Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف سيؤثر الملء الخامس لسد النهضة على حصص مصر والسودان؟

اللجوء إلى الاحتياط الإستراتيجي يظل أحد الحلول المرحلية لحين التوصل إلى صيغة قانونية جديدة مع الحكومة الإثيوبية

دعوات لتكثيف الضغوط الدولية على أديس أبابا من أجل التوصل إلى اتفاق مبدئي بين الدول الثلاث قبل الذهاب إلى الملء الخامس لسد النهضة (أ ف ب)

ملخص

كمية التخزين في الملء الخامس لخزان السد يمكن أن تراوح ما بين عدة مليارات وقد تصل إلى 23 مليار متر مكعب كحد أقصى

كشفت صور فضائية التقطت أخيراً عبر تقنية الأقمار الاصطناعية استعدادات أديس أبابا للملء الخامس لسد النهضة الإثيوبي الذي من المتوقع أن يتم في فترة الفيضان المقبلة من يوليو (تموز) المقبل ويستمر حتى سبتمبر (أيلول) من هذا العام.

وحذر خبراء مصريون أن استكمال ملء السد من دون اتفاق ثلاثي بين دولة المنبع ودولتي المصب سيؤثر سلباً في حصص كل من مصر والسودان، مما قد يتسبب في كارثة مائية.

وقال عدد من الخبراء المصريين لوسائل الإعلام المصرية إن الملء الخامس لخزان السد الإثيوبي بصورة منفردة من قبل أديس أبابا، يشكل خطراً حقيقياً على مصالح مصر والسودان المائية، وبخاصة في ظل تضاؤل كمية الأمطار التي تهطل الآن في إثيوبيا، إذ سجلت المتابعات الجوية أن الموسم الحالي يعد أقل من المتوسط، وفي حال استمراره بالوتيرة الحالية ذاتها فإن إثيوبيا سوف تحتجز جزءاً كبيراً منه للملء الخامس، ولن تصل إلى مصر والسودان الحصص المرتقبة، مما ينذر بدخول الوضع المائي لدولتي المصب في "حال حرجة".

تكثيف الضغوط المصرية

بدوره نشر المتخصص المصري أستاذ المياه في جامعة القاهرة عباس شراقي توضيحاً مفصلاً حول الوضع المائي الحالي، كاشفاً أن كمية التخزين في الملء الخامس لخزان السد يمكن أن تراوح ما بين عدة مليارات وقد تصل إلى 23 مليار متر مكعب كحد أقصى، وفي هذه الحال يكون التخزين الأخير، وتتوقف كمية المياه فى التخزين الخامس على قدرة إثيوبيا فى تركيب وتشغيل أكبر عدد من التوربينات الـ 11 المتبقية، وإن لم تستطع تشغيلها فليس من مصلحتها ملء الخزان كاملاً من دون استفادة لأن ذلك يمثل ضغطاً كبيراً على السدين الرئيس الخرساني والمكمل الركامي.

وأضاف شراقي عبر حسابه على "فيسبوك" أنه "نظراً إلى توقف المفاوضات وعدم وجود اتفاق يحدد كمية التخزين، فستقرر إثيوبيا بمفردها كمية التخزين والتشغيل".

ونوه إلى أنه "في جميع الأحوال فإن مصر قادرة على عدم وصول أضرار التخزين الخامس إلى المواطن المصري بسبب السد العالي، ولكن هذا لا يمنع الحكومة المصرية من العمل جاهدة للحفاظ على الحقوق المائية المصرية".

وحول عزم إثيوبيا البدء في الملء الخامس الشهر القادم من دون تنسيق سابق مع مصر، قال عضو لجنة التفاوض المصري لسد النهضة علاء الظواهري، إن "قرار الحكومة الإثيوبية جاء بصورة منفردة مع اقتناعها بأحقية إدارة وتشغيل السد بصورة مستقلة، واعتبارها أن التنسيق مع دول المصب أو التشاور يُعد تدخلاً في الشأن الداخلي الإثيوبي، وهذا غير صحيح".

وطالب بضرورة تكثيف الضغوط الدولية على أديس أبابا من أجل التوصل إلى اتفاق مبدئي بين الدول الثلاث قبل الذهاب إلى الملء الخامس الذي قد يؤثر في حصص مصر والسودان.

الاحتياط الإستراتيجي

من جهته، قال الباحث عبدالكريم السيد، إن كل المؤشرات الآن تشي بصعوبة الموقف المصري تجاه التعامل مع قرار أديس أبابا بخصوص الملء الخامس من جهة، وانخفاض وتيرة الأمطار في الهضبة الحبشية من الجهة الأخرى.

وتوقع السيد أن تلجأ مصر إلى سحب مقدار معين من المياه من بحيرة ناصر لتعويض النقص المحتمل للمياه نتيجة القرار الإثيوبي، ورأى أن "ذلك يعد تحدياً للإدارة المصرية، لأن مياه خزان السد العالي تعد احتياطاً إستراتيجياً لمصر منذ إقامة السد في ستينيات القرن الماضي"، مشيراً إلى أن قراراً مثل هذا سيحتاج إلى التعاطي بحكمة وحسابات دقيقة إذ تكون الكمية المسحوبة من المياه خلال هذه الفترة مدروسة بصورة يمكن تعويضها بسرعة، لا سيما بعد استقرار منسوب سد النهضة بعد الملء الخامس.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

واعتبر السيد أن اللجوء إلى الاحتياط الإستراتيجي في السد العالي يظل أحد الحلول المرحلية لحين التوصل إلى صيغة قانونية جديدة مع الحكومة الإثيوبية، من خلال ممارسة ضغوط سياسية ودبلوماسية وقانونية، لافتاً إلى أن ملف المياه يعد أمراً إستراتيجياً يصنف في السياسة الخارجية المصرية بوصفه أحد مرتكزات الأمن القومي المصري.

ويؤكد المتخصص المصري أن انسحاب بلاده من مسار المفاوضات أتى جزءاً من الضغوط التي تمارسها القاهرة، ولا يعني أنها تخلت عن مصالحها الإستراتيجية.

رمز للسيادة

بدوره قال كبير مستشاري رئيس الوزراء الإثيوبي سيليشي بيكيلي، في قضايا الأنهار العابرة للحدود وأزمة سد النهضة إن بلاده "لا تسعى إلى الإضرار بالمصالح المائية لكل من السودان ومصر"، مؤكداً أنها ماضية في تنفيذ أجندة السد بما فيها الملء الخامس في التوقيت المحدد سابقاً، مشيراً إلى أن الملء سيتم في الفترة من يوليو إلى سبتمبر المقبلين، تزامناً مع موسم الأمطار في الهضاب الإثيوبية، مما يقلل من أي أضرار محتملة على دولتي المصب، إذ ستعتمد بصورة كبيرة على مياه الأمطار في إتمام التخزين الخامس.

وأشار مستشار رئيس الوزراء الإثيوبي في تصريح إذاعي إلى أن حكومته تمكنت حتى الآن من إكمال بناء السد بنسبة 95 في المئة، معلناً أنها ستواصل الملء الخامس الذي من المتوقع أن تبلغ سعته الإجمالية 64 مليار متر مكعب من المياه.

وأوضح المتخصص الإثيوبي أن حكومته تمكنت من توليد أكثر من 2700 غيغاوات/ساعة من الطاقة من مشروع سد النهضة في الأشهر الـ10 الأخيرة، مضيفاً أن توليد الكهرباء من مشروع السد سيخلص الشعب الإثيوبي من الظلام، كما أن مشروع بلاده قد يسهم في تزويد دول الجوار بطاقات كهربائية مما يخفف الأحمال الكهربائية في المنطقة.

ولفت وزير الري السابق في الحكومة السابقة بيكيلي، إلى أن بلاده تتفهم المخاوف المصرية والسودانية وتعمل على تجنب وقوع أي أضرار على مصالحها المائية خلال فترات الملء، لكنها في الوقت ذاته لا تقبل بالإملاءات في ما تعده المصالح العليا لشعبها.

وذكر أن أكثر من 60 مليون إثيوبي لا يتوفرون على خدمات  الكهرباء، وفي رده على سؤال يتعلق بمطالب كل من مصر والسودان حول ضرورة التوصل إلى اتفاق ملزم حول الملء وتشغيل السد، اعتبر المستشار الإثيوبي أن ذلك "يعد تدخلاً في السيادة الوطنية الإثيوبية"، وأنه لا يتوقع تقديم مثل عهد "التنازلات" سواء من الحكومة الحالية أو حكومات أخرى قد تأتي لاحقاً، واصفاً ذلك بأنه يتناقض مع مبدأ السيادة، ويمثل تدخلاً سافراً في الشأن الداخلي الإثيوبي، وقال "لا يمكن أن تقبل مصر برقابة دولية على تشغيل السد العالي، وكذلك السودان في السدود المقامة داخل أراضيها".

أرقام مغلوطة

بدوره، اعتبر عباس شراقي أن الأرقام التي كشفها المسؤول الإثيوبي عن توليد الكهرباء من سد النهضة غير حقيقية وغير دقيقة، وأنها ليست أكثر من رسائل سياسية للاستهلاك المحلي، وبخاصة أن الإثيوبيين لم يشعروا حتى الآن بأي عوائد حقيقية للسد، وذلك بعد مرور ما يقارب عقد ونيف من الزمن على وضع حجر الأساس لبنائه.

وفند شراقي في مداخلات تلفزيونية عدة تلك المعلومات، مؤكداً أن الرقم الذي أعلن عنه مستشار رئيس الوزراء الإثيوبي لشؤون الأنهار يعد رقماً افتراضياً وليس حقيقياً، إذ إن تشغيل أول توربينين في الخزان تم في فبراير (شباط) 2022، وتعذر تشغيل الثاني إلا بعد ستة أشهر، واستمرا في العمل معاً لمدة أسبوع واحد فقط، ووفقاً لصور الأقمار الاصطناعية، فإن التشغيل ظل متقطعاً ولم ينتظم إلا منذ نحو أربعة أشهر فقط.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير