Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"قمة البحرين"... تحديات غزة وحال العرب والحقبة الإيرانية

من الصعب المواجهة بنجاح كامل من دون معالجة الأوضاع الخطرة التي انتهت إليها ثورات ما سمي "الربيع العربي"

أمين عام جامعة الدول العربية خلال قمة سابقة في جدة (أ ف ب)

ملخص

لا بد في "قمة البحرين" من مواجهة التحدي الإيراني الأوسع، ولا مهرب من مواجهة التحديات الإقليمية الأخرى، تحدي التوسع التركي العسكري في سوريا والعراق وليبيا، وتحدي الرفض الإسرائيلي المستمر لتسوية القضية الفلسطينية على أساس "حل الدولتين"، وإصرار حكومة نتنياهو على حرب الإبادة في غزة.

تغيرت الدنيا في المنطقة ومن حولها، لكن مسار القمم العربية لا يزال على حاله، جدول أعمال فضفاض يضم قضايا عدة حيث لكل بلد عربي قضية لا بد من دعمها، وتدوير قرارات من عام إلى آخر من دون متابعة للتنفيذ، أو بأقل قدر من المتابعة والقدرة على التنفيذ، ومصالحات أحياناً بين قادة مختلفين، والباقي بحث في الأمور المستجدة ومداولات ثنائية في الكواليس.

ومن الطبيعي أن تأخذ "حرب غزة" ومن ثم قضية فلسطين الأولوية في اهتمامات القمة العربية الـ33 في البحرين، فالقمم العربية كانت في المقام الأول من أجل فلسطين، من قمم أنشاص في الأربعينيات وبيروت في الخمسينيات وبلودان في سوريا وقصر الشونة في الأردن، إلى سلسلة القمم الثانية التي بدأت في الستينيات بشكل منتظم إلى حد ما، ومن قمم الاستعداد للحرب مع إسرائيل إلى قمم المشاريع السلمية التي بدأت في "قمة فاس"، ثم اكتملت بالمبادرة العربية للسلام في قمة بيروت عام 2002.

في عام 1964 دعا الرئيس جمال عبدالناصر إلى قمة عاجلة في القاهرة لمواجهة مساعي إسرائيل إلى تحويل مجرى مياه نهر الأردن، لكن القرار فيها تم في "قمة الإسكندرية" بإعلان الدول العربية تحويل روافد نهر الأردن بما يحرم العدو من مياه النهر وتأسيس منظمة التحرير الفلسطينية، ومع القرار كان تشكيل قيادة عسكرية عربية مشتركة بقيادة الفريق علي علي عامر، لكن مشروع تحويل الروافد توقف بعد أن قصفت إسرائيل أعمال التحويل في لبنان من دون قدرة بيروت على الرد عسكرياً ومن دون أن تتحرك القيادة العربية المشتركة للرد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكرت السبحة، من قمة "لا تفاوض، لا صلح، ولا اعتراف" في الخرطوم بعد هزيمة عام 1967، إلى قمم الاستعداد لتسليح دول المواجهة بملياري دولار، والاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني بعد إنشائها في "قمة القاهرة"، وصولاً إلى قمم التخلي عن الحروب الكلاسيكية والتسليم بذهاب دول عربية ومعها منظمة التحرير إلى التفاوض والصلح والاعتراف بإسرائيل، وإعطاء الأولوية لعملية السلام والمطالبة بمؤتمر دولي على غرار "مؤتمر جنيف" بعد حرب عام 1973، و"مؤتمر مدريد" بعد حرب "عاصفة الصحراء" التي أخرجت الجيش العراقي من الكويت بداية التسعينيات.

كل هذا صار تاريخاً، واليوم تواجه الدول العربية في القمم وخارجها تحديات لا سابق لها، بعضها كان غائباً في مرحلة الانقلابات العسكرية، وهو التركيز على التنمية الاقتصادية ومستوى التعليم وتمكين المرأة وبناء مستقبل زاهر يبدأ من الحاضر، وبعضها الآخر يبدو كأنه انتقال قضية فلسطين من "الحقبة العربية" في الصراع، ثم أعوام ما سمي "القرار الفلسطيني المستقل" أيام ياسر عرفات، إلى "حقبة إيرانية" في الصراع، فما حاولته جمهورية الملالي في إيران منذ البدء هو لعب الورقة الفلسطينية لضمان القدرة على التغلغل في المجتمع العربي و"تصدير الثورة" ورفع شعار الصراع مع الكيان الصهيوني وإزالته على الطريق إلى المشروع الإقليمي الإيراني بقيادة الولي الفقيه في انتظار ظهور "صاحب الزمان"، وما فعلته هو تأسيس ميليشيات مذهبية أيديولوجية مسلحة في العراق وسوريا ولبنان، ودعم الحوثيين في اليمن و"حماس والجهاد الإسلامي" في غزة والضفة الغربية، فمهمة هذه الميليشيات المرتبطة بفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني هي الحروب بالوكالة عن الجمهورية الإيرانية، والعمل لمشروعها والانفراد بقرارات حرب محدودة مع إسرائيل تتجاوز الشرعيات العربية وتضعها في خطر.

ومن هنا مفاخرة المسؤولين في طهران بأنهم "يحكمون أربع عواصم عربية" وهي بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء، ولا بد في "قمة البحرين"، وهي المملكة التي تواجه أخطر ألعاب إيران بالمجتمع وإثارة العصبيات المذهبية فيه، من مواجهة التحدي الإيراني الأوسع.

ولا مهرب، مع مواجهة التحدي الإيراني، من مواجهة التحديات الإقليمية الأخرى، تحدي التوسع التركي العسكري في سوريا والعراق وليبيا، وتحدي الرفض الإسرائيلي المستمر لتسوية القضية الفلسطينية على أساس "حل الدولتين"، وإصرار حكومة نتنياهو على حرب الإبادة في غزة.

من الصعب مواجهة هذه التحديات بنجاح كامل من دون معالجة الأوضاع العربية الخطرة التي انتهت إليها ثورات ما سمي "الربيع العربي"، وهي ثورات بدأت سلمية من أجل الإصلاح والتغيير، والخبز مع الكرامة، والعمل مع الحرية، لكن الأنظمة عملت على دفعها إلى "العسكرة"، ثم تولى قيادتها تيار الإسلام السياسي المتشدد من حركة "الإخوان المسلمين" في تونس ومصر وسوريا وليبيا إلى "القاعدة" و"أنصار الله" من جماعة الحوثي في اليمن، و"داعش" و"النصرة" في العراق وسوريا، وهو ما قاد بالطبع إلى أفظع أنواع الإرهاب بحيث اضطرت أميركا إلى إعلان الحرب على الإرهاب بعد أن راهنت أيام الرئيس باراك أوباما على تسلم الإسلام السياسي السلطة في البلدان العربية، لكون "الإخوان" في تعاون مع واشنطن.

المشهد اليوم مقلق، فاليمن في محنة مع الحوثيين، والعراق محرج بين إيران وأميركا في ظل العجز الرسمي عن التحكم بفصائل الحشد الشعبي المرتبطة بالحرس الثوري والممولة من الحكومة العراقية والمصرة على إطلاق الصواريخ داخل العراق وسوريا، ولبنان بلا رئيس وفي حرب مع إسرائيل لإسناد "حماس" يفرضها "حزب الله" المرتبط بإيران، وسوريا موزعة بين خمسة جيوش أجنبية إضافة إلى الميليشيات والأجواء التي يسيطر عليها الطيران الحربي الإسرائيلي، وتونس في مأزق، والسودان في حرب على السلطة بين جنرالين كانا شريكين، ومصر مشغولة بهموم ليبيا والسودان وغزة، وليبيا في فوضى ميليشيات وحكومات، وليس في القمة علاج فعلي لما هو على السفح العربي لكن القمم ضرورية.

اقرأ المزيد

المزيد من آراء