Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

طرد الأميركيين من تشاد: تمهيد للتحالف مع روسيا أم لحسابات انتخابية؟

الولايات المتحدة تنضم إلى فرنسا في الكفاح من أجل البقاء في منطقة الساحل الأفريقي

القوات الأميركية تعد العدة للرحيل من الساحل الأفريقي (رويترز)

ملخص

الطلب التشادي فجر تساؤلات مثيرة في توقيتها ودلالاتها، خصوصاً أنه يأتي قبل أيام قليلة من تنظيم انتخابات رئاسية سيحاول خلالها رئيس المرحلة الانتقالية محمد إدريس ديبي إنتو ضمان خلافة والده، الذي قتل في الجبهة في وقت سابق، في السلطة.

انضمت الولايات المتحدة إلى فرنسا في الكفاح من أجل البقاء في منطقة الساحل الأفريقي، بعد أن أقدمت النيجر على طرد القوات الأميركية على إثر إنهاء العمل باتفاق مثير للجدل بين البلدين، قبل أن تلتحق تشاد بركب نيامي مطالبة واشنطن بسحب جنودها.

الطلب التشادي فجر تساؤلات مثيرة في توقيتها ودلالاتها، خصوصاً أنه يأتي قبل أيام قليلة من تنظيم انتخابات رئاسية سيحاول خلالها رئيس المرحلة الانتقالية محمد إدريس ديبي إنتو ضمان خلافة والده، الذي قتل في الجبهة، في وقت سابق، في السلطة.

كما تأتي هذه الدعوة في وقت تواجه فيه القوى الغربية مزاجاً شعبياً ورسمياً جديداً في منطقة الساحل الأفريقي، إذ تميل الكفة لروسيا التي تواصل تعزيز نفوذها على أنقاض النفوذ الفرنسي.

 

موقف غامض

وأعلنت الولايات المتحدة سحب قواتها التي تقدر بـ100 في تشاد قبل أيام استجابة لطلب انجامينا، لكن واشنطن قالت إن "قوات أفريكوم (القيادة الأميركية في أفريقيا) ستستأنف نشاطها بعد الانتخابات الرئاسية المقررة في السادس من مايو (أيار) الجاري". وجاء إعلان الولايات المتحدة بعد أن بعث رئيس أركان القوات الجوية التشادية في مطلع أبريل (نيسان) المنقضي رسالة إلى وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن يدعوه فيها إلى انسحاب الجنود الأميركيين، وعزا السبب إلى غياب اتفاق يسمح بوجودهم.

وقال المتحدث باسم الحكومة التشادية عبدالرحمن كلام الله في وقت سابق إن "وجود القوات الأميركية في تشاد كان مدفوعاً في البداية بالالتزام المشترك بمكافحة الإرهاب"، لافتاً إلى أن "هيئة الأركان العامة التشادية أعربت عن مخاوف في شأن هذا الوجود"، وأوضح أنه "تقديراً للمخاوف التي تم التعبير عنها، قررت الحكومة الأميركية سحب قواتها موقتاً من تشاد"، مشدداً على أن "أن هذا الانسحاب لا يعني بأية حال من الأحوال وقف التعاون بين البلدين في محاربة الإرهاب''.

ويثير هذا الانسحاب الهادئ والسريع للقوات الأميركية من تشاد تساؤلات حول ما إذا كان مرتبطاً بحسابات انتخابية، إذ يسعى ديبي الابن إلى إظهار نفسه بمنأى عن الغرب الذي بات منبوذاً، من أجل تعبئة الناخبين لصالحه، أم أنه توجه لتغير كبير في السياسة الخارجية التشادية.

الانسحاب الأميركي

وقال الباحث السياسي التشادي يامينغاي باتينباي إن "الانسحاب الأميركي من تشاد لا يزال غامضاً حتى الآن في تفاصيله وأسبابه، على رغم الرسالة الأولى الصادرة عن رئيس الأركان والتعقيب الذي تلاها، لكن الواضح أن السلطة التشادية بدأت تشكك في جدوى وجود القوات الأميركية على أراضيها"، وتابع أن "هذا التشكيك يأتي بعد أقل من خمسة أشهر من الزيارة الرسمية التي قام بها الرئيس الانتقالي التشادي إلى روسيا على رغم أنها جاءت في إطار التحضير للذكرى الـ60 للتعاون بين تشاد وروسيا، إلا أنها تأتي في سياق آخر تماماً، وهو التشكيك الذي تبديه دول المنطقة تجاه الوجود العسكري الغربي"، وأكد أنه "في ظل السياق الراهن الذي يتسم بمعاداة الغرب ودعوة الروس إلى التعاون مع دول المنطقة لا يمكن إلا أن نربط بين طرد القوات الأميركية من تشاد وإمكان التقارب مع روسيا".

حسابات انتخابية

دعوة تشاد الأميركيين إلى الانسحاب تأتي في وقت تتصاعد فيه المخاوف في انجامينا من انزلاق الوضع نحو أزمة سياسية حادة على هامش الانتخابات الرئاسية المرتقبة، التي ينافس فيها ديبي الابن المعارض السابق ورئيس الوزراء الحالي سوسيس ماسرا.

وقبل أيام من تنظيم هذا الاستحقاق، قتل المعارض البارز للسلطة في تشاد يايا ديلو دجيرو بعد اقتحام الجيش مكتبه في انجامينا، مما أثار هواجس في دوائر صنع القرار الغربية من انزلاق البلاد نحو فوضى أمنية وسياسية تزيد من متاعبها الحالية.

وقال باتينباي "من الواضح أنه منذ بداية المرحلة الانتقالية في تشاد، وربما قبل ذلك بقليل، وجدت البلاد نفسها في قلب المنافسة على النفوذ بين القوى العظمى وتحديداً بين فرنسا والولايات المتحدة وروسيا، ونلاحظ تدريجاً أن هذه المنافسة انتهى بها الأمر إلى استغلالها من السلطات الانتقالية في البلاد"، وشدد على أن "الدعوة إلى سحب القوات الأميركية جزء مهم من الحسابات الانتخابية، ومن المؤكد أن ما وراء هذه الرسالة التي بعثت بها السلطات التشادية، أن من الممكن أن تطردوا أيضاً من تشاد سواء كنتم أميركيين أو روساً أو فرنسيين، كما طردوا من دول الساحل الأخرى"، واستدرك "لكن أعتقد أنه ليس تهديداً خطراً، بل ربما يكون إشارة إلى دعوة هذه القوى الأجنبية، ولا سيما الولايات المتحدة وفرنسا، إلى تعاون أو شراكة أكثر انضباطاً وفعالية مع تشاد".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تعقيد المهمة

ومن شأن الانسحاب الأميركي من تشاد أن يزيد من تعقيد مهمة القوى الغربية في الحد من النفوذ الروسي في المنطقة، خصوصاً بعد سحب القوات الفرنسية من مالي وبوركينا فاسو والنيجر.

وقال الباحث السياسي في الشؤون الدولية نزار مقني إن "هذه الدعوة تندرج في الواقع في إطار الاضطرابات والتقلبات التي تعرفها منطقة الساحل والصحراء والكبرى"، مضيفاً "نجد أن أكثر ما يؤذي الجيوش الموجودة في هذه المنطقة انتشار الجماعات الإرهابية، كما نعرف أن الوجود الأميركي والفرنسي والغربي عموماً كان منذ سنوات ومنذ بدء الحرب على تنظيم القاعدة وداعش الإرهابيين في هذه المنطقة"، ولفت إلى أن "القاعدة الجوية الموجودة في نجامينا حيث تعمل القوات الأميركية هي قاعدة استخبارية بالأساس، ويبدو أن الجهود الأميركية في محاربة الإرهاب ومد القوات التشادية بمعلومات للتصدي للجماعات لم يساعد تشاد، وخصوصاً أنها لم تقدم المساعدة التي تريدها لمواجهة المعارضة المسلحة الموجودة في هذا البلد".

وتابع مقني "بالنسبة إلى تشاد، فإن وجود هذه القواعد لم ينفعها بشيء، وأعتقد أن هناك إعادة تشكيل للمشهد السياسي خصوصاً أن اتفاق السلام والتهدئة بين المعارضة المسلحة والسلطة لم يستمر طويلاً خصوصاً بعد مقتل زعيم المعارضة، وبالتالي فإن السلطات الموجودة حالياً تعمل على إعادة تشكيل المشهد بما يناسب مصالحها لا سيما في ما يتعلق بما بعد الانتخابات الرئاسية".

"فاغنر"

وتأتي هذه التطورات غداة انسحاب مماثل للقوات الأميركية من النيجر، تمهيداً لتعاون محتمل مع روسيا إذ وصل، على إثر الانسحاب الأميركي، مدربون ومستشارون عسكريون من موسكو إلى نيامي.

ورأى مقني أن "الرئيس التشادي يعد العدة للاستمرار في السلطة بدعم كبير من الجيش، وبالتالي فهو يسعى إلى إعادة ترتيب الأوراق، ومن يطمح إلى اتفاقات هم الأميركيون، وبالتالي فإن هذا الانسحاب يفيد أكثر قوات فاغنر الموجودة في السودان ومالي والنيجر"، وختم "الأنظمة التي تمسك زمام الحكم في الساحل والصحراء تريد أن تذهب باتجاهات أخرى عوض الاتجاهات الغربية، وهنا نتحدث بكل وضوح عن روسيا، ومن الناحية الاقتصادية مع الصين".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير