ملخص
تتضمن استمارة التعداد أكثر من 70 سؤالاً تتناول خصائص السكان في مجالات الصحة والتعليم والعمل والدخل والخدمات وغيرها
يستعد العراق يوم غد الجمعة الموافق الـ31 من مايو (أيار) لإجراء التعداد التجريبي الذي يسبق التعداد العام للسكان والمساكن في الـ20 من نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الحالي وبعد أعوام من التأجيل، إذ سيعتمد فيه للمرة الأولى على التكنولوجيا باستخدام الأجهزة اللوحية "التابلت" لملء استمارة التعداد.
ويكشف متخصصون في الشأن العراقي عن أن المضي في إجراء التعداد السكاني وفق التوقيت المقرر سيسهم في تحديث المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية والديموغرافية على أساس بيانات إحصائية موثوقة وحديثة إلى حد كبير، وبالتالي تحسين عملية صنع القرار.
يشار إلى آخر تعداد سكاني أجري عام 1997، وأظهر حينها أن عدد سكان العراق يبلغ 22.33 مليون نسمة، بينما كشفت وزارة التخطيط العام الماضي في بياناتها الرسمية عن أن عدد سكان العراق لعام 2022 بلغ 42 مليوناً و248 ألفاً و883 نسمة، بمعدل زيادة سنوية 2.5 في المئة.
تعداد تجريبي
وتباشر هيئة الإحصاء ونظم المعلومات الجغرافية في وزارة التخطيط يوم الجمعة المقبل التعداد التجريبي في جميع محافظات العراق، من ضمنها إقليم كردستان.
وقال المدير العام التنفيذي للتعداد علي عريان صالح، في تصريح صحافي، إن "التعداد التجريبي الذي سيبدأ الجمعة المقبل سيتضمن مجموعة من الخطوات كحزم المحال و(البلوكات) التي تعد أصغر تقسيم يعمل عليه الباحث، علاوة على تقسيم المحال على مجموعة من البلوكات التي تضم كل منها بين 100 و120 أسرة ليكون كل باحث مسؤولاً عن تدوين بياناتها وترقيم الشوارع والمباني وحصرها".
وزاد أن "مهمات التعداد التجريبي ستستمر لـ14 يوماً وستتضمن مجموعة من الخطوات إضافة إلى ملء سجل كل الأسر الموجودة في الـ(بلوك)، مشيراً إلى أن العمل يتضمن أخذ عينة من مجموعة محال وقرى في عموم المحافظات، على أن يقوم نحو 600 باحث بكل هذه الأعمال".
وأفاد صالح بأن "التعداد التجريبي خطوة أولى ومهمة جداً لقطع نصف الطريق في رسم معالم التعداد العام للسكان والمساكن الذي سيجرى في نوفمبر المقبل من العام الحالي"، موضحاً أن ملاكات الهيئة نفذت تجارب بسيطة في بعض المحال خلال الأسابيع الماضية، لرؤية آلية تناقل البيانات واختبار الأجهزة اللوحية - التابلت.
وأعلن أن يوم الجمعة سيشهد شمول مناطق أخرى بالتجربة في عموم المحافظات، بعد وضع حدود لكل (البلوكات) ومن أين تبدأ واتجاهاتها، فضلاً عن ترقيم الشوارع والأسر والدور السكنية.
وتتضمن استمارة التعداد أكثر من 70 سؤالاً تتناول خصائص السكان في مجالات الصحة والتعليم والعمل والدخل والخدمات وغيرها، إذ تضيء هذه الأسئلة على كل تفاصيل حياة الفرد.
ويفجر التعداد السكاني الخلافات بين القوى السياسية عند إقرار كل موازنة في البلد، إذ تظهر خلافات حادة نتيجة نسبة كل محافظة في الموازنة، وذلك بناء على عدد السكان.
استعدادات متواصلة
في وقت تواصل وزارة التخطيط العراقية استعداداتها لإجراء التعداد العام للسكان والمساكن في العراق يوم الـ20 من نوفمبر 2024.
وأكد المتحدث باسم الوزارة عبدالزهرة الهنداوي، في تصريح صحافي، أن "بعض الاستعدادات اكتملت وبعضها الآخر سيكتمل بحسب التوقيتات الزمنية للخطة خلال ما تبقى من المدة التي تفصلنا عن موعد تنفيذ التعداد العام للسكان".
ونوه إلى أن "المتطلبات الفنية واللوجستية اكتملت تقريباً وهي المتمثلة بالتعاقد مع شركة عالمية لتصنيع الأجهزة اللوحية (التابلت)، وبدأت الشركة المعنية بالتصنيع واستلمت أول وجبة من هذه الأجهزة مطلع مايو (أيار) الجاري، وستستخدم هذه الأجهزة في تنفيذ التعداد التجريبي الذي سينفذ قبل نهاية الشهر الجاري، كما هناك شركات أخرى تم التعاقد معها، وهي تواصل عملها في ما يتعلق بإنشاء مراكز للبيانات وللاتصالات وكذلك التطبيقات والبرامجيات، وتم إكمال الصور الفضائية والخرائط للوحدات الإدارية على مستوى المحافظة والقضاء والناحية والقرية، وسيربط نظام الاستمارة بنظم المعلومات الجغرافية لتكون حركة العداد وفقاً لهذا النظام بالوصول إلى المسكن أو المكان المحدد للعداد".
وأكمل أن "عمليات تدريب العدادين ستبدأ خلال العطلة الصيفية المقبلة، إذ سينخرط العدادون وهم من الكوادر التعليمية والتدريسية في وزارة التربية في دورات تدريبية مكثفة لتعلم كيفية ملء الاستمارة واستخدام الأجهزة اللوحية وغيرها من التفاصيل. كما ستتم عمليات الحزم والترقيم والحصر التي تستمر لمدة شهرين (أغسطس / آب وسبتمبر / أيلول 2024). هذه العملية تتضمن ترقيم جميع الدور والمباني والمنشآت في عموم العراق، وعند إكمال هذه المراحل والعمليات ستكتمل الاستعدادات لتنفيذ التعداد العام للسكان والمساكن في موعده المقرر في الـ20 من نوفمبر 2024".
ماذا عن البدو؟
المتحدث باسم الوزارة عبدالزهرة الهنداوي أكد أن "الخطة التي وضعت لإجراء التعداد العام للسكان أخذت في الاعتبار شريحة البدو الرحل، بالتالي فإنهم مشمولون بالتعداد السكاني".
وأوضح أنه حددت الوحدات الإدارية والمناطق في عموم العراق وفقاً للصور الفضائية، على مستوى المحافظة والقضاء والناحية، وبموجب هذه الصور الفضائية ستحدد أماكن البدو الرحل في المناطق التي يوجدون فيها.
معوقات وحلول
من جهته اعتبر أستاذ الاقتصاد الدولي نوار السعدي أن العراق يعاني منذ عام 2003 صعوبة الحصول على بيانات دقيقة حول عدد سكانه، إذ تعتمد الحكومة على إحصاءات تقريبية مستندة إلى البطاقة التموينية وبيانات وزارة الداخلية.
وقال إنه على رغم أن التعداد السكاني يعد ركيزة أساسية في التخطيط التنموي والاقتصادي لأية دولة، فهو يوفر معلومات دقيقة تساعد في وضع السياسات والبرامج التي تلبي احتياجات السكان، إلا أن العراق يواجه معوقات عدة في هذا الصدد.
واستعرض السعدي أبرز هذه المعوقات المتمثلة بالتوترات الأمنية في بعض المناطق، ووجود عدد كبير من النازحين داخلياً، فضلاً عن أن ضعف البنية التحتية كلها يعوق الوصول إلى بعض المناطق النائية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
من الناحية السياسية يكشف السعدي عن أن التعداد السكاني يثير تساؤلات حول كيفية تضمين جميع الفئات السكانية، بما في ذلك المناطق المتنازع عليها مثل إقليم كردستان، هناك أيضاً قضايا تتعلق بالتجنيس، إذ تشير بعض التقارير إلى تجنيس أعداد كبيرة من الإيرانيين والباكستانيين منذ عام 2003، مما يضيف تعقيدات إضافية إلى التعداد السكاني.
وعن معالجة هذه المعوقات أكد السعدي أن الأمر يتطلب جهوداً مشتركة من الحكومة والمجتمع الدولي لدعم العراق في بناء بنية تحتية قوية وتقنيات حديثة لجمع البيانات، كما يجب توفير الموارد المالية الكافية لضمان إجراء التعداد بدقة وشفافية لكونه ضرورة للإفصاح عن المعلومات المتعلقة بالسكان والجنسية، مما يعزز الثقة في البيانات الحكومية ويسهم في التخطيط المستقبلي المستند إلى معلومات دقيقة.
وعبر عن أمله في أن تتمكن الحكومة العراقية من التغلب على هذه التحديات، وإجراء التعداد السكاني الذي يلبي طموحات الشعب.
التعداد التنموي
لكن نائب رئيس لجنة التخطيط الاستراتيجي النيابية محمد البلداوي كشف عن أن "التعداد بعيد بشكل كبير عن الجانب السياسي الذي يتعلق بالحزبية والفئوية والقومية والمذهبية، فلم يرد في نص القانون الانتماء الحزبي أو العرقي أو المذهبي أو القومي".
وكشف البلداوي في تصريحات صحافية عن أن "التعداد التنموي الذي سيجري في العراق يختلف عن بقية التعدادات السابقة، كونه يعتمد على إحصاء البنية التنموية سواء كانت مساكن أم سكاناً، وكذلك المنشآت الصناعية والتجارية والأراضي الزراعية والبنى التحتية ومقدار توفرها والأفراد الموجودين".
وتابع أن "هذا التعداد يدخل في تكييف حال الأفراد والأسرة بشكل صحيح بحيث تحصى أعداد الشباب والأطفال والبالغين والنساء والرجال، كما يدخل في طبيعة الأمراض التي يعانيها المجتمع والبيئة الاجتماعية وطبيعتها، وأيضاً الحالة الوظيفية والمادية للأفراد، وبالتالي تقييم حالة الأفراد".
ونوه إلى أن هذا التعداد ستستخدم التكنولوجيا فيه للمرة الأولى في العراق، إذ استورد 120 ألف تابلت فيها التطبيق الخاص باستمارة التعداد العام.
تحديث المؤشرات
لكن الباحث في الشأن العراقي بسام رعد أكد أن مشروع التعداد السكاني يعتبر من أولويات الحكومة الحالية، وهو مثبت في وثيقة المنهاج الوزاري التي تعهدت بموجبه باستكمال الإجراءات اللازمة لتنفيذه في غضون عامين من تشكيلها ومع إكمال هيئة الإحصاء ونظم المعلومات الجغرافية جميع الاستعدادات الفنية اللازمة وتحديد موعد التعداد النهائي في نوفمبر من العام الحالي، "فإننا نقترب من إجراء أول تعداد سكاني للعراق بعد نحو ربع قرن من الزمن على إجراء آخر تعداد عام 1997".
وشدد على أن المدة السابقة شكلت فجوة إحصائية كبيرة تمثلت في نقص البيانات والمؤشرات عن التطورات الاجتماعية والاقتصادية وغياب الحقائق الأساسية بالنسبة إلى الإدارة والسياسة الحكومية، مما عرقل عملية تنفيذ خطط التنمية بشكل سليم.
ورأى أن المضي في إجراء التعداد السكاني وفق التوقيت المقرر سيسهم في تحديث المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية والديموغرافية على أساس بيانات إحصائية موثوقة وحديثة إلى حد كبير، بالتالي تحسين عملية صنع القرار من خلال استخدام بيانات التعداد الأساسية في التخطيط على المستويات كافة.