ملخص
اشترى العراق من فرنسا مفاعلاً نووياً بحثياً من طراز أوزوريس إلى جانب مفاعل أصغر من نوع إيزيس وإمدادات محدودة من اليورانيوم المخصب، وفقاً لاتفاق مشترك يشمل التدريب الفني.
في منطقة لا تهدأ فيها التنافسات والصراعات والحروب، كان السباق نحو قدرة إنتاج سلاح نووي طموحاً سعت إليه دول عدة، فقد سبقت إليه إسرائيل في ستينيات القرن الماضي وتمكنت بمساعدة فرنسا من إنتاج عشرات القنابل النووية على رغم أنها لم تعلن ذلك رسمياً.
وسعت إليه دول أخرى في الشرق الأوسط في فترات زمنية لاحقة كانت آخرها إيران التي تتزعم أن برنامجها النووي سلمي، ومع ذلك بدا للإسرائيليين أن العراق يسير بمساعدة فرنسية إيطالية على نهج مشابه، لكنه انتهى في مثل هذا الشهر قبل 43 عاماً حين قصفت طائرات إسرائيلية في الـسابع من يونيو (حزيران) 1981 مفاعله النووي جنوب بغداد ودمرته جزئياً، مما أحدث تداعيات خطرة لا يزال أثرها باقياً حتى اليوم.
في سلسلة من خمس حلقات تكشف "اندبندنت عربية" عبر عشرات الوثائق الأميركية التي رفعت عنها السرية من الاستخبارات المركزية والبيت الأبيض والخارجية والأرشيف الوطني، الأجواء التي سبقت ورافقت العملية العسكرية الإسرائيلية التي فاجأت العالم وفجرت ردود أفعال غير مسبوقة، وأثرت في رؤية الدول العربية للولايات المتحدة ودورها في المنطقة بعد عام ونصف العام فقط من رعايتها أول اتفاق سلام بين مصر وإسرائيل، وسعت إلى توسيع نطاق السلام في المنطقة لسحب البساط من تحت أقدام الاتحاد السوفياتي، ثم كيف تعاملت إدارة ريغان مع انعكاسات الأزمة وإلى أي مدى كانت العواقب على إسرائيل، وهل حاول العراق مجدداً تنشيط جهوده النووية بينما كان لا يزال يحارب إيران في الثمانينيات.
خطوة غير مسبوقة
في هذا الشهر قبل 43 عاماً، اتخذت حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن خطوة جريئة وغير مسبوقة عالمياً، بقصف مفاعل أوزيراك للأبحاث النووية العراقي في التويثة جنوب بغداد، الذي اشتراه العراق من فرنسا بموجب اتفاق ثنائي لاستخدامه للأغراض السلمية وكان يخضع لضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وباستخدام أحدث الطائرات الأميركية آنذاك من طراز إف 15 وإف 16 نفذت القوات الجوية الإسرائيلية الهجوم في السابع من يونيو 1981، فدمرت المفاعل جزئياً وقتلت 10 جنود عراقيين ومهندساً فرنسياً، وبرّرت إسرائيل الهجوم بأنه عمل من أعمال الدفاع عن النفس، وتزعمت أن العراق كان على وشك تطوير قدرة أسلحة نووية.
لكن بحسب الوثائق الأميركية التي رفعت عنها السرية، فاجأت الغارة الإسرائيلية تماماً الرئيس الأميركي رونالد ريغان ومستشاريه الذين كانوا قد بدؤوا الحكم في البيت الأبيض قبل خمسة أشهر فقط، إلا أن أسلافهم بما في ذلك الرئيس جيمي كارتر، كانوا على علم بالاحتمال القوي لوقوع هذا الهجوم الذي أربك العالم.
نقطة البداية
عام 1976، اشترى العراق من فرنسا مفاعلاً نووياً بحثياً من طراز أوزوريس إلى جانب مفاعل أصغر من نوع إيزيس وإمدادات محدودة من اليورانيوم المخصب، وفقاً لاتفاق مشترك يشمل التدريب الفني.
وبدأ بناء المفاعل عام 1979 في مركز التويثة النووي على بعد نحو 17 كيلومتراً جنوب بغداد، إذ أطلق الفرنسيون على المفاعل اسم أوزيراك وهو مزيج من تسمية أوزوريس مع العراق، في حين أطلق العراقيون على المفاعل الأكبر اسم "تموز 1" وعلى المفاعل الأصغر اسم "تموز 2"، تخليداً لذكرى صعود حزب البعث إلى السلطة في العراق.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وسواء كانت لدى المسؤولين والعلماء العراقيين طموحات تطوير أسلحة نووية في أذهانهم أم لا، شعر مسؤولو وزارة الخارجية الأميركية بالقلق خلال عامي 1979 و1980 من أن الصفقات النووية الفرنسية العراقية والإيطالية العراقية يمكن أن تساعد بغداد على تطوير طرق ووسائل لإنتاج المواد الانشطارية النووية.
فوفقاً لسجلات وزارة الخارجية الأميركية في الأرشيف الوطني، أرسل المتخصص في الوكالة الأميركية لنزع والحد من التسلح النووي ريتشارد ويليامسون في الـ24 من أغسطس (آب) عام 1979، إلى المسؤولين تسلسلاً زمنياً للمبيعات والصادرات النووية من الفرنسيين والإيطاليين إلى العراق بدءاً من عام 1977، وشملت مفاعل ومختبرات أبحاث من فرنسا ومختبراً للكيمياء الإشعاعية من إيطاليا.
كما تم تضمين تعبيرات القلق التي عبرت عنها الولايات المتحدة لكلتا الحكومتين في باريس وروما، ووفقاً لويليامسون فإن التعاون النووي بين فرنسا وإيطاليا مع العراق كان يشكل وضعاً خطراً محتملاً ويتطلب مراقبة دقيقة.
تقييم الاستخبارات المركزية
غير أنه في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) 1979، قيّمت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية في درس لها البرنامج النووي العراقي، مشيرة إلى أن الأدلة المتاحة كانت مجزأة وغامضة بصورة عامة، وذكرت أنه ليس لديها دليل دامغ على أن العراق قرر حيازة أسلحة نووية، لكنها تعتقد أنه من المحتمل أنه قرر تطوير أساس للاكتفاء الذاتي نسبياً لهذا البرنامج، وأنه سيحتاج إلى مواد انشطارية ويمكنه تحويل اليورانيوم عالي التخصيب الذي كان من المقرر أن يقدمه الفرنسيون إلى مفاعل أوزيراك.
لكن الاستخبارات المركزية حدّدت أيضاً مشكلات كبيرة يمكن أن تقيد هذا المسعى، إذ افترضت أنه إذا اختار الرئيس العراقي صدام حسين تطوير أسلحة نووية، فمن غير المرجح أن يفعل ذلك قبل أواخر الثمانينيات وأنه ربما يجري الاستعدادات اللازمة تحت غطاء برنامجه النووي المدني.
وحدد الدرس تصوّر العراق للتهديدات التي تواجه أمنه القومي وطموحاته الإقليمية من إسرائيل وإيران باعتبارها الدافع الرئيس لاهتمامه بالحصول على القدرة في إنتاج أسلحة نووية، فقد كان لدى إسرائيل برنامج نووي طموح وكانت بغداد تعتقد أن إيران لديها نيات مماثلة، ولهذا قد يعتقد العراقيون أن امتلاك الأسلحة النووية سيوفر لهم فوائد عسكرية ودبلوماسية من دون أن يكون لديهم أية نية لاستخدامها.
وتضمن رأي الاستخبارات المركزية الأميركية عدداً من الأسباب المتزامنة التي كانت واضحة أيضاً، ومن بينها أن سعي العراق إلى الحصول على قنبلة نووية يسلط الضوء على المشكلات الناجمة عن ضعف النظام الدولي لمنع انتشار الأسلحة النووية، وكذلك عدم الاستقرار الناجم عن عدم وجود تسوية سلمية مقبولة على نطاق واسع بين إسرائيل والفلسطينيين.
خطط العراق النووية
غير أن علامات القلق بدأت تظهر في الـ16 من مايو (أيار) عام 1980 إذ تكشف برقية دبلوماسية من سفارة الولايات المتحدة في فرنسا إلى وزارة الخارجية الأميركية تحمل رقم 15880 بعنوان "خطط العراق النووية"، أنه خلال اجتماع في باريس مع مسؤول وزارة الخارجية الأميركية روبرت غالوتشي الذي كان عضواً في طاقم تخطيط السياسات، أعرب خبراء نوويون فرنسيون بمن فيهم جان ليغوني، عن قلقهم في شأن المحادثات النووية الإيطالية مع العراق، واحتمال بيع مفاعل للماء الثقيل.
لكن وفقاً لرسالة السفارة، فإن مخاوف الحكومة الفرنسية لم تكن تتعلق بانتشار مفاعلات اليورانيوم الطبيعي، بقدر ما تتعلق بخسارة مبيعات مفاعلات الطاقة الفرنسية المحتملة للعراق.
وأشار مسؤول فرنسي آخر إلى أن الإيطاليين كانوا يحاولون تطوير سوق للمبيعات العسكرية المربحة والمهمة للعراقيين.
بيغن طالب أميركا بالتدخل
وبينما كانت الحكومة الأميركية تحاول العمل مع الفرنسيين والإيطاليين لوقف صفقاتهم النووية مع العراقيين، كانت حكومة إسرائيل تراقب عن كثب برنامج بغداد النووي، وكان رئيس الوزراء مناحيم بيغن قلقاً بصورة خاصة.
فقد أجرى نقاشاً مطولاً حول هذا الموضوع مع السفير الأميركي لدى تل أبيب صامويل لويس وهو على سرير المرض بعدما غادر المستشفى قبل أيام، وهو النقاش الذي حدد السفير الأميركي مضمونه في برقية رقم 13256 إلى وزارة الخارجية في الـ19 من يوليو (تموز) 1980 موجهة شخصياً إلى الوزير إدموند موسكي والرئيس جيمي كارتر في شأن شحنات اليورانيوم المخصب الفرنسية إلى العراق.
أبلغ لويس رسالة رئيس الوزراء الإسرائيلي الشخصية والعاطفية للغاية (بحسب وصفه) إذ اعتقد بيغن ورفاقه أن اليورانيوم عالي التخصيب الذي كان الفرنسيون يقدمونه باعتباره وقوداً لمفاعل أوزيراك كان كافياً لإنتاج عدد من الأسلحة النووية التي يمكن إسقاطها على إسرائيل باستخدام قاذفات القنابل متوسطة المدى من طراز "بليندر" التي قدمها السوفيات للعراق، وطلب بيغن من لويس أن ينقل إلى الرئيس كارتر الحاجة الملحة لتدخل الأميركيين لمحاولة منع الفرنسيين من تقديم شحنات أخرى من وقود المفاعلات.
وفي تعليقاته ناقش لويس موجة القلق المتصاعدة في شأن العراق، إذ كان المسؤولون والصحافيون والأكاديميون والسياسيون في إسرائيل يعملون على الدخول في حال أقرب من الذعر في شأن القضية النووية العراقية.
وأشار إلى أن حججه في شأن عمليات التفتيش التي تقوم بها الوكالة الدولية للطاقة الذرية وفرنسا لا تجد آذاناً صاغية لدى الإسرائيليين الذين لا يثقون في أي إجراءات أو ترتيبات من هذا القبيل.
وقال لويس:" إنهم يفترضون من تجربتهم الخاصة أن الفرنسيين يمكنهم أن يغضوا الطرف عن تحويل المواد الانشطارية إلى قنبلة نووية، وأن المفتشين الدوليين ليس من الصعب خداعهم.
ووفقاً للسفير لويس كانت الحكومة والمعارضة في إسرائيل متفقتين وكان كلاهما يمارس ضغوطاً على فرنسا لوقف التعاملات النووية مع العراق، واعتقاداً منه بأنه لا توجد قضية أكثر خطراً من هذه القضية في إسرائيل، توقع لويس أن الإسرائيليين سيشعرون بأنهم مضطرون إلى اتخاذ إجراءات أحادية الجانب قبل أن يمتلك العراقيون السلاح فعلياً ما لم تتغير السياسة الفرنسية، مشيراً إلى أنه من الممكن أن يتم مثل هذا الإجراء في غضون الأشهر الستة المقبلة ويمكن أن يشمل أساليب سرية أو حتى ضربات استباقية بأسلحة تقليدية بغض النظر عن العواقب الوخيمة لمثل هذا العمل.
تدابير فرنسا الوقائية
وبعد أيام قليلة من تلقي رسالة بيغن، تلقى مسؤولون أميركيون كبار معلومات مفصلة حول وضع التعاملات النووية الفرنسية مع العراق، ففي الـ25 من يوليو (تموز) 1980، أرسل سفير الولايات المتحدة في فرنسا دي كومين برقية رقم 23642 إلى وزارة الخارجية تحت عنوان "مسائل منع الانتشار النووي" إذ شرح تفاصيل محادثاته مع مسؤولين آخرين بما في ذلك عملية صنع القرار الحساسة التي تتخذها الحكومة الفرنسية في شأن هذه القضية وفيها اعترف دي كومين بالانتقادات الموجهة لشحن اليورانيوم عالي التخصيب وبيع المفاعل للعراق.
لكنه كشف عن أن الفرنسيين كانوا يتخذون تدابير وقائية خاصة لم يكن العراقيون على علم بها، وعلى سبيل المثال تم تشعيع اليورانيوم عالي التخصيب سابقاً قبل شحنه إلى العراق، مما يجعله غير صالح للاستخدام لأغراض صنع الأسلحة.
وتمثلت الاحتياطات الأخرى في تحميل قلب واحد فقط في كل مرة لمفاعل الأبحاث الصغير ووجود 50 فنياً فرنسياً كانوا مع اليورانيوم عالي التخصيب أثناء شحنه، وفي الواقع كان الفرنسيون هم من يديرون المفاعل لا العراقيون.
وفي ضوء الانتقادات الموجهة للسياسة الفرنسية، كان دي كومين يأمل في إتاحة مزيد من المعلومات للجمهور حول المخاوف والاحتياطات الفرنسية، نظراً إلى أن الفرنسيين فوجئوا إلى حد ما بعدم وجود انتقادات علنية لإيطاليا على رغم المساعدة الإيطالية في المجالات النووية الحساسة للعراق.
في الوقت نفسه، خطط الفرنسيون إرسال فريق إلى العراق لثني العراقيين عن شراء مفاعل الماء الثقيل لليورانيوم الطبيعي من إيطاليا وإقناعهم بشراء مفاعل فرنسي للماء المضغوط بدلاً من ذلك.
عدم ارتياح أميركي
ويبدو أن عدم الارتياح كان الصفة الغالبة على المسؤولين الأميركيين، ففي الـ25 من يوليو 1980 أرسل مسؤول الاستخبارات الوطنية الأميركية للشرق الأدنى وجنوب آسيا روبرت أميس، رسالة تقييم شهرية إلى مدير ونائب مدير الاستخبارات المركزية، تضمنت مناقشة تقدير الاستخبارات الوطنية الخاصة حول النشاط النووي العراقي والرد الإسرائيلي المحتمل.
إذ أشار روبرت أميس إلى أنه قد يكون من الضروري إصدار مذكرة تنبيه بصورة عاجلة إذا تم الحصول على مزيد من الأدلة حول احتمال قيام إسرائيل بضربة استباقية على منشأة نووية عراقية.
لكن بعد نحو ثلاثة أسابيع، أرسلت الخارجية الأميركية برقية رقم 214271 إلى سفارة الولايات المتحدة في إيطاليا، تحت عنوان نقل مواد نووية بين إيطاليا والعراق، إذ أثار التعاون النووي الإيطالي مع العراق قلقاً أكبر مما أثاره التعاون الفرنسي.
وعلى رغم أن رئيس الوزراء الإيطالي فرانشيسكو كوسيغا أكد لجيمي كارتر أن إيطاليا ستؤكد التزامها بمعاهدة حظر الانتشار النووي وأنه لن يكون هناك أي نقل للتكنولوجيا الحساسة إلى العراق، فإن واشنطن ظلت تشعر بالقلق.
ويعود السبب وراء القلق الأميركي إلى أن شركة "كوميتاتو ناسيونالي" الإيطالية للطاقة النووية كانت تعمل على إعداد تقرير حول عمليات نقل التكنولوجيا للعراق.
لكن الشركة تأخرت، وكانت مراوغة في الرد على أسئلة الولايات المتحدة حول تفاصيل التعاملات، ما دفع الخارجية الأميركية إلى إصدار تعليماتها لسفارتها في روما بإحالة الأمر إلى وزير الخارجية الإيطالي إميليو كولومبو للتأكيد على أن الاستلام المبكر لهذه المعلومات أمر بالغ الأهمية لتخفيف المخاوف المتزايدة في شأن نطاق المساعدة الإيطالية للعراق التي يمكن أن يكون لها تأثير سلبي في مواقف الكونغرس الأميركي ويمكن أن تعوق التعاون النووي بين الولايات المتحدة وإيطاليا مستقبلاً.
العراق يتوقع هجوماً إسرائيلياً
وبحلول الـ 22 من أغسطس (آب) 1980 كان مجتمع الاستخبارات الأميركي قد أكمل العمل على تقرير تقدير الاستخبارات الوطنية الخاص بإسرائيل والبرنامج النووي العراقي، إذ أشار التقرير إلى أن العراقيين كانوا ملزمين باتهام إسرائيل بأي قصف أو أي عمل آخر من شأنه تدمير المواد النووية التي يتم شحنها إلى العراق، كما أن بغداد قد عززت أخيراً موقعها النووي في التويثة (موقع مفاعل أوزيراك)، على بعد حوالى 17 كيلومتراً جنوب شرقي العاصمة، مما يشير إلى أنهم كانوا يتوقعون اتخاذ إسرائيل بعض الإجراءات التدميرية.
عدم اليقين
ومع ذلك، ظلت هناك حال من عدم اليقين في شأن المفاعل العراقي، فقد كانت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بحاجة إلى مزيد من البيانات حول مفاعل أوزيراك حتى يتمكن موظفوها من تصميم الضمانات المناسبة للمنشآت، إذ كانت المعلومات لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية إما غير كافية أو متناقضة، بما في ذلك تفاصيل حول أوجه التشابه والاختلاف بين مفاعل أوزيراك ومفاعل أوزوريس في فرنسا.
ولذلك، طلبت الخارجية الأميركية من السفارة في باريس عبر برقية رقم 263575 استفسارات حول قضايا فنية للغاية تتعلق بقدرات المفاعل بما في ذلك مستويات الطاقة، والأجزاء الداخلية للمفاعل وإدارة الوقود التي تحتاجها الوكالة الدولية للطاقة الذرية لإنشاء الضمانات المطلوبة في أوزيراك، في وقت كانت الحرب العراقية الإيرانية قد اشتعلت في المنطقة.
وشملت الأسئلة التي طرحتها وزارة الخارجية ما إذا كان هناك وصول جاهز إلى حوض المفاعل وما إذا كان بإمكان الوكالة الدولية للطاقة الذرية تركيب كاميرات مراقبة بسهولة لضمان المراقبة المستمرة للوقود المستهلك المحفوظ في الحوض.
إيران تقصف المفاعل العراقي من دون أضرار
غير أن قصف المفاعل جاء من إيران وليس من إسرائيل، ففي الـ30 من سبتمبر (أيلول) 1980 نفذت إيران هجوماً بطائرة فانتوم ضد مركز الأبحاث النووية العراقي في التويثة، من دون أن يتسبب إلا بأضرار طفيفة، وهو ما أكده تقييم أميركي للغارة الإيرانية بناء على طلب من رئيس الوزراء الإسرائيلي بيغن، وذلك في السابع من أكتوبر 1980 إذ خلص تقييم الخارجية الأميركية إلى أنه من المحتمل ألا تتأثر الأنشطة طويلة المدى في المنشأة النووية العراقية بصورة كبيرة.