ملخص
الوجه الأبرز لتقدم سكان العالم في العمر يشير إلى أن الشيخوخة تسير إلى الأمام، ولا رجعة فيها، وفي عام 2021 بلغها واحداً بين كل 10 أشخاص ويتوقع أن ترتفع النسبة إلى واحد بين كل ستة أشخاص بقدوم عام 2050.
قبل أن تخاطب أحدهم بـ"يا حاج" ظناً منك أنه أقلية في الشارع تحتاج إلى من يأخذ بيدها، وقبل أن تظن أن "الخالة" مكانها البيت وليس الطريق الذي تعبره متكئة على عصاها، وقبل أن تعتقد أن التركيبة الديموغرافية تتكون من أطفال ومراهقين وبالغين، عليك أن تعرف أن العالم يشيخ.
العالم يشيخ، هذا ما تؤكده المنظمات الأممية العاملة في مجال السكان وصحتهم ورفاههم. الغالبية المطلقة من دول العالم تشهد نمواً غير مسبوق في أعداد كبار السن. هذه الزيادة ليست مجرد تغيير عددي، إنها ديموغرافية مختلفة للكوكب.
الشيخوخة أبرز التحولات
المتوقع هو أن تكون الشيخوخة أبرز التحولات الاجتماعية في القرن الحالي، ستؤثر في كل قطاعات المجتمع وكل أوجه الحياة في كل الدول: العمل والتعليم والأسواق المالية والطلب على السلع والسكن والنقل والبني الأسرية والروابط بين الأجيال والخدمات، وقائمة المتغيرات تطول.
تغير طرأ في اليابان يبدو غريباً، ولا يخلو من طرافة، للوهلة الأولى إذ أعلنت شركة متخصصة في تصنيع الحفاضات توقفها عن إنتاج حفاضات الأطفال، وتوجيه خطوط إنتاجها لكبار السن. إنهم الفئة الأكثر طلباً واحتياجاً للمنتج!
بلغة الأرقام، انخفض عدد المواليد في اليابان في عام 2023 بنسبة 5.1 في المئة مقارنة بعام 2022. سجل 758 ألفاً و631 مولوداً في عام 2023، وهو أقل عدد ولادات في اليابان منذ القرن الـ19. هذا التراجع الكبير والسريع في أعداد المواليد أدى إلى "شيخوخة سريعة" في المجتمع الياباني.
شيخوخة سريعة
هذه الشيخوخة السريعة وكذلك البطيئة والعادية، مع خفض عدد المواليد، تؤدي حتماً إلى تغيير كامل وشامل في المجتمعات، وتحويل خط إنتاج الحفاضات من الصغار إلى الكبار وجه للتغيير من بين آلاف الوجوه.
الوجه الأبرز لتقدم سكان العالم في العمر يشير إلى أن الشيخوخة تسير إلى الأمام، ولا رجعة فيها، وفي عام 2021 بلغها واحداً بين كل 10 أشخاص ويتوقع أن ترتفع النسبة إلى واحد بين كل ستة أشخاص بقدوم عام 2050. معدل الزيادة في هذه الفئة العمرية يفوق معدل زيادة الأصغر سناً. نسبة السكان الذين بلغوا 65 سنة أو أكثر وصلت إلى 10 في المئة من تعداد العالم في عام 2022، وستصل إلى 16 في المئة عام 2050. عدد المتقدمين في العمر عام 2050 سيوازي عدد الأطفال دون سن الـ12 سنة. كما تتزايد أعداد السكان البالغة أعمارهم 80 سنة أو أكثر بصورة أسرع من أي وقت مضى.
حياة ذات معنى
مضى زمن تعريف التقدم في العمر من منطلق زمني. والتعريف الطموح الحالي قائم على مدى ارتباط التقدم في العمر بالحال المعقولة والصحة الجيدة. ما يزيد على مليار شخص بلغوا سن الـ60 سنة أو أكثر، ومعظمهم في الدول المنخفضة والمتوسطة الدخل. كثير منهم يفتقدون إمكانات الحصول على الموارد الأساسية اللازمة لحياة ذات معنى.
معنى ارتفاع متوسط العمر من 30 سنة في عام 1870 إلى 73 سنة وفي اتجاهه إلى الزيادة هو أن السنوات الإضافية التي يعيشها الناس من دون ضعف أو مرض تزيد أيضاً، وهذا جيد. لكن الوضع سيكون جيداً جداً إذا نجح العالم في التعامل مع احتمالات شبه مؤكدة بتراجع النمو الاقتصادي في ظل ظاهرة شيخوخة السكان، إذ تراجعت أعداد سكان الأرض ممن هم في سن العمل، ومن ثم زادت الأعباء التي تتحملها الحكومات جراء ارتفاع كلفة معاشات التقاعد والرعاية الصحية، وذلك حتى تكون حياة مديدة بصحة وفيرة ومن دون عبء هائل على موازنات الدول.
صندوق النقد الدولي توقع ضغوطاً سياسية ومالية على كثير من الدول في العقود المقبلة بسبب نظم الرعاية الصحية والحماية للمسنين والمعاشات التقاعدية، وهي الضغوط التي يمكن تجنب الجزء الأكبر منها حال وضع أنظمة قادرة على دمج قدرات كبار السن باعتبارهم من المساهمين في التنمية. وتشير ورقة عنوانها "حياة مديدة سعيدة" نشرها الصندوق إلى ضرورة استبدال سؤال: "كيف نتحمل كلفة زيادة المسنين في المجتمع؟" إلى "كيف نعيد هيكلة السلوك لتحقيق أقصى استفادة ممكنة من امتداد الأعمار؟".
وتشير الورقة إلى إمكانية "التحكم في الشيخوخة إلى حد ما"، وذلك عبر إعادة هيكلة قواعد التعليم والسلوك والصحة العامة والبيئة والرعاية الطبية، وجميعها يؤثر في وتيرة الشيخوخة. قياسات تتعلق بوتيرة انتشار الأمراض ومعدلات الوفيات والوظائف الإدراكية والقوة الجسدية تشير إلى أن الناس لا يشيخون بمعدل أكبر، ولكن بمعدل أبطأ.
القنبلة المتحولة
تباطؤ نمو سكان العالم هو الملمح الأبرز في تقرير "حالة سكان العالم 2023" الصادر عن صندوق الأمم المتحدة للسكان. فعلى رغم تضاعف سكان الأرض ثلاث مرات في الـ70 عاماً الماضية، ارتفاعاً من 2.5 مليار نسمة عام 1950 إلى 8 مليارات نسمة عام 2022، فإن معدلات الزيادة آخذة في التباطؤ، تاركة تحولات ديموغرافية كبيرة وفارقة.
تغير هيكل أعمار سكان الأرض بصورة جذرية على مدى السنوات القليلة الماضية. وبعد عقود من التحذير من الزيادة السكانية من دون قواعد، التي لقبها عالم الأحياء في جامعة ستانفورد الأميركية بول إرليش بـ"القنبلة السكانية" في كتاب حمل الاسم نفسه، وإنها القنبلة التي توقع لها أن تنفجر في سبعينيات القرن الماضي مؤدية إلى مجاعة كبرى، تحولت دفة التحذير من انفجار القنبلة السكانية، ولكن ليس عبر تفجر عدد المواليد، بل تفجر عدد المسنين.
تفجر عدد المسنين، أو شيخوخة السكان، يعتبرها صندوق النقد الدولي الاتجاه الديموغرافي الأهم حالياً. وتحذر ورقة عنوانها "شيخوخة السكان هي القنبلة السكانية الحقيقية" (2023) من أن هذه التحولات الديموغرافية تنذر بمجموعة هائلة من التحديات الصحية والاجتماعية والاقتصادية. وتشير أيضاً إلى احتمال مستبعد، ولكن وارد حدوثه، ويتمثل في التراجع الحاد في أعداد السكان على نطاق واسع.
الشيخوخة الصحية
ويشار إلى ضرورة معالجة التحديات التي تطرحها شيخوخة السكان، وذلك عبر إجراء تغيرات كبيرة في السلوكيات ذات الصلة بأسلوب الحياة، والاستثمارات العامة والخاصة، وإصلاح المؤسسات والسياسات، وابتكار التكنولوجيات واعتمادها. وقد يترتب على الإحجام عن التحرك عواقب وخيمة تتمثل في تناقص القوى العاملة التي تجاهد لدعم الأعداد المتزايدة من المتقاعدين، وما يصاحب ذلك من زيادة حادة في معدلات الإصابة بالأمراض المتعلقة بتقدم العمر وكلف الرعاية الصحية المرتبطة بها، وتدهور جودة الحياة بين كبار السن بسبب الافتقار إلى الموارد البشرية والمالية والمؤسسية.
التأهب للتغيرات الديموغرافية يمكنه أن يعمل على تحسين الصحة الإنجابية، وتزويد سكان دول العالم برأس المال البشري والمادي الذي يحتاجون إليه ليكونوا أعضاء منتجين في مجتمعاتهم، مع ضمان كفاءة أسواق العمل ورؤوس الأموال التي تسمح بتفعيل الطاقات الإنتاجية بصورة أكثر كفاءة، إضافة إلى وضع السياسات التي تحد من الأعباء التي يضعها البشر على البيئة ودعم الشيخوخة الصحية.
الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر تعرف "الشيخوخة الصحية" بأنها تحسين جودة الحياة وزيادة الاستقلالية، واتباع السلوكيات الصحية، وانخفاض الإعاقة بمعنى حدوث سقطات أقل مع عدد سنوات أقل من الإعاقة، وزيادة الدمج الاجتماعي وتحسين الصحة النفسية، إضافة إلى المساهمة في استثمار تجربة الفرد في المجتمع، والتصدي للتمييز والوصم والتحيز ضد المسنين في كل المجتمعات.
المسنون قادمون
"لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأوروبا" تؤكد ضرورة تكيف كل المجالات في المجتمعات مع هذا التغير الديموغرافي، لا سيما أن كل تفاصيل الحياة بدأت بالفعل في التغير. ويكفي أن نمط العلاقات بين الأجيال يتغير. وبات من الشائع أن تكون هناك أربعة أجيال مختلفة في الأسرة الواحدة، مع وجود عدد قليل من الأحفاد لدى الأجداد. وتقول اللجنة إنه حان وقت إعادة التفكير في الصورة النمطية لكبار السن، وهي الصورة التي تجعلهم مرادفين للخمول والاعتماد على الآخرين، والعبء النفسي والمالي. فربما حان وقت اعتبارهم أعضاء فاعلين في المجتمعات، يطورونها ويسهمون في بنائها وتنميتها. فالشيخوخة الصحية تعني أن المسنين قادمون.
قدوم المسنين ليس مشكلة، ولكنه يمثل تحدياً، فالشيخوخة مرحلة طبيعية من مراحل التطور الديموغرافي، لكنها تتحول إلى مشكلة في حال عدم الاستعداد لها والتكيف معها بالصورة اللازمة.
الميزة الكبرى تكمن في أن الشيخوخة متوقعة، أي إن وصول الإنسان إلى سن الـ60 وأكثر متوقع. ورصد زيادة متوسط الأعمار وأعداد المسنين أمر يسير، لكن يجب أن يصحبه تدبير واستعداد وتكيف.
دول المنشأ والمقصد
تكيف المجتمعات مع شيخوخة السكان ليس بالأمر السهل. أكثر من 28 في المئة من سكان اليابان بلغوا سن الـ65 سنة أو أكثر، وفي إيطاليا تبلغ نسبتهم نحو 23 في المئة، وأكثر من 21 في المئة في ألمانيا، ونحو 20 في المئة في فرنسا وإسبانيا، ونحو 22 في المئة في البرتغال واليونان. هذه المعدلات المرتفعة تعني ضغوطاً على أنظمة الرعاية الصحية والاجتماعية. لكنها تعني أيضاً تغيرات ستطرأ إن عاجلاً أو آجلاً في أنظمة الهجرة المعمول بها في الدول المتوسطة والمرتفعة الدخل، حيث استقبال المهاجرين أو نوعيات بعينها منهم يمثل الحل الأمثل والأيسر للتغلب على مشكلة الشيخوخة.
ويشير تقرير صادر عن البنك الدولي العام الماضي إلى أن شيخوخة بعض المجتمعات ستدفعها إلى الاعتماد بصورة متزايدة على الهجرة حتى تحقق نسب النمو الاقتصادي المأمولة على المدى الطويل. ومن شأن هذا التوجه زيادة حدة المنافسة العالمية على الأيدي العاملة، لا سيما الموهوبة والمتميزة.
وبدلاً من التطرق إلى الهجرة باعتبارها الآفة القادمة من دول الجنوب الكثيرة الإنجاب المنخفضة الدخل المفعمة بالمشكلات إلى دول الشمال المنخفضة الإنجاب المرتفعة الدخل التي تواجه مشكلات تتعلق بشيخوخة السكان لا بالانتفاخة الشبابية. ويدعو البنك الدولي في تقرير التنمية العالمية (2023) دول المنشأ (المصدرة للمهاجرين) إلى جعل هجرة اليد العاملة جزءاً واضحاً من استراتيجيتها التنموية، وخفض كلفة السفر، وبناء المهارات التي يزيد الطلب عليها في دول المقصد، وذلك ليتمكن المهاجرون من تأمين وظائف جيدة إذا هاجروا، مع تقليص الآثار السلبية الناجمة عن هجرة الأدمغة.
أما دول المقصد ذات معدلات الشيخوخة المرتفعة، فعليها أن تشجع الهجرة، وتعمل على دمج المهاجرين في مجتمعاتها مع معالجة الآثار الاجتماعية التي تثير مخاوف المواطنين.
نبرة واضحة
يشار إلى أن نبرة الاستعانة بمهاجرين من دول العالم الثالث، التي يخشى أن تفرغ هذه الدول من قدراتها وإمكاناتها البشرية، لسد فجوة خدمات الدعم والمساندة والرعاية الاجتماعية والصحية للمسنين في دول العالم الأول، آخذة في الارتفاع، تارة عبر الطرح في صورة مقترح يقدمه البنك الدولي، وأخرى عبر مؤتمرات طبية واقتصادية وتقارير إعلامية مفادها أنه ما دامت الهجرة من دول الجنوب قادمة، فليتم تسييرها لملء فجوات من بينها الأعمال المتعلقة برعاية المسنين.
المفارقة هي أن دول المنشأ التي تصدر المهاجرين، ومنها عدد كبير من الدول العربية، تواجه مشكلة الشيخوخة كغيرها من دول العالم، ولكن بطريقتها الخاصة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
"لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا" (إسكوا) تتوقع أن تبدأ معظم الدول العربية مرحلة الانتقال إلى الشيخوخة خلال السنوات الـ15 المقبلة. وعلى رغم أن السمة السكانية في غالب الدول العربية شابة، فإن تغيرات ديموغرافية سريعة تحدث، والمسنون قادمون.
المسنون العرب
هذا التحول الديموغرافي العربي والماضي نحو شيخوخة السكان يتطلب استعداداً فعلياً واستجابة فورية وجريئة، وذلك لتحسين حالة كبار السن وضمان شيخوخة لائقة لهم.
كبار السن في غالب الدول العربية ما زالوا يتعرضون لأخطار الفقر والمرض والإقصاء والتمييز. وتستبعد أعداد كبيرة منهم من نظم الرعاية الصحية المحدودة أصلاً. كما أن خدمات الرعاية الموجهة لكبار السن تقتصر في غالب الأحوال إما على الفئات الميسورة، أو يتم تقديمها عبر ما تيسر من الدعم الأسري.
الأرقام تقول إن 62 في المئة ممن بلغوا سن التقاعد من العرب لم يحصلوا على معاش تقاعدي في عام 2020. وتبلغ نسبة الإنفاق الخاص على الصحة لكبار السن 75 في المئة في الدول العربية، لا سيما الدول الأقل نمواً وهي التي تعاني أنظمة رعاية صحية لا تتسع للجميع. شخصان من كل ثلاثة مسنين في ست دول عربية أميان والسمة العامة هي استبعاد النساء من أنظمة الحماية الاجتماعية المقدمة لكبار السن في الدول العربية، ومعدل تغطية المعاش التقاعدي للذكور يفوق الإناث بخمسة أضعاف في بعض الدول العربية.
الشيخوخة للجميع
الاعتقاد العربي السائد هو أن شيخوخة المجتمعات سمة غربية بالضرورة. والحقيقة أنها ليست كذلك. فالمجتمعات العربية آخذة أيضاً في التشيخ، ولكن بمعدلات تختلف عن النمط السائد في دول غربية، بمعنى آخر، الشيخوخة للجميع.
تقرير "العالم العربي أمام تحديات شيخوخة السكان: أدوار الحكومات والمجتمع والأسرة" الصادر عن صندوق الأمم المتحدة للسكان، يقر بأن كثيراً ليس معروفاً عن المسنين في الدول العربية، نظراً إلى نقص الدراسات والأرقام. لكن المؤشرات التي يمكن استخلاصها تفيد بأن نسبة كبيرة من المسنين، لا سيما من الرجال في المناطق الريفية والأقل تعليماً، ما زالت تعمل في أعمال هامشية، وذلك لأنها ما زالت العائل الوحيد للأسرة. هذه الفئة لا تحصل على معاشات تقاعدية نظراً إلى طبيعة عملها.
كما يرجح أن يكون كبار السن من الفئة الأكثر فقراً والأقل تعليماً يعانون نوعاً واحداً أو أكثر من الأمراض غير المعدية مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري والسرطان.
وكثيراً ما كانت الرعاية الأسرية المقدمة لكبار السن فيها من دواعي الفخر العربي، وهي الرعاية التي تقدم من منطلق الثقافة واحترام كبار السن، إلا أن القيم وحدها لم تعد تكفي، لا سيما مع تغير العادات والثقافات من جهة، وزيادة نسب الفقر من جهة أخرى مما يدفع البعض من الأبناء إما للهجرة وإما عدم القدرة على تقديم الدعم والرعاية اللازمين.
من جهة أخرى، فإن الخدمات المخصصة لرعاية كبار السن عبر المراكز وغيرها تعد من المجالات الحديثة نسبياً عربياً. وهذه المراكز تواجه توليفة من المشكلات مثل ارتفاع أسعار خدماتها، ورفض البعض الفكرة إما خوفاً من انتقاد الآخرين لهم وإما لقناعة بأن من يقدم الرعاية للأب أو الأم المتقدمين في العمر يجب أن يكون الابن أو الابنة، حتى لو كانا غير قادرين على ذلك.
لكن مع تغير الزمن وارتفاع متوسط الأعمار والتحولات التي طرأت على أماكن السكن والهجرة الداخلية من الريف إلى المدينة وعدم إقامة الأسرة الممتدة بالضرورة في "بيت العائلة"، تخوض الدول العربية فترة تغيرات كبرى في ما يتعلق بالشيخوخة.
وتجدر الإشارة إلى أنه إذا كان المسنون في الدول العربية المتوسطة والمنخفضة الدخل يواجهون مشكلات متعددة سواء بسبب دائرة الفقر المفرغة، أو الإصابة بأمراض الشيخوخة وعدم كفاية الرعاية الصحية أو عدم قدرتهم على سداد كلفتها وغيرها، فإن معاناة كبار السن من مواطني الدول المنخرطة في صراعات وحروب مضاعفة.
ويشير التقرير إلى أن العيش في أوضاع الفقر يسهم في تدهور الصحة، لا سيما بالنسبة إلى كبار السن، وأن اقتصادات دول عربية عدة تراجعت في السنوات القليلة الماضية بسبب القلاقل السياسية أو الحروب، وأثرت تداعيتها فيها وفي دول الجوار، والمسنون والمسنات في قلب المعاناة.
يشار إلى أن منظمات الأمم المتحدة المختلفة حذرت عشرات المرات مما يتعرض له كبار السن في غزة من أخطار مضاعفة، إذ إن أحوالهم الصحية الصعبة تفاقمت في ضوء حرب القطاع التي حرمت معظمهم من الدواء والرعاية، ناهيك بتعرضهم بصورة أكبر للإصابة بالأمراض الناجمة عن سوء التغذية والأحوال المعيشية البالغة الصعوبة في المخيمات ومراكز الإيواء.