Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بلدات شمال إسرائيل تخشى زوالها من الخريطة

تحولت إلى مدن أشباح بسبب صواريخ "حزب الله" ورؤساؤها يعلنون العصيان والسكان يائسون من وعود واشنطن وتل أبيب

معظم المستوطنات اليهودية التي تبعد في أقصى حد 15 كيلومتراً من الحدود الشمالية باتت فارغة من السكان (أ ف ب)

ملخص

الخطوة الاستثنائية التي قام بها رئيس مستوطنة "مرجليوت" إيتان دفيدي منذ أسبوع، كانت سابقة يهدد رؤساء بلدات آخرون بتكرارها. فبعد سقوط ثلاثة صواريخ مباشرة عليها من لبنان من دون إمكانية التصدي لها ثار غضبه وطرد الجيش من المستوطنة وأغلق بوابتها الرئيسة معلناً انفصال "مرجليوت" عن إسرائيل.

خطاب الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي أعاد بعض الأمل إلى عائلات الأسرى الإسرائيليين في غزة بعودة ذويهم من الأسر، لم ينعكس بهذا التفاؤل على سكان بلدات الشمال تجاه لبنان، الذين كانوا داخل الملاجئ وقت أن تحدث بايدن، وذلك بعد أن استيقظوا على وقع صفارات الإنذار وأصوات المتفجرات.

فمنطقة الشمال، قبل أسبوع من دخول حرب "طوفان الأقصى" الشهر الثامن من القتال، لم تعد تلك المنطقة التي تعتبرها إسرائيل ذخيرة استراتيجية لها بدءاً من الجليل الغربي والجليل الأعلى وحتى الجولان، حيث استثمرت على مدار الـ20 عاماً الأخيرة عشرات مليارات الدولارات من أجل إسكانها باليهود، ومنحت الهبات المالية وقدمت الإغراءات.

مدن أشباح

واليوم، معظم البلدات اليهودية والمستوطنات هناك، التي تبعد في أقصى حد 15 كيلومتراً من الحدود، باتت فارغة من السكان، أو كما قال بعض رؤساء البلدات "مدن أشباح". أما المدن التي يسكنها فلسطينيو 48، باستثناء "عرب العرامشة"، فرفض السكان تركها على رغم تعرضها بصورة مستمرة لإصابات الطائرات المسيرة والصواريخ.

الرئيس الأميركي في خطابه أكد أن أي حل في الجنوب سيفضي إلى تسوية أيضاً في الشمال، عبر إقناع "حزب الله" والحكومة اللبنانية بمقترحات الموفد الأميركي في المنطقة آموس هوكشتاين، الذي لم تنجح جهوده بعد في التوصل إلى اتفاق يوقف هذه الحرب، لكن في الشمال لا يعولون كثيراً لا على الأميركيين ولا الإسرائيليين، فوعودهم لم تتوقف غير أن الحياة متوقفة.

 

 

الخطوة الاستثنائية التي قام بها رئيس مستوطنة "مرجليوت" إيتان دفيدي منذ أسبوع، كانت سابقة يهدد رؤساء بلدات آخرون بتكرارها. فبعد سقوط ثلاثة صواريخ مباشرة عليها من لبنان من دون إمكانية التصدي لها ثار غضبه وطرد الجيش من المستوطنة وأغلق بوابتها الرئيسة، معلناً انفصال "مرجليوت" عن إسرائيل.

وهي خطوة لا يمكن تنفيذها على أرض الواقع، ولكنها تعكس جانباً من الوضع الذي سعت إسرائيل إلى إخفائه منذ بداية الحرب، والذي يعكس مدى الدمار الذي لحق ببلدات ومستوطنات الشمال وقواعدها العسكرية ومواقعها الاستراتيجية المهمة.

فأن يعلن رئيس مستوطنة انفصالها عن إسرائيل ومنع الجيش من الدخول إليها، هي خطوة تترجم ما حذر منه رؤساء المستوطنات وأمنيون بأن الشمال سيزول من الخريطة الإسرائيلية، وإذا وجد فسيكون ضمن خريطة ديموغرافية تنسف كل ما خططت له إسرائيل على مدار عشرات الأعوام بضمان أكثرية يهودية مقابل أقلية عربية.

تهديدات فارغة

وبعد أقل من نصف ساعة من خطاب بايدن، نشرت القناة الـ12 الإسرائيلية نتائج استطلاع رأي، يبين أن 82 في المئة من الإسرائيليين غير راضين عما تقوم به إسرائيل والجيش في منطقة الشمال.

و"غير راضين" هذه لا تعني أنهم يدعون إلى حل عسكري، بل إن "التهديدات المتصاعدة من قبل رئيس الحكومة ووزير أمنه يوآف غالانت ورئيس أركان الجيش، برد إسرائيلي في عمق لبنان وبالانتصارات التي يسجلها الجيش، خصوصاً إبعاد قوات (الرضوان) من الحدود، ما هي إلا تهديدات فارغة من أي مضمون"، بحسب محللي الاستطلاع.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ووفق معطيات نشرت في أعقاب إعلان رئيس مستوطنة "مرجليوت"، وناقشتها لجنة المالية في الكنيست مع رؤساء البلدات، تبين أن الوضع الحالي لم يؤثر كثيراً في قوات "الرضوان"، وأن التسلل إلى بلدات الشمال ما زال في رأس قائمة الأخطار.

وتشير التقديرات إلى أن قوات "الرضوان"، إذا ما قررت التسلل مشياً على الأقدام إلى المستوطنات التي تبعد خمسة كيلومترات من الحدود، ففي غضون ثماني دقائق يمكنها الوصول إليها. أما إذا قررت أن تعيد مشاهد السابع من أكتوبر (تشرين الأول) عند الحدود الشمالية والدخول عبر طائرات شراعية، فالأمر لن يستغرق إلا ثواني معدودة.

هذه المعطيات جاءت خلال بحث قرار الجيش تقليص الفرق المتأهبة، التي أقيمت مع سقوط أول صاروخ من لبنان على بلدات الشمال، بهدف حراسة الحدود والمستوطنات ومساعدة السكان. وهذه القوات ليس لديها تجربة في القتال الحربي، وغير مزودة بمعدات قتالية للدفاع والهجوم والسيطرة، وقررت المؤسسة الأمنية تقليصها إلى أكثر من النصف بهدف تحويل الميزانيات نحو جنود الاحتياط للتدريب على احتمال حرب مع لبنان، وفق قيادة الشمال.

وأسهم القرار أيضاً في احتدام الصراع بين المؤسستين السياسية والعسكرية، وبين رؤساء المستوطنات والبلدات، الذين نشروا معطيات تقول إن أكثر من مئة ألف إسرائيلي في الشمال يعيشون على خط النار في منطقة معرضة يومياً لنيران "حزب الله"، وخطر تسلل قوات "الرضوان" إليها. وقد حذر أكثر من مسؤول أمني سابق من خطر إهمال الشمال وسكانه، وفي الوقت نفسه هناك من رأى أن تهديدات القيادة بعيدة من الواقع.

سنغرق بالصواريخ

المسؤول السابق في سلاح المدرعات إسحق بريك، رد على تهديدات غالانت وهليفي تجاه لبنان بالقول، إن "الجيش الاسرائيلي صغير، ولم ينجح في حسم معركة غزة أمام حركة تملك أقل بكثير من العتاد العسكري والقدرات على الدفاع والهجوم، فهل سيكون قادراً على حسم معركة (حزب الله) الذي يملك عشرة أضعاف قدرة ’حماس‘ عسكرياً".

وأضاف بريك، "إذا دخلنا اليوم في حرب مع الحزب فكل الدولة ستغرق بالصواريخ. والجميع يعلم حقيقة الوضع ويتحدثون بالشعارات، وهذا سيلحق بنا الضرر الكبير. علينا إعادة تنظيم أنفسنا بوقف القتال وإعادة بناء جيشنا الصغير وتدريب 200 ألف جندي تحرروا من القتال في غزة، عندها نقاتل ونحن أقوياء، فالحرب مع لبنان تعني معركة متعددة الجبهات، ونحن غير قادرين على مثلها".

 

 

ومعظم المباني والبيوت والمؤسسات إما مدمرة نهائياً أو شبه مدمرة. وبحسب وزارة الأمن فإن هناك 930 مبنى مدمراً بالكامل. كيبوتس "المنارة" مثلاً بقي فيه من أصل 155 بيتاً 25 فقط، وحتى هذه لحقت بها أضرار. ووفق الوزارة أطلق "حزب الله" أكثر من ثلاثة آلاف صاروخ، أما الطائرات المسيرة فلم تدرجها الوزارة في المعطيات. وتقول التقديرات إن سكان البلدات التي لحقها الدمار لن يكونوا قادرين على العودة قبل عام في الأقل من بداية إعمارها، خلافاً لما وعدهم المسؤولون به من أنهم سيعودون مطلع سبتمبر (أيلول) المقبل، قبل بدء السنة الدراسية.

وفي المعطيات، احتلت "كريات شمونة" المكانة الأولى من حيث الأضرار، ثم "شلومي" و"عرب العرامشة" و"شتولة" وهي البلدات الأقرب على الحدود.

وإزاء التصعيد على هذه الجبهة هناك، ثمة طلب لبناء 1192 غرفة آمنة وتجديد 223 غرفة في "كريات شمونة" وحدها، في وقت كشفت المعطيات أن إسرائيل دخلت حرب "طوفان الأقصى" بخمسة آلاف مبنى على بعد كيلومترين من الحدود مع لبنان، جميعها غير محمية من الصواريخ أو الطائرات المسيرة.

إسرائيل مشلولة

وتختلف التقديرات الإسرائيلية حول قوة وقدرة "حزب الله" مقابل الجيش الإسرائيلي. لكن أمنيين وخبراء يحذرون من أي تصعيد يدخل إسرائيل حرباً ضد لبنان. رئيس قسم الأبحاث في مركز "ألما" لدرس التحديات الأمنية في الشمال، طال بئيري يوضح أن "حزب الله" يواصل تعزيز قدراته بصورة أقوى مما كانت عليه، مشيراً إلى أنه "حتى الآن، لم يلحق الجيش الإسرائيلي ضرراً كبيراً بالحزب. وحتى لو حاولت الحكومة التوصل إلى اتفاق دبلوماسي، فإنها ستؤجل الحرب التي تندلع بمجرد أن يريد ’حزب الله‘ وبشروطه الخاصة. وفي تقديري، هذه الحرب ستندلع في غضون عامين حتى نهاية 2026".

ومن جهة أخرى، يرى المتخصص في السياسة اللبنانية – السورية إيال زيسر، أن "حزب الله" غير قادر على مواجهة الجيش الإسرائيلي في أي حرب، "لكن المشكلة أننا في إسرائيل مشلولون ونتعامل مع الجبهة الشمالية كدرجة ثانية". مضيفاً "بالنسبة إلى جنود الجيش الإسرائيلي المنتشرين على طول الحدود، وإلى نحو مئة ألف إسرائيلي تم إخلاؤهم من بيوتهم، يدور الحديث عن حرب بكل معنى الكلمة، تجلب دماراً رهيباً للبلدات. لكن الحكومة والجيش يتعاطون مع جبهة الشمال كجبهة ثانوية لقطاع غزة، ومستعدون لاحتواء المواجهة الجارية فيها".

وحذر زيسر قائلاً "عندما تشتعل نيران الحرب سيكون من الصعب التحكم في مستوى اللهيب، وستكون للمواجهة المتواصلة دينامية خاصة بها. فمثلاً استخدام ’حزب الله‘ لسلاح متطور، أو المس بأهداف في العمق الإسرائيلي، يمكن أن يؤديا إلى حرب قاسية".

المزيد من تقارير