Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تهديدات الملاحة في البحر الأحمر تضرب جهود مكافحة التضخم عالميا

محللون يتوقعون ارتفاعات جديدة في أسعار النفط وتجدد أزمة سلاسل الإمداد والتوريد

خام "برنت" يقفز 2.7 في المئة خلال جلسة واحدة إلى 78.64 دولار (أ ف ب)

بصورة مفاجئة، ارتفعت أسعار النفط والغاز الطبيعي بشكل حاد خلال تعاملات الإثنين، بعد أن قالت شركة "بريتيش بتروليوم" إنها ستوقف جميع الشحنات عبر البحر الأحمر بسبب الهجمات المتزايدة على السفن التجارية من قبل المسلحين الحوثيين في اليمن. يأتي القرار الذي اتخذته إحدى كبرى شركات النفط في العالم في أعقاب تحركات مماثلة من قبل شركات الشحن الكبرى، وهو أمر حذر المحللون من أنه قد يؤثر في سلاسل التوريد العالمية ويزيد من كلف نقل البضائع.

وقالت الشركة في بيان "في ضوء الوضع الأمني المتدهور للشحن في البحر الأحمر قررت شركة "بريتيش بتروليوم" إيقاف جميع عمليات العبور عبر البحر الأحمر موقتا". وأضافت "سنبقي هذا التوقف الاحترازي قيد المراجعة المستمرة، مع مراعاة الظروف التي تتطور في المنطقة". وعلى خلفية هذه الأخبار، سجل النفط مكاسب حادة، إذ ارتفع خام القياس العالمي "برنت"، بنسبة 2.7 في المئة ليصل إلى 78.64 دولار للبرميل، كما ارتفع النفط الأميركي بنسبة 2.8 في المئة إلى 73.44 دولار للبرميل.

وأثرت الأخبار أيضاً في سوق الغاز الطبيعي، إذ ارتفعت الأسعار القياسية للوقود في أوروبا بنسبة 7.7 في المئة لتتجاوز 35.75 يورو (39.04 دولار) لكل ميغاواط في الساعة. وهذا مجرد جزء بسيط من أعلى مستوى على الإطلاق وهو 320 يورو (349.24 دولار) لكل ميغاواط في الساعة، الذي تم تسجيله في أغسطس (آب) 2022، في ذروة أزمة الطاقة في القارة الأوروبية، ولكنه لا يزال العلامة الأكثر وضوحاً حتى الآن على الاضطراب في أسواق السلع الأساسية في أعقاب الهجمات.

وأصبحت الهجمات والتهديدات التي يشنها الحوثيون في اليمن أكثر تواتراً منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل و"حماس". وأعلنت الميليشيات الحوثية أن الهجمات جاءت انتقاماً من إسرائيل. في الوقت نفسه تدرس الولايات المتحدة وحلفاؤها في الوقت الحالي ما إذا كان سيتم توسيع قوة المهام البحرية الموجودة في البحر الأحمر لحماية السفن التجارية.

شركات الشحن تعلن مقاطعة البحر الأحمر

ومع استمرار التهديدات أوقفت كبرى شركات شحن الحاويات في العالم العبور موقتاً عبر أحد الشرايين التجارية في العالم، وهو ما يقول الخبراء إنه قد يعطل سلاسل التوريد ويؤدي إلى ارتفاع كلف الشحن.

وفي بيانات منفصلة، قالت شركات "إم أس سي" و"ميرسيك" و"سي أم أي سي جي أم" و"هاباغ-للويد"، إنها ستتجنب قناة السويس بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة. وتربط القناة البحر الأحمر بالبحر الأبيض المتوسط، وكلاهما يربط إسرائيل. وانضمت ذراع شحن الحاويات التابعة لشركة "إيفرغرين غروب" إلى تلك القائمة أمس، وقالت في بيان إنها ستعلق خدمات الاستيراد والتصدير في إسرائيل بشكل فوري حتى إشعار آخر. وفي بيان آخر، قالت الشركة إن سفن الحاويات التابعة لها ستعلق جميع الملاحة عبر البحر الأحمر.

وأعلن المتمردون الحوثيون الجمعة الماضي مسؤوليتهم عن الهجمات على سفينتين تابعتين لشركة "أم أس سي". وقالت المجموعة الفرنسية "سي أم أي سي جي أم"، في بيان حديث، عندما أعلنت أن السفن التي من المقرر أن تمر عبر البحر الأحمر قد صدرت لها تعليمات بإيقاف رحلاتها حتى إشعار آخر إن "الوضع يتدهور بشكل أكبر والمخاوف في شأن السلامة تتزايد". وأعلنت الشركة أنها ستتخذ جميع الخطوات اللازمة للحفاظ على خدمات النقل لعملائها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن المحللين حذروا من أن تعطيل طريق تجاري رئيس بين الشرق والغرب يمكن أن يكون له آثار غير مباشرة على سلاسل التوريد. وقال رئيس قسم الأبحاث في شركة "فري غوتس" للخدمات اللوجيستية جودا ليفين "يتوقع أن يشهد الشحن العالمي زيادات في الأسعار، وإعادة توجيه، وأوقات عبور أطول".

وبالفعل يجري تغيير مسار بعض السفن عبر رأس الرجاء الصالح في أفريقيا، مما يضيف ما يصل إلى ثلاثة أسابيع إلى زمن الرحلة ويزيد من كلف الوقود. وأعلنت قناة السويس المصرية أن 55 سفينة غيرت اتجاهها إلى طريق رأس الرجاء الصالح منذ الـ19 من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكتب محللو "يو بي أس"، في مذكرة بحثية حديثة "هذا يعني أن أسبوعاً واحداً من إعادة توجيه القدرة بشكل فعال يمكن أن يكون له آثار مضاعفة لأشهر عدة مقبلة، بعد تأخر لبضعة أسابيع"، مشيرين إلى أن نحو 30 في المئة من تجارة الحاويات العالمية تمر عبر قناة السويس. وقال المحللون إنه إذا استمرت الاضطرابات فقد تتمكن شركات الشحن من "تأمين أسعار أعلى من المتوقع" أثناء إعادة التفاوض في شأن الاتصالات الطويلة الأجل في الأيام والأسابيع المقبلة.

كيف تتحرك معدلات التضخم عالمياً؟

يتم نقل أكثر من 80 في المئة من تجارة السلع العالمية من طريق البحر، وفقاً لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، كما أن حركة النقل البحري عبر قناة بنما البالغة الأهمية مقيدة بالفعل بسبب الجفاف الشديد. وكانت فوضى سلسلة التوريد وارتفاع كلف الشحن خلال جائحة كورونا من المحركات الرئيسة للتضخم، إذ قامت الشركات بتمرير الكلفة المتزايدة لنقل بضائعها إلى المستهلكين.

وقد يؤثر الاضطراب الأخير في شركات السلع الاستهلاكية في أوروبا وأميركا الشمالية. وقال رئيس أبحاث سلسلة التوريد في شركة "ستاندارد أند بورز غلوبال ماركت إنتليجنس" ستواجه السلع الاستهلاكية التأثير الأكبر، على رغم حدوث الاضطرابات الحالية خلال موسم الشحن خارج أوقات الذروة.

وقال كبير الاقتصاديين في البنك الهولندي "آي أن جي" ريكو لومان إنه من السابق لأوانه معرفة ما إذا كان سيكون هناك أي ارتفاع مستدام في الأسعار، ويعتمد كثير على مدة استمرار الاضطراب. وأضاف "الفرق الكبير مقارنة بعصر الوباء هو أن توازن العرض والطلب أصبح أكثر استرخاءً، إذ يتمتع شحن الحاويات بقدرة فائضة حالياً، وهو ما قد يمنع الأسعار من الارتفاع مرة أخرى". وأكد ليفين هذا الرأي، وأضاف "يمكن أن تتوقع شركات الشحن فترات زمنية أطول بسبب الرحلات الأطول، لكن العمليات يجب أن تستمر بشكل جيد إلى حد معقول".