Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.
اقرأ الآن

جامعة "أكسفورد" تغادر صدارة التصنيف العالمي لسبب غير معتاد

عندما أزيحت الجامعة البريطانية العريقة على يد "إمبريال كوليدج لندن" ظن كثيرون أن ذلك يعود لتراجع في المعايير

أقصيت "أكسفورد" و"كامبريدج" من مركزيهما (غيتي)

ملخص

تفوقت "إمبريال كوليدج لندن" على "أكسفورد" و"كامبريدج" في تصنيف "كيو إس للجامعات العالمية"، ويرجع هذا التحول لمقاييس التصنيف الجديدة مثل الاستدامة ونسبة أعضاء هيئة التدريس الدوليين والاستشهادات البحثية، كما تتفوق "إمبريال" في العلوم والتكنولوجيا مما يؤدي إلى ارتفاع معدلات توظيف خريجيها ورواتبهم، مما يعكس الأولويات التعليمية العصرية

كان أسبوعاً حافلاً داخل غرف الهيئات التدريسية في المؤسسات الأكاديمية العريقة، إذ وللمرة الأولى أقصيت "أكسفورد" و"كامبريدج" من مكانتهما الرفيعة في تصنيف الجامعات الدولية البارزة.

وعندما صدر تصنيف "كيو إس للجامعات العالمية لعام 2025" 2025 QS World University Rankings في وقت سابق من هذا الأسبوع، حصدت أربع جامعات بريطانية مراكزاً ضمن الـ 10 الأوائل، وهي "إمبريال كوليدج لندن" و"أكسفورد" و"كامبريدج" و"كلية لندن الجامعية"، مع احتلال "إمبريال"، الجامعة الأعلى تصنيفاً في بريطانيا، المرتبة الثانية على مستوى العالم بشكل عام، والأهم أنها حلت في مرتبة أعلى من "أكسفورد" (المرتبة الثالثة) و"كامبريدج" (المرتبة الخامسة)، ولم يحدث شيء كهذا من قبل، في الأقل على المستوى الدولي.

ويدل هذا على أن الزمن آخذ في التغير، ومن بين التصنيفات الأربعة الخاصة بجامعات المملكة المتحدة والمنشورة العام الماضي تتصدر "كامبريدج" الآن تصنيفاً واحداً فقط، وتأتي "جامعة سانت أندروز" في المركز الأول في اثنين من التصنيفات، كما تتربع "جامعة إمبريال" التي تستحق الثناء، وهي معروفة بالعلوم والتكنولوجيا، على قمة التصنيفات للمرة الأولى.

اقرأ المزيد

ولم تتمكن أية جامعة أخرى غير "أكسفورد" أو "كامبريدج" من احتلال أرفع مكانة في التصنيف المحلي قبل عام 2021، وكانت الجامعتان ذاتهما تتقاسمان الجوائز دائماً مع المؤسسات البارزة في المملكة المتحدة في أي تصنيف عالمي.

إن هذه التغييرات الطفيفة في مسألة ديناميكية القوة الأكاديمية مهمة، وأعرف بشكل لا يرقى إليه الشك أنه عندما تصدرت جامعة سانت أندروز تصنيف "دليل صنداي تايمز للجامعات الجيدة" للمرة الأولى عام 2021، فإن المديرة الدام سالي مابستون "زعقت" لفرط سعادتها، وفي حين أن مؤسسات التعليم العالي تنأى بنفسها في كثير من الأحيان علناً عن الأعمال غير المستحبة المتمثلة في تحديد المراتب الجامعية، إلا أن هذه المؤسسات تهتم بعملية التقييم هذه خلف الأبواب المغلقة بشكل حماسي مثلنا جميعاً.

ولكن ما الذي تكشفه هذه التغيرات الكبرى حقاً؟ هل تراجعت المعايير في "أكسفورد" و"كامبريدج"؟ أم أن بقية الجامعات قد بدأت تلحق بالركب؟ إذا نظرنا إلى سجل رؤساء الوزراء الخمسة من حزب "المحافظين" على مدى الأعوام الـ 15 الماضية، وجميعهم من خريجي "جامعة أكسفورد"، فإنك قد تتساءل ما إذا كان بإمكاننا أن نجرب عدداً قليلاً من رؤساء الوزراء الذين تخرجوا من "إمبريال"، دع جامعة أخرى تحاول لنسند المسؤولية للعلماء لفترة من الوقت.

إن إلقاء نظرة فاحصة على الأرقام يظهر أن هذا التحول في القوة قد حدث لأن تصنيف الجامعات بدأ الآن في قياس أشياء مختلفة، [إنها] الأشياء التي تعكس التغيرات المهمة في العالم من حولنا.

على سبيل المثال، في هذا الجدول العالمي الأخير تُقاس الاستدامة للمرة الأولى، وهذا ليس تقييماً في شأن ما إذا كانت الجامعات تقوم بإعادة تدوير ما يكفي من أكواب القهوة الورقية الخاصة بها، بل هو إلقاء نظرة مناسبة على مدى ملاءمتها عندما يتعلق الأمر بتأثير البحوث المؤسسية في كل أهداف الأمم المتحدة الـ 17 للتنمية المستدامة. ويتناول الجدول تأثير خريجي العلوم والتكنولوجيا في معالجة أزمة المناخ، إضافة إلى التأثير البيئي للجامعة نفسها.

وفي هذا الصدد تتفوق "إمبريال" على "أكسفورد" و"كامبريدج"، إذ أحرزت 99.7 علامة في مقابل 85.0 و84.8 لكل من الأخريين، وفي عالم تميل فيه معظم الاختلافات بين المؤسسات الرفيعة إلى أن تُقاس في حدود 100 إلى 97، فإن هذه فجوة كبيرة في التصنيف.

إن أداء "إمبريال" أيضاً قوي على أساس مقياسين آخرين يجسدان تدويل الجسم الطلابي والغرفة المشتركة الخاصة بكبار أعضاء الهيئة التدريسية، وبينما تشتكي الجامعات بصوت أعلى من أي وقت مضى من أنها لا تستطيع تحمل كلف تدريس البريطانيين من طلاب المرحلة الجامعية الأولى، فإن الجامعات التي تتمتع بسمعة عالمية تتجه بشكل متزايد نحو الطلاب الدوليين لتحقيق التوازن المالي بحيث تحقق دخلاً يغطي نفقاتها كافة.

في سبتمبر (أيلول) الماضي انقسم المقبولون في "إمبريال" من طريق "خدمة يوكاس" وعددهم 3135 شخصاً، بالتساوي تقريباً إلى 1650 شخصاً من المملكة المتحدة و1490 شخصاً من خارجها، وباعتبارها مركزاً نشطاً بقوة في ميادين البحوث، فقد حققت "جامعة إمبريال" أيضاً إنجازاً مثالياً بتسجيل 100 نقطة في معيار نسبة تدويل الكلية، والتي تقيس معدل التوظيف لأعضاء الهيئة التدريسية الدوليين.

وتتفوق "إمبريال" أيضاً بشكل كبير على "أكسفورد" و"كامبريدج" من حيث مدى الاستشهاد [عدد الاقتباسات] ببحوث كل كلية فيها، وهو المؤشر الثاني الأكثر أهمية في جدول تصنيف الجامعات "كيو إس" ودرجات الجامعات الثلاث هنا هي 93.9، 84.8 و84.6 على التوالي، وإن درجة الاستشهاد هي بمثابة وحدة قياس لحجم البحث وكثافته أيضاً، وتمثل في الأساس عدد المرات التي يقتبس فيها الآخرون بحثك.

ويساعد البحث في المجالات المتقدمة الجامعة على تحقيق نتائج جيدة، وتركيز جامعة "إمبريال" على العلوم والهندسة والتكنولوجيا والرياضيات والطب والأعمال يعني أنها منضمة بنسبة 100 في المئة في الاشتغال على مواد تحاول العثور على إجابات لبعض أكثر الأسئلة إلحاحاً على كوكبنا.

كما يجد حملة الشهادات الجامعية في هذه التخصصات أنفسهم مطلوبين بشكل خاص من قبل أرباب العمل، وليس من قبيل الصدفة أن "معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا" في بوسطن، والذي يقدم أيضاً عروضاً قوية (وإن لم تكن حصرية) في هذه المجالات الدراسية، هو الجامعة الوحيدة التي جاءت في المركز الأول أمام "كلية إمبريال" في هذه التصنيفات العالمية الأخيرة.

ولا تكتسب "أكسفورد" و"كامبريدج" أية ميزة من خلال وجود قاعدة تخصصات متعددة الكليات.

نعم لا نزال في حاجة إلى حملة شهادات جامعية في التاريخ وباحثين في مجال اللغة الإنجليزية، إلا أن قيمتهم بالنسبة إلى المجتمع لا يمكن رصدها بسهولة في مقاييس التصنيف ذات التوجه الجديد، ولكن التفسير الذي يسهل التوصل إليه، ومفاده أن المعايير في كل من المؤسستين تتراجع، ليس صحيحاً على الإطلاق شأنه شأن الاتهامات التي توجهها بعض الجهات، معتبرة أن دعاة الـ "ووك" [التنبه للمظالم العرقية والاجتماعية] قد أضعفوا هاتين الجامعتين، مما اضطر كلاً منهما إلى استقطاب جسم طلابي أكثر تنوعاً.

عندما تغلبت "إمبريال" على "أوكسبريدج" ("أوكسفورد" و"كامبريدج") [وخطفت منهما المركز الأول] في "دليل ديلي ميل للجامعات" Daily Mail University Guide الذي قمت بتجميعه العام الماضي، رفض بعضهم ذلك معتبرين أنه نتيجة ثانوية لإدراج الاندماج الاجتماعي ضمن التصنيف، لكن الواقع كان أكثر تعقيداً، فانتصار "إمبريال" تأسس أيضاً على الثقل المتزايد الذي أُعطي في هذا التصنيف لتجربة الطلاب، والذي قِيس من خلال "المسح الوطني السنوي" National Student Survey للطلاب والنجاح في سوق وظائف الخريجين، وكلاهما مجالان تتفوق فيهما "إمبريال على "أوكسبريدج".

وكانت "جامعة إمبريال" متقدمة بشكل كبير في مجال الإدماج الاجتماعي، إذ شمل الطلاب الملتحقون بالجامعة 25.9 في المئة ممن لم يذهب آباؤهم إلى الجامعة، في حين كانت الأرقام المماثلة في "أكسفورد" و"كامبريدج" 17.7 في المئة و18.3 في المئة على التوالي.

ومع ذلك لا تزال الجامعات الثلاث تحتل المراكز الـ 10 الأخيرة على المستوى الوطني في هذا المقياس، وتبقى "أكسفورد" و"كامبريدج" على رغم ضخامة المساحات التي كرستها الصحف للكتابة عن الزيادة الكبيرة التي طال انتظارها في نسبة القبول فيهما [لطلاب] المدارس الحكومية، فإن الجامعتين تحتلان مراكز في أسفل الترتيب عندما يتعلق الأمر بقبول طلاب الجيل الأول.

ومرة أخرى يعد تصنيف الجامعات على أساس التنوع الطلابي انعكاساً للمواقف المتغيرة، وهو تحديث ضروري لهياكل تصنيف الجامعات لكي تصبح متناسبة مع توقعات طلاب الزمن الراهن، ممن يقدرون الدور الرئيس الذي يمكن أن يلعبه التعليم العالي في دفع الحراك الاجتماعي.

ومن الناحية التعليمية البحتة فقد يبدو أن ثمة إهانة في الحكم على المؤسسات التعليمية والبحثية بناء على النجاح الذي يحققه خريجوها في سوق العمل، بعيداً من خبرتهم العملية في الحياة.

بيد أنه أمر ضروري لطلاب مثل ابني الأكبر الذي يجد نفسه أمام دين من قروض الطلاب يبلغ 57 ألف جنيه إسترليني، وذلك بعد مرور عام على مغادرته إحدى جامعات راسل غروب.

إن الطلاب وأولياء أمورهم الذين يدفعون كلف الإقامة الجامعية والخاصة المرتفعة بشكل يدعو إلى السخرية، يبحثون عن بعض الطمأنينة بأنه سيكون هناك عائد على استثماراتهم، وباعتبار أن العلوم والتكنولوجيا هما المجالان اللذان يمكن العثور فيهما على أفضل الوظائف التي يتقاضى أصحابها أعلى الرواتب، فإن "إمبريال" تكسب مرة أخرى، إذ تقدم [في هذا المجال] أداء أفضل من "أكسفورد" و"كامبريدج"، ذلك أن 96.5 في المئة من خريجي "إمبريال" يحصلون على وظائف عالية المهارات، بحسب ما تبين أحدث البيانات، مقارنة بـ 90.9 في المئة لخريجي "أكسفورد" و92.5 في المئة لخريجي "كامبريدج".

إن متوسط ​​دخل [خريجي الجامعات الثلاث] بعد تخرجهم بـ 15 شهراً هو 35 ألف جنيه إسترليني، و32 ألف جنيه إسترليني و33 ألف جنيه إسترليني على التوالي، وهنا يمكننا أن نرى أن تبدل الوجوه في أعلى قوائم التصنيفات الجامعية ليس رمزاً آخر للانحدار الوطني، بل هو نتيجة استهداف أصحاب العمل مجموعات محددة من الطلاب الذين يتمتعون بالمهارات التي يحتاجون إليها لمعالجة الأعمال والقضايا المجتمعية المعاصرة.

نريد من الجامعات أن تقود [الجهود المتعلقة بـ] القضايا المعاصرة، ولدينا تغير المناخ والاستدامة في المقدمة، ونريد أن يكون القبول عادلاً وشاملاً، ونريد الجودة في مقابل قدر مقبول من المال كي يتمتع أطفالنا الطلاب بفرصة أفضل من أي وقت مضى للتمكن من سداد ديون الطلاب بسرعة.

إن استيعاب هذه المطالب المتغيرة قد أدى حتماً إلى تغييرات في النظام القائم عند استخدام التصنيفات المحلية والدولية الحديثة بحكمة، فإنها تعمل على نحو جيد لجهة تحديد التوزيع الأوسع نطاقاً للتميز ضمن التعليم العالي من خلال تعريفاتنا الجديدة.

إن الآباء والمتقدمين يأخذون علماً بهذا، وعدم وجود جامعتين تهيمنان على المؤسسات الأكاديمية كلها هو أمر جيد، وكيف لا يكون الأمر كذلك ولدينا الآن ثلاث [بدلاً من اثنتين] من أفضل خمس جامعات في العالم، متفوقة حتى على الولايات المتحدة؟

البروفيسور أليستر ماكول هو نائب مدير مركز بحوث التعليم والتوظيف بـ "جامعة باكنغهام"، وبعد توليه تحرير "دليل صنداي تايمز للجامعات الجيدة" على امتداد 24 عاماً، وأصبح حالياً محرر "دليل [صحيفة] ديلي ميل للجامعات"

© The Independent

المزيد من تقارير