Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.
اقرأ الآن

"الواسطة في جيناتنا" عبارة لوزير أردني تثير سؤال المحسوبية

دعوات لإنجاز المعاملات إلكترونياً تلافياً للتدخل البشري المفضي إلى حدوث هذه الظاهرة

هيئة النزاهة ومكافحة الفساد الأردنية (صلاح ملكاوي)

ملخص

25 في المئة من الأردنيين استخدموا الواسطة للحصول على الخدمات العامة

اختار وزير أردني عبارة" الواسطة في جيناتنا" للتعبير عن مدى تغلغل ظاهرة المحسوبية بين الأردنيين بحيث أصبحت ممارسة عامة، ما أثار كثيراً من الجدل على وسائل التواصل الاجتماعي.

وقال نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية ووزير الدولة لتحديث القطاع العام، ناصر الشريدة، "لو تم فحص دمنا جميعاً سنجد بكل مواطن جينات الواسطة"، في معرض شرحه قدرة الدولة على توظيف المواطنين في القطاع العام، التي لا تزيد على 10 آلاف وظيفة في حدها الأعلى سنوياً.

بينما يقول مراقبون، إن مبدأ سيادة القانون كفيل بالحد من هذه الظاهرة التي تبعد الكفاءات وتقضي على الشفافية والمساواة وتؤدي لانعدام الأمن الوظيفي.

تفشي الواسطة في الخدمات العامة

وعادة ما يستبق معظم المواطنين الأردنيين أي مراجعة لدائرة حكومية بالبحث عن واسطة لتسهيل معاملاتهم. ووفق مؤشر مدركات الفساد العالمي يحتل الأردن مرتبة متوسطة بين دول العالم في هذا المؤشر ويتقدم على أكثر من 40 دولة عالمية من بين أقل الدول فساداً على مستوى العالم، في حين تشير دراسة أجريت في جامعة اليرموك الأردنية إلى أن نسبة تفشي الواسطة والمحسوبية في القطاع العام قاربت 60 في المئة.

ويظهر استطلاع للرأي أجرته منظمة الشفافية الدولية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أن 25 في المئة من الأردنيين استخدموا الواسطة للحصول على الخدمات العامة.

ثقافة مجتمعية

أشار الوزير الأردني إلى سلبيات وتأثير هذه الظاهرة باعتبارها أحد أشكال الفساد على القطاع الحكومي وأدائه، واصفاً إياها بعبارة" فيتامين واو"، مؤكداً أن الحكومة ستصدر نظام موارد بشرية جديداً للقطاع العام خلال فترة وجيزة من شأنه أن يقضي على المحسوبية.

اقرأ المزيد

واعترف الوزير الأردني أن الواسطة والمحسوبية أصبحت جزءاً من الثقافية للمجتمع الأردني، ومن الواجب إنهاؤها، وكانت الحكومة ألغت قبل نحو عام الدور التقليدي لديوان الخدمة المدنية الذي كان يقوم بتعيين الأردنيين في الوظائف الحكومية وفق نظام الدور والأقدمية بعيداً من الأفضلية.

ولاقى هذا القرار اعتراضاً نيابياً باعتبار أنه سيفتح الباب أمام الواسطة والمحسوبية، بعد إلغاء نظام الدور والاختبارات التنافسية التي كانت تحقق العدالة بين المتقدمين.

تؤكد الأرقام الرسمية أن الأردن استعاد نحو 700 مليون دولار من قضايا الفساد والوساطات خلال السنوات السبع الأخيرة.

وفي العام الماضي نفذت هيئة مكافحة الفساد حملة لنبذ الواسطة والمحسوبية تستهدف مؤسسات الدولة، وشرائح المجتمع لتبيان أخطار هذه الظاهرة وآثارها السلبية على جميع مكونات المجتمع، كونها سلوكاً غير سوي يمس الأمن المجتمعي.

 تجريم قانوني ولكن

يشير الكاتب والمحلل السياسي حسين الرواشدة إلى وجود قانونين يجرمان هذه الظاهرة، وهما قانون هيئة مكافحة الفساد (المادة 16) إذ اعتبر قبول الواسطة والمحسوبية من قبل موظفي الإدارة العامة فساداً، ويعاقب عليها بالحبس أو الغرامة، وقانون العقوبات (المادة 176) التي تعتبر الواسطة جريمة من خلال استثمار للوظيفة العامة.

ويؤكد الرواشدة أن معظم شكاوى الواسطة لا يتم إثباتها ويصعب ملاحقة المتورطين فيها فتحفظ بالأدراج مما يسهم في ترسيخ هذه الظاهرة كثقافة اجتماعية لدى المجتمع الأردني، ولدى المسؤولين.

يعرف الرواشدة الواسطة بأنها وجه آخر للفساد الإداري في القطاع العام، محملاً المسؤولية للدولة التي تقاعست عن تجفيف ينابيع هذه الظاهرة، وأولها غياب العدالة في ما يتعلق بالوظيفة العامة.

الحكومة الإلكترونية قد تكون حلاً

يرجع مراقبون ظاهرة الواسطة إلى غياب العدالة وتراجع مستوى ثقة المواطن في الحكومة لصعوبة حصوله على حقوقه بالطرق الرسمية. ويدعون إلى ضرورة تسريع إنجاز المعاملات وتفعيل تطبيق الحكومة الإلكترونية وأنظمتها تلافياً للتدخل البشري المفضي إلى حدوث الواسطة والمحسوبية.

بدوره، يعتبر النائب ماجد الرواشدة أن الواسطة في المجتمع الأردني ذات أبعاد نفسية واجتماعية، يضطر المواطن لممارستها في أبسط المشكلات التي تواجهه مع الدوائر الحكومية بحيث أضحت سلوكاً اجتماعياً ومظهراً عاماً وظاهرة لا ينكرها أحد.

يؤكد الرواشدة أن كل محاولات القضاء على الواسطة فشلت، وذلك لوجود عائق كبير وهو الاستعداد النفسي الذي يدفع أطراف العلاقة إلى قبولها والتعاطي معها بشكل أو بآخر، فضلاً عن قوة الضغط الاجتماعي.

يشير الرواشدة إلى أمر آخر وهو النظرة الاجتماعية السلبية لمن يحاول التحلل من الواسطة أو رفضها وعدم قبولها، إضافة إلى المزاج الذي يحكم بعض الموظفين ممن يرون في الوظيفة العامة سلطة وليس خدمة تقدم للجمهور.

ويقول عامر بني عامر مدير مكرز راصد، إن المناطق الأقل حظاً هي الأكثر لجوءاً للواسطة بسبب ضعف الخدمات وقلة فرص العمل والفقر. ووفق دراسة لمركز راصد، فإن 76 في المئة من الأردنيين استخدموا الواسطة في تسيير أمورهم الحياتية، بينما استخدمها نحو 44 في المئة للحصول على عمل.

المزيد من العالم العربي