ترك الإعصار دوريان وراءه دماراً مروعاً عند اجتياحه جزر الباهاماس، إذ تسبب في تدمير آلاف المنازل أو إلحاق أضرار كبيرة بها، وتعطيل المستشفيات، بينما حوصر عدد من الأشخاص فوق أسطح المباني منتظرين إغاثتهم، بعد تعرض هذا البلد الصغير إلى أقوى عاصفة مسجلة في تاريخه.
وقد أُبلِغ عن مقتل ما لا يقل عن 7 أشخاص في الباهاما، على الرغم من أن عمال الإغاثة حذروا من ارتفاع عدد الضحايا.
ووصفت ليا هيد- رِغبي، التي تساعد في إدارة مجموعة إغاثة محلية، ما تركه هذا الإعصار وراءه قائلة: " إنه خراب شامل، ووضع كارثي... نحن لن نستأنف بناء شيء ما كان موجودا؛ بل علينا أن نبدأ من الصفر."
وأضافت هيد-رِغبي أن زميلها في "جزر أباكو" التي ضربها الإعصار بشدة، أخبرها بأن "هناك قتلى آخرين" لكنها لا تعرف عددهم.
من جانبه، قال هوبرت مينيس، رئيس حكومة الباهاماس، إنه يتوقع أن تكون هناك وفيات أكثر. واضاف خلال مؤتمر صحافي، "نحن وسط إحدى أكبر الأزمات الوطنية في تاريخ بلدنا... ولن تُعرقَل أي جهود أو إمكانيات" في المساعدة.
وفي هذا السياق، قال ماثيو كوتشرَين، المتحدث باسم جمعية الصليب الأحمر إن أكثر من 13 ألف بيت، تشكل حوالي 45 في المائة من المنازل الموجودة في "جزر أباكو" و"غراند باهاماس" يُعتقَد أنها تعرضت لضرر شديد أو دُمِّرت.
كذلك، فإن أكثر من 60 ألفا من سكان الجزر التي ضربها الإعصار بقوة سيحتاجون إلى الطعام، حسبما أفاد مسؤولون في الأمم المتحدة، بينما قال المتحدث باسم جمعية الصليب الأحمر إن ما يقارب من 62 ألفا سيحتاجون إلى ماء صالح للشرب.
وفي هذا الصدد قال كوتشرَين: "ما نسمعه يضفي مصداقية على حقيقة أن هذا الإعصار عاصفة كارثية وتأثيره كارثي."
وقد استعمل عمال الإغاثة زلاجات نفاثة وزوارق بل حتى جرارا ضخما لإخراج السكان من المناطق المنكوبة عقب تعرضها لاجتياح العاصفة في شتى أنحاء جزيرة "غراند باهاماس"، إذ حمل الجرار راشدين وأطفالا في خرطومه المخصص للحفر بينما كان يخوض وسط مياه عميقة خلال نقلهم إلى مكان آمن.
أما "البحرية الملكية" البريطانية فقد أسرعت لتقديم المساعدة لسكان الباهاماس بينما ظلت خمس مروحيات تابعة لحرس السواحل الأميركية تقوم بطلعات جوية كل ساعة تقريبا إلى المناطق المنكوبة في "جزر أباكو" حيث نقلت ما لا يقل عن 21 شخصا مصابا إلى مستشفى العاصمة الرئيس.
ومع انقطاع الهواتف عبر جزر أباكو وغراند باهاما، وضع سكانها قوائم بأسماء أحبائهم المفقودين عبر وسائط التواصل الاجتماعي.
ففي "بوست" واحد على موقع الفيسبوك نشرته محطة "أوَر نيوز باهاماس" تطلب فيه أسماء الأشخاص المفقودين، كان هناك 1600 تعليق أدرج أسماء مفقودين من عوائل كثيرة منذ وضعه على الموقع صباح يوم الثلاثاء الماضي.
وقد يكون توفير الطعام ضروريا لـ 14,500 شخص في "جزر أباكو"، و 45,700 شخص في "غراند باهاماس"، حسبما أشارت منظمة "برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة" في بيان صادر عنها.
ومع تقدم الإعصار صوب الولايات المتحدة، حُذِّر أكثر من مليوني شخص يعيشون على امتداد الساحل في ولايات فلوريدا وجورجيا وكارولاينا الشمالية والجنوبية، كي يغادروا مناطق سكناهم.
إذ على الرغم من أن التهديد بوقوع ضربة مباشرة على فلوريدا قد تبخر، فإن من المتوقع أن يمر الإعصار دوريان، وبشكل خطير، بالقرب من الولايات الجنوبية الأميركية في نهاية هذا الأسبوع.
وحتى في حالة عدم ضرب الإعصار اليابسة، فإن مركز الأعاصير الوطني الأميركي، حذر من أنه سيتسبب على الأرجح في وقوع عاصفة وفيضان خطير.
وهذا ما دفع كارلوس كاستيلو، المسؤول في وكالة إدارة الطوارئ الفيدرالية الأميركية إلى توجيه النصح للسكان بقوله: "لا تصروا على البقاء، بل اخرجوا".
وتجدر الإشارة إلى أن مركز الإعصار دوريان كان على بعد 90 ميلا عن شرق "دايتونا بيتش" في ولاية فلوريدا، صباح الأربعاء الماضي، وكان يتحرك بالاتجاه الشمالي الغربي بسرعة 8 أميال في الساعة.
وتمددت قوة الرياح المرافقة للإعصار إلى حد 60 ميلا من مركزها بينما كان بالإمكان تحسس قوة رياح العاصفة الاستوائية على مسافة 175 ميلا من مركزها.
كذلك، فإن الإعصار دوريان خلَّف وراءه قتيلا عقب مروره ببورتو ريكو قبل ضربه جزر الباهاماس يوم الأحد الماضي.
ويشار إلى أن هذا الإعصار كسر الأرقام القياسية لأقوى عاصفة أطلسية تضرب البر، ليتماثل في قوته مع الإعصار "عيد العمال" الذي ضرب ساحل خليج فلوريدا عام 1935.
© The Independent