Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

التصريحات الملكية البريطانية... بين "صمت" القصور و"ضجيج" الشارع

يرى كثيرون أن على أعضاء العائلة المالكة الالتزام بشؤونهم الشخصية وعدم الإدلاء بتصريحات مثيرة للجدل لأن تعليقاتهم يمكن أن تؤثر بشكل كبير في الرأي العام

العائلة المالكة البريطانية خلال الاحتفال بتتويج الملك تشارلز الثالث في ادنبره باسكتلندا، في 5 يوليو 2023 (أ ف ب)

ملخص

في بعض الأحيان قد تؤدي تصريحات أفراد العائلة الملكية إلى مشكلات دبلوماسية مع دول أخرى، بخاصة إذا كانت هذه التصريحات تتعلق بقضايا دولية حساسة

تحظى العائلة الملكية البريطانية بتاريخ طويل من التقاليد والبروتوكولات التي تميزها عن بقية العائلات الأخرى. ومما يميزها أيضاً قيام بعض أعضائها بين حين وآخر بالإدلاء بتصريحات جدلية تكشف بعض الآراء التي قد تعكس غياب التحديث في مجموعة من القضايا المعاصرة. ومع تزايد الانتقادات، يظهر أن العائلة المالكة ليست بعيدة من التأثيرات السلبية لتصريحات أفرادها.
في 22 فبراير (شباط) 2024، أدلى الأمير ويليام بتصريحات عبر فيها عن قلقه العميق تجاه "التكلفة البشرية الرهيبة للصراع في الشرق الأوسط" ورغبته في رؤية نهاية للقتال في أقرب وقت... والحاجة الماسة لزيادة الدعم الإنساني لغزة... وإطلاق الرهائن.
وتحمل أي تصريحات للأمير ويليام حالياً أهمية كبيرة بسبب مرض والده الملك تشارلز ويتم رصد تعليقاته بعناية خاصة لما لها من تأثير في الرأي العام والدور الذي قد تلعبه في توجهات العائلة المالكة في المستقبل. في الوقت نفسه، تأتي تصريحات الأمير ويليام الأخيرة حول الصراع الدائر في غزة لتسلط الضوء على أهمية فحص وتقييم مواقف أفراد المنظومة الملكية وتأثير تصريحاتهم في الرأي العام وربما إعادة النظر في "شكلية" مناصب أفرادها.

نستعرض في ما يلي تصريحات سابقة والضجة التي أحدثتها خارج أسوار قلعة ويندسور:

تشارلز وترحيل اللاجئين

في عام 2022 تسربت تصريحات سرية أدلى بها الأمير تشارلز حينها، وصف خلالها خططاً لنقل مهاجرين إلى رواندا بالـ "مروعة"، وذلك قبيل مغادرة أول رحلة جوية تقل لاجئين إلى هناك. وتردد أن تشارلز كان محبطاً بشكل خاص من سياسة رئيس الوزراء البريطاني آنذاك بوريس جونسون بشأن اللجوء. وأثارت هذه التصريحات الجدل لكنها أظهرت استمرار الأمير تشارلز في التعبير عن آرائه بشأن السياسة العامة على رغم أن دوره الملكي يقضي بعكس ذلك. ورأت صحيفة "ذا تايمز" حينها أنه على رغم تحدث تشارلز عن مجموعة واسعة من القضايا على مدى عقود، فإن تدخلاته العامة في الموضوعات المثيرة للجدل أصبحت أقل بكثير في السنوات الأخيرة. ومع ذلك، تشير ملاحظاته بشأن رواندا إلى أنه كان لا يزال على استعداد للتعبير على انفراد عن معتقداته بشأن سياسة الحكومة.

لكن بحسب محللين ملكيين، كان الأمير في وضع مختلف عن وضع الملكة، فهي ملزمة بالتصرف بناء على نصيحة الوزراء، وتشارلز لم يكن كذلك (إذ لم يكن ملكاً بعد). القيد الوحيد هو أنه لا يجب أن يقول أي شيء من شأنه إحراج الملكة. يعني ذلك أنه عليه ألا يفعل أو يقول أي شيء يتعلق بالسياسات الحزبية، لكن ليس هناك ما يمنعه من الحديث عن أمور تتعلق بالسياسة العامة. وأكدت الصحيفة عدم خطورة تصريحات أمير ويلز لأنه لم يكن في مكان عام، بل كان يتحدث في السر، ولم يكن يلقي خطاباً يهاجم فيه سياسة الحكومة.


تشارلز وقضية المناخ

في عام 2021، قال تشارلز ولي عهد بريطانيا آنذاك في تصريحات خلال مؤتمر منتدى "مبادرة السعودية الخضراء" البيئي، إن ثمة فرصة محدودة بشكل خطير لتسريع تحركات مكافحة التغير المناخي. وأثار تشارلز، الذي يُكنى حالياً بـ "أول ملك بيئي في القرن الحادي والعشرين" الجدل بهذه التصريحات، لأسباب عدة كان أولها التناقض بين أفعاله وأقواله، حيث انتقد البعض الأمير لاستخدامه طائرة خاصة للسفر إلى اسكتلندا لحضور مؤتمر المناخ "كوب 26" COP26، بينما دعا العالم إلى تقليل انبعاثات الكربون. كذلك اعتبر البعض أن كلمات تشارلز هي مجرد حبر على ورق لعدم امتلاكه أي سلطة رسمية لاتخاذ قرارات في ما يتعلق بموضوع المناخ. ولمس آخرون نبرة استعلائية في تعليقات "أمير ويلز"، وعدم التطرق إلى العلاقة بين العدالة الاجتماعية وأزمة المناخ وتجاهل الآثار غير المتكافئة لتغير المناخ على الدول الفقيرة، إلى جانب عدم إظهار موقف واضح من بعض القضايا المهمة مثل الطاقة النووية.


الأميرة ديانا وحظر الألغام

من جهة أخرى، أسهمت تصريحات "أميرة القلوب"، ديانا، إلى جانب أفعالها، في نشر الوعي حول مشكلة الألغام الأرضية وتأثيرها الكارثي على السكان المدنيين في مناطق النزاع. وكانت مشاركتها في هذا الجانب الإنساني جزءاً من جهودها للعمل الخيري.

من بين الأشياء التي قالتها في معرض حديثها عن هذه المسألة، "إنها واحدة من أكبر المشكلات التي يمكن أن يواجهها العالم في الوقت الحالي، وأعتقد أنه يتعين على الناس الوقوف معاً والعمل معاً لحل هذه المشكلة" و"الألغام ليست مجرد قضية عسكرية، بل هي قضية إنسانية حقيقية. إنها تؤثر في الأطفال والنساء والرجال الذين يحاولون بناء حياة جديدة لأنفسهم".
وخلال زيارتها إلى الأراضي الملوثة بالألغام والمناطق المتأثرة بالنزاعات، كانت الأميرة ديانا تسعى لزيادة الوعي حول الخطر الذي تشكله الألغام على الأفراد والمجتمعات المحلية. وأجرت زيارات إلى البوسنة والهرسك وأنغولا، حيث كانت تلك البلدان تعاني من آثار النزاعات والألغام.
في عام 1997، قبل وفاتها في حادث سير، شاركت الأميرة في حملة دولية لحظر الألغام الأرضية تسعى للحفاظ على سلامة المدنيين ومناطق الأرض الملوثة بالمتفجرات. ولم تكن تصريحات ديانا مثيرة للجدل، بقدر ما كانت محط إشادة وتقدير، وأكدت التأثير الكبير الذي قد تتركه المواقف الملكية في القضايا العامة حتى على المستوى العالمي.


الملكة الأم والطبقية والعنصرية ومعاداة السامية

من المعروف أن الحرب العالمية الثانية كانت تجربة عصيبة جداً بالنسبة للمملكة المتحدة، حيث تعرضت عاصمتها لندن لقصف وحشي من قبل الطائرات النازية، وحتى العائلة المالكة لم تفلت من رعب هذه الهجمات، إذ تعرض قصر باكنغهام للتفجير في 13 سبتمبر (أيلول) 1940. في أعقاب هذه الأحداث المروعة، كتبت الملكة إليزابيث، الملكة الأم، إلى حماتها الملكة ماري، لتروي بالضبط ما حدث. مما ورد في رسالة الملكة الأم، "حدث كل ذلك بسرعة كبيرة لدرجة أنه لم يكن لدينا سوى الوقت للنظر بحماقة إلى بعضنا البعض عندما حدث الانفجار الهائل... كانت ركبتاي ترتجفان... لكنني سررت جداً بسلوك خدمنا لقد كانوا رائعين حقاً". على رغم بطولة الملكة التي أصرت أنها لن تفر من لندن، إلا أن تصريحاتها هذه أكسبتها عند نشرها في عام 2009 لقب "ملكة القسوة" كما وصفتها صحيفة "ذا غارديان". كذلك نقلت الصحيفة قصيدة تصف نظرة الملكة للعالم يرد فيها: "الرجل الغني في قلعته/ الرجل الفقير عند بوابته/ جعلهم الله مرتفعين أو متواضعين/ ورتب ممتلكاتهم".
ولم يكن تفجير القصر المرة الوحيدة التي أظهرت فيها الملكة إليزابيث، سلوكاً إشكالياً. فعلى مر السنين، قيل إن إليزابيث الكبرى أعربت عن أفكار عنصرية ومعادية للسامية بشدة. ذكرت "ذا غارديان" أيضاً أنها أخبرت الكاتب والسياسي وودرو ويات ذات مرة أن لديها "بعض التحفظات بشأن اليهود". أما صحيفة "ذا تايمز" فنشرت تعليقات مثيرة للجدل، أدلت بها على ما يبدو خلال مأدبة غداء مع مدير معرض "فيكتوريا وآلبرت" استخدمت فيها مصطلحاً يزدري السود.
وعكست هذه التعليقات إلى حد كبير وجهات النظر السياسية للملكة الأم، التي دعمت النظام القاسي وغير الديمقراطي الذي أجبر السكان المحليين السود في المناطق المستعمرة من قبل بريطانيا على العمل في وظائف خطرة لمصلحة المستوطنين البيض. ذكرت "ذا غارديان" أن إحدى وصيفات إليزابيث الكبرى زعمت أنها قالت ذات مرة عن الاستعمار الأفريقي: "أعزائي المساكين، الأفارقة لا يعرفون كيف يحكمون أنفسهم - إنهم لم يخلقوا لذلك. للأسف أننا ما عدنا نعتني بهم بعد الآن".

الأمير فيليب وتعليقات غير لائقة

من بين جميع أفراد العائلة المالكة البريطانية، ربما كان الأمير فيليب (زوج الملكة إليزابيث) الأكثر ميلاً لارتكاب الأخطاء. على مدار حياته، أدلى الأمير بعديد من التصريحات المسيئة لدرجة أن وسائل الإعلام، بما فيها "بي بي سي"، و"اندبندنت"، و"إيفنينغ ستاندرد"، نشرت قوائم كاملة مخصصة لتفاصيل هفواته اللفظية. أحد التعليقات المثيرة للجدل للأمير جاء في عام 1999 عندما كان يزور مصنعاً للإلكترونيات في اسكتلندا. تذكر صحيفة "ذا غارديان" أن فيليب لاحظ خلال الزيارة وجود صندوق يخرج منه عدد كبير من الأسلاك. فكان تعليق الأمير أن الصندوق "يبدو كما لو أن هندياً قد ركّبه". وأدى تصريح فيليب إلى رد فعل سلبي سريع، مما دفع قصر باكنغهام إلى الاعتذار في بيان حاول من دون جدوى التأكيد على أن التعليق كان مجرد "مزحة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


لم يكن تعليق الأمير فيليب حول الهندسة الهندية المرة الوحيدة التي أساء فيها إلى من حوله. وفقاً لتقرير "ذا غارديان"، فقد ألقى الأمير بتعليق مسيء خلال حفل لموسيقى الكاريبي أقيم في ويلز. في تلك الفعالية، ورد أن عضوة في جمعية الصم البريطانية، اتصلت بالأمير، وكانت ترافق مجموعة من المراهقين الصم إلى الحفل. تقول إيفا جاكسون، "عندما جاء الدوق، أوقفته وقلت له: مجموعتي ترغب في مقابلتك، نحن جمعية الصم البريطانية من كارديف". تروي جاكسون أن فيليب رد بطريقة هجومية قائلاً: "الصم؟ إذا كنتم قريبين [من الموسيقى] فلا عجب أنكم صُم. ثم ابتعد. لم يكن يمزح". لم يلق هذا الرد استحسان المراهقين الصم وغيرهم من ذوي الاحتياجات الخاصة الذين تأذوا من تصريحات فيليب الفظيعة. من ناحية أخرى أثارت تصريحاته حفيظة الجاليات المنحدرة من منطقة الكاريبي التي رأت في كلامه استهجاناً وانتقاداً لموسيقاها.


دوقة إدنبرة وآل بلير

في عام 2001، قامت صوفي دوقة إدنبرة بالإدلاء بتصريحات سياسية مثيرة للجدل، وعلى رغم أنها تُعرف عادة بكونها عضوة ملكية تقوم بواجبها بشكل جاد، إلا أنها كانت في قلب فضيحة في ذلك الوقت.
كانت صوفي تشغل بشكل رسمي دور شريكة مؤسسة في شركة "آر جيه أتش" للعلاقات العامة. إلا أن صحافياً تنكر بصفة عميل جديد للشركة وزار مكتبها وأخذ تسجيلاً صوتياً لها. ووفقاً لمقال في صحيفة "ذا غارديان" نُشر في السنة نفسها، أظهرت التسجيلات صوت صوفي وهي تقول كلمات غير لائقة عن رئيس الوزراء البريطاني آنذاك، توني بلير. ويبدو أن الدوقة وصفته بأنه "رئيس وزراء يتصرف مثل رئيس للبلاد" وانتقدت زوجته، شيري بلير، وقالت إنها "فظة، فظة للغاية". واعتبر كثيرون أن تصريحات صوفي لم تكن مجرد تعبير عن رأي شخصي في رئيس الوزراء وعائلته، بل كانت تجاوزاً للحدود الملكية تماماً.


الأمير هاري والإساءة إلى الجالية الباكستانية

في المرحلة الحالية، لا يخشى الأمير هاري التحدث علناً ضد العنصرية. فعلى سبيل المثال، في مقابلته الشهيرة مع أوبرا وينفري في عام 2020، دان الأمير أحد أفراد العائلة المالكة الذي لم يذكر اسمه لتكهنه في يوم من الأيام حول "مدى سمرة" بشرة أطفال ميغان ماركل. على كل حال، لم يكن صوت هاري موجهاً دائماً ضد العنصرية، ففي عام 2009، تعرض الأمير لانتقادات بسبب استخدامه مصطلحات مسيئة وغير مناسبة للإشارة إلى أحد الرجال في فصيله العسكري. وفقاً لصحيفة "ذا غارديان"، وصف هاري زميله بأنه "صديقنا الباكستاني [Paki] الضئيل".
في ذلك الوقت، أثار هذا التعليق الملكي موجات من الانتقادات واضطر قصر سانت جيمس إلى إصدار اعتذار نيابة عن هاري، جاء فيه "يتفهم الأمير هاري تماماً مدى الإساءة التي يمكن أن يحملها هذا المصطلح، وهو آسف للغاية لأي إساءة قد تسببها كلماته". وتصدى محمد شفيق، مدير مؤسسة رمضان الخيرية للرد على تصريحات الأمير، حيث قال إن "استخدام هذا النوع من العنصرية ليس له أي مبرر، ويحزنني من يدافعون بالقول إن استعمال هذا المصطلح ليس عنصرياً".


الأميرة مارغريت والاستعلاء والتكبر

يُعرف عن الأميرة مارغريت ضمن نطاق العائلة المالكة أنها ارتكبت أخطاءً بخاصة عندما تعلق الأمر بالتحدث عن الطبقة الاجتماعية والاقتصادية لأكبر نجوم الفن. فعندما التقت مارغريت بأميرة موناكو، الممثلة الأميركية غريس كيلي، يبدو أنها أساءت خلال دقائق إلى صديقتها الجديدة. وتذكر صحيفة "ذا تلغراف" أن مارغريت قالت لكيلي إنها "لا تبدو كنجمة سينمائية". وبصفتها شخصية من عامة الناس تزوجت من رجل ملكي، يبدو أن كيلي فهمت هذا الازدراء الذي يشير إلى افتقارها إلى الدماء الملكية. وتردد أن الممثلة أجابت، "حسناً، أنا لم أولد نجمة سينمائية".
في الأمسية عينها، أدلت مارغريت بتعليق آخر مثير للجدل. وفقاً لكتاب "الأميرة مارغريت: سيرة ذاتية" للمختص في الشؤون الملكية ثيو أرونسون، أرسلت الأميرة أحد موظفيها إلى المغنية جودي غارلاند، تطلب منها الغناء للجميع في الحفلة. من الواضح أن طريقة الطلب المتعالية قد أصابت غارلاند بالذهول. وكتب أرونسون، "شعرت المغنية بالترويع، سواء من هذا الاستخفاف بموهبتها أو من لهجة الأميرة المتكبرة. حيث أجابت الموظف: اذهب وأخبر تلك الأميرة الصغيرة الوقحة السيئة أننا نعرف بعضنا بعضاً لفترة طويلة بما فيه الكفاية ونثرثر في حمامات السيدات... كان عليها أن تتخطى الروتين الملكي المزعج وتأتي إلى هنا وتطلب مني بنفسها".
وطاولت اللهجة اللاذعة أيضاً عارضة الأزياء البريطانية الشهيرة ليزلي لوسون، التي توجت بلقب "وجه عام 1966" قبل أشهر قليلة من لقائها للمرة الأولى بالأميرة مارغريت. بعد حوالي ستة عقود، تذكرت لوسون في لقاء مع صحيفة "ديلي إكسبريس" أنها كانت جالسة بجانب الأميرة في عشاء أقامته مجلة "فوغ". نظراً للبروتوكول الملكي، لم تتمكن العارضة من الحديث إلى الأميرة قبل أن تبادرها الأخرى بالحديث أولاً. وبشكل محرج، تجاهلتها مارغريت طوال العشاء تقريباً، وبعد ساعتين من هذا الموقف غير المريح، تحدثت إليها مارغريت أخيراً وسألتها: "ما اسمك؟". وبعدما أجابتها العارضة، أنهت الأميرة الحوار عند هذا الحد.
يرى كثيرون أن على أعضاء العائلة المالكة الالتزام بشؤونهم الشخصية وعدم الإدلاء بتصريحات مثيرة للجدل لأن تعليقاتهم يمكن أن تؤثر بشكل كبير في الرأي العام لأسباب عدة، أبرزها الحفاظ على حيادية الدور الملكي وبقائه خارج الساحة السياسية للمساعدة في تجنب الانخراط في الصراعات وضمان أن دور العائلة الملكية يظل رمزاً لوحدة الشعب. من ناحية أخرى عندما يعبّر أفراد ملكيون عن آرائهم في القضايا السياسية، قد يُعتبر ذلك تدخلاً في حقوق المواطنين في اتخاذ قراراتهم السياسية الخاصة. كما أن التحلي بالحياد يسهم في تعزيز الثقة العامة في دور العائلة الملكية وفي استقرار المؤسسة الملكية بشكل عام. وفي بعض الأحيان قد تؤدي تصريحات أفراد العائلة الملكية إلى مشكلات دبلوماسية مع دول أخرى، بخاصة إذا كانت هذه التصريحات تتعلق بقضايا دولية حساسة. من ناحية أخرى يعتبر أفراد العائلة المالكة رموزاً رسمية للدولة، وتعد تصريحاتهم وسلوكهم تمثيلاً للدولة نفسها، وبالتالي فإن التعليقات والسلوكيات غير اللائقة يمكن أن تلحق ضرراً بسمعة المؤسسة والدولة.
قد يكون من المغالاة تبني وجهة نظر صحيفة "آي نيوز" البريطانية التي كان عنوانها لخبر تصريحات الأمير ويليام الأخيرة المتعلقة بالصراع في غزة، "اصنع أولاً السلام مع أخيك"، لكن يبدو أن الحفاظ على عدم التدخل في السياسة، ما زالت قاعدة تمتلك أهمية كبيرة بالنسبة إلى العائلة الملكية البريطانية لضمان استمرارية وفاعلية دورها الرمزي والتقليل من التأثيرات السلبية المحتملة.

المزيد من تحقيقات ومطولات