Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اغتيال جون أف كينيدي يحتفظ بألغازه حتى بعد 60 عاماً

الافتتان مستمر بالأسئلة التي لم تلق أجوبة بعد عن الاغتيال الرابع لرئيس أميركي

الرئيس جون أف كينيدي والسيدة الأولى جاكلين كينيدي في سيارتهما المكشوفة ضمن الموكب الرئاسي قبل وقت قصير من اغتيال الرئيس في دالاس، تكساس (غيتي)

ملخص

اغتيل الرئيس جون كينيدي قبل 60 عاماً ولا تزال الألغاز تسربل ذلك الحدث حتى الآن وثمة محطات محورية في تلك العتمة المحيرة

حينما غدا جون أف كينيدي الرئيس الأميركي الرابع الذي يجري اغتياله خلال فترة ولايته على يد شاب مسلح في تكساس منذ 60 عاماً، غرقت البلاد في حال من الصدمة والحزن، فالرئيس الوسيم والكاريزمي المتحدر من نيوإنغلاند قتل بالرصاص بمدينة دالاس، تكساس في الـ 22 من نوفمبر (تشرين الثاني) 1963، لينضم إلى لائحة شهيرة فيها أبراهام لينكولن وجايمس غارفيلد وويليام ماكينلي.

قتل لينكولن بالرصاص في أبريل (نيسان) 1865 على يد الممثل جون ويلكس بوث في مسرح فورد بالعاصمة واشنطن بعد خمسة أيام من استسلام قائد الجيش الكونفيدرالي الجنرال روبرت إ. لي، وذلك في محاولة لزعزعة الاتحاد وإنقاذ الكونفدرالية، وتعرض غارفيلد للرصاص في يوليو (تموز) 1881 على يد تشارلز غويتو في قطار بواشنطن بعد أن رفض الرئيس تعينه في منصب دبلوماسي، ولاحقاً توفي غارفيلد في سبتمبر (أيلول) 1881 متأثراً بجراحه. كذلك تعرض ماكينلي لرصاصتين في الصدر أطلقهما عليه الفوضوي ليون كزولغوج في "بافالو" عام 1901، وقد أعلن المهاجم أن سبب فعلته يعود لأن الرئيس يقود حكومة فاسدة، وتوفي ماكينلي بعد أسابيع من الحادثة إثر إصابته بالغرغرينا.

بيد أن الدافع وراء اغتيال جون أف كينيدي، وقد نفذه قاتل وحيد هو لي هارفي أوزولد، وفق استنتاج الـ "أف بي آي" و"لجنة وارن"، بقي طوال الوقت محاطاً بالغموض وأشعل سجالاً محتدماً على مدى عقود، وفي ما يلي نقدم ما نعرفه حتى الآن عن اغتيال الرئيس جون أف كينيدي.

لماذا ذهب جون أف كينيدي إلى تكساس؟

سافر الرئيس كينيدي رفقة زوجته جاكلين كينيدي إلى تكساس في رحلة شكلت جزءاً من حملة لتوحيد الحزب الديموقراطي وإطلاق حملته الانتخابية في عام 1964 للفوز بولاية رئاسية ثانية.

قضى الزوجان يوم الـ 21 من نوفمبر في سان أنطونيو وهيوستن وفورت ورث، ثم انتقلا جواً إلى "دالاس لوف فيلد" على متن طائرة "إيرفورس وان" الرئاسية في اليوم التالي.

اُستقبل الرئيس والسيدة الأولى وأُخذا بسيارة "لينكولن كونتينينتال" مكشوفة ستقلهما رفقة حاكم تكساس جون كونالي في جولة على شوارع وسط مدينة دالاس في الطريق إلى "ترايد مارت" حيث سيلقي الرئيس خطاباً عند الساعة 12:30 بعد الظهر.

طلقات نار تدوي

مع وصول الليموزين إلى الـ "ديلاي بلازا" حتى التفتت سيدة تكساس الأولى نيلي كونالي إلى الرئيس كينيدي وأشارت إلى كثافة الجماهير قائلة "سيدي الرئيس لا يمكنك القول إن دالاس لا تحبك"، وفي كلمات ستكون من آخر ما تفوه به أجابها الرئيس كينيدي، "لا، لا يمكن قول ذلك بالتأكيد". ومع اجتياز السيارة "تكساس بوك ديبوسيتوري" Texas Book Depository، [المبنى الذي بات اليوم مقر إدارة المقاطعة في دلاس] حتى دوت ثلاث طلقات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

"يبدو أن هناك أمر ما حصل في طريق الموكب، أكرر هناك أمر حصل في طريق الموكب"، أعلن التعليق الإذاعي.

تشير الصيغة الرسمية حول ما حدث إلى أن كينيدي أصيب برصاصتين من الأعلى ومن الخلف، واحدة في خلفية العنق وقد خرجت عبر نحره قبل أن تصيب الحاكم كونالي الذي أصيب إصابة بالغة لكنه نجا من الهجوم. وأصابت الثانية الرئيس في رأسه، وقفز العميل السري [في جهاز الاستخبارات] كلينت هيل على سيارة الليموزين مغطياً [بجسده] السيدة الأولى والرئيس، وعلى الأثر اتجه الموكب مسرعاً إلى مستشفى باركلاند، وبعد مضي 30 دقيقة توفي الرئيس.

"فارق الرئيس كينيدي الحياة عند الساعة الواحدة بعد الظهر بالتوقيت المحلي المركزي"، بحسب ما أعلن مذيع الأخبار على التلفزيون والتر كرونكايت مباشرة على الهواء.

وبعد الاغتيال أقسم ليندون باينس جونسون اليمين الدستورية بوصفه الرئيس رقم (36) للولايات المتحدة الأميركية على متن "إيرفورس وان" [الطائرة رقم واحد في القوات الجوية الأميركية] وإلى جانبه وقفت جاكي كينيدي.

اعتقال لي هارفي أوزولد

بعد أقل من ساعة على حادثة الاغتيال وبعد قتله أيضاً شرطياً في دالاس هو جي دي تيبيت، أُلقي القبض في قاعة سينما على العضو السابق في قوات المارينز الأميركية [مشاة البحرية] لي هارفي أوزولد الذي قضى وقتاً في الاتحاد السوفياتي بتهمة تنفيذ جريمة الاغتيال، وبعد يومين وخلال احتجاز أوزولد في المقر الرئيس لشرطة دالاس وأثناء مشهد بث حي على التلفزيون لنقله في الطوابق السفلية للمقر، تعرض [أوزولد] لإطلاق نار وقُتل على يد صاحب الملهى الليلي المحلي جاك روبي، وقد دين روبي بقتل أوزولد وحكم بالإعدام، لكنه استأنف الحكم وتوفي بالسرطان عام 1967 قبل انعقاد جلسات إعادة المحاكمة.

ألـ "أف بي آي" و"لجنة وارن"

بعد اغتيال كينيدي أجرى جهاز الأمن الفيدرالي الأميركي (أف بي آي) قرابة 25 ألف مقابلة (في إطار التحقيقات)، وتتبع آلاف الأدلة قبل أن يستنتج بأن أوزولد تحرك بمفرده، وكذلك قضت "لجنة وارن" التي عينها الرئيس جونسون للتحقيق في الجريمة عاماً كاملاً وهي تحقق في الاغتيال، وفي تقريرها النهائي المؤلف من 889 صفحة استنتجت اللجنة أيضاً أن أوزولد تحرك بمفرده، وقد أكد التقرير "عدم وجود دليل" يشير إلى أن أوزولد وروبي كانا جزءاً من مؤامرة محلية لاغتيال كينيدي، أو أن حكومة أجنبية خططت للهجوم ونفذته، لكن التقرير أشار إلى أن أوزولد سافر إلى الاتحاد السوفياتي عام 1959 وتقدم بطلب للحصول على الجنسية السوفياتية من دون أن ينجح، وعاش هناك حتى عام 1962.

كذلك ذكر التقرير أن أوزولد الماركسي زار السفارتين الروسية والكوبية في مكسيكو سيتي في سبتمبر (أيلول) 1963 قبل أشهر من تنفيذه عملية الاغتيال.

وقد طرح أصحاب نظريات المؤامرة سؤالاً عن السبب الذي جعل أوزولد يزور السفارتين المذكورتين، وإذا ما اتصل بمسؤولي الاستخبارات الموجودين فيهما.

وفي المقابل لم يشر التقرير أبداً إلى دافع نهائي يفسر إطلاق أوزولد النار على كينيدي وقتله، وكتبت مجلة "تايم" عام 1964 أن "التفسير لدافع أوزولد في قتل الرئيس كينيدي دفن معه".

نظريات مؤامرة وفيلم زابرودر

على مدى العقود الستة الماضية احتدم السجال وطرحت نظريات المؤامرة فيما يتعلق باغتيال الرئيس كينيدي، وفي ذلك السياق صدرت آلاف الكتب والأفلام والبرامج التلفزيونية والإذاعية التي خُصصت لتناول الحدث والأسرار المتعلقة به والتي قد لا تلقى حلاً. وبحسب استطلاع أجرته "غالوب" في وقت سابق من هذا الشهر تؤمن غالبية من الأميركيين بأن أوزولد لم يتحرك بمفرده في الـ 22 من نوفمبر 2023، وهناك آخرون متورطون في مؤامرة تهدف إلى قتل كينيدي.

ورأى الاستطلاع أن 65 في المئة من الراشدين الأميركيين يعتقدون بأن أوزولد تعاون مع آخرين في تصفية كينيدي، وفي المقابل اعتبر 29 في المئة (من الراشدين الأميركيين) أن أوزولد مسؤول بمفرده عن الاغتيال.

وبداية سألتْ "غالوب" مستَطْلَعين أميركيين السؤال نفسه مباشرة إثر الاغتيال، فوجدت أن 52 في المئة من الناس يعتقدون بوجود "جماعة ما أو عناصر"، إضافة إلى أوزولد، متورطين في الجريمة، وكذلك وجد استطلاع "غالوب" نفسه أن 29 في المئة من المستطلعين اعتقدوا أن أوزولد تصرف بمفرده، و19 في المئة ذكروا أنهم غير متأكدين من الأمر.

وأحد الأسباب التي تجعل من نظريات المؤامرة المتعلقة بهذه القضية ثابتة حتى يومنا هذا قد يتمثل بعدم كشف الحكومة (الأميركية) جميع ملفاتها المرتبطة بتلك المسألة، وكان يفترض اكتمال تلك الملفات (وكشفها) مع حلول عام 2017، بيد أن هذا التاريخ جرى تأجيله خلال إدارتي ترمب وبايدن.

وفي سياق متصل لم تعتمد "لجنة وارن" على صور الأشعة التي أجريت لكينيدي ولا على صور تشريح جثته، إذ قالت إن نشر هكذا مواد قد يمثل اعتداء على خصوصية عائلة كينيدي.

وفي المقابل ذكر تقرير "هيئة الوثائق الوطنية" عن الاغتيال أن "السرية التي أحيطت بإجراءات التشريح قادت إلى شكوك كبيرة تجاه المعطيات التي توصلت إليها اللجنة [لجنة وارن]"، وقد أضيف إلى الشعور العام بالشك ذاك فيلم عن الاغتيال التقطه المصور الفتوغرافي الهاوي أبراهام زابرودر.

وفي الفيديو يظهر رأس كينيدي مقذوفاً إلى الخلف، مما يشير إلى أن الرصاصة أصابت مقدمة رأسه، وزعم أصحاب نظريات المؤامرة أن الرصاصة قد تكون أطلقت من قبل مسلح ثان تمركز على مساحة عشبية قريبة.

ووافقت لجنتان حكوميتان أخريان، هما فريق من الأطباء الشرعيين عام 1968 و"لجنة مراجعة أنشطة [السي آي إي] داخل الولايات المتحدة الأميركية" عام 1975 على أن كينيدي أصيب برصاصتين من الخلف.

وفي الأثناء فإن المرشح الرئاسي المحتمل في عام 2024 روبرت كينيدي جونيور، ابن شقيق جون أف كينيدي وإبن روبرت أف كينيدي الذي اغتيل بدوره أيضاً في لوس أنجليس عام 1968 حين كان يخوض معركة الانتخابات الرئاسية، يؤيد إحدى نظريات المؤامرة القائلة إن "سي آي إي" مسؤولة عن اغتيال عمه، واصفاً الدليل الداعم لهذه النظرية بأنه "قاطع".

وذكر السيد كينيدي خلال مقابلة أجراها في مايو (أيار) مع جون كاتسيماتيديس على محطة راديو مدينة نيويورك "دبليو إيه بي سي 770 WABC 770، إنه "ثمة دليل قاطع يشير إلى أن ’سي آي إي‘ كانت متورطة في قتله، وأعتقد أن هذا جائز بلا شك في هذه المرحلة". وتابع السيد كينيدي مشيراً إلى أن الاغتيال نفذ لأن الرئيس رفض الالتزام بإرسال الجنود الأميركيين إلى فيتنام. وبحسب روبرت كينيدي جونيور "فحينما كان عمي رئيساً كان محاطاً بمجمع عسكري - صناعي وجهاز استخبارات يحاول باستمرار إقناعه بالذهاب إلى الحرب في لاوس وفيتنام وأماكن أخرى، وقد رفض قائلاً إن مهمة الرئيس الأميركي تتمثل في إبقاء الأمة بمنأى عن الحروب". [يشير مصطلح المجمع العسكري - الصناعي إلى مجموعة من شركات صناعية كبرى تولت إنتاج معظم الأسلحة للجيش الأميركي، إضافة إلى صنعها منتجات مدنية مثل السيارات والطائرات والسفن والجرارات وأنواع المركبات الميكانيكية وقطع غيارها وغيرها، وقد شدد الرئيس الأميركي دوايت أيزنهاور على المدى الواسع لقدرات ذلك المجمع في خطاب ختم به رئاسته].

وفي سياق متصل ذكرت "لجنة مجلس النواب للنظر في الاغتيالات" House Select Committee on Assassinations في تقرير عام 1979 إنه من المحتمل أن يكون مسلحان أطلقا النار على كينيدي، وإنه على الأرجح اغتيل إثر مؤامرة.

بيد أن هذه اللجنة لم تستطع تحديد المسلح الثاني أو إعطاء أية تفاصيل حقيقية عن طبيعة تلك المؤامرة.

وفي سياق مشابه قدم جون ماكون الذي شغل منصب مدير الـ "سي آي إي" حينما اغتيل كينيدي شهادته أمام اللجنة، موضحاً أنه على رغم نظريات المؤامرة إلا أن أوزولد لم يكن عميلاً لـ "سي آي إي" ولم يسبق للوكالة أبداً أن تواصلت معه، لكن طبعاً مع اغتيال أوزولد على يد روبي بات من المستحيل محاكمته أو الاستماع إليه عن سبب إقدامه على الاغتيال.

عميل استخبارات سري يكشف تفصيلاً جديداً في كتاب

وفي الـ 22 من نوفمبر 1963 صعد عميل الاستخبارات السري بول لانديس البالغ من العمر حينها 28 سنة إلى سيارة تحركت مباشرة خلف ليموزين الرئيس، وقد كُلف حماية السيدة الأولى.

وفي كتاب جديد اليوم يورد لانديس البالغ من العمر الآن 88 سنة إنه وجد رصاصة سليمة (غير محطمة) إلى جانب السيدة الأولى، وقد التقطها وتركها على الحمالة التي وضع الرئيس عليها لكنه لم يخبر "لجنة وارن" أبداً عنها بسبب الصدمة التي عانى منها، ولا يعتقد بوجود مطلق نار ثاني.

كذلك ذكر لانديس في مقابلة مع "بيتسبورغس أكشن نيوز" لمناسبة الذكرى السنوية الـ 60 للاغتيال، "تحركتُ والتقطها [جاكلين كينيدي] من كتفيها وحاولت مساعدتها على النهوض لكنها كانت منحنية فوق رأس الرئيس وتغطي رأسه"، وقد رافق لانديس الرئيس كينيدي إلى المستشفى حيث يذكر كيف كان "الجميع يتدافعون ويتصايحون".

ووصف ذكرياته عن تلك اللحظات بكلمات جاء فيها، "وقفت محشوراً بين آخرين أمام طاولة الفحص التي وضعوا عليها جثة الرئيس"، وعلى رغم أن الوصف الجديد للرصاصة يمثل تفصيلاً صغيراً إلا أن قصة السيد لانديس تختلف عن القصة الرسمية للجريمة التي تفيد بإن الرصاصة وُجدت على حمالة الحاكم كونالي، ويطرح الزعم الجديد الذي يقدمه لانديس تحدياً لفكرة "الرصاصة السحرية" التي أصابت كينيدي (واخترقته) ثم أصابت كونالي، وهو بالتالي يضيف طبقة جديدة من الغموض الذي يلف المسألة، إذ يعتقد السيد لانديس أن الرصاصة قد تكون تباطأت وأصابت كينيدي من الخلف قبل أن ترتد وتصيب غيره في الليموزين حيث وجدها.

وكتابه الجديد الذي يحمل عنوان "الشاهد الأخير" The Final Witness نشرته دار "شيكاغو ريفيو بريس" الشهر الماضي، ووفق كلماته "فليس هناك هدفاً محدداً في هذه المرحلة، أرى أنه مضى وقت طويل بما يكفي وبات عليّ أن أروي قصتي".

وأثارت مروية السيد لانديس الجديدة هذه شكوكاً من آخرين كانوا موجودين خلال الواقعة في ذلك اليوم منهم زميله كلينت هيل.

"ولو راجع كل الأدلة والإفادات والأمور التي حصلت لوجد أن (ما يقوله) لا يتفق مع السياق"، نقل السيد هيل إلى "أن بي سي نيوز"، مضيفاً "من غير المنطق أبداً بالنسبة إليّ أن يكون حاول وضعها (الرصاصة) على حمالة الرئيس".

© The Independent

المزيد من تقارير