ملخص
اختتمت فعاليات مؤتمر "حوار المنامة" بالبحرين في نسختها الـ 19، بعدما تمحورت جلسات اليوم حول "سياسات أمن الطاقة"، و"الأشكال الجديدة للتعاون الاستراتيجي"، وناقشت الجلسة الختامية "مستقبل الشرق الأوسط".
اختتمت فعاليات مؤتمر "حوار المنامة" بالبحرين في نسخته الـ 19، اليوم الأحد، بعدما تمحورت جلسات اليوم حول "سياسات أمن الطاقة"، و"الأشكال الجديدة للتعاون الاستراتيجي"، وناقشت الجلسة الختامية "مستقبل الشرق الأوسط". في محاولة للتخفيف من حدة التوترات الإقليمية والدولية.
"حوار المنامة" الذي انطلق في العاصمة البحرينية من 16 -19 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، تركزت محادثاته، أمس السبت، حول الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي والحرب الدائرة في غزة بين إسرائيل وحركة "حماس"، وما يدور حوله من تحديات حرجة بحضور أكثر من 450 شخصية من 40 دولة، ضمت وزراء خارجية ودفاع ومستشارين للأمن القومي وقادة عسكريين وقادة أعمال وخبراء أمنيين وغيرهم من جميع أنحاء الشرق الأوسط وأوروبا وأميركا الشمالية وأفريقيا وآسيا.
وأثر التوقيت الزمني الذي عقد فيه حوار المنامة الذي اختتمت أعماله اليوم الأحد، في أجندته، فبعدما كان المحور الرئيس في جلسات أمس يتمركز على غزة وأثر الصراع الدائر بين الفلسطينيين والإسرائيليين في منطقة الشرق الأوسط والعالم كافة، حضرت اليوم المخاوف في شأن إمدادات الطاقة على أجندة المؤتمر، لا سيما أن الأحداث الجيوسياسية والجيواقتصادية مترابطة ولا يمكن فصل أحدهما عن الآخر، خصوصاً إن كان الحديث من منطقة الخليج، المصدر الرئيس لموارد الطاقة في العالم.
في هذا السياق أشار الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي جاسم البديوي، لدى مشاركته في حوار المنامة، إلى أن دول المجلس "لاعب أساس وشريك موثوق به دولياً في مجال ضمان أمن الطاقة، وأن موضوع السياسة الجديدة لأمن الطاقة يحتل مكانة بارزة في سياسات دول مجلس التعاون، التي تلعب دوراً محورياً في قطاع النفط والغاز على المستوى العالمي، مما يضمن أمن الطاقة في جميع أنحاء العالم".
وأضاف أن دول المجموعة "أثبتت على مدى عقود من الزمن أنها شريك موثوق في مجال الطاقة، مما يدل على التزامها الثابت تحقيق استقرار أسواق الطاقة العالمية".
واستذكر البديوي الحرب الإيرانية - العراقية في ثمانينيات القرن الماضي، يوم كانت "بعض هذه الدول اتخذت تدابير استثنائية، مثل تغيير أعلام ناقلات النفط الخاصة بها، لحماية تدفق النفط على رغم الخطر الذي تتعرض له سفنها".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأردف قائلاً "أما في الآونة الأخيرة فسلطت أزمة الحرب الأوكرانية الضوء على الدور الحيوي الذي تلعبه دول مجلس التعاون في الحفاظ على أمن الطاقة، فعلى رغم التحديات الهائلة التي لا تزال تلقي بظلالها على أسواق الطاقة، فقد أظهرت دول الخليج مرونة وحافظت على استمرارية واستقرار العرض على النفط، وأنه يتعين على الدول والمنظمات الدولية توحيد الجهود لحماية هذه الممرات من التهديدات العسكرية أو القرصنة أو الكوارث البيئية".
تراجع الاستثمارات
ولفت البديوي إلى أن صناع السياسات في الاقتصادات المتقدمة تجاهلوا لفترة طويلة التحذيرات الصادرة من قطاع النفط والغاز في شأن نقص الاستثمار، ووضع صناع السياسات هؤلاء كثيراً من الثقة في مصادر الطاقة المتجددة، كما تراجعت الاستثمارات في مجال النفط والغاز بشكل ملحوظ في الفترة من 2014 إلى 2021، مما أدى إلى الحاجة الملحة إلى تصحيح ذلك من أجل ضمان أمن الطاقة وسد أي ثغرات.
وزاد "إن العالم يحتاج إلى النفط والغاز في المستقبل المنظور لتلبية الطلب المتزايد، وقد تم تأكيد ذلك في تقرير "التوقعات العالمية 2023" الذي أصدرته منظمة (أوبك) أخيراً، ويتوقع أن يتوسع الطلب على الطاقة بنسبة 23 في المئة من الآن وحتى عام 2045، ومن المتوقع أن يلبي النفط والغاز أكثر من 50 في المئة من حاجات الطاقة العالمية بحلول ذلك الوقت، وبالنسبة إلى صناعة النفط وحدها ترى (أوبك) أن متطلبات الاستثمار تبلغ 14 تريليون دولار حتى عام 2045، أو نحو 610 مليارات دولار سنوياً، ومن الأهمية أن يتم تحقيق ذلك لصالح المستهلكين والمنتجين والاقتصاد العالمي، وفي نهاية المطاف لأمن الطاقة العالمي".
تهديدات محتملة
واختتم البديوي كلمته بتأكيد الحاجة الملحة إلى تعزيز التعاون الدولي، بما في ذلك حماية البنية التحتية للطاقة وطرق النقل، فضلاً عن مواجهة التهديدات المحتملة، سواء كانت عسكرية أو سيبرانية، معتبراً أن الرؤية الطويلة المدى ضرورية لضمان أمن الطاقة، بغض النظر عن الصراعات الحالية مثل الحرب الروسية - الأوكرانية أو غيرها من التحديات القصيرة المدى، وتعزيز التعاون والشفافية بين المنتجين والمستهلكين أمر بالغ الأهمية لضمان استقرار أسواق النفط.
وفي السياق ذاته، قال المبعوث الأميركي لأمن الطاقة آموس هوكستين "إن أمن الطاقة هو ركيزة أساسية للأمن الدولي، لا سيما في وقت النزاعات العسكرية".
وأشار إلى أن الحديث عن أمن الطاقة يرتبط بأمن الإمدادات وسلاسل التوريد، وليس الوقود الأحفوري مقابل مصادر الطاقة المتجددة.
الحروب وأمن الطاقة
وأوضح المبعوث الأميركي أن الصراع الحالي في غزة والحرب الروسية - الأوكرانية من قبله لهما انعكاسات سلبية على أمن الطاقة لا سيما في حال اتسعت رقعة الحرب في القطاع.
وعلى رغم تأكيد هوكستين ضرورة الحفاظ على أمن الطاقة العالمي، الذي اعتبره إحدى ركائز الأمن الدولي، التي لا يمكن تحقيقها من دون ضمان توفير وسلامة الإمدادات، فإنه طالب بسرعة التحول للطاقة النظيفة والمتجددة. وقال "لا بد من التسريع في التحول بمجال الطاقة في ظل التغير المناخي الذي بات أكثر خطورة، أمامنا كثير من العمل لتحقيق ذلك الهدف لا سيما مع دول الخليج المنتجة للطاقة، لا سيما أن السعودية والإمارات وقطر أصبحت تستثمر أموالاً ضخمة في الطاقة النظيفة، مع أنها من أكثر الدول المنتجة للطاقة الأحفورية".
ولفت في ختام كلمته إلى أن مؤتمر الأطراف في اتفاق الأمم المتحدة في شأن تغير المناخ الذي ينعقد في دبي نهاية الشهر الجاري سيكون فرصة لتحقيق الأهداف المناخية والعدالة في مجال الطاقة.
توفير الطاقة
في غضون ذلك اعتبر أمين منتدى غاز شرق المتوسط أسامة مبارز أن أمن الطاقة ضروري في عالم يشهد انقسامات ونزاعات وأزمات متتالية خلال أربع سنوات. وقال "مر العالم بعديد من الأزمات الكبيرة خلال الأعوام الأربعة الماضية بدءاً بجائحة كورونا وما تلاها من الحرب الروسية - الأوكرانية وقضية التغير المناخي وأخيراً الحرب بين (حماس) وإسرائيل".
واستطرد بالقول "إن موضوع أمن الطاقة وإمدادها كان حاضراً في تلك الأزمات، مما يتطلب مواجهة تلك التحديات والوصول إلى حلول تضمن إتاحة الطاقة للجميع".
يذكر أن حوار المنامة الذي اختتم أعماله اليوم في دورته الـ19 ينظم بشكل سنوي، ويجتمع فيه المسؤولون الأمنيون ورجال الأعمال والشخصيات الدولية والاقتصاديون والسياسيون والمفكرون الاستراتيجيون من دول عدة في العالم بهدف تبادل وجهات النظر إزاء التحديات العالمية المختلفة.
كانت هذه مجريات "حوار المنامة 2023" وهذا جانب من التغطية المباشرة.