ملخص
دراسة جديدة تبرهن انخفاض وفيات السرطان بين متوسطي العمر في بريطانيا مع ارتفاع في إصاباته بين صفوفهم بأثر عوامل تشمل السمنة والتدخين والإفراط في تناول الكحول والميل إلى الخمول البدني
يقضي السرطان على عدد أقل من البريطانيين المتوسطي العمر بالمقارنة مع أي فترة خلال الـ 25 عاماً الماضية، على رغم ارتفاع إصاباته بالترافق مع عوامل مثل السمنة، وفق ما أعلنه باحثون.
ووفق دراسة جديدة من مؤسسة "أبحاث السرطان في المملكة المتحدة" Cancer Research UK نشرت في "المجلة الطبية البريطانية"، انخفضت معدلات الوفيات من ذلك المرض في صفوف من تراوح أعمارهم ما بين 35 و69 سنة بفضل المسوح الطبية وتحسن العلاجات والسياسات الرامية إلى خفض التدخين.
في المقابل، حذرت هذه الدراسة التي شملت المملكة المتحدة كلها من أن معدلات البقاء على قيد الحياة تتزايد بوتيرة أبطأ، في وقت تأخذ حالات الإصابة بالسرطان بالارتفاع، إذ شهدت زيادة بنسبة 57 في المئة بين الرجال و48 في المئة بين النساء خلال فترة الـ25 عاماً التي غطتها الدراسة.
في 1993، سجلت 55014 إصابة بالأورام الخبيثة بين الرجال، لكن الرقم ارتفع إلى 86297 إصابة عام 2018، فيما لوحظ ارتفاع حالات السرطان بين النساء من 60187 إلى 88970 إصابة خلال الفترة نفسها.
وعزا الباحثون هذه الزيادات في المقام الأول إلى صعود معدلات الإصابة بسرطان البروستات والثدي، ويرجع ذلك جزئياً إلى تعزيز الاختبارات والفحوصات. ومع ذلك، لاحظوا أيضاً ارتفاعاً "مثيراً للقلق" في حالات سرطان الجلد (ميلانوما) وسرطان الكبد والفم والكلى.
وفيما ترتفع الإصابات بالأورام الخبيثة بسبب زيادة السكان، تسهم عوامل عدة في ذلك الأمر تشمل السمنة والإفراط في تناول الكحول والخمول البدني.
كذلك أفادت مؤسسة "أبحاث السرطان في المملكة المتحدة" بأنه من خلال التعامل مع قضايا مثل التدخين وزيادة الوزن والسمنة والكحول، ربما تغدو الوقاية من نحو 37 ألف إصابة بالسرطان ممكنة بحلول عام 2040.
وبحسب الدراسة، حدثت "زيادات أساسية تتجاوز اثنين في المئة سنوياً عند الجنسين في الإصابات الجديدة" بأربعة أنواع من السرطانات (الكبد والكلي والفم والميلانوما) خلال الأعوام الـ25 التي غطتها الدراسة. وربط الباحثون تلك الزيادات بعوامل معروفة في نمط الحياة على غرار استهلاك الكحول والتدخين والتعرض للشمس والوزن الزائد أو السمنة.
وأضاف الباحثون أن "ثمة قلقاً كبيراً إزاء ارتفاع معدلات الإصابة بسرطان الكبد والوفيات بين الرجال والنساء، مع ملاحظة أن ما يقارب نصف هذه الحالات تعزى إلى عوامل خطر قابلة للتعديل. ومع التفشي المرتفع لزيادة الوزن والسمنة ومرض السكري في أوساط عموم السكان، تتوقع دراسات أخرى أن تلك الزيادات ستبقى عند مستوى عالٍ".
وقد تسبب السمنة أو الوزن الزائد بـ13 نوعاً من الأورام الخبيثة على غرار تلك التي تصيب المعدة والأمعاء والكبد والبنكرياس والمرارة والصدر والرحم والمبيض والكلية والغدة الدرقية.
في ذلك الصدد، ارتبط تناول الكحول مع سبعة أنواع من السرطانات تشمل تلك التي تصيب الفم والحنجرة والجزء العلوي من الحلق، إضافة إلى المريء والصدر والأمعاء.
وكشفت الدراسة عن أن معدلات الوفيات بصورة عامة انخفضت بنسبة 37 في المئة بين الرجال و33 في المئة بين النساء خلال الـ25 عاماً التي غطتها الدراسة، بعد التعديل الناجم عن الزيادة السكانية والشيخوخة.
يجب علينا الاستمرار في درء الإصابة بالسرطان عن أكبر عدد ممكن من الحالات، وتسريع التشخيص بالأورام الخبيثة وتطوير علاجات أكثر لطافة
جون شلتون، مؤسسة "أبحاث السرطان في المملكة المتحدة"
وقد سجلت نجاحات حيال أنواع معينة من السرطانات.
على سبيل المثال، يُعزى التراجع في معدلات الوفيات بسرطان عنق الرحم بنسبة 54 في المئة إلى فحص عنق الرحم الذي أجرته "هيئة الخدمات الصحية الوطنية" وإدخال لقاح فيروس الورم الحليمي البشري (HPV)، المسؤول عن معظم حالات سرطان عنق الرحم.
وعلى نحو مماثل، انخفضت معدلات الوفيات بسرطان الرئة، إذ تدنّت بنسبة 53 في المئة بين الرجال و21 في المئة بين النساء ، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى تراجع عدد المدخنين.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولوحظت انخفاضات أيضاً في الأورام الخبيثة التي تصيب المعدة والمبولة، إضافة إلى سرطان "ميزوثِليوما" لدى الرجال، مع تدنٍّ مشابه في سرطانات المعدة وورم الغدد اللمفاوية من النوع المغاير لهودجكين عند النساء.
[الليمفوما ورم خبيث يصيب الجهاز اللمفاوي حينما تتزايد أعداد الخلايا البيضاء غير الطبيعية، ويسبب نوعها المغاير لهودجكين إصابات أكبر من أنواعها الأخرى. ويصيب سرطان ميزوثليوما الأغشية الرقيقة التي تغلّف دواخل أعضاء كثيرة مثل المعدة والأمعاء والجهاز البولي].
وبحسب جون شلتون، رئيس وحدة استخبارات السرطان في مؤسسة "أبحاث السرطان في المملكة المتحدة" [المعنية بجمع المعلومات المختلفة عن الأورام الخبيثة وإيصالها إلى الجمهور] والمؤلف الرئيس للبحث المشار إليه أعلاه، "تساعدنا هذه الدراسة لرؤية التقدم المحرز في دحر السرطان، وتسلط الضوء على المجالات التي لا تزال التحديات قائمة فيها. مع ارتفاع حالات السرطان والتباطؤ في تحسن معدلات البقاء على قيد الحياة، بات من الضروري أن تتخذ حكومة المملكة المتحدة إجراءات حاسمة للحفاظ على التقدم. [وكذلك] يجب علينا الاستمرار في درء الإصابة بالسرطان عن أكبر عدد ممكن من الحالات، وتسريع التشخيص بالأورام الخبيثة وتطوير علاجات أكثر لطافة". [مقصود أن لا تترافق العلاجات مع أضرار جانبية كبيرة للمرضى].
لن يلمس مرضى السرطان الفوائد الكاملة من التقدم في الاختراقات العلمية البحثية والابتكارات، بما في ذلك إيجاد علاجات جديدة، من دون خطة طويلة الأمد وممولة من الحكومة البريطانية
ميشيل ميتشل، مؤسسة "أبحاث السرطان في المملكة المتحدة"
كذلك أفادت الرئيسة التنفيذية لمؤسسة أبحاث السرطان، ميشيل ميتشل بأن هذه" الدراسة المكثفة تسلط الضوء على التقدم المحرز في مكافحة السرطان خلال العقود الأخيرة... إذا تناولنا سرطان الرئة مثلاً، أثبت انخفاض معدل انتشار التدخين أنه ينقذ الأرواح... تستطيع حكومة المملكة المتحدة أن تبني على هذا النجاح عبر رفع شرط العمر المطلوب في عملية بيع التبغ، والاستمرار في تمويل برنامج ريادي عالمياً حيال الإجراءات التي تساعد المدخنين على الإقلاع عن التدخين".
وأضافت أن "السرطان لا يزال يمثل تحدياً صحياً كبيراً في المملكة المتحدة، حيث يؤثر في ما يقارب نصف السكان. ولا يزال التأخير في الاختبارات والعلاجات الأساسية مستمراً، كما أن حالات الإصابة بالسرطان آخذة في الارتفاع... سوف لن يلمس مرضى السرطان الفوائد الكاملة من التقدم في الاختراقات العلمية البحثية والابتكارات، بما في ذلك إيجاد علاجات جديدة، من دون خطة طويلة الأمد وممولة من الحكومة البريطانية".
وزيرة الصحة البريطانية فيكتوريا أتكينز قالت في هذا الخصوص: "أرحب بالمعطيات الإيجابية في هذا التقرير، إذ تتحسن معدلات البقاء على الحياة في معظم أنواع السرطانات، بفضل الابتكارات في التكنولوجيا والعلاج وبرامج المسوح الصحية وإجراءات مساعدة الناس في الإقلاع عن التدخين. وخلال وقت قريب، سنتبنى قانوناً جديداً يحظر بيع السجائر وغيرها من منتجات التبغ إلى كل من سيبلغ هذا العام عمر الـ15 سنة أو يكون أصغر من ذلك. إنها أضخم خطوة تدخلية مفردة في الصحة العامة، بهدف حماية جيل بأكمله، وأجيال مقبلة، من أضرار التدخين".
وأضافت الوزيرة، "لكني أعرف أن التحديات مستمرة. ولذا، أريد أن يغدو عمل نظامنا الصحي أسرع وأبسط وأكثر عدالة، ويحقق هدفنا بالتوصل إلى اكتشاف 75 في المئة من كل أنواع السرطانات، خلال المرحلتين الأولى أو الثانية منه، مع حلول عام 2028. في السنة المنصرمة، أنجزت 'خدمات الصحة الوطنية في إنجلترا' عدداً قياسياً من فحوص السرطان، وكذلك نوظف 2.3 مليار جنيه استرليني في شبكتنا الجديدة من مراكز التشخيص في المجتمعات المحلية. وفي مستقبل قريب، ستعمل 'استراتيجية الشروط الرئيسة' على تحسين الوقاية من السرطان وكذلك الحال بالنسبة إلى تشخيصه وعلاجه".
وفي سياق الدراسة، استخدم الباحثون بيانات تشمل المملكة المتحدة كلها بغية تفحص الميول السائدة لدى الرجال والنساء ممن تراوحت أعمارهم ما بين الـ35 و69 سنة، واستجدَّت إصابتهم بالسرطان أو وفاتهم بسببه، بين عامي 1993 و2018.
© The Independent