Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

البرهان و"حميدتي" يتبادلان الاتهامات وتلويح بعقوبات أميركية جديدة

قصف جوي بأم درمان والجزيرة ومناوشات بين الجيش و"الدعم السريع" في دارفور وكردفان

جانب من مخيم للاجئين السودانيين في أدريه بتشاد (أ ف ب)

ملخص

البرهان يرهن العملية السياسية بنهاية التمرد والحراك السياسي في جوبا

في وقت تعثرت فيه كل جهود ومساعي المبادرات والوساطات الإقليمية والدولية، السرية منها والمعلنة، لوقف الحرب المندلعة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ منتصف أبريل (نيسان) الماضي، ومع انتهاء فترة الأسبوعين التي حددتها قمة (إيغاد) للقاء قائدي الجيش وقوات "الدعم السريع"، عبد الفتاح البرهان ومحمد حمدان دقلو (حميدتي)، غداً الجمعة، تزايد من جديد تباعد خطى الجنرالين بتبادل الاتهامات القاسية، فبينما شكك "حميدتي" في شرعية وجدية البرهان ومعاونيه، أوصد قائد الجيش الباب أمام أي عملية سياسية قبل انتهاء التمرد، متوعداً قائد "الدعم السريع" بالهزيمة والمحاسبة على جرائمه، ما أثار مخاوف من مآلات الحرب وعودتها إلى المربع الأول.

البرهان يتوعد

وأوصد رئيس مجلس السيادة الإنتقالي، القائد العام للجيش، الفريق عبدالفتاح البرهان، الباب أمام أي عملية سياسية إلا بعد الانتهاء من التمرد، مؤكداً أن "بشارات النصر وهزيمة التمرد قد بدأت تلوح في الأفق"، متوعداً "بمحاسبة قائد التمرد ومعاونيه على كل انتهاكات ميليشياتهم ضد المواطنين". وأضاف لدى مخاطبته ضباط وضباط صف قيادة النيل الأزرق العسكرية في خطوط الدفاع المتقدمة كبري العرب بولاية سنار وسط البلاد، "نحن مع السلام الذي يحفظ للسودانيين حقوقهم وكرامتهم وعزتهم ولا تهاون أو مجاملة في ذلك".
ووجه قائد الجيش، رسالة إلى من وصفهم بـ "السياسيين الواهمين"، بأن "الجيش والشعب لن ينهزموا أو ينكسروا، وسترد للشعب كرامته وعزته"، مبشراً المواطنين، "ستعودون قريباً إلى منازلكم بعد دحر هذا التمرد القبيح". وذكر البرهان أن "القوات المسلحة تجمع كل مكونات الشعب السوداني بمختلف سحناتهم وقبائلهم، بينما جمعت الميليشيا المرتزقة والمجرمين والقتلة لمحاربة الشعب السوداني واستهداف ممتلكاته وبناه التحتية وتدمير مرافقه الخدمية ومشاريعه الحيوية"، وأن "قبائل دارفور بريئة من المجرمين والقتلة الذين انتهكوا حرمات المواطنين".

حميدتي يشكك

في المقابل وتزامناً مع موعد نهاية فترة الأسبوعين التي حدتها قمة "إيغاد" الطارئة الأخيرة بالعاصمة الأوغندية كمبالا، للقاء قائدي الجيش والدعم السريع التي ستنتهي غداً الجمعة، جدد قائد "الدعم السريع" الترحيب بمخرجات القمة، واستعداده للمضي قدماً للمشاركة في عملية السلام في السودان تحت رعاية المنظمة والاتحاد الأفريقي، أو في إطار أي عملية سلام إقليمية أو دولية أخرى.
وشكك "حميدتي" مجدداً في "شرعية وجدية البرهان ومعاونيه"، واتهمه بمحاولة "عزل السودان عن محيطه الإقليمي بإعلانه المتعجل الانسحاب من منظمة إيغاد بشكل يدعو إلى السخرية ولا يعبر عن الموقف والشرعي لحكومة السودان وإرادة شعبه".

أوضح قائد "الدعم السريع"، في خطاب وجهه إلى الرئيس الجيبوتي، عمر جيلي، رئيس الدورة الحالية لمنظمة "إيغاد"، أهمية توحيد أو تنسيق مبادرات السلام المختلفة، من أجل تسريع إنهاء الحرب وتحقيق السلام في السودان.

ووصف دقلو، مقاطعة قائد الجيش للمحادثات بالانتهاك الصارخ لقرارات قمة "إيغاد"، بصورة "تقضي على تطلعات الشعب السوداني ولا تحقق له أي فوائد تكتيكية أو استراتيجية".

اشتباكات الخرطوم

ميدانياً تواصلت المعارك والاشتباكات المدفعية بين الجانبين في الخرطوم بوتيرة أقل مما كانت عليه بداية الأسبوع الماضي، بخاصة حول مقر القيادة العامة للجيش وسط العاصمة وسلاح المدرعات في جنوبها، بينما تركزت المواجهات البرية المباشرة بشكل كبير في مدينتي أم درمان والخرطوم بحري.

وأفاد مواطنون من جنوب الخرطوم بأن أصوات المدافع تراجعت بشكل نسبي أمس الأربعاء، ما مكّن عودة بعض مظاهر الحياة وخروج الناس بحثاً عن قضاء بعض حاجياتهم إثر عودة بعض المراكز الصحية إلى الخدمة وفتحت متاجر صغيرة داخل الأحياء أبوابها.

مواجهات وقصف

على صعيد جبهة أم درمان، أوضحت مصادر ميدانية، أن الجيش يتابع تقدمه ومواجهاته البرية مع "الدعم السريع" من خلال عمليات التمشيط التي تقوم بها "قوات العمل الخاص" وسط المدينة، التي وصلت حتى شارع العرضة والأحياء المحيطة به.

واستهدفت طائرات الجيش المسيرة تجمعات "الدعم السريع" بعدة مواقع داخل المدينة، بينما شن الطيران الحربي غارات مكثفة على محيط مباني الإذاعة والتلفزيون في أم درمان.

وفي ولاية الجزيرة هاجمت المقاتلات الحربية للجيش أهدافاً ومواقعاً للدعم السريع، شرقي مدينة ود مدني، وقصفت أيضاً تجمعات لها بالقرب من جامعة القرآن الكريم في منطقة أبو قوتة، كما شهدت ضواحي مدينة المناقل (62 كيلومتراً من ود مدني) مواجهات برية بين الجانبين.

هجوم جديد

وفي غرب كردفان كشفت مصادر ولائية، أن قوات الفرقة (22) للجيش بمدينة بابنوسة تصدت لمحاولة هجوم جديدة من قبل قوات "الدعم السريع".

وأطلقت مجموعة "نداء بابنوسة" استغاثةً إلى المجتمع الدولي والأمم المتحدة والوكالات الأممية الإنسانية، بمواجهة آلاف النازحين بالمنطقة أوضاعاً إنسانية مزرية وكارثية، خاصة بعد أن تمددت الحرب إلى المدن الصغيرة والقرى بالولاية، بعد فشل كل جهود القادة المحليين في تفادي المواجهة داخل مدينة بابنوسة الصغيرة، وما أعقب ذلك من تصعيد محموم بين الأطراف المتحاربة.

وحذر النداء من أنه "إذا شنت لقوات الدعم السريع هجوماً على مدينة الفولة عاصمة الولاية التي باتت مأوى لجميع الفارين من الحرب والأزمات الإنسانية، سيشهد العالم كارثة إنسانية مدمرة غير مسبوقة".

مناوشات دارفور

أما في دارفور فساد التوتر من جديد مدينة الفاشر عاصمة إقليم دارفور، غرب السودان، خاصة في محيط سوق المدينة الكبير، إثر سماع إطلاق أعيرة نارية من جانب "الدعم السريع" المتمركزة شرق المدينة ظهر أمس، ردت عليه قوات الجيش الموجودة في محيط سوق المدينة بالمثل، ما تسبب بحسب شهود عيان، في حالة من الهلع أدى إلى إغلاق السوق تخوفاً من اتساع الاشتباكات، وذلك قبل أن يعود الهدوء الحذر مجدداً إلى المدينة في المساء.

وفي الوقت الذي أكد فيه الجيش تغطيته الأمنية الواسعة لحدود ولاية القضارف شرق البلاد، بعد دحر رتل استطلاعي لقوات الدعم السريع في منطقة ميجر 5 و6 على تخوم الولاية، بثت الأخيرة مقطع فيديو  لقائدها الميداني أبوعاقلة كيكل، الذي اجتاح ولاية الجزيرة، يؤكد فيه وصول قواته إلى جبال حريرة والمقرح على مشارف منطقة الفاو داخل حدود الولاية.

اهتمام أميركي

دولياً جددت مساعدة وزير الخارجية الأميركي للشؤون الأفريقية، مولي في، حرص بلادها على إيجاد حل سلمي للصراع في السودان، مشيرةً إلى أن دبلوماسيين كباراً يعملون على الجوانب المختلفة للنزاع.

وأكدت مولي في، اهتمام الولايات المتحدة بقضية السودان وعملها عبر عدة طرق مع الشركاء الدوليين والأفارقة والعرب في محاولاتها لوقف إطلاق النار والانتقال إلى الحكم المدني.

وأعربت مساعدة وزير الخارجية الأميركية، في مؤتمر صحافي، عن الشعور بالإحباط بسبب معاناة الشعب والوضع الرهيب في السودان، مقابل سلوك القادة الأمنيين غير المسؤول وتجاهلهم الطائش لحياة المدنيين والبنية التحتية. وأكدت تواصل الجهود الأميركية مع الآخرين من أجل إقناع قادة الجيش و"الدعم السريع" بالتخلي عن مسارهم الطائش، والعودة إلى منبر جدة التفاوضي.
ورحبت المسؤولة الأميركية، بأي جهود للضغط على قادة الطرفين المتقاتلين لوقف إطلاق النار، لاسيما الدول الأفريقية التي تعمل على إنهاء الصراع في السودان.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


ضغوط الكونغرس

وكانت مجموعة من النواب الديمقراطيين والجمهوريين قدمت مشروع قرار يستنكر الانتهاكات التي يرتكبها طرفا الحرب في السودان، ويحث الإدارة الأميركية على تعيين مبعوث رئاسي خاص للسودان، وتدخل أكثر فعالية لحل الأزمة. وأكد النواب في بيان صحافي، عدم قبولهم بالصمت أمام "المجازر التي تحدث في السودان"، ووقوفهم مع الشعب السوداني في مطالبته بالحرية والديمقراطية، مشددين على تفعيل الدور الأميركي في دعم المفاوضات بين القوى المدنية والعسكرية، وفرض عقوبات على المسؤولين عن ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وضمان توصيل المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين.

عقوبات جديدة

على الصعيد متصل، أعلنت الخزانة الأميركية فرض عقوبات جديدة على شركات مرتبطة بالجيش و"الدعم السريع" لدورها في تقويض السلام والأمن والاستقرار في السودان، وهي شركتي "الفاخر" و"بنك الخليج"، التابعتين للدعم السريع، وشركة "زادنا" التابعة للجيش السوداني.

وأوضح بيان لوزارة الخارجية الأميركية أن "مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة (أوفاك) فرض عقوبات على ثلاثة كيانات سودانية لدورها في تقويض السلام والأمن والاستقرار في السودان، وتأكيداً لالتزام الولايات المتحدة بتحديد وعزل مصادر التمويل لكل من الجيش وقوات "الدعم السريع"، المتحاربين الرئيسيين والمسؤولين عن الصراع في السودان".

قوائم المتهمين

أما عن تصعيد العقوبات الأميركية وخطوات ما بعد اتهام المحكمة الجنائية الدولية لطرفي الحرب بارتكاب جرائم حرب، أوضح أستاذ القانون الدولي، عبد الرؤوف الأمين، أن "المرحلة التالية للمحكمة، ستكون بتحديد وإعلان قائمة أسماء المتهمين في الجرائم المشار إليها فيما يخص الحرب الدائرة الآن بالسودان". ولفت الأمين إلى أن "زيارة المدعي العام الأخيرة إلى معسكرات اللاجئين في شرق تشاد شملت استكمال تحقيقات ترتبط بجرائم سابقة في عهد الرئيس السابق عمر البشير، بجانب لقاء شهود وجمع أدلة تتعلق بالانتهاكات والجرائم المرتكبة في الحرب الحالية، بما فيها أحداث مدينة الجنينة في يونيو (حزيران) الماضي، وما تلاها من هجمات في منطقة أردمته".

وتوقع أستاذ القانون الدولي أن تشمل قائمة المتهمين عدداً أكبر من المتهمين من جانب قادة "الدعم السريع"، على ضوء تقارير المنظمات الأممية والحقوقية ومنظمات حقوق الإنسان التي وفرت معلومات وبينات تعضد ما ذهبت إليه المحكمة، تشكل أدلة وتوفر شهادات موثقة أمام المحكمة.

عقوبات ورسائل

ولفت أستاذ القانون الدولي إلى أن "تصعيد العقوبات الأوربية والأميركية على الطرفين المتقاتلين، يؤكد استشعار المجتمع الدولي لمدى خطورة حرب السودان على المحيط الإقليمي- الأفريقي وربما الشرق أوسطي أيضاً من جانب، كما أن توجيه العقوبات وتحريك اتهامات قضايا جرائم في مواجهة رؤوس النظام السابق من القيادات الإسلامية، يمثل من الجانب الآخر رسائل واضحة في بريد التيار الإسلامي الداعم لاستمرار الحرب وإطالة أمدها في السودان".

أما في شأن احتجاج حكومة السودان بالمادة (51) من ميثاق الأمم المتحدة التي تكفل للدول حق الدفاع عن نفسها ضد العدوان على أراضيها وسيادتها، لتفادي أي اتهامات محتملة من المحكمة الجنائية ضد قادة الجيش، فأوضح المتحدث ذاته أن "هذا الدفع تواجهه معضلة التكييف القانوني لطبيعة الحرب الدائرة في البلاد، بخاصة أن الحكومة قد أقرت مسبقاً بأن ما حدث كان تمرداً من إحدى وحدات الجيش، ما يعني أن النزاع داخل المؤسسة العسكرية نفسها".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات