Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تساؤلات حول جدوى زيارات مسؤولين أفارقة إلى الجزائر

استضافت رئيس أركان الجيش السيراليوني بعد رئيس البرلمان الموريتاني ووزيري خارجية الكونغو وموريتانيا

رئيس برلمان موريتانيا مصافحاً نظيره الجزائري (الإذاعة الجزائرية)

ملخص

هل يجلب لعب ورقة تبادل المصالح نجاحات أفريقية للجزائر؟

لم تتوقف زيارات الوزراء والمسؤولين الأفارقة إلى الجزائر خلال الفترة الأخيرة بشكل جعل المتابعين يصفون المشهد بـ"الإنزال الأفريقي". وأثيرت نقاشات على مستويات عدة حول أسباب هذا التوافد، غير أن الوضع الذي تعيشه المنطقة والقارة السمراء بصفة عامة يجيب عن مختلف الاستفهامات والتساؤلات.
وكان رئيس أركان الجيش السيراليوني الفريق بيتر كاكو- وو، وصل، أمس الأربعاء، إلى الجزائر على رأس وفد عسكري، بعد مغادرة رئيس البرلمان الموريتاني محمد بمب مكت، الذي سبقه وزير الشؤون الخارجية الكونغولي جان كلود قاكوسو، وقبله نظيره الموريتاني محمد سالم ولد مرزوق، ووزير الخارجية النيجري بكاري سنغاري في زيارات مماثلة، فيما كان رئيس سيراليون جوليوس مادا بيو، قد سبق الجميع إلى الجزائر في الثاني من يناير (كانون الثاني) الحالي، حيث أمضى ثلاثة أيام.

تأويلات وترجيحات

وشملت التفسيرات في شأن الحراك الأفريقي باتجاه الجزائر ملفات عدة، منها بحث قضايا ثنائية وإقليمية، والتحضير لاستحقاقات مشتركة، في ظل جملة تحديات سياسية وأمنية تشهدها منطقة الساحل الأفريقي وتداعياتها على كامل أمن القارة السمراء. ورجح مراقبون أن تكون الجزائر تسعى إلى حشد دول أفريقية من أجل عودة قوية إلى أحضان القارة السمراء واستعادة الدور القيادي الذي خسرته لصالح أطراف عدة، في حين رأى آخرون في مسارعة العواصم الأفريقية إلى الجزائر، سعياً إلى طلب المساعدة على إيجاد حلول لانشغالاتهم ومشكلاتهم مع وجود الجزائر كعضو غير دائم في مجلس الأمن الدولي، كما توقع البعض أن يكون ذلك الحراك تحضيراً من قبل الجزائر لمواجهة المنافسين وحماية المصالح.

وإثر استقبال رئيس أركان الجيش الجزائري السعيد شنقريحة نظيره السيراليوني بيتر كاكو- وو، أعلنت وزارة الدفاع الجزائرية عن حرص قيادتي البلدين على الدفع بالعلاقات الثنائية إلى مستويات أعلى، بخاصة أن البلدين العضوين غير الدائمين بمجلس الأمن الدولي، يحرصان على تعزيز التشاور من أجل الدفاع عن مصالح أفريقيا ومواقفها المشتركة. وأشارت الوزارة إلى أن "الزيارة التي تعتبر الأولى من نوعها، ستشكل من دون شك، تمهيداً لتعاون عسكري مثمر ومفيد لكلا البلدين، لا سيما أن القارة الأفريقية تشهد ظروفاً أمنية صعبة ومعقدة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


زيارة رئيس سيراليون

في السياق، رأى أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، عبدالوهاب حفيان، أن "التهليل لزيارة رئيس سيراليون التي لا نتشارك معها أي اهتمامات، والتسويق لها كأنها فتح مبين للدبلوماسية، ولّد شبه قناعة بأننا نسير نحو العزلة"، مضيفاً أنه "من الممكن أن يكون الأفارقة قد فهموا الوضع، وقد يتم ابتزازنا في المناسبات القادمة مقابل مواقف". وشدد حفيان على أنه "يجب على الدبلوماسية الجزائرية لعب ورقة المصالح عوض ورقة المبادئ، كما عليها توظيف المقاربة النفسية في التعامل مع محيطها الأفريقي، المبنية على منطق الفوقية لا الندية، بدليل رفع دول الساحل للرايات الأجنبية والروسية تحديداً، أكثر من العلم الوطني، وهو ما يطرح إشكالية الولاء في هذه البلدان، بالتالي فإن الحراك الأفريقي الماضي ما هو إلا استبدال مستعمر صلب فرنسي، باستعمار ناعم روسي".
وتابع حفيان أن "الإنزال الدبلوماسي الأفريقي في الجزائر لا يمكن تفسيره إلا في سياق لقاءات دورية روتينية تهدف إلى تعزيز العلاقات البينية، وبالأساس إلى تبني رؤية مشتركة حول المشكلة الأمنية والهشاشة التي تشهدها دول الساحل والتي تحولت إلى حالة مزمنة، إضافة إلى تحديد سياسات العمل المشترك داخل مؤسسات الاتحاد الأفريقي الذي هو في الحقيقة هيئة عاجزة عن إيجاد الحلول لمشكلات القارة، واتضح ذلك جلياً مع انقلابات النيجر وبوركينا فاسو ومالي، حيث تراجع دوره لصالح مجموعة الإيكواس". وختم بوصف ما يحدث بـ"دبلوماسية المجاملات وتبادل وجهات النظر حول قضايا القارة".

حلقة وصل بين الأفارقة والنظام العالمي

في المقابل، قال عضو المكتب السياسي لحزب "التجديد الديمقراطي والجمهوري" النيجري، عمر الأنصاري، في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، إن "الأفارقة خاصة الذين يسعون للتحرر من بقايا الاستعمار الفرنسي، يرون في الجزائر القائد الروحي لهذا التحرر الذي ينبغي الاستفادة من تجاربه وخبرته". وأضاف أن "تموقع الجزائر في منطقة الساحل فرض على القوى العظمى التشاور معها لتقرير مصير هذه المنطقة الشاسعة المضطربة، فلذلك يتوافد المسؤولون الأفارقة على الجزائر كحلقة وصل بينهم وبين النظام العالمي، بهدف مساعدتهم على التوصل إلى حل يجمع بين السيادة الأفريقية والإرادة الدولية"، مشيراً إلى أن مواقف الجزائر الأخيرة بخصوص موضوع الأمن والاستقرار، زاد من ثقة أفريقيا في هذا البلد على أنه ثابت على المبادئ العادلة والقيم الإنسانية التي تبحث عنها الشعوب الأفريقية المتعطشة للحرية والعدل والمواساة".
وتابع الأنصاري، رداً على الذين يربطون بين وجود الجزائر بمجلس الأمن والزيارات الأفريقية، أن "التواصل والثقة موجودان قبل انتخاب الجزائر، عضو غير دائم بمجلس الأمن، ومن الطبيعي أن يزداد التقارب بعد الخطوة، لا سيما أن الجزائر أبدت استعدادها للدفاع عن المصالح العامة لأفريقيا وجميع القضايا العادلة"، مبرزاً أن "مقاربة الجزائر التي تنص على التناغم بين التنمية والأمن، وأن أفضل سبل تأمين منطقة الساحل هو إيجاد مشاريع تنموية لشعوب المنطقة، تدل على خبرة في تحقيق الأمن والاستقرار، بخاصة أن جل شباب دول الساحل تورطوا في الانضمام إلى الجماعات المتطرفة هرباً من البطالة أكثر من رغبتهم في التطرف الأيديولوجي". وختم بالقول إن "سعي الجزائر إلى سد ثغرة عدم الأمن بالمنطقة، بصرف أموال طائلة من أجل تحقيق التنمية وإيجاد بدائل مشروعة للفئات المستهدفة، يعتبر أكبر حشد لتقوية أفريقيا والتغلب على أكبر نقاط ضعفها".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير