Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تعليقات نايجل فاراج حول بوتين ذكرتنا بمن هو حقا

إذا كان زعيم حزب "ريفورم" البريطاني غير جدير بالثقة في تحديد خطر واضح وقائم على بلده فكيف يمكن الوثوق به في أي نوع من المناصب السياسية؟

يبدو أن كل ما يخرج من فم فاراج يعطي الأولوية للاستفزاز أولاً ومن ثم تأتي بعد ذلك وبمسافة بعيدة جداً السياسة المتماسكة (بي بي سي)

ملخص

ما يجب أن نقلق في شأنه حقاً هو أننا وصلنا الآن إلى مرحلة في هذا البلد لا يجرد سياسي يدافع عن تصرفات طاغية عنيف يملك مخططات معادية للغرب من أهليته على الفور في الانتخابات. هل انخفضت معاييرنا للخطاب العام حقاً إلى هذا الحد، هل نتوقع حقاً القليل جداً من سياسيينا؟

من الغريب أننا نقضي كثيراً من الوقت في الحديث عن نايجل فاراج. فزعيم حزب استقلال المملكة المتحدة السابق (UKIP) والشخص الاستفزازي بدوام كامل كان قد ترشح للانتخابات البرلمانية سبع مرات، ونجح في أن يصبح نائباً في البرلمان "صفر" مرة بالضبط. إذا رفضت شخصاً مراراً وتكراراً لوظيفة ثم ظهر في العمل على أية حال، فلن تستمع بصبر إلى حديثه عن أفكاره حول كيفية إدارة الشركة – بل ستغلق الأبواب وتتصل بالأمن.

للأسف، نحن في المملكة المتحدة مولعون بتعذيب أنفسنا، إذ إننا مدمنون على نايجل وفلسفته السياسية الضعيفة والمرتجلة. ويا للهول، أسقط علينا مفاجأة بالأمس، إذ استخدم وقتاً تمنحه إياه عن غير استحقاق دائرة الضوء الإعلامية في بلدنا ليبرر على ما يبدو غزو فلاديمير بوتين لأوكرانيا.

"لقد وقفت في البرلمان الأوروبي عام 2014 وقلت، بالحرف: 'ستكون هناك حرب في أوكرانيا'". هذا ما قاله زعيم حزب ريفورم في المملكة المتحدة، متحدثاً إلى نيك روبنسون في حلقة انتخابية خاصة من برنامج "بانوراما" الذي تبثه بي بي سي). يضيف: "لماذا قلت ذلك؟ كان من الواضح لي أن التوسع الدائم لحلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي شرقاً كان يعطي هذا الرجل سبباً ليقول لشعبه: 'ها هم قادمون إلينا مرة أخرى' وليشن حرباً".

تعرض فاراج إلى انتقادات واسعة بسبب تصريحاته، إذ اتهمه وزير الداخلية جيمس كليفرلي بأنه "يردد تبرير بوتين البغيض للغزو الوحشي لأوكرانيا"، في حين وصفه جون هيلي، وزير الدفاع في حكومة الظل العمالية، بالـ"مدافع عن بوتين". وقال ريشي سوناك إن "استرضاء" فاراج للزعيم الروسي يصب فقط في مصلحة الأخير، و"يشكل خطراً على أمن بريطانيا".

هذه التعليقات مروعة، لكن للأسف، أليس هذا هو العادي في هذه المرحلة؟ يبدو أن كل ما يخرج من فم فاراج يعطي الأولوية للاستفزاز أولاً ومن ثم تأتي بعد ذلك وبمسافة بعيدة جداً السياسة المتماسكة. إنه أشبه بمذيع الراديو الذي وجد طريقه بطريقة ما إلى السياسة. وعلى كل تصريح فاحش يدلي به خلال هذه الحملة لا بد وأن يتبعه صوت تنظيف المراحيض وإعلان عن التأمين على السيارات.

ما يجب أن نقلق في شأنه حقاً هو أننا وصلنا الآن إلى مرحلة في هذا البلد لا يجرد سياسي يدافع عن تصرفات طاغية عنيف يملك مخططات معادية للغرب من أهليته على الفور. هل انخفضت معاييرنا للخطاب العام حقاً إلى هذا الحد، هل نتوقع حقاً القليل جداً من سياسيينا؟

قبل عقد من الزمان فقط، تأثرت حظوظ إد ميليباند السياسية بعد ظهور صورة له بوجه مضحك أثناء تناول شطيرة لحم الخنزير المقدد. لننتقل سريعاً إلى اليوم، إذ يستطيع زعيم حزب كبير أن يناقش علناً كيف يساء فهم الزعيم الذي يهدد بانتظام باتخاذ إجراء نووي ضدنا ــ اللعنة، من المحتمل أن يؤدي ذلك إلى تعزيز شعبيته في استطلاعات الرأي.

والأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن تعليقات فاراج تتماشى تماماً مع وجهات نظر نسبة لا يستهان بها من الشخصيات اليمينية المتطرفة البارزة، ليس فقط هنا في المملكة المتحدة، بل في أنحاء الغرب كله، لا سيما في الولايات المتحدة، التي كان من المقرر أن ينتقل إليها فاراج قبل توليه قيادة حزب ريفورم المملكة المتحدة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تصدر المستضيف السابق في "فوكس نيوز" تاكر كارلسون عناوين وسائل الإعلام قبل بضعة أشهر بعد إجرائه مقابلة متملقة استمرت ساعتين مع الزعيم الروسي نشرها على "تويتر"/ "إكس". زعمت المشرعة الجمهورية مارجوري تايلور غرين أن أوكرانيا لديها "جيش نازي"، مرددة تبرير الزعيم الروسي للغزو. هل نحتاج حتى إلى ذكر ترمب، الذي وصف بوتين بأنه "عبقري" إذ شن غزوه، وقال إنه سيشجع روسيا على "فعل ما تريد" بأي دولة عضو في حلف شمال الأطلسي لا تدفع مستحقاتها؟

إلى متى سنتسامح مع الدعاية غير المقيدة من جانب أعداء بلادنا تحت ستار رؤية مشوهة لحرية التعبير، ما الذي يتطلبه منا إدراك أن ديمقراطيتنا تقوض عندما يحدث ذلك أمامنا؟ قد تبدو هزيمة الإصلاح الحاسمة على غرار هزيمة حزب المحافظين في الانتخابات المقبلة ضرورية، ولكن مع فاراج، من الواضح أن الخسارة لا تثنيه عن ذلك.

من خلال موقفه الأخير، أظهر لنا نايجل فاراج بالضبط نوع الشخص الذي هو عليه – ونوع القائد الذي سيكون عليه بالضبط. إذا كان غير جدير بالثقة في تحديد خطر واضح وقائم على المملكة المتحدة، فكيف يمكن الوثوق به في أي نوع من المناصب السياسية؟

من الضغط من أجل الكارثة الاقتصادية التي تسبب بها "بريكست"، إلى حملة الشك والتحريض التي شنها ضد بعض مواطنينا الأكثر ضعفاً، كان نايجل فاراج وصمة عار على العمل السياسي في بلادنا منذ أكثر من ثلاثة عقود. إنه شخص غير ذي صلة ببلادنا، يتنكر في زي بطل الشعب – لقد حان الوقت لندرك ذلك.

© The Independent

المزيد من تحلیل