Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

يوم كادت إسرائيل تزول في ثلاث ساعات

في خطاب شهير بعد "النكسة" برر الرئيس جمال عبدالناصر تدمير سلاح الجو المصري بعبارة "انتظرناهم من الشرق فجاؤوا من الغرب"

قوات إسرائيلية أثناء حرب "الأيام الستة" على طول مسار الجيوش المصرية والأردنية والسورية (أ ف ب)

ملخص

عن الارتجال والمزايدات والأفكار الخالية من أي منطق سياسي أو عسكري

في مذكرات الرئيس اللبناني الأسبق شارل حلو فصل يتطرق إلى المقاربة الكارثية التي طبعت سلوكات بعض الأنظمة العربية في الستينيات من القرن الماضي، ففي 1964 عقدت قمة في الإسكندرية وكان على جدول أعمالها مسألة تحويل روافد نهر الأردن.

 وقبل القمة بـأعوام شرعت إسرائيل في خطة لسحب ما يعادل 500 مليون متر مكعب من النهر من دون وجه حق، وكانت المحاولة الأولى بشق قناة جانبية قرب الحدود بينها وسوريا لتحويل مجرى النهر إلى شمال إسرائيل، ولاحقاً استبدلت بالخطة وضع مراكز ضخ ضخمة في بحيرة طبرية.

في قمة الإسكندرية دار البحث في اقتراح "القيادة العربية الموحدة" والقاضي بقطع كل روافد النهر عن إسرائيل، وتبين أن هذا القرار الخطر يستوجب نقل قوات عربية إلى لبنان، فإسرائيل سترد لا محالة عسكرياً. والارتجال والمزايدات والأفكار الخالية من أي منطق سياسي أو عسكري التي طبعت محادثات بعض الحاضرين في القمة، أظهرت للرئيس اللبناني أن الخطة ستعود بالكارثة على دول مجرى النهر، أي لبنان وسوريا والأردن.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

حاول شارل حلو وهو رجل حقوقي، أن يأخذ الحديث إلى ضرورة وضع اتفاقات تنظم وجود جيوش شقيقة على أرض الدول الشقيقة. الرئيس السوري آنذاك أمين الحافظ وجد أن أخاه اللبناني وغيره من الإخوة يماطلون ويمنعون إحراز نصر مؤكد على العدو الصهيوني. قال البعثي الذي أطاحه لاحقاً بعثيان مثله هما صلاح جديد وحافظ الأسد، حرفياً في هذه القمة، "ما معنى هذا الدوران وهذه الخزعبلات؟ لو كنا أكثر رصانة لوضعنا مخططاً لاستعادة فلسطين كلها".

تعالت الأصوات المؤيدة لهذا المنطق. وثمة من طرح السؤال الآتي، "متى تنوون المباشرة بالهجوم؟"، يقول شارل حلو إن الحافظ أجاب برباطة جأش، "يلزمنا ثلاث ساعات... إذا خططنا ثلاث ساعات استطعنا أن نتخلص من إسرائيل ولا نعود نسمع بها".

كانت الرئاسة الدورية للقمة معقودة لولي العهد السعودي آنذاك الأمير فيصل بن عبدالعزيز، وبموقف يحمل دلالة على ضرورة وقف هذا المنطق الاعتباطي، دعا الجميع إلى مائدة العشاء على أن تستأنف المناقشة بعدها، لكن الرئيس السوري أصر على بت أمر زوال إسرائيل قبل العشاء، وواصل المواقف الملحمية، "كيف تدعوننا إلى اجتماع من أجل غاية تافهة كمسألة تحويل روافد الأردن؟ نحن نستطيع ببضع ساعات وضع مخطط دفاع كامل".

لم يستطِع ممثل اليمن المشير عبدالله السلال أن يضبط نفسه فقال، "كان الأجدى بنا لو ذهبنا إلى العشاء". ويتابع الرئيس اللبناني السرد قائلاً إن الجلسة اختتمت بنوع من الحل الوسط وهو أن "تحويل روافد الأردن ما هو إلا مرحلة أولى في الرد العربي على التحدي الإسرائيلي. فالقائد الأعلى (للقيادة العربية الموحدة الفريق علي علي عامر) مولج بحماية الأشغال في المرحلة الأولى، كما هو مكلف وضع خطة شاملة خلال عام، من أجل شن عملية واسعة النطاق".

كان ذلك عام 1964، وبعد ثلاث سنوات شنت إسرائيل حرب 67 التي عرفت باسم "النكسة" و"حرب الأيام الستة" واحتلت الضفة الغربية للنهر والضفة الشرقية لقناة السويس وسيناء والجولان. ستة أيام قضت على وعد الثلاث ساعات التي أكد أمين الحافظ أنها كفيلة بزوال إسرائيل.

في خطاب شهير بعد "النكسة" برر الرئيس جمال عبدالناصر تدمير سلاح الجو المصري بعبارة "انتظرناهم من الشرق فجاؤوا من الغرب". وهناك من يقول إن عبدالناصر قصد بكلمة الغرب أن طائرات حربية أميركية وبريطانية شاركت في الغارات. ولا توجد وثيقة واحدة بعد 57 عاماً على "النكسة" تدعم هذا التبرير.

يذكر أن أمين الحافظ كان قابعاً في سجن رفاقه البعثيين عام 1967، وإلا فكيف استطاعت إسرائيل إحراز هذا النصر لو كان طليقاً؟

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل