولويات ملفات السفير الأميركي الجديد بالقاهرة".
وعما تحتاج إليه مصر من أميركا في الوقت الحالي، قال سنجر إن "سد النهضة سيظل القضية المحورية التي تمثل تهديداً مباشراً للدولة المصرية، من ثم هناك تعويل على دور الإدارة الأميركية الحالية في دعم القاهرة بوجه إجراءات إثيوبيا الأحادية ودفعها إلى التوصل إلى اتفاق، مثلما فعلت إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب".
كذلك، تطمح مصر إلى زيادة الاستثمارات الأميركية المباشرة على أرضها بما يدعم الاقتصاد المصري، وشدد سنجر على أن "الولايات المتحدة تحتاج إلى إثبات حسن نواياها في توطيد العلاقات الممتدة بين البلدين بمساعدة الدولة المصرية مثلما دعمت عديداً من الدول".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
القائم بالأعمال
ومنذ مطلع يوليو 2017 وحتى الآن ظلت قيادة العمل الدبلوماسي الأميركي في القاهرة على مستوى القائم بالأعمال باستثناء نحو عامين من وجود السفير جوناثان كوهين، الذي أنهى عمله في مارس 2022.
ويرجع المتخصص في العلاقات الدولية أشرف سنجر ذلك إلى "طبيعة عمل وزارة الخارجية الأميركية وطريقة اختيار من يشغل موقع السفير، بخاصة مع حاجة واشنطن إلى اختيار سفير على قدر من الكفاءة والخبرة بما للعلاقات المصرية - الأميركية من أهمية وتشعب في ملفات كثيرة"، مؤكداً أن "من يشغل منصب القائم بالأعمال في بلد ما يقوم بمهام السفير نفسها"، نافياً أن يكون لذلك دلالة حول التقليل من حجم العلاقات.
في المقابل، يرى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير جمال بيومي، أن "ترك السفارة الأميركية بالقاهرة على مستوى القائم بالأعمال لفترات طويلة هو دليل سوء إدارة من جانب واشنطن"، مضيفاً أنه "من المعيب" ترك سفارة من دون سفير لأنه يدل على عدم الاعتناء بالعلاقات الثنائية. وقال إن المسؤولين المصريين كثيراً ما أشاروا لنظرائهم الأميركيين إلى أن ذلك "عمل غير ودي". وأضاف بيومي لـ"اندبندنت عربية" أن "من يتم اختياره لمنصب السفير في القاهرة لا بد أن يكون ملماً بملفات المنطقة وتاريخها، وأن يعرف قدر مصر وأهميتها بالنسبة إلى الولايات المتحدة". ورأى أن "اختيار سفيرة ذات أصول شرق أوسطية وتتحدث العربية هو بداية للنجاح، كما أن حرص أي دولة على تعيين سفير مرموق هو دليل على اهتمامها بالعلاقات الثنائية".
كما أكد أن "الخلفيات اللغوية والدينية تساعد السفير في التواصل والتفاهم مع الدولة المبعوث إليها باعتباره حلقة وصل بين البلدين"، مشيراً إلى أن "التنوع الديموغرافي في الولايات المتحدة من المهاجرين يسمح لها باختيار الشخص الأنسب لكل منطقة".
الحلم الأميركي
ولدت هيرو قادر مصطفى في مدينة أربيل، عاصمة إقليم كردستان حالياً، في عام 1973، وفرت عائلتها إلى إيران وهي بعمر سنتين، هرباً من نظام الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، وأمضت عامين في مخيمات اللاجئين حتى تمت الموافقة على طلب لجوء الأسرة إلى الولايات المتحدة، وذلك بحسب منشور على موقع مؤسسة "كارنيغي" الأميركية.
وبعد استقرار عائلتها في الولايات المتحدة، درست هيرو في المراحل التعليمية الأولى في ولاية داكوتا الشمالية، وحصلت على شهادتها الجامعية الأولى من جامعة "جورج تاون" في عام 1995، كما نالت الماجستير في السياسة الخارجية من جامعة برينستون، وفي العلاقات الدولية من كلية "وودرو ويلسون" للشؤون العامة والدولية.
وتعتبر هيرو أن قصة عائلتها هي "مثال للحلم الأميركي"، مشيرة في لقاء إعلامي سابق إلى أنها كافحت لاستغلال كل فرصة متاحة، والولايات المتحدة هي البلد الذي يكافأ العمل الجاد لذلك "تحب أميركا حقاً" وتؤمن أن جميع الدول يمكنها الاستفادة من الشراكة مع واشنطن، وهذا ما يحكم عملها كدبلوماسية.
وقالت جارج، وفق "كارنيغي"، ذات مرة لمجموعة من الطلاب "كونك لاجئاً مهاجراً، فأنت تبدأ بلا شيء، لكن هذه التجربة علمتني أن أضع أهدافاً كبيرة، ثم أحققها، ثم أهدف إلى مستوى أعلى".
ملفات شرق أوسطية
وعملت هيرو مصطفى جارج في إدارة منظمة غير حكومية للدراسات الكردية في الولايات المتحدة بعد تخرجها مباشرة، ثم تنقلت بين دول عربية وآسيوية وأوروبية عدة لمتابعة مسيرتها المهنية.
وكانت أولى رحلاتها إلى البوسنة للإشراف على الانتخابات المحلية هناك، ثم الإمارات، حيث شغلت منصب رئيس تحرير "مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية" في أبوظبي.
وفي عام 1999 انضمت للعمل في وزارة الخارجية الأميركية، فعملت كمسؤولة سياسية عن حقوق الإنسان ومشكلات الاتجار بالبشر في العاصمة اليونانية، أثينا، ثم مستشارة في القنصلية الأميركية في بيروت.
ثم شغلت منصب كبير المستشارين لنائب الرئيس السابق آنذاك جو بايدن، وقدمت استشارات في شأن القضايا المتعلقة بالشرق الأوسط وجنوب آسيا ووسطها، منذ أوائل عام 2009 وحتى عام 2011.
وعملت كمساعدة خاصة لوزيرة الخارجية الأميركية السابقة كوندوليزا رايس، وفي العراق عملت منسقة بين السلطات العراقية وسلطة التحالف الموقتة لمحافظة نينوى بشمال العراق. وشغلت منصب مديرة شؤون العراق وأفغانستان بين عامي 2004 و2005 أثناء عملها في مجلس الأمن القومي الأميركي. وخلال عامي 2005 و2006 تسلمت منصب مدير الشؤون الإسرائيلية والفلسطينية والأردن في المجلس ذاته. وكانت هيرو، المستشارة السياسية لوفد الحكومة الأميركية خلال المفاوضات الخاصة بالملف النووي الإيراني.
وحصلت على جائزة وزارة الخارجية لحقوق الإنسان وتحقيق الديمقراطية، فضلاً عن جائزة الشرف العليا وجائزة الشرف التقديرية عن مجمل مسيرتها المهنية، كما عملت مستشارة سياسية في سفارة بلادها في نيودلهي بالهند. وأصبحت بعدها نائبة رئيس البعثة الدبلوماسية في سفارة الولايات المتحدة في البرتغال في يوليو 2016، وشغلت منصب سفير فوق العادة في عام 2017. وفي يونيو (حزيران) 2019، عينها الرئيس دونالد ترمب، لتكون سفيرة الولايات المتحدة في بلغاريا.