Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.
اقرأ الآن

هل تقرأ أميركا وفرنسا في الكتاب اللبناني نفسه؟

أورتاغوس تحمّل بيروت مسؤولية "التخلص من الجماعات التي أطلقت الصواريخ على إسرائيل"

الرئيسان اللبناني (يسار) والفرنسي (المكتب الإعلامي في القصر الجمهوري)

ملخص

فرنسا المتمسكة بتسليم سلاح "حزب الله" إلى الجيش اللبناني تفضّل اعتماد الدبلوماسية، وتتفهم الموقف اللبناني المتريث والمتخوف من خطر نزع السلاح بالقوة.

لا يختلف اثنان على تراجع الدور الفرنسي في منطقة الشرق الأوسط وخصوصاً لبنان مقابل تسلم الولايات المتحدة الأميركية الملف، وعلى رغم مشاركة ثنائية أميركية-فرنسية في لجنة المراقبة المكلفة بتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، فإن القرار والدور المحوري هو لأميركا وحدها، كما يتبيّن في أروقة الدبلوماسية العاملة على خط الملف اللبناني.

إلا أن ذلك لا يحجب حقيقة دائمة بأن باريس هي الدولة الوحيدة التي لم ينقطع اهتمامها يوماً بلبنان أياً كانت ظروفه، وبين واشنطن وباريس أسلوب مختلف في اقتراحات المعالجة للملفات الشائكة، على رغم القراءة الواحدة الضمنية لهذه الملفات.

 

ففيما تعتمد إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب اللغة المباشرة الحدّة وتدفع باتجاه الحسم من دون تردد وتنفيذ ما التزم به رئيس الجمهورية جوزاف عون والحكومة اللبنانية في حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية، وتنفيذ القرار (1701) بكامل مندرجاته، من دون تقديم أعذار لـ"حزب الله"، وهذا ما ستقوله نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس بالمباشر إلى المسؤولين اللبنانيين خلال زيارتها المرتقبة إلى بيروت بعد تل أبيب الأسبوع المقبل، تفضل فرنسا المتمسكة أيضاً بتسليم سلاح "حزب الله" إلى الجيش اللبناني، اعتماد الدبلوماسية وتتفهم الموقف اللبناني المتريث والمتخوف من خطر نزع السلاح بالقوة ومحاذير تنفيذ القرارات الدولية على الوضع الداخلي، وتسعى جاهدة إلى البدء باستقطاب المساعدات للبنان من دون الربط بينها وبين موضوع السلاح.

وقد عبّر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال استقباله الرئيس جوزاف عون في قصر الإليزيه عن ارتياحه "لتحقيق الجيش اللبناني تقدماً في نزع سلاح (حزب الله) واستعادة السيادة في الجنوب" متبنياً التفسير الذي قدّمه رئيس الجمهورية عن الصواريخ التي أطلقت باتجاه إسرائيل، وبأن التحقيقات دلّت أنها ليست لـ"حزب الله"، معتبراً أن الضربات الإسرائيلية غير المبررة على الجنوب وبيروت، تصبّ في مصلحة الحزب.

في المقابل كانت نائبة المبعوث الأميركي للشرق الأوسط مورغان أورتاغوس تحمّل الحكومة اللبنانية مسؤولية "التخلص من الجماعات التي أطلقت الصواريخ على إسرائيل"، واعتبرت أن "لدى إسرائيل الحق في الرد على الصواريخ التي أطلقت من لبنان".

تأثير فرنسا تراجع

ويعتبر مصدر دبلوماسي أوروبي أنه لا يمكن الحديث عن موقف فرنسي متمايز عن الموقف الأميركي، ويشير إلى أن الدول الفاعلة حالياً في لبنان هي أميركا بالدرجة الأولى تليها بريطانيا وألمانيا وإيطاليا، أما الدور الفرنسي، على حدّ وصفه، ففولكلوري ولا تأثير له.

وينقل عضو لجنة التنسيق اللبنانية-الفرنسية (CCLF)  جو معلوف عن السلطات الفرنسية ارتياحها تجاه لبنان وتفاؤلاً بالتغييرات التي حصلت على مستوى السلطة السياسية، وإصراراً على استعادة لبنان سيادته على أن يبدأ ذلك بحصر السلاح في يد القوى الأمنية اللبنانية وحدها، كمدخل أساس لتستعيد الدولة اللبنانية ثقة المجتمع الدولي.

ويشرح معلوف "أن التفاؤل الفرنسي مصحوب بإلحاح من قبل باريس باتجاه رئيس الجمهورية جوزاف عون الذي عليه استرجاع السيادة كما يقولون، وأيضاً باتجاه رئيس الحكومة نواف سلام المطلوب منه عدم تكرار الأخطاء التي حصلت بعد حرب 2006، وتطبيق القرار (1701) على كامل الأراضي اللبنانية وليس فقط جنوب الليطاني".

وضع قانون استقلالية القضاء على سكة التطبيق

وتطالب فرنسا بالشفافية في استخدام المساعدات المالية ووضع قانون استقلالية القضاء على سكة التطبيق، وقد أعلن ماكرون عن وفد رفيع المستوى سيزور لبنان لوضع خبراته والتعاون في هذا المجال. وتبدي باريس اهتماماً بالغاً بملف تفجير مرفأ بيروت وتحث على ضرورة إنهاء التحقيقات وكشف الجهة التي تقف وراءه.

فرنسا، بحسب معلوف، "مستعدة دائماً لمساعدة لبنان، لكنها تعتبر أن على لبنان أن يساعد نفسه"، وهذا ما أعلنه ماكرون خلال استقباله الرئيس عون إذ أعرب عن المساعدة في تحقيق السيادة ومعالجة النقاط الحدودية مع إسرائيل وسوريا.

وعلمت "اندبندنت عربية" أن الجانب الفرنسي اقترح زيادة عدد قواته في قوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان "اليونيفيل"، وتولي مراقبة الحدود الإسرائيلية-اللبنانية والحدود مع سوريا

وتعتبر فرنسا أن الفرصة الآن متاحة أمام لبنان لتحقيق التغيير، وأن على السلطة الجديدة تحمّل مسؤولياتها وتنفيذ النقلة النوعية في إدارة البلاد وإقرار الإصلاحات من خلال تطبيق العدالة وإنهاء الأزمة المالية وإعادة هيكلة المصارف، وتدفع فرنسا باتجاه علاقات "هادئة" بين لبنان وسوريا، من دون أي تدخل سوري بالشؤون اللبنانية الداخلية، لتأمين الاستقرار في الدولتين، وهي نقاط تناولها الرئيس ماكرون في الاجتماع الثلاثي مع الرئيس عون والرئيس السوري أحمد الشرع عبر تطبيق "زوم"، علماً أن ملف ترسيم الحدود بين البلدين قد شقّ طريقه للبحث والتنفيذ بضمانة سعودية خلال الاجتماع الذي عقد في جدة بين وزيري دفاع لبنان ميشال منسى وسوريا مرهف أبو قصرة.

أميركا أكثر تشدداً

وإلى بيروت تصل نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس بعد عيد الفطر حيث من المتوقع أن تحمل رسالة إلى المسؤولين اللبنانيين أكثر وضوحاً وتشدداً من الرسالة الفرنسية، عبّرت عنها بوضوح في تصريح اعلامي حين أكدت أن "على (حزب الله) أن يسلّم سلاحه بصورة كاملة ولا نريد أن نرى في لبنان دولة داخل الدولة"، واعتبرت أن "ما يفعله الجيش اللبناني غير كافٍ وعلى لبنان تحمّل مسؤولياته بدلاً من إلقاء اللوم على إسرائيل".

وترافق كلام أورتاغوس مع قرار جديد للخزانة الأميركية بفرض عقوبات على خمسة أفراد وثلاثة كيانات من "حزب الله" هم المشغلون الأساسيون لشبكة الحزب التمويلية.

وكشفت مصادر دبلوماسية في واشنطن عن أن هناك استياء أميركياً من تباطؤ الدولة اللبنانية في حسم موضوع سلاح الحزب.

وتعتبر الإدارة الأميركية أن على الحكومة اللبنانية تحمّل مسؤولياتها وتنفيذ الجزء المتعلق بلبنان في اتفاق وقف إطلاق النار، ويعبّر المسؤولون في مجلس الأمن القومي عن استغرابهم من أن بعض السياسيين لا يزالون غير مقتنعين بأن المرحلة السابقة انتهت وأن الوجود العسكري لـ"حزب الله" يجب أن ينتهي، ويحذرون من أن الامتناع عن تسليم سلاح الحزب يعني أن الأمور ستتجه إلى الأسوأ في لبنان.

البند الأول في محادثات أورتاغوس

وتؤكد المصادر أن البند الأول في محادثات أورتاغوس مع الجانب اللبناني سيكون الطرح الأميركي بتشكيل لجان ثلاث لإجراء مفاوضات مع إسرائيل، والبحث عن صيغة ترضي الطرفين تضمن بدء المفاوضات بأسرع وقت ممكن، وإذ يتضمن الطرح الأميركي أن تحصل المفاوضات على مستوى سياسي وزاري لا تقني فقط، لفت كلام الرئيس عون من باريس بأن المفاوضات يجب أن تقتصر على النقاط الحدودية البرية المختلف عليها، لكن الأولوية تبقى لانسحاب إسرائيل من النقاط الخمس وإعادة الأسرى اللبنانيين المعتقلين لديها.

وكشفت المصادر الدبلوماسية في واشنطن عن أن هدف الإدارة الأميركية هو الدفع باتجاه تحقيق السلام الدائم بين لبنان وإسرائيل، وهناك أجواء ضاغطة لإلحاق لبنان بـ"اتفاقات أبراهام".

ويكثر الكلام في أروقة الإدارة الأميركية والكونغرس عن ضرورة التطبيع بين البلدين، وهناك تركيز من قبل مراكز الأبحاث الأميركية على ربط إعادة الإعمار بمسألة المفاوضات المباشرة بين لبنان وإسرائيل، والتوصل إلى علاقات طبيعية بين البلدين.

ولا تستبعد المصادر، إذا لم يتم نزع سلاح "حزب الله" والذهاب إلى مفاوضات مباشرة، أن تلجأ إسرائيل إلى ممارسة الضغط العسكري على لبنان كما حصل في استهداف الضاحية الجنوبية لبيروت أخيراً، للمرة الأولى بعد اعلان اتفاق وقف إطلاق النار، وأن توسّع ضرباتها وصولاً إلى القضاء نهائياً على الحزب، ويحكى عن شهري مايو (أيار) ويونيو (حزيران) كمهلة نهائية للحسم، ويترافق هذا الكلام مع أجواء عن ضربة قريبة على إيران، مما يعني أن كل المعطيات الإقليمية تذهب في الاتجاه المعاكس للاستقرار.

تضيف المصادر نفسها أن ترمب يسعى إلى تحقيق إنجازٍ في السياسة الخارجية، والإدارة الحالية تعتبر أن الإنجاز الأقرب إلى التحقيق والأسهل، ليس أوكرانيا أو غزة، إنما في الملف اللبناني وتطبيع العلاقة مع إسرائيل، بعد التفاوض حول الحدود البرية وانسحابها من الأراضي المحتلة في لبنان.

المزيد من تحلیل