ملخص
ما دلالات تطور القطاع السينمائي في السعودية؟
في الـ18 من شهر أبريل (نيسان) 2018 تم افتتاح أول دور العرض السينمائي في السعودية، بعد أن كانت مغيبة لمدة تجاوزت 35 عاماً.
وعلى رغم أن عمر دور العرض في السعودية قصير، فإن قطاع السينما شهد قفزات وتقدماً في كل المجالات، سواء كانت على مستوى دور العرض أو إنتاج الأفلام وصناعتها، التي جاءت نتيجة الجهود المتواصلة التي تقدمها البلاد لتعزيز هذه الصناعة، كونها أحد القطاعات الثقافية الأسرع نمواً وعنصراً مهماً في صناعة الترفيه.
فعلى مستوى دور العرض ارتفع عددها خلال السنوات الست الماضية لتصل إلى 66 صالة عرض موزعة على 22 مدينة، وتحوي 607 شاشات عرض سينمائية، كما تبلغ القدرة الاستيعابية لها 62530 مقعداً، وذلك بحسب إحصاءات نشرتها وكالة الأنباء السعودية "واس".
في حين كشفت الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع أخيراً أن إيرادات دور العرض السينمائي نمت بصورة كبيرة خلال العام الماضي، إذ تجاوزت 888 مليون ريال (236.8 مليون دولار)، وتمكنت دور العرض من بيع أكثر من 17 مليون تذكرة، مقارنة بـ14.3 مليون تذكرة في 2022، بينما عرضت 432 فيلماً من مختلف دول العالم.
صناعة السينما
من جانبه، وصف مؤسس ومدير مهرجان أفلام السعودية أحمد الملا، الصالات السينمائية في البلاد، بأنها الأعلى دخلاً والأعلى تصنيفاً حالياً على مستوى الشرق الأوسط. وقال "هناك إمكانات مستقبلية لتعزيز حضور السينما السعودية في شباك التذاكر العالمي، وذلك بناءً على النجاح الذي حققه الفيلم السعودي أخيراً على مستوى الشرق الأوسط وليس محلياً".
واستطرد الملا بالقول "نشهد حالياً تطوراً فنياً وإبداعياً في صناعة الأفلام، وذلك بفضل الإنتاجات التي تشارك في المهرجانات الدولية والصالات السينمائية"، لافتاً الانتباه إلى أن "المرحلة المقبلة تحتاج إلى تنظيم مكثف للمشهد السينمائي، لنصل إلى مستقبل واعد بحضور السينما السعودية على المستوى العالمي".
وبالعودة للإحصاءات الأخيرة للهيئة، فقد أشارت إلى أن عدد الأفلام المفسوحة للسينما خلال العام الماضي بلغ 432 فيلماً، ليصل مجمل الأفلام التي فسحت في البلاد على مدى خمسة أعوام أكثر من 1840 فيلماً.
وتصدرت الولايات المتحدة الأميركية قائمة الدول التي فسحت أفلامها للسينما خلال هذا العام، بعدد 174 فيلماً، تليها الهند بـ84 فيلماً، ثم مصر 47 فيلماً، وبعدها اليابان 19 فيلماً، ثم بريطانيا 15 فيلماً، وأخيراً السعودية وكوريا الجنوبية والصين بتسعة أفلام لكل منها.
إيرادات سعودية
ولم تتوقف تطورات قطاع السينما في البلاد عند التوسع في افتتاح دور العرض السينمائي وعرض الأفلام العالمية والعربية، بل شمل كذلك تطوراً في صناعة الأفلام المحلية، التي حصل البعض منها على الأعلى مبيعاً في شباك التذاكر خلال العام الماضي، إذ تم عرض تسعة أفلام سعودية في دور العرض السينمائية بالبلاد، منها "سطار" الذي حقق الإيرادات الأعلى بين الأفلام السعودية، واحتل الترتيب الثامن في تاريخ السينما السعودية من ناحية الإيرادات، ويحتل المركز الرابع من جهة عدد التذاكر المبيعة في تاريخ السينما بالبلاد، كما تم عرض "الهامور ح ع" و"عياض في الرياض" و"أغنية الغراب" و"ملك الحلبة"، وكذلك "طريق الوادي" و"تشيلو" و"عبد" و"مندوب الليل".
ارتفاع الإقبال على الأفلام المحلية جاء نتيجة لدعمها من خلال تأسيس عديد من الجهات الداعمة، من بينها هيئة الأفلام (جهة حكومية) التي تهدف إلى بناء وتنمية قطاع أفلام سعودي إبداعي وتعزيز قدراته على مستوى الأسواق المحلية والدولية، كما تعمل على تشجيع الكوادر الوطنية في قطاع الأفلام.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال الرئيس التنفيذي لهيئة الأفلام عبدالله آل عياف "نعمل على تطور صناعة السينما المحلية، ونسعى إلى أن تصبح السعودية مركزاً عالمياً لإنتاج الأفلام".
وأشار آل عياف إلى أن الإيرادات السينمائية تحظى بأسرع وتيرة نمو لتقفز بذلك إيراداتها من 15 في المئة إلى أكثر من 40 في المئة، من خلال المشاركة في مهرجان كان السينمائي الدولي، إذ أطلقت هيئة الأفلام برنامجها التنافسي لحوافز الاسترجاع النقدي بنسبة 40 في المئة بهدف تشجيع منتجي الأفلام المحليين والإقليميين والدوليين لإقامة أعمالهم الإبداعية في السعودية.
روافد فنية
وفي سياق متصل، قال الناقد الفني يحيى مفرح زريقان، في تصريحات صحافية نشرتها وكالة الأنباء السعودية "إن الأفلام السعودية حققت خلال الفترة الماضية نجاحاً لافتاً، إذ قدمت صورة إيجابية عبر شباك التذاكر، ووصلت بذلك إلى مرحلة متقدمة، على رغم الصعوبات التي واجهتها في البداية لعدم توفر المعطيات المطلوبة".
وأضاف زريقان "أن الفن بأنواعه يعد من الروافد التنموية والحضارية، وأن السينما صورة اجتماعية مهمة ذات صدى بعيد، من ثم فإن نجاح الأفلام السعودية يعد نجاحاً للمجتمع السعودي بصفة عامة، إذ تعكس هذه الأفلام تطور المجتمع وتحولاته وتراثه الثقافي بشكل إيجابي"، وتوقع أن يحظى القطاع السينمائي السعودي بمزيد من الدعم والتشجيع من الجهات المعنية، مما سيعزز من مكانته، ويسهم في تنميته وتطويره في السنوات المقبلة.
وأكد الناقد الفني أهمية العمل الجاد والتخطيط الدقيق لتأسيس صناعة سينمائية قوية في البلاد، وذلك من خلال توفير البنية التحتية والدعم المالي والتقني والتدريب المكثف للمواهب السعودية في هذا المجال.
مهرجانات عالمية
والتطور الذي شهدته دور العرض السينمائية وصناعة الأفلام وإنتاجها في البلاد تزامن كذلك مع تنظيم عدد من المهرجانات المتخصصة في هذا المجال، ولعل من أبرزها مهرجان البحر الأحمر، الذي أقيمت نسخته الثالثة الشهر الماضي في مدينة جدة، إضافة إلى مهرجان أفلام السعودية، إذ تسعى إلى أن تكون مركزاً للإبداع والتميز في هذا المجال من خلال خلق بيئة جاذبة تستقطب المخرجين والممثلين والفنانين والمستثمرين من مختلف أنحاء العالم، وتوفر فرصاً استثمارية من خلال الدعم المالي للمشاريع السينمائية المحلية.
صناع الأفلام
وفي الصدد ذاته أطلقت هيئة الأفلام في السعودية أخيراً النسخة الرابعة من برامج "صناع الأفلام"، التي ستقام برامجها خلال يناير (كانون الثاني) الجاري، والهادف إلى تعزيز المواهب السعودية في صناعة الأفلام، من استهداف تدريب 4 آلاف من المهتمين بصناعة الأفلام من المبتدئين والمحترفين، وتنفيذ 150 ورشة عمل تدريبية في 13 منطقة من مختلف المناطق.
وتشمل النسخة الرابعة والحالية من برامج صناعة الأفلام إدراج برنامجين متخصصين في تطوير المواهب، إذ تعمل على اكتشاف ودعم وتطوير المواهب المحلية والارتقاء بها إلى مستويات عالمية، من خلال تدريبها على يد نخبة من صناع الأفلام بالتعاون مع عدد من المعاهد والجامعات العالمية والمحلية وبيوت الإنتاج السينمائي.
يذكر أن النسخ السابقة من برنامج "صناع الأفلام" أقامت أكثر من 62 دورة تدريبية ودربت أكثر من 2400 متدرب.