Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الاغتيالات السياسية في العمل الاستخباراتي

تفاصيل دقيقة وعمليات معقدة تتطلب تحضيراً نفسياً ولوجستياً وبدنياً

يلعب العملاء ووحدات الاستخبارات وقادة العمليات أدواراً مهمة في عملية تحديد الأهداف للاغتيالات السياسية (بي أكس هير)

ملخص

كثيراً ما غيرت عمليات الاغتيال السياسي مسارات بلدان أو أحزاب أو شعوب في العالم، لكنها تتطلب لتحقق هدفها، بغض النظر عن مشروعيته، المرور بمراحل عدة والانتباه إلى أدق التفاصيل.

يوماً بعد يوم يتصاعد التوتر في الشرق الأوسط، خصوصاً إذا ما نظرنا إلى المواجهات المباشرة أو غير المباشرة بين إسرائيل وداعميها من جهة، وإيران والجماعات المدعومة من قبلها من جهة أخرى، أما في ما يخص الحرب على غزة فإننا شهدنا مقترحات عدة لوقف إطلاق النار، لكن أياً منها لم يتم تنفيذه حتى لحظة كتابة هذه المادة.
التوتر في المنطقة قد يدفع الأطراف المتصارعة لتنفيذ عمليات اغتيال سياسية، إذ أن الاغتيالات السياسية عادة ما تنفذها أجهزة الاستخبارات، وبالفعل وجدتها طريقة مجدية في مواجهة العدو، وهذه الطريقة يجب التعامل معها بحذر شديد ودقة عالية، ويجب إدارتها بقدر كبير من الانضباط والتصميم من البداية إلى النهاية، وحتى معدل أخطاء الموظفين يجب أن يكون عند الحد الأدنى، كما أن هذا النوع من الاغتيالات يفرض عقوبات خطرة في سياق الأخلاق والقانون الدولي، ولكنها "ثقب أعمى" من حيث الدليل والبرهان.
وكثيراً ما رأينا في تاريخ الاستخبارات أن بعض الأجهزة أثناء محاولتها التحرك نحو هدف ما، تجعل الأمور أكثر تعقيداً، وفي هذا التقرير سنناقش هذه المسألة بتوسع تحت أربعة عناوين أساس، الأول هو الجزء التحضيري للعملية، والثاني هو أمثلة نظرية وعملية عن اغتيالات سياسية، والثالث طرق تنفيذ عمليات الاغتيال ميدانياً، والرابع هو النقاط التي تتم مراعاتها بعد الانتهاء من العملية وإغلاق ملفها.

الجزء التحضيري لعملية "اغتيال" سياسية

إن الجزء الأهم في عمليات الاغتيالات السياسية، هو ليس لحظة الضغط على الزناد، بل على من سيضغط الزناد، ولهذا السبب فإن الحلقة الأكثر حساسية هي قسم "اختيار الهدف". وغالباً ما يكون اختيار الهدف موجهاً إلى أهداف سياسية أو استراتيجية، وعادة ما يحدد الهدف من قبل العميل الميداني أو قادة أجهزة الاستخبارات أو وحدات الاستخبارات أو قادة العمليات، وتؤخذ في عين الاعتبار الأهمية الرمزية أو العملية للهدف، ويلعب تحديد هوية الهدف دوراً حاسماً في تأثير عملية الاغتيال وعواقبها، وتقييم الهدف يتم عبر مراحل عدة، تبدأ بتحليله من حيث أهميته الاستراتيجية أو السياسية. فعلى سبيل المثال، يمكن أن يهتز استقرار النظام من خلال إزاحة زعيم ما، أو يمكن تقليل تأثير حركة سياسية ما من خلال قتل زعيم تلك الحركة.

دور العملاء ووحدات الاستخبارات في تحديد الهدف

ويلعب العملاء ووحدات الاستخبارات وقادة العمليات أدواراً مهمة في عملية تحديد الأهداف، وعلى وجه الخصوص، يحدد رؤساء الخدمة والعميل الأهداف الاستراتيجية ويقيمون كيفية مساهمة الاغتيال في تحقيق هذه الأهداف. وتجمع وحدات الاستخبارات معلومات مفصلة عن الأهداف المحتملة وتحللها.
وتؤخذ في الاعتبار الأهمية الرمزية والعملية للهدف، فمن الناحية الرمزية إذا كان الهدف قائداً أو شخصية رمزية فمن الممكن أن يكون للاغتيال تأثير واسع النطاق، ومن الناحية العملية سواء كان الهدف سياسياً أو قائداً عسكرياً أو منظراً فإن الاغتيال يمكن أن يؤثر في اتجاه سياسة أو حركة معينة، كما يمكن أن يرى أن "عملية تحديد الهدف" لها تأثير مباشر في نجاح ونتائج العملية، إذ إن اختيار الهدف الصحيح يزيد من احتمالية تحقيق عملية الاغتيال للنتائج المرجوة، في حين أن اختيار الهدف الخاطئ يمكن أن يؤدي إلى فشل العملية أو عواقب غير مرغوب فيها، لذلك تتم إدارة عملية تحديد الأهداف بعناية واهتمام، مدعومة بالتحليل الاستراتيجي والسياسي ومدعومة بالاستخبارات من مصادر متعددة.
ويجرى تقييم الآثار السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية للهدف، ويتم النظر في العواقب المتوقعة للقضاء على الهدف أو تحييده، إضافة إلى تقييم الأهمية الاستراتيجية للهدف لمنظمة أو نظام. على سبيل المثال، يمكن أن يتسبب قتل زعيم سياسي أو محاولة الإطاحة به في حدوث اضطرابات سياسية خطرة داخل البلاد وعلى المستوى الدولي، ومن الناحية الاقتصادية يمكن أن يؤدي استهداف رجل أعمال أو مسؤول تنفيذي معين في الشركة إلى تقلبات في الأسواق وخلق حالة من عدم اليقين في قطاعات معينة، إضافة إلى ذلك يجب أيضاً مراعاة العواقب المتوقعة للقضاء على الهدف أو تحييده. على سبيل المثال قد يحدث فراغ في السلطة نتيجة مقتل زعيم سياسي مما يؤدي إلى الفوضى وعدم الاستقرار في البلاد، وفي المقابل فإن النتائج المتوقعة لتحييد الهدف قد تكون إيجابية أيضاً، فمثلاً يمكن أن يؤدي القبض على زعيم إرهابي إلى إضعاف أنشطة منظمة إرهابية وزيادة أمن المجتمع.
باختصار يمكن القول إن اختيار الهدف هو أهم خطوات عمليات الاغتيالات السياسية، لذلك هناك معايير عدة يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار قبل اتخاذ قرار الاغتيال، إذ إن الاغتيالات السياسية تعد عملية معقدة ومحفوفة بالأخطار ومثيرة للجدل، ويتطلب نجاحها تخطيطاً دقيقاً وتحليلاً مفصلاً وتنفيذاً أكثر دقة، كما يجب دراسة وتقييم العواقب المحتملة للاغتيال بعناية، ولذلك لا ينبغي استخدام مثل هذه العمليات إلا كملاذ أخير ووفقاً للقانون الدولي والقيم الأخلاقية.

أمثلة عن الاغتيالات السياسية

وبعد تحديد الهدف واتخاذ قرار نهائي بالاستهداف، المرحلة الثانية الآن ستكون العمل الميداني للتنفيذ، وأول معلومة تحتاج إليها في هذه المرحلة هي معرفة الوضع الأمني للهدف، وتقييم وضع المنطقة التي يوجد بها الهدف والتأكد من وضع الحماية التي يتمتع بها الهدف، سواء من أفراد أمن أو أنظمة أمنية، وهنا يتم البحث عن "الثغرات الأمنية" وتحديد نقاط الضعف، وهذه المعلومة يتم الحصول عليها من العملاء المحليين، ويتم رصدها والتأكد منها من خلال التحركات الروتينية للهدف وعاداته اليومية والأماكن التي اعتاد زيارتها، وتفاصيل الحراسة.


تحليل الأنظمة الأمنية

يتم فحص الأنظمة الأمنية التي يوجد فيها الهدف، ويشمل ذلك عناصر مثل الكاميرات الأمنية وأنظمة الإنذار والحواجز المادية وتنظيم أفراد الحراسة، ثم يتم تتبع ومراقبة تحركات الهدف، وهذه المراقبة تلعب دوراً مهماً في تحديد الثغرات الأمنية، وهذا يعني تتبع الروتين اليومي للهدف وخطط السفر والأماكن التي يزورها، ويتم أيضاً الاستفادة من مصادر الاستخبارات المحلية، إذ يعد جمع المعلومات من مصادر الاستخبارات المحلية في منطقة الهدف مصدراً مهماً لتحديد الثغرات الأمنية، وقد تشمل هذه الموارد السكان المحليين والشركات وموظفي الفنادق والعناصر المحلية الأخرى.
كل هذه المعلومات تسمح لخطة الاغتيال بالتركيز على نقاط الضعف وتشكل أساساً مهماً لنجاح تنفيذ الخطة، ومع ذلك يجب توخي الحذر والحساسية عند جمع هذه المعلومات واستخدامها، إذ إن أية خطوات لتجاوز التدابير الأمنية للهدف تنطوي على مخاطر.
وبصورة عامة تم تكوين رأي حول الهدف المحتمل، لكن هذه البيانات ليست كافية، ولتحقيق النجاح بنسبة 100 في المئة فهناك حاجة إلى مزيد من البيانات والمعلومات، ويمكن الحصول على المعلومات الاستخباراتية من المصادر المفتوحة (وسائل الإعلام والإنترنت والسجلات العامة... إلخ)، أو المصادر السرية (العملاء والجواسيس والمعلومات المسربة... إلخ)، أو من الطرق التقنية (المراقبة الفنية ومراقبة الاتصالات والتجسس الإلكتروني... إلخ)، ولكل طريقة من هذه الطرق مزايا وعيوب ومخاطر، ويجب استخدام التركيبة الصحيحة لذلك.
وتتم ملاحظة تحركات الأشخاص وأفراد الأمن وغيرهم من الأشخاص المهمين حول الهدف، ويتم جمع معلومات مفصلة ومهمة عنهم وإضافتها إلى الملف، وهذا تفصيل مهم جداً لا يمكن إغفاله، حتى لو كان المتشرد الذي لا مأوى له في الزاوية هو الذي يسأل عنه كل يوم، ومن ناحية أخرى فإن موثوقية المعلومات الاستخباراتية التي حصل عليها لها أهمية كبيرة، فيتم تقييم موثوقية ودقة المصادر ويتم التحقق منها عند الضرورة، إضافة إلى ذلك يتم أيضاً أخذ دوافع المصادر وتاريخ موثوقيتها في عين الاعتبار.
وبعد ذلك تحلل وتقيم البيانات الاستخباراتية التي حصل عليها خلال هذه العملية، وتخضع المعلومات واتساقها ومعناها إلى تحليل معمق، ومن المهم أيضاً حل التناقضات بين المعلومات التي يتم الحصول عليها من مصادر مختلفة، ثم تبدأ مرحلة معالجة المعلومات الاستخباراتية وإتاحتها، وتضمن هذه المرحلة تقديم المعلومات الأكثر دقة وشمولاً إلى صانع القرار، ويتضمن ذلك تنظيم البيانات الاستخباراتية والإبلاغ عنها ودمجها في الخطط التشغيلية.
وتعد عملية جمع المعلومات الاستخباراتية وتقييمها ذات أهمية بالغة في التخطيط للاغتيال، لتحديد نقاط الضعف الأمنية للهدف وضمان التنفيذ الناجح للعملية، وتنفيذ هذه المرحلة بدقة يمكن أن يؤثر بصورة كبيرة في نجاح الخطة.
إن أي إلهاء أو صدمة عاطفية أو انهيار نفسي يتعرض له أحد المنفذين أثناء العملية يمكن أن يفسد الأمور، لهذا السبب عليك العمل مع الأفضل جسدياً وعقلياً وروحياً، قليل من عدم الانضباط يمكن أن يتركك مع فواتير باهظة للغاية، ومن واجبك رسم خريطة الطريق لعودة هؤلاء الأفراد إلى ديارهم، وهذا يعني أنه يتم إنشاء خطط بديلة مع الأخذ في عين الاعتبار تنوع التدابير الأمنية.
يجب أيضاً معرفة الطقس وكثافة حركة المرور المحلية والأسواق العامة، وحتى الاحتجاجات في الشوارع والأعياد الوطنية الدينية والاحتفالات والمعارض وما إلى ذلك، ويجب أن تعرف عن كل هذا، ويجب أن تعرف الموظفين الذين ترسلهم إلى تنفيذ العمل أفضل من معرفة زوجتك.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


اختيار الموظفين الأكثر ملاءمة للعملية

إن اختيار فريق العمليات له أهمية بالغة لنجاح أداء العمليات الاستخباراتية خلال هذه العملية، ويؤخذ عدد من المعايير في الاعتبار لاختيار الموظفين الأكثر ملاءمة للعملية، وتشمل هذه العوامل مثل المهارات التقنية والخبرة والقدرة على التكيف والموثوقية.
وأثناء عملية اختيار الموظفين يتم تقييم ما إذا كان لدى المرشحين المعرفة والمهارات الفنية المطلوبة للواجبات التشغيلية، فيتم اختيار الأشخاص الذين هم على دراية بالثقافة واللغة والقيم المحلية والوطنية، والمجموعات العرقية والعادات الدينية والتقليدية للبلد المستهدف خصوصاً، كما تؤخذ الاختلافات الجسدية الحادة بينهم وبين السكان الوطنيين والمحليين في البلد المستهدف في عين الاعتبار. إن الأمر أشبه بعدم إرسال فتاة شقراء إلى طهران أو صديقة سمراء إلى أوسلو، وإضافة إلى ذلك يتم أيضاً أخذ الخبرات والإنجازات السابقة للموظفين الذين سينضمون إلى فريق العمليات في عين الاعتبار.

ويعد الانسجام والتعاون داخل الفريق التشغيلي أمراً مهماً، ولذلك يتم أيضاً تقييم قدرة المرشحين على التكيف ومدى ملاءمتهم للعمل الجماعي، ومن المهم أن يكون الأفراد الذين سيكونون جزءاً من فريق العمليات موثوقين ومنضبطين، ولهذا السبب يتم اختيارهم عادة من بين الفرق التي عملت معاً لفترة طويلة.

إدارة عمليات التدريب

ويخضع الأفراد المختارون لإحاطة نظرية واستخباراتية مفصلة قبل العملية، وتضمن هذه العملية حصول الموظفين على المعرفة والتفاصيل المهمة اللازمة لأداء واجباتهم التشغيلية بفعالية، فتغطي عملية التدريب الجوانب الفنية والتكتيكية للعملية، ويتم إعلام الموظفين وتدريبهم على مهارات مثل اكتشاف الأهداف والمراقبة والتتبع من بعد والمطاردة الساخنة والاتصالات وإدارة الأزمات.
ويعد التدريب النفسي أيضاً جزءاً مهماً من عملية التدريب التشغيلي، فيتعلم الموظفون كيفية التصرف تحت الضغط وإدارة الأخطار واتخاذ القرارات، وإضافة إلى ذلك يتم أيضاً تطوير المهارات اللازمة للتعامل مع الصعوبات المحتملة أثناء العملية.
وتضمن عملية التدريب التشغيلي إعداد الموظفين للبيئة التشغيلية، وتدريب الموظفين على السيناريوهات التي تحاكي المواقف التي قد يواجهونها أثناء العمليات الحقيقية، وبالتالي تحسين مهاراتهم التشغيلية، كما يجب إعداد العاملين في العمليات نفسياً وجسدياً قبل العملية، وتضمن هذه المرحلة أداء الموظفين بأفضل ما لديهم أثناء العملية، وتركز عملية الإعداد النفسي على العوامل النفسية مثل إدارة ضغوط الموظفين والحفاظ على الدافع والقدرة على التركيز والإصرار، وتوضح هذه العملية كيفية استجابة الموظفين للضغط الذي قد يواجهونه أثناء العملية.
وتهدف عملية الإعداد البدني إلى زيادة القدرة على التحمل البدني واللياقة البدنية للأفراد، وتتضمن هذه العملية التمارين المطلوبة للموظفين ليكونوا قادرين على الوقوف لفترات طويلة من الوقت أثناء العمليات، وحمل المعدات الثقيلة وتحمل الظروف الصعبة بدنياً، ويتم تعديل التكيف مع مناخ البلد المستهدف، إذ إن إرسال شخص يعاني مشكلة التعرق إلى الشرق الأوسط قد يكلفك الكثير.
وبعد كل هذا العمل، ذهب أفرادكم الميدانيون إلى خطوط العدو لتنفيذ المهمة، إذاً ما هو أول شيء يجب فعله؟
التحقيق والملاحظة الميدانية التي تعد مهمة للتحقق من دقة المعلومات الاستخباراتية الواردة من المقر والتأكد من هوية الهدف وموقعه، فيقوم فريق العمليات بزيارة المواقع الفعلية للهدف للمرة الأخيرة، ويراقب تحركاتهم اليومية وينفذ عمليات التحقق من خلال التفاعل مع الأشخاص المحيطين بهم.

ثم يقوم فريق العمليات بالتحقق من هوية الهدف وموقعه من خلال التواصل مع المصادر الموثوقة للمرة الأخيرة، وقد تشمل هذه الموارد السكان المحليين والشركات وموظفي الفنادق والعناصر المحلية الأخرى. كما أن التواصل مع مصادر موثوقة يزيد من دقة المعلومات الاستخباراتية التي يتم الحصول عليها، وبعد ذلك تبدأ مرحلة المراقبة الفنية، فتستخدم طرق المراقبة والتتبع الفنية لتحديد موقع الهدف والتحقق منه، وقد تتضمن هذه الأساليب وسائل تقنية مثل مراقبة حركة اتصالات الهدف، أو استخدام أجهزة تتبع نظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، أو تتبع الهدف فعلياً.
وتحوي وحدة العمليات والتكتيكات الخاصة بأي مستخدم الآن أحدث البيانات، ويمكن عندها الانتقال إلى المرحلة التالية وهي وضع التخطيط التشغيلي، فيدخل فريق العمليات في عملية تخطيط تفصيلي بعد التحقق من هوية الهدف وموقعه. وفي هذه المرحلة توضع خطة تشغيلية مفصلة تأخذ في عين الاعتبار كل مرحلة من مراحل العملية، إذ تحدد الخطوات اللازمة لتحقيق الهدف، وتضمن الإعداد وفقاً لذلك من خلال توقع السيناريوهات المحتملة. وتتضمن الخطة التشغيلية تفاصيل مثل المعلومات الأمنية للهدف وخطة الحركة والمعدات التي سيتم استخدامها، وبروتوكولات الاتصال وتوقيت العملية.
"إنشاء السيناريو" هو عملية توقع المواقف والمشكلات المحتملة التي قد تواجه المنفذين أثناء العمليات وتطوير استراتيجيات الحلول وفقاً لذلك، فيتم تفصيل كل سيناريو لتمكين فريق العمليات من الاستجابة بسرعة وفعالية. وخلال عملية التخطيط التشغيلي يتم إعداد خطط بديلة في حالة مواجهة مواقف أو انتكاسات غير متوقعة. وهذه الخطط مهمة لضمان استمرار العملية والتدمير الناجح للهدف. وتتضمن الخطط البديلة استراتيجيات حلول محددة مسبقاً لمواقف مثل تجاوز الإجراءات الأمنية للهدف أو اكتشاف فريق التشغيل أو تطوير العملية بصورة مختلفة عن المتوقع.
وتتم مراجعة هذه الخطط البديلة وتحديثها باستمرار من قبل قائد العمليات وفريقه، وفي حالة حدوث أي تغيير أو موقف غير متوقع أثناء العملية يتم وضع خطط بديلة لضمان إتمام العملية بنجاح، وبعد ذلك يحدد استراتيجيات إدارة الأزمات خلال عملية التخطيط التشغيلي، وتستخدم هذه الاستراتيجيات لإدارة حالات الأزمات التي قد تنشأ أثناء العملية وللمحافظة على نجاح العملية، وتتضمن استراتيجيات إدارة الأزمات خطط رد فعل محددة مسبقاً للمواقف غير المتوقعة، مثل اكتشاف الفريق من قبل قوات الأمن أو تعرض فريق العملية للهجوم أو انتهاء العملية بالفشل.
وتفحص هذه الاستراتيجيات بالتفصيل من قبل قائد العملية وفريقه، وتعد لتطبق بسرعة أثناء العملية فتمكن استراتيجيات إدارة الأزمات فريق العمليات من اكتساب المرونة والاستجابة بسرعة للمواقف غير المتوقعة، كما أن التخطيط التفصيلي وإعداد السيناريوهات البديلة وتحديد استراتيجيات إدارة الأزمات يضمن أن يكون فريق التشغيل مستعداً لأي موقف ويضمن إكمال العملية بنجاح.

وبعد تنفيذ العملية والقضاء على الهدف بنجاح يتم الانتقال إلى المرحلة الأخيرة، وهي...


إنهاء العملية وطريق العودة

إن ما يجب فعله بعد انتهاء العملية له أهمية بالغة ويجب تنفيذ هذه الخطوات بعناية ودقة، وأول ما يجب فعله بعد تدمير الهدف هو مرحلة تقييم الوضع والإبلاغ عنه، فيتم تقييم معايير مثل ما إذا كانت العملية قد اكتملت بنجاح، وما إذا كان الهدف قد تم تحييده، وما إذا كانت الأهداف المخطط لها قد تحققت، ويتم إبلاغ جميع الوحدات ذات الصلة وكبار المديرين بالتقدم المحرز في العملية ونتائجها، وبطبيعة الحال الشيء الرئيس هنا هو أن المعلومات يجب أن تعطى فقط للأشخاص المرخص لهم وفقاً لمستوى سرية العملية.
والإجراء التالي في المنطقة والميدان هو التنظيف الفوري للأدلة والآثار، إذ إن تنظيف الآثار بعد العملية أمر حيوي لإخفاء حقيقة حدوث الاغتيال ولحماية هوية منفذي العملية، ويمكن مناقشة هذه العملية تحت عنوانين رئيسين، تنظيف الآثار المادية ومحو الآثار الرقمية، ثم تبدأ مرحلة الخروج المخطط والسريع، وينبغي اتخاذ الإجراءات وفقاً لخطة الانسحاب المحددة في بداية العملية، فيجب تحديد طرق التراجع وطرق الهرب البديلة وخطط الطوارئ مسبقاً، ويجب أن تتم عملية السحب بسرعة وبطريقة منظمة، ومن المهم أن يلتزم كل موظف بالوقت المحدد، ويجب ضمان التواصل المستمر والآمن بين أعضاء الفريق أثناء المغادرة، وينبغي تخطيط وسائل النقل المستخدمة مسبقاً، وأن يكون من السهل الوصول إليها أثناء التشغيل. وبمجرد تنفيذ بروتوكولات الانسحاب، فإن سلامة الموظفين وخصوصية الهوية هي النقطة التالية التي يجب مراعاتها، ويجب اتخاذ جميع الاحتياطات اللازمة لمنع الكشف عن هويات الأفراد المشاركين في العملية.
الجزء الآخر الأكثر أهمية من هذا النوع من العمليات هو تدابير إدارة الأخطار والأمن، ومن الأهمية بمكان اتخاذ الاحتياطات اللازمة ضد آثار العملية والانتقام المحتمل، فيعد تقييم التهديدات وإمكانية التنبؤ بها أمراً في غاية الأهمية، وينبغي تحليل التهديدات المحتملة بالانتقام من جانب مؤيدي الهدف أو حلفائه أو المجموعات المتضررة من العملية. وينبغي أن يشمل تقييم التهديد مدى الأخطار وأنماط الهجوم المحتملة، ويجب حماية الفريق الذي يقوم بالعملية وموظفي الدعم من الأعمال الانتقامية المحتملة، وهذا يعني زيادة التفاصيل الأمنية وتخصيص أفراد الحراسة وتحديد مناطق آمنة، وينبغي زيادة التدابير الأمنية في المناطق المتضررة من العملية وفي النقاط الحرجة، وهذا يعني زيادة الدوريات الأمنية وتعزيز أنظمة المراقبة وإبقاء فرق الاستجابة للطوارئ جاهزة.
وفي المرحلة الأخيرة تتم دراسة تدابير أمن المعلومات والمعلومات المضللة، ويمكن تنفيذ استراتيجيات التضليل التي تستهدف الجمهور ووسائل الإعلام للحد من أخطار الانتقام المحتمل ورد الفعل العنيف، وقد يتم نشر معلومات مضللة حول الحجم الحقيقي للعملية وأهدافها، وبعد العملية يجب إعادة النظر في العلاقات الدولية واتخاذ الاحتياطات اللازمة ضد ردود الفعل الدبلوماسية المحتملة، ويمكن تحقيق التعاون مع الدول الحليفة ويمكن تحقيق إدارة الأزمات باستخدام القنوات الدبلوماسية، ويجب التواصل مع الداعمين السياسيين والشخصيات المهمة داخل البلاد، وتوفير المعلومات حول أسباب العملية ونتائجها، وهذا أمر مهم للحفاظ على الدعم السياسي والحفاظ على السلام الداخلي، إذ إن إدارة أخطار الانتقام وردود الفعل العنيفة وسلامة الموظفين تعد ذات أهمية بالغة في فترة ما بعد العملية.
وبعد كل هذا يبدأ تقييم الجوانب القانونية للعملية واتخاذ الاحتياطات اللازمة ضد العواقب القانونية المحتملة، ويؤخذ في عين الاعتبار آثار الاغتيال على العلاقات الدولية، وينبغي تقديم المعلومات عبر القنوات الدبلوماسية عند الضرورة.

ملاحظة: الآراء الواردة في هذا المقال تخص المؤلف ولا تعكس بالضرورة السياسة التحريرية لصحيفة اندبندنت تركية.

المزيد من تحقيقات ومطولات